من بين التفاصيل القليلة التي لا يعرفها كثيرون عن تاريخ واين روني الحافل مع مانشستر يونايتد هو أنه في وقت من الأوقات كان يتعين على المدير الفني السابق لمانشستر يونايتد، السير أليكس فيرغسون، أن يدافع عن توجيه الميزانية المخصصة للتعاقد مع لاعبين جدد بالكامل، للحصول على خدمات لاعب في سن المراهقة. وقال المدير الفني الاسكوتلندي للصحافيين المجتمعين، بينما كان اللاعب الشاب يرتدي قميصا أحمر اللون ويبتسم بأدب: «الحقيقة أنه في الثامنة عشرة من عمره، ويمكنه أن يقضي مسيرته الكروية بالكامل بين جدران النادي».
وبعد مرور أربعة أسابيع فقط، سجل روني ثلاثة أهداف في أول ظهور له مع الفريق في دوري أبطال أوروبا، وقالت صحيفة «مانشستر إيفننج نيوز»: «بالنسبة لبعض النقاد، كان الأمر يبدو كأنه مغامرة كبرى، لكنه لم يعد كذلك بكل تأكيد». لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعد مرور 13 عاما أصبح روني الهداف التاريخي لمانشستر يونايتد في كل العصور بعد إحرازه هدف التعادل في مرمى ستوك سيتي في الوقت القاتل، ليجنب فريقه الخسارة ويحصل على نقطة ثمينة. حقق روني هذا الإنجاز بعدما شارك في 546 مباراة، أحرز خلالها 250 هدفا بقميص مانشستر يونايتد، متفوقا على النجم الأسطوري للفريق بوبي تشارلتون الذي أحرز 249 هدفا، لكن في عدد مباريات أكثر من المباريات التي شارك فيها روني بـ212 مباراة.
وخلال رحلة روني الطويلة في «أولد ترافورد» رأيناه مراهقا وشابا يلعب إلى جوار كريستيانو رونالدو، ومحترفا بارزا، وقائدا للفريق ومهاجما وصانع ألعاب وجناح أيمن ومهاجما محوريا ولاعب خط وسط مهاجم، وأحد العناصر الأساسية في فترة ذهبية من تاريخ النادي، وأخيرا احتياطيا في مرحلة عدم الاتزان التي يمر بها مانشستر يونايتد.
وكان السير أليكس فيرغسون على حق أيضا، فقد قضى اللاعب - الذي كان على وشك الانتقال إلى نيوكاسل لولا تعثر الصفقة بسبب خمسة ملايين جنيه إسترليني - أفضل سنواته الرياضية بقميص مانشستر يونايتد. لقد دفع مانشستر يونايتد 27 مليون جنيه إسترليني، للحصول على خدمات روني، لكن هذا المبلغ قد أنفق في حقيقة الأمر على واحدة من أفضل الصفقات في التاريخ، لا سيما إذا عرفنا أن نادي ريال مدريد دفع في الصيف نفسه أكثر مما دفعه مانشستر يونايتد في صفقة روني بمرة ونصف للتعاقد مع جوناثان وودجيت، وفي العام التالي دفع تشيلسي 21 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع شون رايت فيليبس الذي سجل أربعة أهداف فقط في الدوري خلال أربعة مواسم.
وفي الوقت الراهن، يجب علينا أن نشيد بالإنجاز الذي حققه روني، ونتوقف عند ثلاث نقاط: أولا، يعد هذا إنجازا حقيقيا ورقما قياسيا يستحق الاحتفال به بقدر روعته، لا سيما في هذا الزمن الذي بات فيه كثيرون يقللون من شأن أي إنجاز، بل ويسخرون منه. سوف يظل هذا الرقم القياسي المسجل باسم روني يتحدث عن نفسه، وبعد 40 عاما من الآن سوف يتذكر الجميع أهداف «الفتى الذهبي»، ويتحدثون عنها وعن روعتها، تماما كما نفعل نحن الآن مع أهداف بوبي تشارلتون الذي كان يتعرض أيضا لانتقادات عندما كان يلعب.
ثانيا، شغل واين روني كثيرا من المراكز داخل المستطيل الأخضر، ولم يحصر نفسه في مركز قلب الهجوم. وأصبح روني خلال الشهر الجاري ثالث لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز بمسماه الجديد يصنع مائة هدف، بعد ريان غيغز وفرنك لامبارد، وكلاهما لاعبا خط وسط. وفي الوقت نفسه، كان روني يسجل 15 هدفا أو أكثر في كل موسم منذ انضمامه إلى مانشستر يونايتد، باستثناء موسم 2014 - 2015. وخلال أول خمسة مواسم له في مانشستر يونايتد، حصل روني على ثلاثة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز وبطولة دوري أبطال أوروبا وأحرز 97 هدفا، بمعدل يقل قليلا عن 20 هدفا في الموسم. وخلال الثمانية مواسم الأخيرة، حصل روني على لقبين فقط للدوري الإنجليزي الممتاز، ولقب واحد لكأس الاتحاد الإنجليزي، لكنه أحرز خلال تلك الفترة 148 هدفا، بمعدل أفضل قليلا عن السابق. وبغض النظر عن الأجواء المحيطة، كان روني دائما ما يبحث عن شباك الفرق المنافسة لإحراز الأهداف ومساعدة فريقه على الصعود لمنصات التتويج.
ثالثا، يبدو أن جمهور مانشستر يونايتد الذي يذهب لمشاهدة المباريات من الملعب أو حتى عبر شاشات التلفاز، يقدر ذلك جيدا، ويظهر ذلك جليا من خلال التحية الحارة التي يلقاها روني في ملعب «أولد ترافورد». في الحقيقة، يعد روني أكثر اللاعبين تأثيرا في تاريخ كرة القدم الإنجليزية في آخر ربع قرن. وفي سياق متصل، فإن الأهداف التي أحرزها والفرص التي صنعها ترشحه، جنبا إلى جنب مع إيان راش وتيري هنري وآخرين، ليصبح المهاجم الأكثر تأثيرا في ناد واحد في تاريخ كرة القدم الإنجليزية.
ومن الضروري أن نجري مقارنة بين ما فعله روني وما حققه لاعب آخر في هذا الإطار، وقد يكون تشارلتون هو اللاعب الأبرز هنا، حيث أحرز أهدافه في 758 مباراة، لكنه لم يستفد مطلقا من اللعب مهاجما صريحا، لكن روني لعب في مراكز مختلفة. في الحقيقة، سوف تكون هذه المقارنة بلا معنى، لأنها تقارن بين شخصين في فترات زمنية مختلفة ويلعبان في مراكز مختلفة.
لكن المقارنة الأفضل يجب أن تكون مع مايكل أوين، فهو لاعب شاب ظهر في العصر نفسه. سجل أوين 222 هدفا في 482 مباراة، وهو معدل جيد في ضوء الإصابات الكثيرة التي تعرض لها اللاعب. وبالمثل، كان روبي فاولر أبرز مثال على اللاعبين الشباب في الدوري الإنجليزي الممتاز الذين انطلقوا بسرعة هائلة في البداية، حيث سجل 31 و36 و31 هدفا خلال أول ثلاثة مواسم له، ثم انتقل للعب في كثير من الأندية الأخرى في العالم حتى بلغ السابعة والثلاثين من عمره، لكنه لم يحرز 20 هدفا في أي موسم بعد ذلك.
هناك كثير من الأسباب التي قد تعطل أو حتى تقضي على أي لاعب شاب ينطلق بسرعة كبيرة، مثل الإصابة أو الإرهاق أو التداعيات الناجمة عن الثراء السريع أو غضب الأندية الإنجليزية التي لا ترحم. لكن روني نجا من كل هذا، وتأقلم مع كل المستجدات، وكتب لنفسه تاريخا مع مانشستر يونايتد والدوري الإنجليزي ومنتخب إنجلترا. وفيما يتعلق بالمقارنات الأخرى هناك بالطبع ألان شيرار، الذي يعد الهداف الذهبي لكرة القدم الإنجليزية الحديثة، حيث سجل 379 هدفا في 734 مباراة. وسجل راش 346 هدفا في 660 مباراة بقميص ليفربول، ليصبح أكثر لاعب يسجل أهدافا بقميص ناد واحد في كرة القدم الإنجليزية.
وبعيدا عن ذلك، يجد روني نفسه محاصرا بلاعبين من فترات سابقة وعظيمة، فأكثر لاعب سجل أهدفا لناد واحد في دوري الدرجة الأولى هو ديكسي دين، الذي سجل 377 هدفا في 431 مباراة مع إيفرتون، يليه راش وستيف بلومبر مع ديربي كاونتي، ثم روجر هانت وجيمي غريفيز، صاحب أعلى معدل تهديفي في المباراة الواحدة منذ الحرب العالمية الثانية. ويأتي بعد ذلك نات لوفتهاوس وعدد قليل من اللاعبين من بينهم روني وتشارلتون وجيف هيريست. يمكنك أن تقول ما تشاء عن هذه الأسماء، لكنهم لاعبون عظماء جاءوا في زمن لا يعتمد على القوة البدنية الهائلة وجداول المباريات المزدحمة للغاية.
وعندما تشاهد جميع الأهداف التي أحرزها روني مع مانشستر يونايتد تدرك على الفور أنه تطور بطريقة مذهلة، ففي بداية مسيرته مع الفريق كانت معظم أهدافه من ضربات عادية بالرأس أو لمسات سريعة بالقدم أو تسديدات بعيدة المدى، أو رفع الكرة بطريقة رائعة من فوق حارس المرمى، كما كانت الحال مع الهدف الذي أحرزه في مرمى ميدلسبره، أو تسديدة قوية من لمسة واحدة مثل الهدف الذي أحرزه في مرمى نيوكاسل يونايتد. لكن الشيء الوحيد الظاهر للعيان هو أن روني كان يفعل كل ما في وسعه لهز شباك المنافسين.
وخلال فترة وجود البرتغالي كريستيانو رونالد والأرجنتيني كارلوس تيفيز في الفريق، أصبح روني عنصرا مهما للغاية في شن الهجمات المرتدة، قبل أن ينضج في منتصف مسيرته الكروية، ويصبح قناصا وقادرا على إنهاء الهجمات بصورة رائعة ومتخصصا في استغلال الكرات العرضية بكلتا قدميه. وأحرز هدفا رائعا من فوق حارس مرمى بورتسموث في يناير (كانون الثاني) 2007، بعدما ظل يحاول إحراز مثل هذه النوعية من الأهداف على مدى ثلاث سنوات، قبل أن يحرز هدفا رائعا في بولتون من انطلاقة بطول الملعب بجوار رونالدو. وأحرز روني هدفين من ضربة رأس في مرمى روما، ضمن سبعة أهداف أحرزها بالرأس على التوالي في عام 2010.
لم تكن جميع أوقات روني في مانشستر يونايتد سعيدة، حيث مر بفترتين عصيبتين مع جمهور النادي، بسبب خلافات حول تجديد عقده. ويرتبط اللاعب بمانشستر يونايتد حتى عام 2019 بموجب عقد يحصل بمقتضاه على راتب جنوني يصل إلى 300 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، رغم أنه بدأ يعاني من بعض البطء في أدائه ووصل إلى عامه الحادي والثلاثين. وبعدما كسر روني حاجز المائتي هدف مع مانشستر يونايتد، أصبح معدله التهديفي أبطأ من ذي قبل بصورة ملحوظة. صحيح أن روني يظهر من وقت لآخر لمحات من مهاراته السابقة، لكنه يواجه الآن صعوبة كبيرة في الوجود ضمن التشكيلة الأساسية للفريق، ويبدو أنه في المرحلة الأخيرة من مسيرته في عالم كرة القدم.
سوف يستمر النقاش بلا شك حول روني وقدراته ومهاراته، لكن الأرقام التي حققها والبطولات التي أحرزها سوف تذكرنا دوما بما قدمه في عالم الساحرة المستديرة. لقد استمر الرقم القياسي باسم تشارلتون لمدة 43 عاما، وسيأتي يوم يحطم فيه الرقم المسجل باسم روني أيضا، لكن من قبل لاعب في المكانة نفسها والإمكانيات التي يتمتع بها «الفتى الذهبي» للكرة الإنجليزية.
تلقى روني إشادة واسعة من الهداف التاريخي السابق لمانشستر يونايتد، ووصفه بأنه «أسطورة حقيقية». ونجح روني العام الماضي في تحطيم الرقم القياسي المسجل باسم سير بوبي تشارلتون كهداف تاريخي لمنتخب إنجلترا لكرة القدم، بعد أن سجل هدفه الدولي رقم 50 في مباراة إنجلترا أمام سويسرا، التي انتهت بفوز بلاده (2 - صفر) في تصفيات يورو 2016. وكسر روني قائد المنتخب الإنجليزي الرقم القياسي لتشارلتون، والبالغ 49 هدفا، وهو الرقم الذي احتفظ به منذ عام 1970. ويمتلك روني حاليا 53 هدفا مع منتخب بلاده.
وقال تشارلتون للموقع الرسمي لمانشستر: «سأكون كاذبا إذا قلت إنني لا أشعر بالإحباط لفقدان رقمي القياسي». وأضاف: «رغم ذلك يمكنني القول: إنني أشعر بالسعادة من أجل واين، إنه يستحق مكانه في كتب التاريخ». وأشار إلى «أنه أسطورة حقيقية للنادي والبلاد. إنه يستحق أن يكون الهداف التاريخي لمانشستر يونايتد وإنجلترا». وتابع: «روني ما زال في الحادية والثلاثين، وما زال يؤدي بشكل قوي، لا أعتقد أنه صدأ من خلال جلوسه لفترة طويلة على مقاعد البدلاء». وأوضح: «الآن بات روني الرجل الذي يسعى الجميع للتفوق عليه، ولا أرى أن هناك شخصا قادرا على تخطيه لفترة طويلة جدا».
وقال روني: «إنها لحظة فخر بالنسبة لي. شرف كبير أن أصل إلى هذا الرقم القياسي، لكن نتيجة المباراة نالت من هذا الإنجاز». وأضاف: «الأمر يتعلق بالمسيرة، وما زلت أشعر أن هناك كثيرا لم يأت بعد، ولكن بشكل عام هي لحظة فخر حقا بالنسبة لي». وأشار سير أليكس فيرغسون، المدرب السابق لمانشستر، الذي أحضر روني إلى الفريق وهو في الثامنة عشرة من عمره قادما من إيفرتون في 2004، إلى أن اللاعب يستحق تماما أن يوجد بين عظماء مانشستر. وأوضح فيرغسون أنه «ليس من باب الصدفة تسجيل كل هذه الأهداف، وقد نجح في تحطيم رقم قياسي ظل قائما طوال 40 عاما».
وتابع: «واين يستحق مكانته في سجلات التاريخ لناديه العظيم، وواثق بأنه سيسجل مزيدا من الأهداف». وقال: «حسنا، واين أشعر بسعادة كبيرة لك، لقد كنت خادما مخلصا لهذا النادي وسيستمر ذلك طويلا». وسجل روني رقمين قياسيين في مباراة ستوك، حيث إنه أيضا الهدف رقم «88» خارج ملعب فريقه في الدوري الممتاز، بفارق هدف عن ألان شيرر. وكتب شيرر عبر حسابه على شبكة «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «أفضل هداف في إنجلترا، أفضل هداف في مانشستر يونايتد، واين روني يا له من لاعب، يا لها من مسيرة، كل التهاني لك». وقال البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب مانشستر: «الإنجاز مذهل، سيبقى في تاريخ نادينا لسنوات طويلة... إنه أسطورة في تاريخ النادي والكرة الإنجليزية».
روني... أكثر اللاعبين تأثيرًا في كرة القدم الإنجليزية على مدار 25 عامًا
أصبح رجل الأرقام القياسية وهداف مانشستر يونايتد التاريخي
روني... أكثر اللاعبين تأثيرًا في كرة القدم الإنجليزية على مدار 25 عامًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة