المجلس الوطني الفلسطيني: نقل السفارة سيقابل بسحب الاعتراف بإسرائيل

مظاهرات في 3 مدن بالضفة الغربية ضد ترامب وإسرائيل تطلق حملة دعم له

فلسطينيون في رام الله يتظاهرون احتجاجا على نقل السفارة الأميركية إلى القدس (أ.ب)
فلسطينيون في رام الله يتظاهرون احتجاجا على نقل السفارة الأميركية إلى القدس (أ.ب)
TT

المجلس الوطني الفلسطيني: نقل السفارة سيقابل بسحب الاعتراف بإسرائيل

فلسطينيون في رام الله يتظاهرون احتجاجا على نقل السفارة الأميركية إلى القدس (أ.ب)
فلسطينيون في رام الله يتظاهرون احتجاجا على نقل السفارة الأميركية إلى القدس (أ.ب)

مع تجديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تعهده بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، خرج الفلسطينيون أمس، إلى الشوارع ضده، رافضين ما عدوه «إعلان حرب على الشعب الفلسطيني»، في حين أعلن المجلس الوطني الفلسطيني، وهو أعلى مرجعية فلسطينية في حال انعقاده، أن نقل السفارة إذا ما جرى، فإنه سيقابل بسحب الاعتراف بإسرائيل.
وتظاهر الفلسطينيون أمس، في 3 مدن رئيسية في الضفة الغربية، هي رام الله ونابلس والخليل، بعد دعوة من اللجنة الوطنية الفلسطينية لمناهضة السياسة الأميركية، التي تضم جميع الفصائل وفعاليات ونقابات، ورفعوا شعارات «نقل السفارة عدوان» و«إعلان حرب» و«وعد بلفور جديد» و«القدس مفتاح الحرب والسلام».
وأصدرت اللجنة الوطنية لمنع نقل السفارة الأميركية للقدس، بيانا جاء فيه، أنه لا يمكن التساهل مع أي قرار بشأن القدس، ولا يمكن بأي حال من الأحوال، الاستهانة بعواقبه.
وقال البيان، «إن قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، سيشكل بكل تأكيد، عملا عدوانيا ضد حقوق الشعب الفلسطيني وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي، ويقود بلا شك، إلى تعزيز الاستعمار والظلم والعدوان».
وأضاف البيان، «ندعو الإدارة الأميركية الجديدة، لتقييم عواقب هذه الخطوة بعناية على صورة الولايات المتحدة الأميركية، وعلى مصالح واشنطن وأمنها، إذ إن دورها الحقيقي هو خدمة مصالح الشعب الأميركي، وليس خدمة مصالح المستوطنين الإسرائيليين. ومن المستحيل تفهم أي مبرر لهذه الخطوة العدوانية الاستفزازية، التي تتعارض مع مواقف جميع الإدارات الأميركية المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية، الديمقراطية والجمهورية منها، وتتعارض، بشكل صارخ، مع الإجماع الدولي الذي لا يتزعزع، وهو الأمر الذي سيؤثر من دون أدنى شك على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والعالم».
وحضر مسؤولون كبار في فتح ورسميون في السلطة ومساعدون للرئيس الفلسطيني محمود عباس وقادة فصائل المظاهرات التي بدت قوية في نابلس وضعيفة في رام الله.
وقال اللواء أكرم رجوب، محافظ نابلس، «إننا نرسل رسالة فلسطينية لكل العالم، ليس هناك أخطر من فقدان الأمل بإقامة الدولة». وأضاف: «الكل الفلسطيني ضد هذه الخطوة».
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» محمود العالول، إن «نقل السفارة الأميركية إلى القدس، يعني اغتيال جميع المعاهدات». وأضاف في رسالة تحد: «الشعب الفلسطيني جاهز لأي تضحية من أجل القدس وتراب فلسطين، ولا يمكن أن يسمح بهذه الخطوة».
وفي رام الله، أكد المتظاهرون تصميمهم على مواجهة ترامب. وقال منير الجاغوب، رئيس اللجنة الإعلامية في فتح، إن القيادة الفلسطينية سترد بإجراءات وليس تهديدات، إذ لا يمكن السكوت على استهداف القدس.
وفي الخليل، قال القيادي الفلسطيني عباس زكي، إن القيادة قررت مواجهة هذا القرار بكل الأساليب الممكنة.
وجاءت المظاهرات الفلسطينية في وقت أعاد فيه ترامب التأكيد على وعده على الرغم من تحذيرات عالمية، وآخرها تحذير من الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل تركه منصبه بيوم.
وكان مبعوث صحيفة «إسرائيل اليوم»، الصحافي اليميني، بوعز بيسموت، قد كتب يقول، إن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، قال له في واشنطن، حيث التقيا، إنه لم ينس وعده بخصوص نقل السفارة الأميركية للقدس، وذلك عشية تنصيبه الرئيس الـ45 للولايات المتحدة. وأضاف ترامب في حوار قصير مع الصحافي، الذي وصل إلى مؤتمر خصص للقاء سفراء ودبلوماسيين من العالم، حضره مندوبو الصحافة من أرجاء العالم، أنه «ينتظر بلهفة للعمل مع إسرائيل»، قائلا: «في نهاية الأسبوع ستصبح العلاقة بيننا رسمية».
ووعد ترامب ليس الأول من نوعه الذي يصدر عن رؤساء أميركيين، لكن ثمة تخوفات حقيقية، في رام الله، من تنفيذه وعده. ولذلك قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إنه سيرد على هذا القرار بكل الطرق السياسية ممكنة.
وحذر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، أمس، من أن تنفيذ وعد ترامب لن يكون له تداعيات على إسرائيل وحسب، بل على المنطقة والعالم. ودعا الزعنون إلى مواجهة هذه التهديدات الخطيرة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، مطالبا العالمين الإسلامي والعربي بتحمل المسؤولية، وعدم إعطاء أي مبررات لعدم تحركهما لمنع تنفيذ هذه الخطوة المدمرة على المنطقة.
وأصدر المجلس الوطني بيانا قال فيه، إن نقل السفارة إلى القدس، من شأنه أن يترك آثارًا كارثية على أمن المنطقة واستقرارها، ويفتح الباب واسعًا لسحب الاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل.
وطالب المجتمعون في المجلس الوطني، اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية - في حال نقلت الإدارة الأميركية سفارتها إلى القدس - بالتنفيذ الفوري لقرارات المجلس المركزي الذي انعقد في مارس (آذار) 2015، بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ومقاطعة اقتصادها، وتفعيل سلاح المقاومة الشعبية، والتسريع في متابعة محكمة الجنايات الدولية بالملفات المقدمة لها (الاستيطان، الأسرى، العدوان على غزة).
وطالب أعضاء المجلس الوطني منظمة التعاون الإسلامي بشكل خاص، وكل المؤسسات والجهات واللجان التي أنشئت من أجل الدفاع عن القدس، بتحمل مسؤولياتها تجاه ما تنوي الإدارة الأميركية تنفيذه بنقل سفارتها إلى القدس، وزيادة دعمها المادي لأهل القدس لتثبيت صمودهم في مدينتهم المقدسة.
وفي إسرائيل، أطلق رئيس بلدية القدس (الغربية)، نير بركات، أمس، حملة دعم للرئيس الأميركي الجديد، توجه، من خلالها، إلى المواطنين الإسرائيليين، يدعوهم للترحيب بدخول ترامب إلى البيت الأبيض، ودعم توجهاته لنقل السفارة الأميركية إلى القدس. وكذلك التوقيع على عريضة إلكترونية تشكره على دعمه الراسخ لإسرائيل، وعلى وعده بنقل السفارة. وقال بركات، إنه سيجري تحويل العريضة، مع التواقيع، إلى ترامب عبر قنوات أميركية رسمية. وحسب بركات، فقد جاءت دعوته للتوقيع على العريضة، على خلفية المعارضة القوية لنقل السفارة من قبل أعداء إسرائيل. وقال: «بعد ثماني سنوات من إدارة أوباما، التي حدث خلالها تدهور كبير في علاقات الصداقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وصل صديق حقيقي إلى البيت الأبيض، أنا ومواطنو إسرائيل نرحب بالرئيس المنتخب دونالد ترامب، مع انتخابه زعيما للعالم الحر، ونشكر له دعمه لإسرائيل وجهوده لنقل السفارة إلى القدس. سأتوجه إلى كل أطراف المجتمع الإسرائيلي، لكي نلمح لواشنطن أن أكبر صديقة للولايات المتحدة ما تزال هنا».
وكانت صحيفة «يسرائيل هيوم»، التي تعتبر ناطقة بلسان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد نشرت أمس، تصريحا خاصا للرئيس المنتخب دونالد ترامب، قال فيه، إنه لم ينس وعده بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وإنه شخص «لا ينكث بوعوده». وفي رده على سؤال حول ما يحدث في إسرائيل، قال: «لم أعد أستطيع انتظار بدء العمل مع إسرائيل. في نهاية الأسبوع سيبدأ الاتصال بيننا بشكل رسمي».
جاء اللقاء مع ترامب على خلفية لقاء جرى تنظيمه له مع أعضاء السلك الدبلوماسي في واشنطن، في إطار التحضير لمراسم تسليمه اليوم، مقاليد الرئاسة رسميا. وقالت كيلان كونوي، المستشارة الرفيعة لترامب، لمراسل الصحيفة، إن طاقم ترامب يدعم بالتأكيد نقل السفارة. وأعربت عن رأيها بضرورة عمل ذلك «بالسرعة القصوى». ولا تتأثر كونوي من التهديدات التي تسمعها بشأن الخطوة المتوقعة، وتعتبر نقل السفارة مسألة طبيعية.
وحسب نبأ بثته الإذاعة الإسرائيلية، أمس، فإن طاقما من رجالات ترامب، قام بزيارة قطعة الأرض التي كانت الولايات المتحدة قد اقتنتها قبل عشر سنين في القدس الغربية، لإنشاء مبنى السفارة الأميركية عليها. وأن الطاقم اطلع على الخرائط التي أعدت في حينه لهذا المبنى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».