في ملعب تغطي الثقوب الناجمة عن الرصاص جدرانه، جاء عشرات الاطفال لتسجيل اسمائهم في مدرسة بأحد أحياء شرق الموصل التي تمت استعادتها من تنظيم "داعش" الارهابي، بعدما طال انتظارهم لعامين ونصف عام العام.
وقال غسان احمد يرافقه شقيقه الاصغر البالغ سبع سنوات والذي لم يذهب يوما إلى المدرسة "انه يوم عظيم. اليوم نحن نضمن حق أطفالنا في الحصول على التعليم". وكان هذا الاستاذ في جامعة الموصل رفض أن يتلقى أولاده دروسا يعيطها المتطرفون.
واضاف احمد لوكالة الصحافة الفرنسية "تركتهم في البيت وبدأت تعليمهم بنفسي المواد الرسمية للحكومة العراقية".
بدات الحياة تعود تدريجا الى الجانب الشرقي من مدينة الموصل الذي تمكنت القوات العراقية من استعادته من التنظيم، بعد مائة يوم من عملية عسكرية كبيرة بدأت في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي.
وكان غسان احمد يعمل استاذا في جامعة الموصل قبل استيلاء التنظيم على المدينة في يونيو (حزيران) 2014.
واضاف محمد، وهو من سكان الحي، ان احراق المنازل كان جزءا من تكتيك التنظيم لحماية مقاتليه من الغارات الجوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
هو واحد من نحو 250 طفلا آخرين حضروا الى مدرسة الفراهيدي للمرة الاولى منذ استيلاء التنظيم على المدينة. وأكد انه متلهف جدا للعودة الى الدراسة، رغم نقص الماء والكهرباء والكتب المدرسية، موضحا انه يريد ان يصبح طبيبا.
في هذه الاثناء وقع انفجار على مسافة غير بعيدة، لكن محمد لم يخف وانطلق للهو مع اصدقائه.
وأعيد افتتاح 30 مدرسة هذا الاسبوع تضم ما مجموعه 1600 تلميذ في الجانب الشرقي لمدينة الموصل الذي فر منه عدد قليل من العراقيين خلال الهجوم فيما لازمت الغالبية منازلها.
وقال موليد ورفا مدير فرع صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونسيف) في اربيل للوكالة ان "التعليم لا يمكن أن يتأخر، لا بد من ان يكون اولوية". مضيفا "المدارس يمكن ان تكون أداة لمساعدة الصغار على تجاوز ما عاشوه من صدمات. عدد كبير من الاطفال في هذه المدينة شاهدوا الكثير من الدمار والموت".
وافادت منظمة "سيف ذي تشيلدرن" غير الحكومية بأن 300 الف طفل على الاقل يعيشون في الشطر الغربي من الموصل الذي لا يزال تحت سيطرة التنظيم، ومن المتوقع ان يشهد معارك شرسة في الاسابيع المقبلة.
وحرم عدد كبير من الاطفال من المدارس لاكثر من عامين، وبعضهم أجبر على الانضمام الى معسكرات ما سماها التنظيم بـ"فتيان الخلافة".
صحيح ان المتطرفين خسروا نحو ثلثي الاراضي التي سيطروا عليها في العراق، لكن السكان لا يزالون يعانون من آثار العنف الذي مارسوه.
وشدد ورفا على ان التحدي الحالي هو اعادة الاطفال الى المدارس. وقال "مع وجود مليوني نسمة في الموصل لا بد من ان نأخذ في الحسبان ان 35 بالمئة من السكان هم من الاطفال، ونحن نتحدث عن عدد ضخم سيحتاجون للعودة الى المدارس". واضاف "انها مهمة كبيرة (...) هناك 40 مدرسة ستعيد فتح ابوابها في الاسابيع المقبلة".
في حي الزهور الذي يقع في شمال شرقي الموصل، وقف الطالب العائد حيدر عدنان حاملا استمارة التسجيل في يده بعدما انتظر لوقت طويل في طابور.
هو في الثامنة عشرة ويريد إنهاء دراسته الثانوية قبل دخول الجامعة. كان من القلائل الذين ارتادوا المدرسة حين كان يديرها التنظيم، ويذكر ان معلميها كانوا يمضون وقتهم في تمجيد انجازات زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي وآخرين من القادة المتطرفين.
عودة المدارس لطبيعتها في شرق الموصل
عودة المدارس لطبيعتها في شرق الموصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة