إحباط عملية انتحارية يعيد هاجس التفجيرات إلى لبنان

توقيف لبناني يشتبه في علاقته بـ«داعش» بعد إفشال مخططه بتفجير مقهى في بيروت

قوات أمن قرب مقهى «كوستا» حيث ألقي القبض على متشدد بحوزته حزام ناسف في شارع الحمراء ببيروت أمس (إ.ب.أ)
قوات أمن قرب مقهى «كوستا» حيث ألقي القبض على متشدد بحوزته حزام ناسف في شارع الحمراء ببيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

إحباط عملية انتحارية يعيد هاجس التفجيرات إلى لبنان

قوات أمن قرب مقهى «كوستا» حيث ألقي القبض على متشدد بحوزته حزام ناسف في شارع الحمراء ببيروت أمس (إ.ب.أ)
قوات أمن قرب مقهى «كوستا» حيث ألقي القبض على متشدد بحوزته حزام ناسف في شارع الحمراء ببيروت أمس (إ.ب.أ)

عاد الهاجس الأمني إلى الواجهة في لبنان بعد إحباط عملية انتحارية مساء أول من أمس في منطقة الحمراء بالعاصمة بيروت، وهي إحدى أبرز المناطق المعروفة باكتظاظها وانتشار المطاعم والمقاهي في شوارعها التي يقصدها اللبنانيون، خصوصا في سهرات آخر الأسبوع.
وبعدما كان لبنان شهد في السنوات الأخيرة تفجيرات عدّة، تعد هذه العملية الأولى من نوعها في عهد الرئيس ميشال عون والحكومة التي يرأسها سعد الحريري، والتي أكدت منذ اليوم الأول العمل للمحافظة على الاستقرار الأمني الذي كان بدوره محط تركيز واهتمام في جولة عون العربية.
وأكدت مصادر أمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «هناك جهوزية أمنية عالية، وهي مستمرة منذ ما قبل أعياد نهاية العام نتيجة معلومات كانت قد كشفت عن إمكانية استهداف بعض المناطق اللبنانية، وأثبتت نجاحها في مرّات عدّة، بخاصة لجهة التركيز على العمليات الاستباقية». وأوضحت المصادر أن هذا العمل، يتم إما عبر تدابير أمنية ظاهرة أو عبر أعمال استخباراتية، مشددة على أن التنسيق بين الأجهزة الأمنية الثلاثة؛ شعبة المعلومات في الأمن الداخلي، واستخبارات الجيش، والأمن العام، يساعد في نجاح هذه الجهود. وأكدت كذلك أن التوافق السياسي الذي أدى إلى انتخاب رئيس ومن ثم تأليف حكومة، شكّل عاملا أساسيا في تحصين لبنان سياسيا وأمنيا على حد سواء. وحول ما إذا كانت «عملية الحمرا» قد أعادت الهاجس الأمني إلى الواجهة من جديد، قالت المصادر: «لا شك في أن الهم الأمني في لبنان كان ولا يزال موجودا؛ إنما الأجهزة الأمنية له دائما بالمرصاد»، مذكرة بما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري، بأن لبنان لا يزال في عين عاصفة الإرهاب، ومؤكدة في الوقت عينه أن «هناك ارتياحا لبنانيا وغربيا وعربيا للجهود الأمنية التي تبذل للمواجهة».
وكانت معلومات قد توفّرت لدى القوى الأمنية قبل نحو 5 أشهر تشير إلى أن «داعش» ينوي استهداف مناطق ومراكز حيوية في لبنان في العاصمة بيروت، منها منطقة الحمرا، بحيث عملت الأجهزة الأمنية على تكثيف الرصد والمراقبة وتمكنت من إحباط بعض العمليات وتوقيف عدد من الأشخاص الذين ينتمون إلى تنظيمات إرهابية.
وكانت قيادة الجيش اللبناني قد أصدرت بيانا قالت فيه إنه «في عملية نوعية ومشتركة بالتنسيق مع فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أحبطت قوة من مديرية المخابرات نحو الساعة 10.30 من مساء السبت، عملية انتحارية في مقهى (كوستا) في منطقة الحمرا، أسفرت عن توقيف الانتحاري المدعو عمر حسن العاصي الذي يحمل بطاقة هويته، حيث ضبطت الحزام الناسف المنوي استخدامه ومنعته من تفجيره. وقد حاول الموقوف الدخول عنوة إلى المقهى ما أدى إلى وقوع عراك بالأيدي مع القوة العسكرية، ونقل على الأثر إلى المستشفى للمعالجة».
وأفادت بأنه نتيجة كشف الخبير العسكري على الحزام الناسف الذي كان بحوزة عاصي، تبين أنه يحتوي على 8 كيلوغرامات من مواد شديدة الانفجار، بالإضافة إلى كمية من الكرات الحديدية وذلك بهدف إيقاع أكبر خسائر بالأرواح.
ومنذ لحظة إلقاء القبض على عاصي بدأ الجيش اللبناني مداهمات في شرحبيل في صيدا، جنوب لبنان، حيث يسكن عاصي، الذي أشارت معلومات إلى أنه يعمل ممرضا في أحد مستشفيات صيدا، وتمكن من مصادرة جهاز الكومبيوتر الخاص به وأوقف شقيقيه وعددا من أقاربه من آل بخاري وآل حبلي للتحقيق معهم، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.
من جهتها، أعلنت قيادة الجيش، في بيان آخر لها، عن قيام قوة أمنية بمداهمة المبنى الذي يقطنه عاصي وتوقيف 4 أشخاص من المشتبه بهم، وقد بوشر التحقيق معهم بإشراف القضاء المختص.
وقد أظهرت الصور التي تم تناقلها للانتحاري خلال وجوده في المستشفى آثار الإصابات ظاهرة على وجهه.
وأمس فرضت القوى الأمنية إجراءات أمنية مشددة في محيط منزل الانتحاري المفترض في موازاة العمل للتوصل إلى تفاصيل أكثر حول العملية والجهة التي تقف خلفها، إضافة إلى تحليل الكاميرات التي كانت تحيط بمقهى «كوستا».
وفيما لفتت بعض المعلومات إلى أن عاصي من مؤيدي الشيخ الموقوف أحمد الأسير، قالت مصادر إعلامية إن عاصي ينتمي إلى «تنظيم داعش»، ونقل موقع «ليبانون 24» معلومات أشار فيها إلى أن الشاب الذي يبلغ 24 عاما من العمر، اعترف: «تلقيت الأوامر من (داعش) مع فتوى دينية من شيخ في مخيم عين الحلوة الفلسطيني»، عادًا عمله التفجيري «عملا في سبيل الله».
وقال إنه قرر تفجير نفسه داخل مطعم في الحمرا لقتل كثير من الناس، وإنه جاء بسيارة «نيسان» مع رفيقين اثنين له، وخبأ الحزام الناسف تحت المقعد. وقال الموقع أنه وبحسب اعترافات عاصي، كان قد حضر قبل يوم من العملية واستطلع شارع الحمرا؛ حيث وجد أن مطعم «كوستا» يوجد فيه أكثر من 50 شخصا على الأقل، فقرر أن يأتي يوم السبت ويفجّر نفسه وبات ليلته في مخيم برج البراجنة، وفي اليوم التالي لبس الحزام الناسف وتوجه نحو شارع الحمراء، لكنه لم يكن يعرف أن 3 سيارات من مخابرات الجيش والمعلومات تراقبه.
ونزل في منطقة شارع الحمرا بعدما لبس الحزام الناسف وتوجه نحو مطعم «كوستا» ليدخله ويفجر نفسه، وما إن اقترب من الدخول إلى مطعم «كوستا» حتى أطبقت عليه عناصر المخابرات والمعلومات، وعندما حاول شد الحزام الناسف لينفجر تم إطلاق النار على كتفه، وقال إن يده سقطت ولم يعد يستطيع شد الحزام، وأمسك عناصر المخابرات والمعلومات بيديه ورجليه وربطوها، وتم نقله إلى المستشفى. وأشار الموقع إلى أن عاصي كان ينوي الانتحار بعد التفجير، لكن خطته فشلت، وقال: «لم أكن أعرف أنني مراقب إلى هذه الدرجة، وأن سيارات لحقت بي من صيدا إلى برج البراجنة وقاموا بتبديل السيارات في اليوم التالي، ولاحقتني (المخابرات والمعلومات) في شارع الحمرا، وأفشلوا مخططي». وأشارت المعلومات إلى أن الموقوف اعترف بأسماء رفاقه من «داعش» في صيدا وعلى رفيقيه الذين اختبآ في برج البراجنة وصبرا في بيروت.
ولاقى إحباط هذه العملية ردود فعل إيجابية من قبل المسؤولين اللبنانيين. ونوه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالعملية الأمنية التي تابع تفاصيلها، مهنئا القوى «التي نفذت العملية الاستباقية، ما أنقذ رواد المطعم من مجزرة محققة». كذلك، هنأ رئيس الحكومة سعد الحريري، الجيش وفرع المعلومات «على إحباط عملية انتحارية وشيكة في شارع الحمراء في بيروت»، فيما وجّه وزير الداخلية نهاد المشنوق تحية إلى شعبة المعلومات واستخبارات الجيش التي «تحافظ على أمن اللبنانيين دائما وأبدًا».
وعدّ وزير الدفاع يعقوب الصراف أن «مثل هذه الإنجازات هي خير دليل على المتابعة الحثيثة للملفات الأمنية والسهر الدائم على أمن الوطن والمواطن».
ورأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «الأجهزة الأمنية نجحت مرة جديدة في إحباط عملية تفجير داخل أحد مقاهي شارع الحمراء، ونجت لبنان من كارثة، ما يثبت أن الدولة قادرة عندما يكون هناك قرار سياسي واضح بشأن ما». وقال في بيان له: «هذا هو الأمر في ما يتعلق بمواجهة الإرهاب في لبنان، إلى حد أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إنجاز ما عجزت عنه أعتى أجهزة الأمن المشهود لها في كثير من دول العالم».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.