غيانا... هل تصبح من أكبر منتجي النفط في العالم؟

مع الاكتشافات الكبيرة في أميركا الجنوبية

غيانا... هل تصبح من أكبر منتجي النفط في العالم؟
TT

غيانا... هل تصبح من أكبر منتجي النفط في العالم؟

غيانا... هل تصبح من أكبر منتجي النفط في العالم؟

من المتوقع لدولة غيانا - المجاورة لفنزويلا - الدولة الصغيرة الناطقة باللغة الإنجليزية في أميركا الجنوبية أن تكون ثاني أكبر منتج للنفط في نصف الكرة الأرضية الغربي، حيث تحظى بالاهتمام وتجذب الاستثمارات من قبل بعض من كبريات الشركات النفطية في العالم.
وخلال الأسبوع الحالي، أعلنت شركتا إكسون موبيل وهيس عن أعمال الحفر الناجحة للتنقيب في بئر المياه العميقة، ما يؤكد على نحو قريب أن قاع البحر أسفل المياه الساحلية التابعة لغيانا يحتوي على أحد أغنى اكتشافات النفط والغاز الطبيعي في العقود الماضية.
ويقدر الخبراء الآن أن الحقول البحرية قبالة سواحل غيانا بمفردها، والمعروفة باسم حقول ليزا، يمكن أن تحتوي على 1.4 مليار برميل من النفط الممزوج بالغاز الطبيعي، مقارنة ببعض الحقول الكبيرة الأخرى التي تم حفرها في أميركا الجنوبية.
ومع التعداد السكاني الذي لا يجاوز مليون نسمة، سوف تتمكن غيانا - الدولة المجاورة لفنزويلا من ناحية الشرق على الساحل الشمالي للقارة - من تصدير كل النفط التي سوف تبدأ في إنتاجه، على الأرجح، اعتبارًا من عام 2020.
وجاءت بيانات الشركات النفطية المشار إليها بعد أيام قليلة من إعلان الحكومة غيانا عن نواياها لبناء مركز لتكرير النفط والخدمات البترولية على جزيرة كراب بتكلفة تقارب 500 مليون دولار، وهي من الاستثمارات الكبرى بالنسبة لدولة صغيرة وفقيرة في تلك المنطقة من العالم.
والتقديرات الأولية من جانب الخبراء تشير إلى كيف أن النفط القابل للاستخراج لدى دولة غيانا يمثل نحو 4 مليارات برميل، والذي تبلغ قيمته الإجمالية بأسعار اليوم نحو 200 مليار دولار. ولكن الدولة، التي تنتج في الوقت الراهن القليل من منتجات الطاقة، سوف تحتاج ومن دون شك إلى إنشاء خطوط الأنابيب وغير ذلك من البنية التحتية الداعمة للبدء في جهود الإنتاج والتصدير.
يقول مات بلوميرث، رئيس فريق الأبحاث في عمليات الاستكشاف والإنتاج في أميركا اللاتينية لصالح مؤسسة وود ماكينزي الاستشارية: «ليس من المعتاد أن تتحرك دولة من الدول من السرعة صفر إلى 60 بمثل هذه السرعة». وتحركت الإثارة الصناعية حول غيانا من واقع التقرير الذي انتشر يعلى نطاق واسع يوم الجمعة ويقول: «إن غيانا تنضم وعلى نحو سريع إلى صفوف كبار لاعبي النفط والغاز في العالم».
وهذا الاكتشاف هو أحد أكثر الأدلة على تحول أميركا الجنوبية إلى أحد الموردين ذوي الأهمية في أسواق النفط العالمية. ولقد أصبحت البرازيل وكولومبيا بالفعل من كبار المنتجين، واتخذت الأرجنتين خطوة كبيرة في نفس الاتجاه يوم الثلاثاء الماضي عندما تعهدت شركة شيفرون وشركات نفطية دولية أخرى باستثمار ما يقرب من 5 مليارات دولار خلال العام الحالي والمزيد من المليارات عبر السنوات المقبلة في استخراج النفط الصخري من أحد الحقول في باتاغونيا ويعرف باسم حقل فاكا مويرتا، أو البقرة الميتة.
ولن تقدر شركة إكسون موبيل ولا شركة هيس كمية النفط التي عثر عليها في الحقل بالقرب من بايارا، على بعد أميال قليلة من البئر الذي حفرته شركة إكسون موبيل في حقل ليزا. حيث لا يزال في حاجة إلى المزيد من الاختبارات.
ويعد حقل بايارا جزء من كتلة تبلغ مساحتها 6.6 مليون فدان تعمل شركة إكسون موبيل على استكشافها مع شركة هيس غيانا وشركة سينوك نيكسن النفطية في غيانا، وهي من الشركات المملوكة للصين.
يقول ستيف غرينلي، رئيس شركة إكسون موبيل للتنقيب في بيان: «هذا الاكتشاف المهم يؤسس للمنطقة كإقليم مهم للاستكشافات النفطية الكبيرة». وقال جون بي. هيس، المدير التنفيذي لشركة هيس النفطية: «نعتقد أن الموارد المكتشفة مؤخرا كبيرة».
مع الشيخوخة التي أصابت حقول شركة إكسون موبيل العالمية ومصالحها الجديدة في روسيا التي تجمدت بسبب العقوبات الأميركية، فإن الاكتشافات في غيانا تحمل من الإمكانات الكثير لتضيف احتياطات كبيرة لممتلكات الشركة. وكان من المقرر أن يسافر ركس دبليو تيلرسون، المدير التنفيذي الأسبق لشركة إكسون موبيل، إلى غيانا للاجتماع مع الرئيس ديفيد إيه. غرانغر، ولكن الرحلة قد ألغيت عندما أعلن عن ترشيحه لشغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية.
ولكن بالنسبة لشركة هيس، التي لديها احتياطات أقل من شركة إكسون موبيل، فإن غيانا تعتبر من الرهانات الكبيرة مع المكاسب الهائلة المحتملة.
ولقد أعلنت شركة هيس عن حملة جريئة لاستكشاف النفط وميزانية إنتاج بقيمة 2.25 مليار دولار خلال العام الحالي، وهي زيادة بمقدار 18 في المائة عن العام الماضي. ومن هذا المبلغ، هناك 475 مليون دولار سوف تذهب إلى تنمية الحقول في غيانا. ولم تعلن شركة إكسون موبيل عن استثماراتها، ولكن الخبراء يقدرون الكمية بأنها سوف تتجاوز 500 مليون دولار بقليل. ولقد نفذت الشركة أعمال الحفر في خمس آبار استكشافية قبالة سواحل غيانا، وكانت بئر واحدة منها فقط هي الجافة تماما.
وأكد المسؤولون في شركة إكسون موبيل أن حقول ليزا وبايارا قريبين من بعضهما البعض ولكن المستودعات النفطية في كل حقل غير متصلة، مما يشير إلى أنه قد تكون هناك حقول أخرى غير مكتشفة في المنطقة الشاسعة غير المكتشفة من المياه الإقليمية في غيانا. وقال الناطق الرسمي باسم شركة إكسون موبيل: «نحن متحمسون للعثور على حقل ثان يخبرنا بأن حقل ليزا ليس هو الحقل الوحيد الموجود هنا».
واستكشفت شركات النفط اثنين فقط من نحو 20 حقلا محتملا في المياه الإقليمية لغيانا، وبعض منها في المياه التي تطالب بها فنزويلا. وقارن بعض المحللين بين إمكانات غيانا وإمكانات أنغولا في المجال النفطي، وهي إحدى الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدر للنفط (أوبك)، وهي ثاني أكبر الدول المنتجة للنفط في جنوب الصحراء الأفريقية بعد نيجيريا.
وتعتبر جهود الاستكشاف النفطي في غيانا جزءا من التعافي العالمي البطيء للصناعات النفطية، والتي تعثرت بسبب الانهيار العالمي في أسعار النفط. وبعد ارتفاع الأسعار لما هو أعلى من 100 دولار للبرميل بقليل خلال السنوات الأخيرة، انخفضت الأسعار أدنى من 30 دولارا للبرميل قبل عام واحد، وتبدأ الآن في الزيادة قليلة عن 50 دولارا للبرميل.
وعلى مستوى الصناعة، من المتوقع لاستثمارات الاستكشاف والإنتاج أن ترتفع بنسبة 3 نقاط مئوية خلال العام الجاري مقارنة مع المستويات المنخفضة المسجلة العام الماضي، وصولا إلى ما يقرب من 450 مليار دولار. ولكن مع التحسينات التقنية وانخفاض تكاليف الإنتاج في السنوات الأخيرة، يمكن إنتاج المزيد من النفط ومع أقل التكاليف.
في السنوات الأخيرة، كانت وزارة الخارجية تحاول إعداد غيانا لمواجهة إمكاناتها كدولة نفطية محتملة من خلال برنامج يقدم المشورة للحكومة حول كيفية صياغة اللوائح البيئية، والترتيبات المالية، وغير ذلك من أشكال الرقابة الحكومية.
وحذر خبراء البيئة من أن الدخول في مشروع غيانا النفطي سوف يخلق تضاربا في المصالح بالنسبة للسيد تيلرسون إذا ما وافق مجلس الشيوخ في الكونغرس الأميركي على تعيينه وزيرا لخارجية البلاد. وإذا ما أصدر الكونغرس موافقته، فلقد تعهد السيد تيلرسون بالنأي بنفسه عن أي قرار من شأنه التأثير على شركة إكسون موبيل لعام كامل، والتشاور مع مسؤولي الأخلاقيات المهنية في وزارة الخارجية الأميركية حول هذه المسألة في وقت لاحق.

* خدمة «نيويورك تايمز»



ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».