لبنان يطلق خطة جديدة للاستجابة لأزمة النزوح السوري

الحريري: خسائرنا بلغت 13.1 مليار دولار والضغط هائل وغير مسبوق

لبنان يطلق خطة جديدة للاستجابة لأزمة النزوح السوري
TT

لبنان يطلق خطة جديدة للاستجابة لأزمة النزوح السوري

لبنان يطلق خطة جديدة للاستجابة لأزمة النزوح السوري

اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أن أزمة النزوح السوري من «أقسى الأزمات التي واجهها لبنان»، باعتبارها أزمة «معقدة ومدمرة»، لافتا إلى أن «الضغط على اقتصادنا نتيجة الصراع في سوريا كان هائلاً وغير مسبوق».
وأشار الحريري، خلال حفل إطلاق «خطة لبنان للاستجابة للأزمة 2017 – 2020» - وهي خطة مشتركة، تمتد لعدة سنوات، بين الحكومة اللبنانية وشركائها الدوليين والمحليين، تهدف إلى الاستجابة للتحديات المرتبطة بأزمة اللاجئين السوريين - إلى أن تقديرات البنك الدولي تفيد بأن لبنان قد تكبد خسائر بلغت 13.1 مليار دولار منذ عام 2012، منها 5.6 مليار عام 2015 وحده. وتابع أن «الأزمة التي وصفت بـ(الطارئة) قبل 6 سنوات أصبحت اليوم واحدة من أقسى الأزمات التي واجهها لبنان، وكانت لها تداعيات صارمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية».
وأوضح الحريري في كلمته، أن لبنان شهد انخفاضًا حادًا في النمو الاقتصادي من معدل 8 في المائة في السنوات التي سبقت الأزمة السورية إلى معدل 1 في المائة خلال سنوات الأزمة، وأنّه «على الرغم من أننا لا نستطيع أن نعزو سبب النمو البطيء إلى وجود النازحين السوريين وحده، فإن النمو البطيء في السنوات الماضية قد قلص قدرتنا على التعامل مع اللاجئين». وذكر أن عدد السكان في لبنان ازداد بنسبة الثلث على مدى 6 سنوات «ما شكل ضغطًا هائلاً على الخدمات العامة التي أصبحت تعمل أكثر من طاقتها، وتجاوز الطلب قدرة المؤسسات والبنى التحتية على تلبية حاجات النازحين السوريين والمواطنين اللبنانيين».
ثم أشار الحريري إلى أن عدد التلامذة السوريين المسجلين في المدارس الرسمية بلغ أكثر من 250 ألف تلميذ. إلى ذلك، فإن القطاع الصحي العام يراكم الديون بسبب عجز المرضى السوريين عن تغطية حصتهم من الفواتير. وأضاف: «كما ارتفعت معدلات البطالة وخصوصا بين الشباب اللبناني، وازدادت حدة الفقر، حتى أن النمو البطيء، إلى جانب الخدمات العامة المستنزفة، قد شكل ضغطًا هائلاً على وضعنا المالي الدقيق أصلاً».
وشدّد رئيس مجلس الوزراء اللبناني على أنه من الأولويات القصوى لحكومته «احتواء العجز في الميزانية ورفع مستوى البنى التحتية وتحفيز النمو. وهذا الجهد سيقوض بشدة نتيجة الوجود الكثيف للنازحين السوريين»، لافتا إلى أنّه لمواجهة التأثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الكبير للأزمة، وضعت حكومته هذه القضية على رأس أولوياتها وقررت معالجتها من خلال سياسة موحدة واستراتيجية شاملة محددة الأولويات. وأضاف: «قمنا بتعيين وزير دولة للنازحين السوريين، هو السيد معين مرعبي، كما شكلنا لجنة وزارية تضم جميع الوزارات المعنية وذات الصلة. وأترأس شخصيًا هذه اللجنة. وقد عقدت اللجنة أول اجتماع لها الأسبوع الماضي لتنسيق القضايا المتعلقة بالأزمة». وأشار إلى أنّه كلّف وزير الدولة للنازحين السوريين وضع ورقة سياسية، تهدف إلى إجراء مسح شامل لوجود النازحين السوريين في لبنان، وتقييم تأثير وجودهم على الاقتصاد الحقيقي، والوضع المالي والبنية التحتية المادية، وتحديد المشروعات ذات الأولوية التي تساعد على دعم المجتمعات المضيفة وتخفيف آثار الأزمة عنها، مرجحا أن تكتمل الورقة السياسية في غضون شهر.
ولفت الحريري إلى أنّه في السنوات الثلاث المقبلة، يحتاج لبنان إلى استثمارات جديدة لا تقل عن 8 إلى 10 مليارات دولار في البنية التحتية، لرفع مستوى البنية التحتية القائمة والاستثمار في مشروعات جديدة، والتعويض عن التدهور الذي حدث بسبب وجود 1.5 مليون نازح سوري على أراضي لبنان. وقال: «كان الدعم والمساهمات وتضافر الجهود من قبل المجتمع الدولي حتى الآن، التي نرحب بها ونقدرها، ذات طابع إنساني بشكل أساسي وغير متناسب مع الاحتياجات الكبيرة للمجموعات المتضررة، من نازحين سوريين ومجتمعات مضيفة»، مشددا على أنه «لا يمكن أن يستمر لبنان في تحمل عبء هذه الأزمة دون دعم دولي كاف وكبير لمؤسساته وبنيته التحتية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».