تأهب عسكري لـ«فتح الشام» توقعًا لاقتتال داخلي بعد مؤتمر آستانة

استهلت خطتها بمهاجمة «الأحرار»... وفتحت مستودعاتها الاحتياطية وأصدرت تعاميم

سوريون يتظاهرون ضد نظام الأسد في أتارب بحلب أمس (غيتي)
سوريون يتظاهرون ضد نظام الأسد في أتارب بحلب أمس (غيتي)
TT

تأهب عسكري لـ«فتح الشام» توقعًا لاقتتال داخلي بعد مؤتمر آستانة

سوريون يتظاهرون ضد نظام الأسد في أتارب بحلب أمس (غيتي)
سوريون يتظاهرون ضد نظام الأسد في أتارب بحلب أمس (غيتي)

تستبق «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقًا) نتائج مؤتمر آستانة المزمع عقده بعد يومين في عاصمة كازاخستان، بتحضيرات عسكرية على نطاق واسع، بينها فتح مستودعاتها الاحتياطية، وإطلاق ورشة تفخيخ الآليات، وإصلاح المدرعات والسيارات العسكرية الرباعية الدفع؛ وذلك تأهبًا لقتال فصائل المعارضة السورية المعتدلة التي وافقت على المشاركة في المؤتمر.
«فتح الشام» استهلت تنفيذ مخططاتها «الهادفة إلى إبعاد الفصائل التي ستشكل خطرًا عليها بعد آستانة»، بمهاجمة كتائب في حركة «أحرار الشام» في محافظة إدلب، وإرسال رتلين عسكريين إلى ريف المحافظة الشرقي المحاذي لمنطقة ريف محافظة حلب الغربي؛ لتكون قواتها على مقربة من مركزين عسكريين لفصيل «تجمع فاستقم كما أُمِرت» الذي سيشارك في اجتماعات مؤتمر آستانة.
ونقل مصدر عسكري معارض في «الجيش السوري الحر» عن قيادي عسكري في «فتح الشام»، تأكيده أن الجبهة المتشددة المدرجة على قوائم الإرهاب الدولية «تتخوف من أن تكون نتائج مؤتمر آستانة تسعى لحشد القوات السورية المعارضة لقتال (فتح الشام)». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن القيادي المتشدد «حاول التمويه بقضية الأسباب، قائلا إنها إجراءات روتينية، كما أنها إجراءات أمنية ذات طابع أمني لحماية المقرات من ضربات التحالف الدولي المستمر».
لكن القضية تتخذ شكلاً أبعد، بحسب ما يقول المصدر العسكري المعارض نفسه لـ«الشرق الأوسط»، موضحًا أن تحضيرات «فتح الشام» في الشمال، تتخذ وجهين: «الأول ذو طابع دفاعي لحماية المقرات والمراكز وإنشاء حزام فاصل بين مناطق سيطرة الفصائل (المعتدلة) عن مناطق سيطرة الجبهة، والآخر هجومي لاستباق أي عمليات محتملة على قاعدة تفكيك التنظيمات قبل مهاجمة (فتح الشام)، وهو ما بدأت به بمهاجمة مقرات حلفاء مفترضين لها مثل (أحرار الشام) أول من أمس». وعادة ما تنتهج «فتح الشام» التكتيك نفسه لمهاجمة خصوم مفترضين بشكل استباقي، وهي اليوم تكرر ما بدأته قبل عامين في مهاجمة الفرقة 30 أو «جبهة ثوار سوريا» أو حركة «حزم» المدعومة أميركيًا.
ولقد بدأت التحضيرات في إدلب، بفتح الجبهة المتشددة ورش الصيانة للآليات العسكرية والمدرعات هناك، أولها «رحبة صيانة المدرعات بريف إدلب الشرقي قرب بلدة بنش»، وآخرها «رحبة صيانة الآليات الرباعية الدفع حول منطقة جسر الشغور»، بحسب ما يقول المصدر، مشيرًا إلى أن التحضيرات أيضًا «تطال إعادة إطلاق ورشة تفخيخ الآليات في منطقة ريف حلب الغربي». وتشير إلى أن التحضيرات «تطال أوامر بفتح مخازن الذخيرة الاحتياطية بريف إدلب، من غير المساس بالمخازن الاستراتيجية»، فضلاً عن «إصدار تعميم داخلي يمنع خروج أي عنصر أو عنصرين بشكل منفرد من المقرات من دون مواكبة؛ وذلك منعًا لحوادث الخطف ومنعًا للانشقاقات».
إضافة إلى ذلك، تستعد جبهة «فتح الشام» لحصار محتمل، بعد مؤتمر آستانة؛ وهو ما دفعها للمباشرة بشراء المواد التموينية من أسواق الجملة وتخزينها، إضافة إلى تعزيز النقاط الطبية ورفدها بالتجهيزات.
في هذا الوقت، انطلقت «فتح الشام» بتنفيذ إجراءات عسكرية استباقية ضد الفصائل المعارضة في الشمال، حيث بدأت باستهداف الفصائل المشاركة في مؤتمر آستانة. وفي حين تحدث ناشطون عن توجه رتلين من مقاتلي الجبهة المتشددين باتجاه ريف حلب ليتمركزا على مقربة من منطقة خاضعة لسيطرة «تجمع فاستقم كما أمرت»، واصلت الجبهة أمس هجماتها ضد كتائب تابعة لحركة «أحرار الشام» الموالية لـ«فتح الشام»، التي اتخذت قرارًا بمقاطعة المؤتمر المقرر بالعاصمة الكازاخية برعاية روسية – تركية؛ تعبيرًا عن تضامنها مع التنظيم المتشدد. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن الكتائب التابعة لـ«أحرار الشام» التي تعرضت للهجوم «كتائب تخالف قرار الأحرار، وأعلنت نيتها المشاركة في آستانة مع الفصائل المعتدلة، أو تأييد المؤتمر ونتائجه»، ولفت إلى أن الهجمات «توسعت أمس إلى منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب».
«المرصد»، كان أفاد بأن ريف إدلب ما زال يشهد توترًا بين «حركة أحرار الشام» و«جبهة فتح الشام» مصحوبًا باشتباكات تجددت لليوم الثاني على التوالي بين الطرفين، في قرى وبلدات عدة بجبل الزاوية، من بينها كنصفرة وإبلين اللتان سيطرت عليهما «فتح الشام»، إضافة إلى قرى بليون ومشون وإبديتا التي استعادتها «أحرار الشام» عقب اشتباكات بوتيرة عنيفة.
هذه العمليات، تلت توترًا ساد ريف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي أول من أمس (الخميس)، على خلفية تنفيذ عناصر من «جبهة فتح الشام» هجومًا مباغتًا على مقرات وحواجز لـ«حركة أحرار الشام» في منطقة خربة الجوز الحدودية مع تركيا ومنطقة الزعينية، وسيطرة التنظيم المتشدد على معبر خربة الجوز الحدودي مع تركيا. وانضم أمس فصيل «جند الأقصى» إلى المعارك ضد «أحرار الشام»، حيث داهمت عناصر منه مقرات تابعة «لأحرار الشام» في المنطقة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.