تتجه الأنظار إلى لقاء مرتقب في العاصمة المصرية القاهرة بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج المدعوم من الأمم المتحدة، وقائد الجيش المشير خليفة حفتر، الذي يسانده البرلمان. ويأتي هذا بعد أسابيع من محاولات قامت بها دول الجوار الليبي وأطراف دولية لوضع حد للأزمة الراهنة والمتطاولة في ليبيا، وخصوصا، لمواجهة أخطار الإرهاب العابر للحدود والهجرة غير الشرعية. وبعد نحو سنتين من احتكار الأمم المتحدة محاولات الحل، دخلت خلال الشهور الأخيرة «دول الجوار العربي» لليبيا - أي مصر وتونس والجزائر - على الخط، بقوة، بحضور المبعوث الدولي إلى ليبيا مارتن كوبلر. وتقول هذه الدول إنها لا تبحث عن بديل للاتفاق الذي جرى توقيعه في بلدة الصخيرات المغربية في نهاية عام 2015 بين عدة أطراف ليبية ونتج عنه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة السراج، لكنها تحاول تطبيق الاتفاق على أرض الواقع بعد الاستماع إلى أطراف الصراع وتعديل ما يمكن تعديله.
من المرجح أن يشارك في اللقاء المزمع في القاهرة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، فايز السراج، وقائد الجيش، المشير خليفة حفتر، والمستشار عقيلة صالح. وللعلم، لن يكون هذا أول لقاء بين رئيس المجلس الرئاسي وقائد الجيش، إذ سبق لهما اللقاء المباشر في مطلع العام الماضي.
يشرف على إدارة الملف الليبي من القاهرة، الفريق محمود حجازي، رئيس أركان الجيش المصري. ويهدف اللقاء بين الأطراف الليبية الرئيسية إلى تقريب وجهات النظر وإيجاد حل سياسي، إلا أن قادة سياسيين وقبليين محسوبين على النظام السابق ينظرون بعين الريبة إلى المستقبل. ووفقا لما تعلنه الأطراف الليبية المحلية، فإن خيار الحوار لا مفر منه، وأنه أمر لا يمكن أن يرفضه أي طرف. ويتحدث مسؤولون في دول الجوار بالطريقة نفسها، وهو أمر محمود لدى الأمم المتحدة أيضا، لكن الإجراءات التي يتخذها المتصارعون على الأرض الليبية، أي الذين يمسكون بالسلاح وبالأموال، يبدو أنها تسير بالبلاد في طريق قد يأخذها بعيدا عن الحلول السياسية الطموحة.
وبشكل عام، يلاحظ وجود مرونة في مواقف عدة شخصيات مما يسمى «تيار الإسلام السياسي» محسوبة على المجلس الرئاسي، حيال الحوار مع حفتر، وبخاصة بعد تنصيب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب من جانب، ووجود تقارب بين المشير الليبي وقيادات عسكرية من روسيا من جانب آخر، إلا أن ميليشيات جهوية ومذهبية تحاول مقاومة الواقع الجديد.
بالتزامن مع مثل هذه المتغيرات استضافت القاهرة اجتماعا لوزراء خارجية دول الجوار الليبي. وكان هذا ثاني اجتماع من نوعه يعقد في القاهرة. ويقول مصدر عسكري مقرب من حفتر إنه مستعد للمشاركة في أي لقاءات مع الطرف الآخر، بمن في ذلك السَّراج، ضمن الجهود الدبلوماسية التي ترعاها مصر. كما عبر السَّراج عن أنه ليس لديه مانع من الجلوس مع حفتر.
أما بالنسبة لاتفاق الصخيرات فإنه يضم بنودا توصف بـ«الملغمة» منها ما يخص الموقف من الجيش وتعيين رؤساء الأجهزة الأمنية. ولم يتمكن البرلمان من دمج الاتفاق في الإعلان الدستوري المعمول به في البلاد منذ عام 2011، وبالتالي ظل الاتفاق دون آلية لتنفيذه، رغم مباشرة السراج وحكومته المقترحة للعمل من طرابلس. ومن المقترح إدخال تعديلات جوهرية على الاتفاق، منها تقليص عدد نواب رئيس المجلس الرئاسي إلى نائبين فقط بدلا من ثمانية، والإبقاء على موقع القائد الأعلى للقوات المسلحة بيد رئيس البرلمان بدلا من منح هذا المنصب لرئيس المجلس الرئاسي كما ورد في اتفاق الصخيرات.
المخاوف الأمنية
وراهنًا تخشى كل من مصر وتونس والجزائر من تطاير نار المتطرفين في ليبيا عبر حدود كل دولة. ونفذ مَن يُعتقد أنهم متطرفون هجمات على مواقع أمنية في غرب مصر في منطقة قريبة من الحدود مع ليبيا. كما يوجد نشاط لمتطرفين تونسيين انطلاقا من ليبيا، وبخاصة من جانب تنظيمي أنصار الشريعة و«داعش». وتخشى الجزائر من استغلال المتطرفين الحدود الهشة مع الجانب الليبي للتغلغل داخل أراضيها. وتأتي هذه المخاوف بعد رصد الأجهزة الأمنية لجوء عدة آلاف من عناصر الجماعات المتشددة من كل من العراق وسوريا، إلى ليبيا.
ويعتقد عدد من قادة النظام السابق، سواء من العسكريين أو السياسيين، أن الحوار الجاري بين الأطراف الليبية، بما في ذلك حوار الصخيرات، حوار يقتصر حتى الآن على فريقي 17 فبراير (شباط)، والمقصود بذلك الحكام الجدد الذين تولوا السلطة بعد مقتل معمر القذافي، وأصدروا قرارات تقضي بإبعاد كل رموز النظام السابق عن تولي أي مسؤوليات في الدولة. وبغض النظر عن أي من المواقف المسبقة، يتفق الجميع على أنه لا يمكن الوصول إلى حل في ليبيا طالما ظلت الميليشيات في العاصمة تحتفظ بترسانة من الأسلحة الثقيلة، سواء كانت موالية للسراج أو للغويل.
قراءة قذّاف الدم
أحمد قذاف الدم، المسؤول السياسي لجبهة النضال الوطني الليبية، قال خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، بشأن تقييمه للحراك الظاهر بين دول جوار ليبيا بشأن حل الأزمة الليبية: «شيء جيد أن تتوافق دول الجوار الليبي، لتجد مخرجا للأزمة التي تتحول تدريجيًا إلى كارثة». إلا أنه يضيف موضحا أن «الإشكالية التي وقعوا فيها هي أنهم بنوا مقترحات على تصور خاطئ للمشهد الليبي... من مؤتمر الصخيرات الأعرج الذي لم يكن يمثل القوة الحية والواقعية في ليبيا... وقرار مجلس الأمن الذي أراد فرض حكومة لم يجزها البرلمان، ولم تستطع حتى هذه الساعة أن تضع أقدامها على ليبيا، وبقت حبيسة في القاعدة البحرية».
وتابع قذاف الدم قائلا إن «الملاحظة الأخرى... هي المطالبة برفع القيود على الأرصدة الليبية لتسلم إلى مافيات... فهؤلاء بددوا في هذه السنوات العجاف (منذ 2011) أكثر من 150 مليار دولار، ولم يقوموا ببناء طوبة واحدة في بلد يغرق في الظلام والجوع والخوف، بينما توقع عقود السلاح، ويجري جلب المرتزقة من كل مكان لقتل أبناء شعبنا».
تسابق دولي
وإلى جانب قلق دول الجوار من الوضع المأساوي في ليبيا، تتسابق قوى دولية، من بينها روسيا وأوروبا والولايات المتحدة، من أجل جني الثمار مستقبلا من هذه الدولة الغنية بالنفط، وبخاصة أن ليبيا مقبلة على إعادة إعمار ما خربته الحرب وشراء أسلحة بمليارات الدولارات، بعد رفع الحظر الدولي على استيراد السلاح. وستحتاج ليبيا إلى جيش موحد، كما يقول كوبلر، لكن الموضوع لا يبدو بهذه البساطة. فمنذ قصف حلف شمال الأطلسي «الناتو» قوات الجيش الليبي لمدة ثمانية أشهر عام 2011، تعرَّض هذا الجيش لخلل كبير، وهناك قسم منه اندمج مع الميليشيات الجهوية والمذهبية، وقسم آخر يعمل تحت قيادة حفتر وحكومة عبد الله الثني في الشرق، وقسم ثالث يرفض الانخراط مع أي من الفريقين باعتبارهما من مخرجات الانتفاضة التي أسقطت حكم القذافي. وتدين غالبية الميليشيات بمن فيها من عسكريين، بالولاء إلى متنافسين اثنين في العاصمة طرابلس هما «مجلس» السراج الذي يدير أعماله من قاعدة «بوستة» العسكرية على شاطئ طرابلس، و«حكومة» خليفة الغويل في العاصمة نفسها. ويوجد وزير مكلف بحقيبة وزارة الدفاع في «حكومة الوفاق» برئاسة السراج، هو مهدي البرغثي، لكن الجناح العسكري الذي يعتمد عليه يتكون في معظمه من ميليشيات منتشرة بين طرابلس ومصراتة والجفرة. ويقول مصدر عسكري إنه كلما اتخذ السراج خطوة في اتجاه المصالحة مع خصومه في الشرق، وعلى رأسهم حفتر، أبدت الميليشيات تحركا ضد سلطة وزير دفاع السراج، مشيرة إلى أن آخر تحرك من هذا النوع تزامنَ مع اعتزام رئيس المجلس الرئاسي مقابلة حفتر، وكان من جهة ميليشيا تعرف باسم «الصمود».
كذلك تتبع ميليشيات كثيرة، وزارة الدفاع ووزارة الداخلية التابعتين للسراج، لكنها تبعية إدارية في معظمها تتعلق فقط بصرف الرواتب وشراء الوقود والمعدات. وقبل يومين أصدرت ميليشيا «الصمود» أوامر بعدم صرف الوقود إلى الآليات شبه العسكرية في العاصمة إلا بعد الرجوع إليها، وقامت على هذا بمحاصرة مستودع خزانات النفط في طريق المطار الدولي، كما اتخذت هذه الميليشيا خطوة أخرى من شأنها أن تضعف قدرات المجلس الرئاسي في العاصمة قبل دخوله في مفاوضات مع حفتر. وهذه الخطوة تتعلق باقتراح منها، جرى تقديمه إلى الغويل رئيس «حكومة الإنقاذ» بضم عدة ميليشيات تحت قيادته.
بنادق للإيجار
الدكتور محمد الزبيدي، الرئيس السابق للجنة القانونية لمؤتمر القبائل الليبية قال لـ«الشرق الأوسط» إن مثل هذه الميليشيات «بنادق للإيجار، لا توالي السراج، ولا الغويل، بل توالي من يدفع أكثر»، مشيرا إلى أن اتفاق الصخيرات خوَّل للمجلس الرئاسي صرف الأموال، فأعلنت تلك الميليشيات أنها مع المجلس، وحين تبين أنه لم يستطع تسييل كثير من الأموال المطلوبة لها، وتسديد رواتبها، عادت لقواعدها حيث إن معظمها من الموالين للغويل وليس السراج. وفي حال تراجع مؤيدو السراج فإن مفاوضاته مع حفتر ربما تكون لصالح الأخير؛ فالمجلس الرئاسي لم يتمكن أيضا من سداد باقي رواتب ومكافآت «قوات البنيان المرصوص» التي كانت تقاتل «داعش» في سرت. وحسب الدكتور الزبيدي فإن «السراج وعد قوات البنيان المرصوص بالمن والسلوى في حال انتصارها على (داعش) سرت، لكن كثيرين من عناصر هذه القوات لم يحصلوا على شيء حتى الآن؛ ولذا ما زال كثير منها يحتل بيوتا في منطقة (الحي السكني رقم 300) في سرت، رافضين إخلاء تلك البيوت إلى أن يحصلوا على باقي مستحقاتهم». ثم أشار إلى أن «الميليشيات تبحث عمن يدفع أكثر... ولو وعدها الجيش بقيادة حفتر أو البرلمان برئاسة صالح، بأنه سيتكفل برواتبها، فأعتقد أنها لن تتردد في الانضمام إليه».
وبينما يقف جيش حفتر مع البرلمان الذي يضطر، منذ انتخابه في 2014 إلى عقد جلساته في مدينة طبرق، بشمال شرقي البلاد، يشترط الفريق العسكري الصامت - كما يطلق عليه - وضع آلية جديدة لا تعتمد على مخرجات «الثورة التي قامت ضد النظام السابق» للمشاركة في «الجيش الموحد»، من بينها إعادة النظر في شكل علم الدولة الذي يرمز لحقبة ما بعد القذافي. وهذه أمور يبدو أن الأطراف الدولية لا تريد الخوض فيها. ووفق مصادر عسكرية يحتاج حفتر إلى أنصار أقوياء في الغرب الليبي كي يتمكن من بسط سلطاته هناك. وإذا لم يتمكن من كسب ود السراج فإن اللقاء معه من شأنه أن يفتت التكتل الميليشياوي الموالي له.
منظور «دول الجوار»
ومن جانبه، يضيف قذاف الدم، قائلا إن دول الجوار «يجب أن تتحرك وفقًا لمنظور مختلف، وليس تابعا لدول لا تبحث عن حل بل تدير الصراع في ليبيا ولا تريد له حلاً... إذ إن عينها على ليبيا كمكب لنفاياتها، ولكي تؤمن ظهر أوروبا وتوقع معها عقود النفط والغاز والبناء والسلاح، وتطل من خلالها على دول جنوب الصحراء، وتوطن ملايين من أجناس أخرى، ما سيغيّر ديموغرافية الدولة الليبية ودينها... كل هذا يتعارض مع مصالح دول الجوار التي تحتاج غدًا للعمل في ليبيا».
وعما إذا كان يعتقد وجود تنافس مصري - تونسي - جزائري على الإمساك بملف الحل في ليبيا، يقول قذاف الدم: «التنافس يفرضه الوضع في ليبيا... فمصر تتعامل مع حكومة الشرق لتأمين حدودها، وتجد الجزائر بالمقابل تتعاطى مع حكومتي الغرب أيضًا لتأمين نفسها». ويضيف: «نحن ندعو كل إخواننا العرب لئلا يكرروا الأخطاء التي وقعت في 2011، ونحذّر من إقصاء أصحاب الوطن الذين لم يحملوا السلاح حتى الآن» - في إشارة إلى أنصار النظام السابق - محذرا مما سماه «التعاطي الأحادي لحل الأزمة من جانب بعض الدول، مع نظام نصبته صواريخ الغرب (يقصد طبقة من حكام ما بعد القذافي) وهذا أمر لا يصنع شرعية».
ومن جانبه، قال الدكتور الزبيدي إنه أمام هذا الواقع المعقد في ليبيا فإن «اللقاء بين حفتر والسراج لن يقدم أو يؤخر في شيء فيما يتعلق بالحالة الليبية؛ فالسيد السراج متمسك باتفاق الصخيرات والصلاحيات التي منحها له الاتفاق الذي سيصبح جزءا من الدستور الليبي، بما فيها صلاحيات تتعلق بالمؤسسة العسكرية وصرف الأموال وإعلان حالة الحرب والسلم، وهي صلاحيات واسعة لا مثيل لها في باقي دساتير النظم الرئاسية في العالم». وعن تفسيره للتطورات الأخيرة التي تؤشر لتقارب مزمع بين السراج وحفتر، أوضح الزبيدي أن «السراج يحاول كسب ود المؤسسة العسكرية بقيادة حفتر بحكم انتصاراتها التي حققتها مؤخرًا على الأرض، ووجودها على مشارف طرابلس، وهذا دافع أساسي للسراج لعقد صفقة مع المنتصرين، ويمثل شكلا من أشكال القفز من سفينة إلى أخرى؛ وعلى كل حال فإن اللقاء بين الرجلين قد يُعقد وقد لا يُعقد».
مع هذا، يتركز الرهان الآن على ما تستطيع كل دولة من «دول الجوار» تقديمه من تنازلات للخروج بالمشكلة الليبية إلى بر الأمان... فلدى مصر علاقات قوية مع المشير حفتر ورئيس البرلمان صالح، وتونس تحتفظ بعلاقات جيدة مع السراج وعدد من أعضاء مجلسه الرئاسي. ولدى الجزائر اتصالات معتبرة مع قيادات أخرى في العاصمة الليبية. وإضافة إلى وجود الأمم المتحدة، من خلال كوبلر، بصفته متابعا لمثل هذه التحركات، يحاول الاتحاد الأفريقي بذل مزيد من الجهود للوصول إلى توافق بين الليبيين، كما بدأ على هامش التحضير لاجتماعات اللجنة رفيعة المستوى لرؤساء دول الاتحاد الأفريقي ودول الجوار حول ليبيا، في الكونغو.
في هذه الأثناء، يرفض أحد قيادات مدينة مصراتة، ذات التسليح الميليشياوي القوي، وهو محسوب على اتفاق الصخيرات، إجراء السراج لقاء مع حفتر. وتلقى نبأ اعتزام عقد مفاوضات بينهما في القاهرة، بـ«الغضب»، وفقا لما أفاد به مسؤول في فرع جهاز الأمن القومي الليبي في مصراتة. وعلى هذا، انتقلت الخلافات إلى مقر المجلس الرئاسي في قاعدة بوستة. ووفقا للمسؤول نفسه، فقد قدم أحد الشخصيات المرموقة في المجلس تبريرات لضرورة إنجاز جلسة برعاية مصرية بين السراج وحفتر، وقال إن مقابلة حفتر والتحاور معه مباشرة حول طاولة واحدة لا يعني الموافقة على رأيه، «فلنجلس معه... لا بد أن نبرهن للمجتمع الدولي ولدول الجوار، على أننا لسنا متشبثين برأينا، ولسنا متعصبين لموقف بعينه، وأننا مع أي جهود تبذل لحل الأزمة».
وعلى الصعيد نفسه، تقول «جبهة النضال الوطني»، التي تضم غالبية أنصار النظام السابق وبعض القبائل الموالية له، إن الصراع في ليبيا «لم يعد على سلطة»، بل «المعركة الواجبة الآن هي إنقاذ الوطن». وطرحت «الجبهة» مبادرة على هذا الأساس «بعد دراسة معمقة للواقع الليبي»، قائلة إنه لا بد من «تجاوز محاولات الأمم المتحدة التي عزلت أكثر من نصف الشعب الليبي في كل حواراتها، حتى أصبح الجميع ينظر إليها باعتبارها تدير الصراع، ولا تريد حلا لهذا الصراع». ووفق «الجبهة»، فإنه لا بد من النظر إلى ليبيا، في الوقت الراهن، على أنها «وطن للجميع»، وأنه لا يوجد منتصر في الصراع المستمر منذ 2011، رغم تدخل «الناتو» في إسقاط النظام السابق، مشيرة إلى أن كل القوى الدولية التي تدخلت في ليبيا منذ ذلك الوقت بدأت تعترف في الفترة الأخيرة بأنها ارتكبت أخطاء بإسقاطها النظام، وهو أمر ترتب عليه تشريد ملايين الليبيين والزج بعشرات الآلاف من الرجال والنساء في السجون، ونهب الثروات، وتدمير البنية التحتية، وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا.
وتضمنت مبادرة «الجبهة»، التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، الدعوة لخروج السجناء وعودة المهجرين، وإجراء انتخابات حرة تحت رعاية الأمم المتحدة تشمل الجميع، إلى جانب تجميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة (من الميليشيات) في معسكرات تابعة للجيش وتوثيق الأسلحة الخفيفة، مع تخصيص مبلغ 400 مليار دولار لإعادة البناء وتضميد الجراح وعودة الأمل.