جمعية الفيلم المصرية توزّع جوائزها السنوية

ثلاثة أجيال وامرأتان... وجملة مواضيع مختلفة

لقطة من الفيلم المتسابق «اشتباك» لمحمد دياب
لقطة من الفيلم المتسابق «اشتباك» لمحمد دياب
TT

جمعية الفيلم المصرية توزّع جوائزها السنوية

لقطة من الفيلم المتسابق «اشتباك» لمحمد دياب
لقطة من الفيلم المتسابق «اشتباك» لمحمد دياب

لمسابقتها السنوية المعتادة، اختارت إدارة «جمعية الفيلم» في مصر ثمانية أفلام كانت عرضت في العام الماضي لكي يتم اختيار أحدها ومنحه الجائزة الأولى في الحفلة التي ستقام في الحادي عشر من فبراير (شباط) المقبل.
التقليد قديم والمناسبة الحالية تحمل رقم 43 والهدف منه الاحتفاء بجهود العاملين في السينما المصرية في كل جوانب وأقسام العمل الرئيسية.
وكان مهرجان الجمعية المذكورة منح في العام الماضي جوائز دلّت على حسن ودقّة فرزه لمن يستحق، وذلك بمنحه فيلما فنيًا خالصًا، لم ينجز أي نجاح يذكر في عرض تجاري ما، جائزتها كأفضل فيلم وهو «باب الوداع» الذي نال مخرجه الشاب كريم حنفي جائزة أفضل إخراج، في حين فاز زكي عارف وراجح داود بجائزتي التصوير والموسيقى عن هذا الفيلم.
يلاحظ هذا العام أن التنويع ربما أكثر حضورًا هذه المرّة بين الأفلام التي تتنافس لخطف هذه الجائزة الوطنية، التي من بينها آخر فيلم حققه المخرج محمد خان، وهو «قبل زحمة الصيف» وبموازاته أفلام «نوارة» لهالة خليل، و«هيبتا: المحاضرة الأخيرة» لهادي الباجوري، و«الماء والخضرة والوجه الحسن» ليسري نصر الله، و«يوم للستات» لكاملة أبو ذكري، و«زي عود الكبريت» لحسين الإمام، و«اشتباك» لمحمد دياب. وبنظرة أفقية عامّة تبرز عدة ملاحظات أخرى، من بينها أن هناك فيلمين اثنين لمخرجين غادرا الدنيا منذ حين. فحسين الإمام توفي قبل نحو عامين مباشرة بعد إنجاز فيلمه «زي عود الكبريت» الذي كان فيلمه الأول بصفته مخرجا (بعد سنوات من الكتابة الموسيقية والتمثيل)، ومحمد خان كان توفي في منتصف السنة الماضية بعد أشهر قليلة من تحقيقه «قبل زحمة الصيف».
كذلك هناك ثلاثة مستويات حين النظر إلى الأجيال المشاركة، ما يدل على أن أعضاء الجمعية لا يقيّمون الأفلام تبعًا لأي أجندة باستثناء أجندة صلاحيتها؛ فمحمد خان من المخرجين المخضرمين في المهنة (أكبرهم سنا وأكثر المتسابقين تحقيقًا للأفلام) (24 فيلما)، وكاملة أبو ذكري ويسري نصر الله وهالة خليل من جيل متوسط نسبيًا، بينما ينتمي محمد دياب وهادي الباجوري لأحدث صف بين المخرجين.
أما حسين الإمام فهو حالة منفردة لكونه أخرج فيلمه «زي عود الكبريت» قبل عامين لكنه انتمى، سنا، لجيل سابق.
اثنان من المخرجين، كما يلاحظ، من الإناث، هما كاملة أبو ذكري وهالة خليل، وخمسة من الأفلام من توزيع شركة «ماد سوليوشن» المتخصصة في توزيع الأعمال السينمائية ذات الطابع الفني، وهي «اشتباك»، و«هيبتا: المحاضرة الأخيرة»، و«يوم للستات»، و«زي عود الكبريت»، و«قبل زحمة الصيف».
وهناك من بين الجوائز، واحدة للعمل الأول، وأخرى للسيناريو، وأخرى للتمثيل والموسيقى والتصوير والتوليف، ما يقرّب الصورة لمنهج قائم في كثير من دول العالم التي توزع جوائز سنوية باعتبار ذلك تقليدا للاحتفاء بسينماتها المحلية.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.