أوباما يبدأ جولة آسيوية مليئة بالمطبات السياسية

الرئيس الأميركي يسعى لطمأنة حلفاء بلاده وتجنب إزعاج الصين

أوباما وآبي يغادران مطعما تناولا فيه العشاء في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
أوباما وآبي يغادران مطعما تناولا فيه العشاء في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما يبدأ جولة آسيوية مليئة بالمطبات السياسية

أوباما وآبي يغادران مطعما تناولا فيه العشاء في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
أوباما وآبي يغادران مطعما تناولا فيه العشاء في طوكيو أمس (أ.ف.ب)

بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس جولة آسيوية تشمل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وماليزيا، لكنها مليئة، بحسب خبراء، بمطبات سياسية، ولذلك سيتعين عليه طمأنة حلفاء بلاده من ناحية الالتزام الأميركي حيالهم لكن من دون إثارة استياء الصين.
وبعد وصوله إلى طوكيو، المحطة الأولى في الجولة التي تدوم أسبوعا، تناول أوباما العشاء مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في أحد مطاعم طوكيو، قبل أن يعقد الزعيمان اليوم (الخميس) اجتماع قمة يبحثان فيه بشكل خاص التوترات بين اليابان الحليف المقرب لواشنطن، والصين التي تتنامى قوتها وتتزايد مطالبها في المنطقة. كما يتوقع أن تحتل مفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادي الرامية إلى إنشاء منطقة شاسعة لحرية التبادل، حيزا كبيرا في المحادثات. بعد لقائه آبي وبعده الإمبراطور أكيهيتو. وتعد زيارة الدولة التي يؤديها أوباما إلى اليابان، الأولى على هذا المستوى لرئيس أميركي منذ 18 سنة.
ورأى محللون أن هذه الجولة تعد معقدة بالنسبة لأوباما الذي اضطر سابقا إلى إلغاء أخرى مماثلة لها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بسبب شلل الميزانية في الولايات المتحدة. وبعيدا عن سعيه لطمأنة الحلفاء وعدم إثارة استياء الصين، سيتعين على الرئيس الأميركي تعزيز العلاقة الأساسية مع اليابان مع الاستجابة لمآخذ بكين وكوريا الجنوبية. وعموما سيحاول في كل المحطات إعادة تأكيد إدارته تركيز السياسة الخارجية الأميركية على آسيا.
بدأ أوباما زيارته إلى اليابان في ظروف معقدة شهدت تحركات رمزية، حيث زار نحو 150 نائبا أول من أمس معبد ياسوكوني المثير للجدل في طوكيو، غداة إرسال رئيس الوزراء شينزو آبي تقدمة إلى المعبد الذي يكرم ذكرى 2.5 مليون عسكري قتلوا في سبيل اليابان وكذلك 14 مجرم حرب أدانهم الحلفاء بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية. وعلى المستوى الثنائي تشمل مباحثات أوباما في طوكيو مناقشة الشراكة عبر المحيط الهادي (12 دولة) التي تسجل تأخيرا كبيرا بشكل أساسي بسبب رفض اليابان فتح سوقها أمام المنتجات الزراعية الأميركية.
وترتدي المحطة اليابانية طابعا أكثر حساسية نظرا إلى علاقات الصين، الشريك السياسي والتجاري والمالي المهم للأميركيين، واليابان «محمية» واشنطن حيث يتمركز 50 ألفا من قواتها، التي ساءت إلى حد كبير منذ عام ونصف العام. فالبلدان يتنازعان السيادة على جزر في بحر الصين الشرقي، تسمى سنكاكو في اليابان ودياويو في الصين، والتي تسيطر عليها اليابان حاليا لكن الصين تطالب بها. وفي مقابلة في صحيفة «يوميوري شيمبون» اليابانية اليومية كرر أوباما التشديد على أن هذه الجزر خاضعة للاتفاقية الأمنية اليابانية - الأميركية ولإدارة اليابان.
وصباح غد، سيتوجه أوباما إلى كوريا الجنوبية التي تعد أيضا من أبرز حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة حيث تصاعدت حدة التوتر مجددا في الأيام الأخيرة مع كوريا الشمالية التي تستعد بحسب سيول لتجربة نووية رابعة. لكن سيول على خلاف مع طوكيو بسبب عداء تاريخي ونزاع بحري. ونجح أوباما أواخر مارس (آذار) الماضي على حمل شينزو آبي ورئيسة كوريا الشمالية بارك غوين - هاي على الجلوس إلى طاولة واحدة معه، لكن بدا واضحا أن اللقاء كان يفتقر إلى الحماسة. ثم سينتقل الرئيس الأميركي بعد ذلك إلى ماليزيا في أول زيارة لرئيس أميركي إلى هذا البلد منذ ليندون جونسون في 1966، حيث يلتقي رئيس الوزراء نجيب الرزاق. ويوم الاثنين المقبل، سيتوجه أوباما إلى الفلبين وهي حليف آخر لواشنطن، تواجه مطالب الصين البحرية، حيث سيلتقي الرئيس بنينيو أكينو.
وهذه المنطقة من آسيا التي تعاني من انعدام الاستقرار تشعر بأن واشنطن رغم تطميناتها وتأكيداتها المتكررة لا تطرحها في مقدم أولوياتها، في وقت تسعى فيه واشنطن لإنقاذ عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية وحل الأزمة مع روسيا حول أوكرانيا. وهذا ما يضع أوباما في موقف دقيق في جولته.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.