أكدت روسيا أمس، استعدادها للتدخل في شرق أوكرانيا في حال تعرضت مصالحها إلى الخطر، وذلك بعد أن حركت كييف عملية لـ«مكافحة الإرهاب»، واستعادت مدينة كان يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو.
فبعد بضعة أيام من إشاعة الأمل بالتهدئة على أثر توقيع اتفاق دولي في جنيف، تصاعدت اللهجة فجأة بين موسكو وواشنطن مع تبادل الاتهامات بإدارة تحركات أنصارهما وحشد قواتهما على حدود البلاد. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لتلفزيون «آر تي» أمس «إذا تعرضت مصالحنا المشروعة، مصالح روسيا، للخطر بشكل مباشر كما حصل في أوسيتيا الجنوبية (المنطقة الانفصالية في جورجيا)، لا أرى أي طريقة أخرى سوى الرد ضمن احترام القانون الدولي»، مضيفا أن «الهجوم على مواطنينا الروس هو هجوم على روسيا». وفي 2008 اندلعت حرب خاطفة بين روسيا وجورجيا أعلنت موسكو في ختامها استقلال منطقتين انفصاليتين مواليتين لروسيا في هذا البلد الصغير في القوقاز هما أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. ولم تكف السلطات الروسية عن القول إن الأوكرانيين من أصل روسي مهددون من قبل القوميين الذين يدعمون السلطات الموالية للغرب التي سيطرت على الحكم في كييف منذ عزل الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش.
ثم أصدرت الخارجية الروسية في وقت لاحق بيانا أكدت فيه أن «روسيا تصر مجددا على وضع حد فوري لتصعيد الوضع في جنوب شرقي أوكرانيا وعلى انسحاب القوات الأوكرانية وبدء حوار حقيقي بين الأوكرانيين مع كل المناطق والتنظيمات السياسية في البلاد». ونددت الوزارة بما أصبح على حد قولها «قاعدة جديدة واضحة»، مشيرة إلى أن العملية الأمنية الأوكرانية أطلقت في 13 أبريل (نيسان) الحالي بعد زيارة رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية (سي.آي.إيه) جون برينان واستأنفتها بعد زيارة بايدن.
وجاءت هذه التصريحات الروسية إثر إعلان سلطات كييف استئناف عملية «مكافحة الإرهاب» ضد الانفصاليين في شرق أوكرانيا التي علقت لمناسبة عيد الفصح، وذلك بعد ساعات على مغادرة بايدن في ختام زيارة رسمية لكييف. ورأى لافروف أن قرارات سلطات كييف «موجهة» من الولايات المتحدة. وقال: «من الواضح أنهم اختاروا توقيت زيارة نائب الرئيس الأميركي لإعلان استئناف العملية لأن ذلك جرى فور مغادرة جون برينون (مدير سي آي إيه) لكييف»، مضيفا: «ليس لدي أي سبب يدفعني إلى الاعتقاد بأن الأميركيين لا يحركون هذه العملية بشكل مباشر».
وأعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أمس «تحرير» مدينة سفياتوغيرسك على بعد نحو 20 كلم من سلافيانسك معقل الموالين للروس، من أيدي الانفصاليين في إطار «عملية مكافحة الإرهاب» التي أطلقتها كييف أول من أمس. ونفذت العملية «من دون سقوط ضحايا»، كما أوضحت الوزارة في بيان وصف المدينة على أنها نقطة «استراتيجية» على حدود المناطق الثلاث الناطقة بالروسية: دونيتسك ولوغانسك وخاركيف.
وكان بايدن هدد من كييف أول من أمس، روسيا «بمزيد من العزلة» إن استمرت في «دعم» المتمردين. وبعد مغادرته، أعلنت واشنطن عن إرسال 600 جندي إلى بولندا وإلى دول البلطيق كما هدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري موسكو بعقوبات جديدة.
وبرر الرئيس الأوكراني الانتقالي أولكسندر تورتشينوف استئناف العملية من قبل قواته في شرق البلاد بالعثور على جثتين تحملان آثار تعذيب بالقرب من سلافيانسك. وأشار تورتشينوف إلى أن الانفصاليين الموالين لروسيا «تجاوزوا الخطوط الحمراء بتعذيبهم مواطنين من أوكرانيا»، مضيفا أن «هذه الجرائم ارتكبت بدعم تام من روسيا». وعثر على الجثتين السبت الماضي على ضفة نهر قريب من سلافيانسك. وعرف عن أحدهما أنه يتبع لفولوديمير ريباك المسؤول المحلي عن حزب يوليا تيموشنكو الموالي للغرب «باتكيفشتشينا» (الوطن) الذي ينتمي إليه تورتشينوف. وكان المستشار البلدي في مدينة غورليفكا التي يسيطر الموالون لروسيا على بلديتها اختفى الخميس الماضي بعد مشاركته في تظاهرة من أجل وحدة أوكرانيا بحسب وزارة الداخلية. وكتبت وزارة الداخلية في بيان «بحسب معطيات التحقيق، شارك عناصر من المجموعة الانفصالية سيطروا على مقار أجهزة الأمن في سلافيانسك، في التعذيب والقتل». واتهمت أجهزة الأمن ضابطا كبيرا في استخبارات هيئة أركان الجيش الروسي بالوقوف وراء القتل.
وأمس، أعربت الخارجية الأميركية عن القلق الشديد حيال معلومات عن تعرض صحافي أميركي في أوكرانيا «للخطف» من طرف انفصاليين موالين لروسيا، ودعت موسكو إلى «استخدام نفوذها» في أوساط هذه المجموعات. وصرحت المتحدثة باسم الخارجية جنيفر بساكي في بيان: «إننا قلقون جدا من معلومات تحدثت عن خطف صحافي أميركي الجنسية في سلوفيانسك في أوكرانيا، قد يكون بين يدي الانفصاليين الموالين لروسيا». والصحافي الأميركي سايمون أوستروفسكي العامل لصالح موقع «فايس» الإخباري معتقل منذ الثلاثاء الماضي لدى الانفصاليين في مدينة سلافيانسك شمال دونيتسك. وأضافت بساكي: «ندين كل عمل مماثل وأعمال الخطف الأخيرة كلها في شرق أوكرانيا، التي تنتهك مباشرة الالتزامات المقطوعة في إطار البيان المشترك في جنيف»، الذي هدف إلى تهدئة التوتر في الأزمة الأوكرانية. وتابعت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «ندعو روسيا إلى استخدام نفوذها لدى هذه الجماعات لضمان الإفراج الفوري عن جميع الرهائن في شرق أوكرانيا سالمين».
وأصبحت مدينة سلافيانسك التي تضم أكثر من 100 ألف نسمة والواقعة إلى شمال دونيتسك، معقلا للانفصاليين في شرق أوكرانيا، وذلك بعد أن سيطر عليها مسلحون بعضهم ملثم ويحمل أسلحة رشاشة ويرتدي لباسا عسكريا دون أي إشارة تدل على انتمائهم. وساد الهدوء في المدينة أمس، فيما كان رجال مقنعون من دون أي سلاح ظاهر يتولون الحراسة أمام مقر البلدية المحاط بالحواجز. وأعلن فياتشيسلاف بونوماريف الذي أعلن نفسه «رئيسا لبلديتها» وطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إرسال قوات روسية لحماية السكان من القوميين الأوكرانيين، حظرا للتجول في المدينة منذ الأحد بعد إطلاق نار أوقع ثلاثة قتلى على الأقل.
روسيا تهدد بالتدخل في أوكرانيا «إذا تعرضت مصالحها للخطر»
كييف «تحرر» مدينة من الانفصاليين.. وواشنطن قلقة من أنباء حول خطف صحافي أميركي
روسيا تهدد بالتدخل في أوكرانيا «إذا تعرضت مصالحها للخطر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة