وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يزوران تونس لبحث شراكة أوروبية معها

حكومة جمعة تسعى للاستفادة القصوى من دعم باريس وبرلين لتجربة الانتقال الديمقراطي

لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا
لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا
TT

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يزوران تونس لبحث شراكة أوروبية معها

لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا
لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا

بدأ لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا وفرانك فلتار شتاينماير وزير خارجية ألمانيا أمس زيارة مشتركة إلى تونس تدوم يومين. يلتقيان خلالها مع ممثلي أهم الأحزاب السياسية والفاعلين الاقتصاديين وممثلي مكونات المجتمع المدني.
وتمثل هذه الزيارة إشارة قوية على دعم فرنسا وألمانيا للتحول الديمقراطي في تونس، كما أنها «تترجم المستوى النوعي الذي أدركته علاقات تونس مع هذين الشريكين الهامين».
وتأمل حكومة المهدي جمعة في الاستفادة القصوى من الدعم الفرنسي - الألماني لتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، في محاولة لإنعاش الاقتصاد المتعثر، وتجاوز تعطل مشاريع التنمية والحد من نسب البطالة.
وتعد هذه الزيارة المشتركة أول زيارة من نوعها إلى تونس خلال السنوات الثلاث التي تلت الثورة. ويسعى المحور الفرنسي - الألماني القوي في الاتحاد الأوروبي إلى لعب دور فاعل وأساسي في أولى ثورات الربيع العربية.
وأثنى الوزير الألماني قبل توجهه إلى تونس على التجربة التونسية، وقال في تصريح لوسائل الإعلام «إن تونس تعد البلد الوحيد في المنطقة الذي نجح في تحقيق خطوات هامة على درب الديمقراطية وتعزيز دور المجتمع المدني».
وأكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الفرنسية في تصريح نشر على الموقع الإلكتروني للسفارة الفرنسية في تونس، على أن «هذه الزيارة تهدف إلى تشجيع التونسيين على مواصلة طريق الحوار، وتنظيم انتخابات حرة وشفافة، وإعادة تأكيد الدعم الأوروبي للتجربة التونسية».
كما أشار المصدر ذاته إلى أن هذه الزيارة تعد أفضل تمهيد لزيارة رئيس الحكومة التونسية المرتقبة يومي 28 و29 أبريل (نيسان) الجاري إلى فرنسا.
وأجلت زيارة جمعة إلى فرنسا إلى هذا التاريخ بسبب تزامنها مع الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية التي عرفت فوز اليمين الفرنسي، وكانت الزيارة مبرمجة ليوم 31 مارس (آذار) و1 أبريل الحالي.
وأوضح بيان للخارجية التونسية أن زيارة وزيري الخارجية الفرنسي والألماني تأتي ضمن دعم العلاقات بين تونس والبلدين، ووضع خطة عمل لإقامة شراكة تونسية - أوروبية متميزة.
وفي سياق برنامج الزيارة، يؤدي الوزيران الفرنسي والألماني زيارة لمشروع إنشاء خط القطار السريع لتونس الكبرى الذي يتحمل نسبة 60 في المائة من كلفته ممولون أوروبيون من أهمها الوكالتان الفرنسية والألمانية للتنمية.
ومن المنتظر أن يعقدا مؤتمرا صحافيا خلال اليوم الثاني من الزيارة بمقر وزارة الخارجية التونسية للوقوف على أهم نتائجها. وسيتولى وزير الخارجية الألمانية تدشين المقر الجديد للسفارة الألمانية بتونس خلال اليوم الأول من الزيارة.
وشهدت حكومة جمعة بعد نحو شهر من تعيينها زيارات وزراء خارجية أميركا وروسيا وأيضا وزراء خارجية تركيا والهند. وقال المنجي الحامدي وزير الخارجية التونسية في تصريح صحافي إن قائمة وزراء الخارجية الذين سيزورون تونس طويلة، في إشارة إلى الدعم الدولي لتجربة الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وبشأن هذه الزيارة والنتائج التي من الممكن أن تترتب عنها، قال التهامي العبدولي كاتب الدولة (وزير دولة) السابق لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف الشؤون الأوروبية لـ«الشرق الأوسط» إن تونس لا تجد توازنها إلا في فضائها الجيو - سياسي الأورو - متوسطي.
وأشار إلى تحكم حتمية تاريخية واجتماعية وسياسية في العلاقة بين تونس والضفة الشمالية للمتوسط، وهذا ما يفرض، على حد تعبيره، التوجه نحو أوروبا والتعامل معها على أساس أنها الشريك الاقتصادي الأول.
وبين العبدولي أن علاقات تونس مع البلدان الأوروبية لم تتأثر كثيرا بالهزات السياسية التي أعقبت الثورة، وقال إنها تسببت في الماضي في تعطيل نسق الاستثمارات.
وتقدر نسبة تعامل تونس مع الشركاء الأوروبيين في حدود 80 في المائة، وتعد فرنسا الشريك الأول لتونس بامتياز وهي تحتل المرتبة الأولى من حيث حجم المعاملات التجارية على جميع الأصعدة. وقدمت فرنسا سنة 2011 دعما ماليا لتونس بلغ نحو 700 مليون دينار تونسي (قرابة 350 مليون يورو). وقدمت مبلغ 185 مليون يورو (نحو 320 مليون دينار تونسي) كدعم للميزانية التونسية من أجل إعادة تنشيط اقتصاد البلاد.
وكانت ألمانيا أول دولة أوروبية ساندت الثورة التونسية حيث منحت البلاد قرضا قدره 35 مليون يورو (نحو 77 مليون دينار تونسي) ضمن برنامج للشراكة الإقليمية، كما منحتها قرضا آخر يقدر بـ32 مليون يورو لدعم مسار الانتقال الديمقراطي بالبلاد. ووافقت ألمانيا على تحويل الديون التونسية مع الجانب الألماني إلى مشاريع خاصة بالتنمية، وذلك بمبلغ قدره 60 مليون يورو (قرابة 132 مليون دينار تونسي).



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.