يعرف لفظ تعليم الكبار في الغرب بأنه جهد متواصل ومستدام لاكتساب معرفة ومهارات وتنمية المواهب. ويعمم على أي نوع من التعلم خارج نطاق التعليم المدرسي الإجباري، ويشمل أيضًا محو الأمية وممارسة نشاطات تهم فئات معينة من التربية البدنية إلى تعلم الكومبيوتر أو الأدب الروائي. ويعتمد على رغبة الكبار في التعلم وعلى الفرص المتاحة لهم وأسلوب تلقيهم هذه العلوم والمهارات. ويمكن تقسيم تعليم الكبار إلى ثلاثة مجالات:
- التعليم الرسمي وهو يعقد في معاهد تعليم رسمية وفق منهج معين وتمنح عنه شهادات معترف بها. وتسمح بعض الجامعات بدخول نسبة من الكبار إلى فصول الدراسة الرسمية وفق المنهج الذي يدرسه طلبة الجامعات.
- التعليم غير الرسمي وهو أيضًا تنظمه المعاهد الرسمية ولكن من دون منح شهادات عليه. ويمكن أن تمنح فرص هذه النوع من التعلم من أماكن العمل ومن منظمات لمجتمع المدني. ويحضر الطلبة الفصول كمستمعين ولكن دون امتحانات أو منح شهادات.
- التعليم الترفيهي الذي يشمل كل الأنشطة المتعلقة بالعمل والأسرة والمجتمع التي تُعطى في دورات، معظمها ليلي أو في نهاية الأسبوع، وتشمل جميع الأنشطة البدنية والعقلية من فصول اللياقة البدنية إلى فصول أصول الطبخ أو رعاية الزهور.
ويختلف تعليم الكبار عن تعليم الأطفال في كثير من الجوانب، منها أن الكبار يعتمدون في الغالب على أنفسهم ولا يعتمدون على الآخرين، كما أن لديهم خبرات متنوعة تساعدهم على الاستيعاب والتعلم. وهم يقبلون على هذا النوع من التعليم لأنهم يحتاجون إليه في جوانب حياتهم الخاصة؛ سواء للاستفادة في جوانب معينة، أو لحل مشكلات تواجههم في معيشتهم. ويدرس الكبار في فصول تعليم الكبار بدافع ذاتي وليس بدفع أو إجبار من آخرين. ويتعلم الكبار طواعية ما لم يكن التعليم بوازع من مجال العمل. ولهم أهداف وتوقعات معينة من التعليم الذي يتلقونه. ففي عقد التسعينات التحق كثير من الكبار، ومنهم موظفون، بفصول ليلية لتعلم كيفية التعامل مع الكومبيوتر. وكانت هذه الفصول تعلم كيفية عمل برامج تشغيل الكومبيوتر أو التعامل مع التطبيقات المختلفة. ومع مرور الوقت تم تعميم هذه الدورات التعليمية على جميع العاملين في وظائف مكتبية، كضرورة من ضرورات العمل في العقد الجديد، ولتحسين أوضاعهم الوظيفية.
وفي الولايات المتحدة وكندا يتخذ تعليم الكبار بُعدًا آخر، حيث يعود إلى دراسة هؤلاء الذين تركوا المدارس أو الجامعات دون أن يكملوا تعليمهم. ويعود هؤلاء إلى المعاهد التعليمية من أجل تحسين أوضاعهم الوظيفية، ولكن من دون الحاجة إلى ترك وظائفهم والتفرغ إلى التعليم مرة أخرى. وتوفر لهم المعاهد التعليمية فرص التعلم على أساس غير متفرغ في أيام نهاية الأسبوع على مدار العام. وفي أوروبا توفر المعاهد التعليمية ما يسمى بـ«الفرصة الثانية» للكبار العائدين إلى التعليم عبر دورات تناسب قدراتهم. وتوفر هذه المعاهد التدريب اللازم وتمنح الشهادات للناجحين من الطلاب. وتتوجه هذه الجهود التعليمية إلى مجالات اجتماعية وترفيهية وتنمية ذاتية وتدريب مهني. وفي كل الأحوال تكون العوائد إيجابية على مستوى تنمية الأشخاص أنفسهم وتنمية المجتمع بشكل عام.
من المجالات التي يتوسع فيها تعليم الكبار هو تعليم اللغة الإنجليزية لغير المتحدثين بها، وهي دورات ضرورية في حالات المهاجرين إلى الغرب، الذين لا تنقصهم فقط اللغة وإنما أسلوب الحياة في الدول الغربية التي تتميز بثقافات مغايرة لما يعرفه هؤلاء المهاجرون. وتنظم بعض الدول الأوروبية دورات مجانية للمهاجرين الجدد لتعلم أسس الثقافة والتعامل مع مجتمعهم الجديد. وهناك كثير من مجالات التعلم للكبار، من جوانب أكاديمية لدراسة الإعلام ودورات لتعليم أسس الرياضة وتعليم الغناء. وهناك دورات متخصصة لتعليم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية. وتقدم «بي بي سي» هذه البرامج عبر تطبيق على صفحة لها اسمها «أي وندر».
وتتوجه مراكز تعليم الكبار في بريطانيا إلى التركيز على الجانب الاجتماعي إلى جانب التعلم حيث تشير معظم كتيبات تعليم الكبار إلى «مقابلة أشخاص جدد» إلى جانب تعلم مهارات جديدة والاستفادة من وقت الفراغ. كما تلغي المجالس المحلية جميع التكاليف أو معظمها لهؤلاء الذين يتلقون مساعدات معيشية. وتسهم المجالس المحلية أيضًا في توفير المواصلات وكتب الدراسة وتكاليف رعاية الأطفال لمحدودي الدخل من أجل تشجيعهم على التعلم.
وتعلن بعض المجالس المحلية أنها لا تريد أن تكون المصاعب المالية عقبة في سبيل التعلم للكبار، وبعضها يخصص ميزانية معينة لتمويل تعليم الكبار، ويدعو سكان المنطقة للاتصال ومناقشة أمور التمويل في سرية تامة.
* أكسفورد تقدم 240 دورة بين اللغات وتنسيق الزهور
> يقدم المجلس المحلي في مدينة أكسفورد التي تتميز بجامعتها المشهورة نحو 240 دورة تدريبية وتعليمية غير متفرغة للكبار. وهي دورات تغطي مختلف المجالات، ويمكن حضورها خلال المساء أو يوم السبت من كل أسبوع. وتنقسم فروع تعليم الكبار إلى كثير من المجالات النظرية والعملية، ولكل دورة عدة فصول يختار منها الطالب المناسب لوقته وظروفه.
من الدورات النظرية كل من المحاسبة واللغة الإنجليزية واللغات الأخرى والإدارة ومواد الثانوية العامة لمن يريد استئناف تعليمه الرسمي والأعمال والكومبيوتر. أما المواد العملية فهي متنوعة وتشمل كلاً من الطبخ والهندسة وتنسيق الزهور وأعمال البناء والزراعة والأشغال اليدوية والعناية الصحية وغيرها.
وهناك أيضًا هوايات مثل الرياضات المختلفة والفنون والمسرح والتصوير و«الميديا» والرقص وتصفيف الشعر والعناية بالأطفال وبالحيوانات.
وتتنوع دورات اللغات مثلاً بين الصينية والفرنسية والألمانية واليونانية والإيطالية واليابانية والروسية والبولندية والإسبانية، بالإضافة إلى لغة الإشارة. وتنقسم كل لغة إلى عدة مستويات كما تتنوع مواعيد الفصول لكي تناسب شواغل وأعمال الطلبة من الكبار. واللغة الإسبانية مثلا لها 26 دورة دراسية تقام في الوقت نفسه خلال فصل الصيف المقبل من أبريل (نيسان) إلى يوليو (تموز) 2017.