مصادر لـ {الشرق الأوسط}: واشنطن تدعم بقاء الثني رئيسا للحكومة المؤقتة في ليبيا

طرابلس تنفي حدوث تطورات في ملف الدبلوماسيين العرب المخطوفين

نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في مؤتمر صحافي بطرابلس أمس (إ.ب.أ)
نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في مؤتمر صحافي بطرابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادر لـ {الشرق الأوسط}: واشنطن تدعم بقاء الثني رئيسا للحكومة المؤقتة في ليبيا

نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في مؤتمر صحافي بطرابلس أمس (إ.ب.أ)
نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في مؤتمر صحافي بطرابلس أمس (إ.ب.أ)

كشفت مصادر ليبية مطلعة النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن إعطاء الولايات المتحدة ما وصفته بالضوء الأخضر لاستمرار بقاء رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني في منصبه، واستقالة نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان).
ووسط إجراءات أمنية مشددة، شاركت فيها وفقا لمصادر ليبية عناصر من قوات أميركية خاصة بزى مدني، أنهى مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز زيارة دامت يومين إلى العاصمة الليبية طرابلس، التقى خلالها عبد الله العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، وعبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة. وقال بيان لحكومة الثني إن بيرنز نقل إليه رسالة من الرئيس الأميركي باراك أوباما يبلغه فيها بموقف الإدارة الأميركية الداعم للحكومة المؤقتة في مساعيها لحل المشاكل التي تواجهها البلاد، وجدد دعمها للشعب الليبي في مسعاه لتكوين الدولة الليبية وإتمام المرحلة الانتقالية، كما هنأ ليبيا حكومة وشعبا ببدء أعمال الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور.
وطبقا لنص البيان، فقد أشاد الثني بدور الولايات المتحدة الأميركية في دعم ليبيا ومساعدتها على اجتياز المرحلة الانتقالية وتكوين مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة.
من جهته، قال الدكتور عز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، إن بيرنز أكد خلال لقائهما حرص حكومته على إنجاح المرحلة الانتقالية وقيام دولة القانون والمؤسسات الليبية، وزيادة دعم العلاقات الثنائية في المجالات، مشيرا إلى أن هذا اللقاء تطرق إلى استعراض العملية السياسية والتداول السلمي للسلطة في ليبيا، وانتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور التي تعد رسالة من الشعب الليبي على بناء دولته بعد ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) 2011، وتتويجا لدماء الشهداء.
وأضاف العوامي في تصريح بثه الموقع الرسمي للمؤتمر على شبكة الإنترنت «لقد أطلعنا نائب وزير الخارجية الأميركي على المسيرة السياسية والأوضاع الأمنية في ليبيا، وأن الشعب الليبي مقبل على انتخاب مجلس نواب جديد حسب التعديل الدستوري الذي قام به المؤتمر، وتقديم قانون الانتخابات إلى المفوضية العليا للانتخابات، وإعلان المفوضية البدء في العملية الانتخابية، وهذا مسار ديمقراطي في الاتجاه الصحيح، وعلى الشعب الليبي أن يكون في الموعد ليوضح للعالم ويختار من هو الأجدر والأصلح لتمثيل الشعب الليبي». وجاء الدعم الأميركي اللافت لحكومة الثني في وقت يبحث فيه أعضاء المؤتمر الوطني اختيار خليفة للثني من بين سبعة مرشحين تقدموا لشغل المنصب، وسط انقسام لافت بعد يومين من انطلاق المشاورات غير المعلنة.
وكان محمد بوسدرة، عضو المؤتمر الوطني، قد أكد عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن لقاء الكتل والأحزاب السياسية للتشاور حول رئيس جديد للحكومة قد أسفر عن وجود فريقين، أحدهما اشترط ربط تنصيب رئيس حكومة جديد بإقالة نوري أبو سهمين من منصبه كرئيس للمؤتمر. وأضاف «فريق اشترط ارتباط تنصيب رئيس الوزراء بإقالة رئيس المؤتمر، وأصر على ذلك رغم معارضة قطاع كبير بمن فيهم سفراء الاتحاد الأوروبي وأميركا، بحسب ما بلغنا، وذلك لأن العالم ينتظر من المؤتمر تنصيب رئيس للوزراء وميزانية تقدم للحكومة». وتابع «وفريق يرفض الربط بين الأمرين وذلك لكون مسألة رئيس المؤتمر لم تزل أمام النائب العام، وبالتالي يؤجل الكلام فيها حتى يقول القضاء فيها كلمته، ولكون مسألة رئيس الوزراء مسألة ملحة والميزانية أشد إلحاحا فلا مبرر للربط بين المسألتين، لا سيما أن قضية رئيس المؤتمر متأخرة عن موضوع رئيس الوزراء».
وقبيل مغادرته طرابلس، اعتبر المسؤول الأميركي أن تصاعد التطرف يمثل «تحديا هائلا» لليبيا التي تشهد أعمال عنف وهجمات مستمرة منذ سقوط نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي. وتعهد بيرنز بزيادة المساعدات الأميركية في مواجهة عنف المتطرفين، قائلا إن البلاد لا يمكنها تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي دون التعامل مع تحدياتها الأمنية. وقال بيرنز في مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع كبار المسؤولين الليبيين في طرابلس «تزايد التطرف المصحوب بالعنف تحد هائل لليبيا في المقام الأول وأيضا للشركاء الدوليين لها».
ولم يوضح بيرنز كيف ستعمق واشنطن تعاونها الأمني مع طرابلس، لكنه كرر فقط أن الولايات المتحدة ستواصل مع شركاء آخرين تدريب قوات الجيش وقوات الأمن. وأضاف «هذا هو سبب شعورنا بالإلحاح، ومثل هذا الشعور بالعزم على مساعدة الليبيين في بناء قدراتهم الأمنية وتعميق التعاون لمكافحة الإرهاب وأيضا تعزيز عملية سياسية سليمة.. يزيد فرص تحقيق أمن أفضل على المدى البعيد». وقال بيرنز الذي يعد أكبر مسؤول أميركي يزور ليبيا منذ هجوم دام في 2012 على القنصلية الأميركية في بنغازي قتل فيه السفير الأميركي وثلاثة أميركيين، إن «إعادة بناء الأمن أمر حيوي لنجاح ليبيا». وأضاف «من المستحيل التنبؤ بتحول سياسي ناجح وانتعاش اقتصادي دون شعور أكبر بالأمن».
وبعدما لفت إلى أن واشنطن على استعداد لمساعدة ليبيا في بناء قواتها الأمنية وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي «بحثنا في الدعم الدولي لمساندة جهود ليبيا في مجال إصلاح الجهاز الأمني وتحسين الأمن على الحدود ومراقبة انتشار الأسلحة وتعزيز دولة القانون». وقال بيرنز إنه تحدث «مطولا عن تدريب قوات أمنية متعددة المؤهلات في ليبيا والإجراءات التي يتعين اتخاذها لتسريع العملية».
ومنذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، تحولت ليبيا إلى مسرح لأعمال عنف وعشرات الهجمات ضد قوات الأمن والمصالح الغربية. وتتهم باستمرار مجموعات متطرفة تنامى نفوذها بالوقوف وراء هذه الهجمات التي لا تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها إلا نادرا. والسلطات الليبية الانتقالية، التي لم تتوصل بعد إلى تشكيل شرطة وجيش محترفين، أقرت للمرة الأولى في شهر مارس (آذار) الماضي بوجود مجموعات إرهابية في ليبيا، معلنة الحرب عليها وداعية المجتمع الدولي للمساعدة.
إلى ذلك، أعلنت الحكومة الليبية تخصيص ميزانية تقديرية نحو 50 مليون دينار ليبي لمساعدة العائلات الليبية في كل من تونس ومصر التي تعاني من أوضاع معيشية صعبة. كما شكلت لجنة لدراسة أوضاع هذه العائلات في أماكن وجودها وتحديد الاحتياجات الخاصة بها. واقترحت وزارة الأوقاف تقديم مبلغ إضافي من صندوق الزكاة ليسهم في حل هذه المشكلة. وقال بيان للحكومة إن مجلس الوزراء وافق على تكليف وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الخارجية بوضع تصور لكيفية تقديم المساعدات للأسر الليبية النازحة في تونس ومصر، وتوفير الاحتياجات العاجلة للأسر المعوزة التي تعاني من أوضاع معيشية وصحية سيئة، وإعداد مقترح بكيفية تقديم المساعدة العاجلة لهم قبل حلول شهر رمضان المبارك.
من جهته، قال محمد الأمين، الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية، في مؤتمر صحافي عقده أمس تعليقا على استمرار خطف السفير الأردني ودبلوماسيين تونسيين، إن هناك العديد من الإجراءات التي يتم اتخاذها بين البلدين للتنسيق في هذا الملف، مشيرا إلى أن وزارتي الداخلية والخارجية تتابعان هذا الموضوع بشكل دقيق. وأضاف «ليست هناك مستجدات، لكن هناك فقط إشاعات، وهي غير صحيحة، والأمور تتم معالجتها من الجهات المعنية ويتم التحقيق فيها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.