مفاوضات آستانة: لا تقدم ملموسًا في اليوم الأول... ومباحثات اليوم الثاني عبر الوسطاء

المعارضة السورية والنظام ركزا على القضايا المتعلقة بوقف إطلاق النار

ممثلون عن روسيا وتركيا وإيران أثناء لقائهم في آستانة أمس لمناقشة وقف إطلاق النار في سوريا أمس (إ ب أ) - المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أثناء حديث جانبي على هامش اجتماع آستانة أمس (إ ب أ)
ممثلون عن روسيا وتركيا وإيران أثناء لقائهم في آستانة أمس لمناقشة وقف إطلاق النار في سوريا أمس (إ ب أ) - المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أثناء حديث جانبي على هامش اجتماع آستانة أمس (إ ب أ)
TT

مفاوضات آستانة: لا تقدم ملموسًا في اليوم الأول... ومباحثات اليوم الثاني عبر الوسطاء

ممثلون عن روسيا وتركيا وإيران أثناء لقائهم في آستانة أمس لمناقشة وقف إطلاق النار في سوريا أمس (إ ب أ) - المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أثناء حديث جانبي على هامش اجتماع آستانة أمس (إ ب أ)
ممثلون عن روسيا وتركيا وإيران أثناء لقائهم في آستانة أمس لمناقشة وقف إطلاق النار في سوريا أمس (إ ب أ) - المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أثناء حديث جانبي على هامش اجتماع آستانة أمس (إ ب أ)

انتهى اليوم الأول من مفاوضات آستانة حول سوريا من دون إحراز تقدم ملموس كما جاء على ألسنة ممثلي المعارضة السورية ونظام الرئيس بشار الأسد. إلا أن الجانبين شددًا على العمل على القضايا المتعلقة بتعزيز وقف إطلاق النار الذي أعلن التوصل إليه يوم 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ومن جانب آخر، أعلن أحد المتحدثين باسم فصائل المعارضة عن وصول تسريبات إليهم عن وجود اتفاق تركي - روسي يدور حول عملية انتقال سياسي دون المساس بشخص رئيس النظام بشار الأسد، أي تشكيل «حكومة وطنية» أو ما شابه لا يعني قيامها بأي حال إسقاط النظام بشكل كامل.
وفد الفصائل المعارضة أمس الاثنين أجرى محادثات مع الجانبين الراعيين التركي والروسي، وكذلك مع ممثلي الأمم المتحدة. وكشف المستشار والناطق في وفد المعارضة الدكتور يحيى العريضي عن أن المحادثات كانت «مطوّلة ومثمرة»، وتابع العريضي - وفق وكالة الصحافة الفرنسية – أنه جرت نقاشات «معمقة» حول «المشاكل السياسية» في سوريا مع مبعوث موسكو. وعلم أن الوفد المعارض امتنع في اللحظة الأخيرة عن التحدث مباشرة مع وفد النظام مع أن الجميع جلسوا حول طاولة واحدة في فندق ريكسوس بالعاصمة الكازاخية. وتابع العريضي أن محادثات اليوم الثلاثاء ستجرى «من خلال وسطاء للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وسفك الدماء، ولكي تنسحب القوات الأجنبية والميليشيات من الأراضي السورية (...) سنفعل كل ما يتطلبه الأمر، ومن الممكن القيام بذلك».
من ناحية أخرى، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن محمد الشامي، عضو وفد المعارضة القيادي في «الجيش السوري الحر» في مؤتمر آستانة، تصريحًا عبر اتصال هاتفي عن وصول تسريبات إليهم عن وجود اتفاق تركي - روسي يدور حول عملية انتقال سياسي دون المساس بشخص رئيس النظام، بشار الأسد. وشدد الشامي في تصريحه أن «ذلك الاتفاق الذي سربت أخباره بنهاية الجلسة الأولى لم يعرض على المعارضة، وكذلك لم يطرح على الإيرانيين أو على وفد النظام ليبدي أي طرف منهم الرأي فيه، وإنما هو حديث عن اتفاق روسي - تركي صرف. وإن هذا الحديث خارج نطاق المباحثات»، لافتًا إلى أنه «حديث واحد فقط ما بين عدد غير قليل من المواضيع والأحاديث التي طرحت بالجلسة الأولى بالمؤتمر ولكن تحت الطاولة وليس بشكل معلن». ثم أردف «هناك صعوبات وأحاديث عن اتفاقات سرية عدة... ولكن أهم ما تم التوصل إليه، وأعلن لنا هو أن المفاوضات بين وفدي المعارضة والنظام ستكون بطريقة غير مباشرة، وأن الثامن من فبراير (شباط) القادم سيكون موعدا لبدء مباحثات جنيف».
أيضًا قال الشامي إن الروس «يريدون فعليا أن يكونوا جهة محايدة وجهة راعية للمحادثات، وهم حريصون على استمرارها. ولقد حاولوا خلال الجلسة الأولى، بالتعاون مع الأتراك، تقريب وجهات النظر إلى حد كاف ومقبول لبدء المحادثات»... ولمح الشامي إلى أن أبرز الأحاديث التي لم تتضمنها خطة وبرنامج الجلسة «كانت تتركز حول تحديد الفصائل التي ستكلف بمهمة محاربة الفصائل الإرهابية والتي سيصدر المؤتمر قائمة بأسمائها، وحرصت الدول الراعية والداعمة للمؤتمر كروسيا وتركيا وإيران على الاتفاق مع المعارضة على ضرورة مقاتلة الإرهابيين، وهنا صار الخلاف حول من سيقصد بهذه التسمية تحديدًا... المعارضة بلا شك متفقة على إدراج (داعش) ككيان وتنظيم إرهابي على لائحة التنظيمات الإرهابية التي سيصدرها المؤتمر، ولكنها طالبت أيضا بضرورة إدراج 42 فصيلاً آخر في القائمة من بينها 40 فصيلا شيعيًا في مقدمتهم «حزب الله» اللبناني و«حزب الله» العراقي وحركة النجباء العراقية وميليشيا أبو الفضل العباس وما يسمى بـ(جيش سوريا الديمقراطية) وقوات (القيادي الكردي) صالح مسلم».
انطلاق المحادثات
انطلقت المحادثات أمس وسط أجواء حذرة كانت قد عكستها مواقف المعارضة لينتهي اليوم الأول بـ«رضا محدود» عن مسودة البيان التي بدأ البحث بها بانتظار الإعلان النهائي عن الاتفاق اليوم والذي يتوقّف بحسب شخصيات معارضة مشاركة «على الضمانات التي تقدمها الدول الداعمة حول التزام النظام»، مع تأكيدها رفض الانتقال إلى أي خطوات جديدة إن لم يتم تثبيت وقف إطلاق النار كمرحلة أولى. وبعدما كان من المتوقع أن يجتمع الطرفان لأوّل مرة بحسب برنامج الاجتماعات الذي كانت قد وزعته وزارة الخارجية الكازاخية، وجها لوجه، عادت المعارضة ورفضت الأمر وعقدت المباحثات بشكل غير مباشر.
في الجلسة الافتتاحية ألقى كل من رئيسي الوفدين محمد علوش، القيادي في «جيش الإسلام» (عن المعارضة) وبشار الجعفري سفير النظام لدى الأمم المتحدة (عن النظام)، كلمة نتج عنها مشادات كلامية بينهما. ولفتت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إلى انزعاج موسكو من كلام الجعفري وهو ما عبّر عنه بشكل واضح المسؤولون الروس، وأنه كان لموضوع الميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام في سوريا والتي يقدّر عددها بـ62 حصّة أساسية من المحادثات، بحيث طالبت المعارضة بإخراجهم من سوريا في مقابل حديث النظام عن محاربة «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا)، وهو الأمر الذي لم يلق قبول إيران، بحسب المصدر.
* المسودة المطروحة
ويذكر أنه قدّمت الدول الراعية للمؤتمر يوم أمس، مسودة بيان للوفدين لمناقشتها ووضع الملاحظات عليها. وأشارت وكالة «إيتارتاس» الروسية للأنباء إلى أنّ المسودة تلتزم فيها موسكو وأنقرة وطهران بمحاربة تنظيم داعش و«جبهة فتح الشام» بشكل مشترك وتشكيل آلية للمراقبة الثلاثية لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 30 ديسمبر (كانون الأول). وبحسب مسودة البيان التي نشرت في بعض وسائل الإعلام يوم أمس، فهي أكّدت على أنّه «لا يمكن إنهاء الصراع في سوريا إلا من خلال حل سياسي عبر عملية انتقال سياسية يقوم بها ويقودها السوريون وتشمل كافة السوريين بالاستناد على قراري مجلس الأمن رقمي 2118 (2013) و2254».
ولفت أيمن أبو هاشم، المستشار القانوني الذي يرافق الوفد المعارض إلى آستانة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مسودة البيان تعبّر عن وجهة نظر الدول الراعية للحل، وتعمل المعارضة على وضع ملاحظاتها عليها، مع تأكيدها على أن أي حل سياسي هو من مهمّة الهيئة العليا التفاوضية والتركيز في آستانة سيكون على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 2254 ببنوده 12 و13 و14 المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار، وإيصال المساعدات بشكل أساسي، واعتبار «المصالحات» التي فرضها النظام خططا تهجيرية غير مقبولة.
من جهته، رأى زكريا ملاحفجي، عضو المكتب السياسي في «الجيش الحر» المطلع على المحادثات، تطورا إيجابيا في مسودة البيان وخاصة لجهة ذكر القرار 2118 إلى جانب القرار 2254، مشيرا إلى أن الأوّل ينص على تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات من شخصيات تكنوقراط، لها سلطة تشريعية وتنفيذية وهو الأمر الذي كان يلقى معارضة روسيا وكانت تطرح حكومة وحدة وطنية من النظام والمعارضة تحت سلطة بشار الأسد، وأضاف: «يمكن القول: إن هناك رضا محدودا لمجريات اليوم الأول من المباحثات».
وكان القرار 2118 قد أكّد إضافة إلى نزع السلاح الكيماوي، في بنده الـ16، تأييده لبيان جنيف المؤرخ 30 يونيو (حزيران) 2012، الذي يحدد عددا من الخطوات الرئيسية بدءا بإنشاء هيئة حكم انتقالية تمارس كامل الصلاحيات التنفيذية، ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى، وتُشكل على أساس التوافق.
في المقابل، أشار المعارض عبد الرحمن الحاج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مسودة البيان «تتضمن بنودا غير مقبولة بالنسبة إلى المعارضة أهمّها محاولة فرض إيران، التي هي طرف أساسي في الحرب، كطرف في المراقبة، والسماح بوجود ميليشياتها في سوريا بحجة محاربة الإرهاب. كذلك، تجاوز (بيان جنيف) ومحاولة تخطي مرجعية الهيئة العليا التفاوضية كطرف أساسي للتفاوض في أي حل سياسي ويمنح المرجعية للفصائل وهو ما لن تقبل به المعارضة بطرفيها السياسي والعسكري».
وفي حين أكّد أبو هاشم، أن عمل وفد المعارضة في آستانة لا ولن يتطرق إلى الحلّ السياسي، مشيرا إلى أن كلمة رئيسه محمد علوش كانت واضحة في هذا الإطار، شدّد على أن المعارضة حريصة على تثبيت وقف إطلاق النار وتتمسّك ببيان جنيف 2012 إضافة إلى القرارين 2118 و2254، ورأى أن «التقويم النهائي للمباحثات يتوقّف على الضمانات التي ستقدمها الدول الراعية للمؤتمر لجهة مدى التزام النظام بما سيتفق عليه بعدما أثبت في المرات السابقة عكس ذلك».
وكانت المباحثات في العاصمة الكازاخية قد افتتحت عند الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش، في فندق ريكسوس بكلمة وزير الخارجية الكازاخستاني خيرت عبد الرحمنوف أمام الوفدين اللذين تواجدا في نفس الغرفة حول طاولة مستديرة كبرى. ويذكر أنه خلال محاولات المفاوضات السابقة في جنيف في 2012 و2014 و2016، جلس معارضون سوريون غالبيتهم يقيمون في المنفى وجها لوجه مع ممثلين عن النظام السوري.
أما في آستانة فقد أصبح هؤلاء يلعبون دور مستشارين للفصائل المسلحة. وبعدما تحدث الطرفان لأسابيع عن مفاوضات مباشرة، اختارت فصائل المعارضة في اللحظة الأخيرة عدم الجلوس وجها لوجه مع النظام. وقال الدكتور العريضي إن «أول جلسة تفاوضية لن تكون مباشرة بسبب عدم التزام الحكومة حتى الآن بما وقع في اتفاق 30 ديسمبر» حول وقف لإطلاق النار في سوريا. وتحدث خصوصا عن «وقف القصف والهجوم على وادي بردى».
وفي الجلسة الافتتاحية، قال عبد الرحمنوف أثناء تلاوة بيان من رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف إن «هذا اللقاء يشكل دليلا واضحا على جهود المجموعة الدولية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للوضع في سوريا»، وأضاف: «الطريق الوحيد لتسوية الوضع في سوريا يجب أن يكون المحادثات، على أساس الثقة والتفاهم المتبادلين».
وقال رئيس وفد الفصائل المعارضة محمد علوش القيادي في «جيش الإسلام» خلال الجلسة الافتتاحية «أتينا إلى هنا لتثبيت وقف إطلاق النار كمرحلة أولى لهذه العملية. ولن نذهب إلى الخطوات التالية إذا لم يتحقق هذا واقعا على الأرض»، وأضاف علوش «نريد تثبيت وقف إطلاق النار وتجميد العمليات العسكرية في كل أنحاء سوريا وتطبيق الإجراءات الإنسانية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2254 ليشكل ذلك ورقة قوية للدفع باتجاه الانتقال السياسي المنشود في سوريا بحسب بيان جنيف 2012».
من جهته قال الجعفري، سفير النظام السوري لدى الأمم المتحدة إن دمشق تأمل من خلال المحادثات «تثبيت وقف الأعمال القتالية لمدة زمنية محددة يتم خلالها الفصل بين التنظيمات الموقعة والراغبة بالتوجه إلى مصالحة وطنية والاشتراك في العملية السياسية من جهة وبين تنظيمي (داعش) و(جبهة النصرة) الإرهابيين والتنظيمات المرتبطة بهما» بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
بذلك يكون الطرفان أكدا أن المباحثات محورها تثبيت وقف إطلاق النار الذي أدى إلى تراجع العنف رغم الانتهاكات.
* مسودة البيان التي وزّعت على الوفدين
- إن وفود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وروسيا الاتحادية، والجمهورية التركية، وبالتوافق مع البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجيتهم في موسكو في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2016 وبالتوافق مع قرار مجلس الأمن 2336؛
تدعم إطلاق المحادثات بين حكومة الجمهورية العربية السورية ومجموعات المعارضة المسلحة بوساطة من الأمم المتحدة في آستانة في 23 و24 يناير (كانون الثاني) 2017؛
تثمن مشاركة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا وتيسيره للمحادثات؛
- تكرر تأكيد التزامها بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية بوصفها دولة علمانية ديمقراطية غير طائفية ومتعددة الأعراق والأديان، كما نص على ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛
- تعبر عن قناعتها بأنه لا وجود لحل عسكري للصراع في سوريا وتعلن استعدادها لتحقيق تسوية سياسية سلمية بالاستناد على قرار مجلس الأمن 2254 وقرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تنص على أن السوريين أنفسهم هم من يقررون مستقبل بلدهم.
- وأكّدت المسودة على أنه لا يمكن إنهاء الصراع في سوريا إلا من خلال حل سياسي عبر عملية انتقال سياسية يقوم بها ويقودها السوريون وتشمل كافة السوريين بالاستناد على قراري مجلس الأمن رقم 2118 (2013) و2254.
وأكّدت الدول الراعية أنها ستسعى من خلال خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها على الأطراف إلى تعزيز نظام وقف إطلاق النار الذي أسس بناء على الترتيبات الموقعة في 29 ديسمبر 2016 والتي دعمها قرار مجلس الأمن 2336 (2016) والتي تسهم في تقليل الخروقات وتخفيض حجم العنف وبناء الثقة وضمان وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وسلاسة ودون معوقات بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2165 (2014) وضمان حماية وحرية حركة المدنيين في سوريا؛ تقرر النظر في إنشاء آلية ثلاثية الأطراف لمراقبة وضمان الالتزام التام بوقف إطلاق النار ومنع أي أعمال استفزازية وتحديد كافة طرائق وقف إطلاق النار. إن إيران وروسيا وتركيا تؤكد عزمها على محاربة داعش والنصرة بشكل مشترك وفصل هذين التنظيمين عن مجموعات المعارضة المسلحة، وهي تعبر عن قناعتها بأن هناك ضرورة ملحة لتسريع الجهود لإطلاق عملية مفاوضات بالتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254؛ وتؤكد أن الاجتماع الدولي في آستانة هو منصة فعالة لحوار مباشر بين حكومة الجمهورية العربية السورية والمعارضة كما يطالب قرار مجلس الأمن 2254؛
وتدعم استعداد حكومة الجمهورية العربية السورية والمجموعات المسلحة التي وقعت على الترتيبات في 29 ديسمبر 2016 والتي تشارك في الاجتماع الدولي في آستانة، للمشاركة بشكل بناء في جولة المحادثات السورية - السورية المزمع إقامتها برعاية الأمم المتحدة في جنيف في 8 فبراير (شباط) 2017؛
وتدعم استعداد مجموعات المعارضة المسلحة للمشاركة في الجولة القادمة من المفاوضات التي ستعقد بين الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف في 8 فبراير 2017.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».