في يناير (كانون الثاني) من كل سنة، تتحول بلدة دافوس إلى وجهة زعماء العالم وأثريائه وخيرة الأكاديميين والصحافيين. ومن 11 ألف نسمة، يصبح عدد ساكني هذا المنتجع الترفيهي أعلى جبال الألب السويسرية نحو 30 ألفًا لمدة أسبوع واحد بمناسبة المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يجمع قادة العالم وكبار مسؤوليه لعقد سلسلة من الاجتماعات والنقشات التي تتناول مشاريع تهدف إلى «جعل العالم مكانًا أفضل».
وبالإضافة إلى كونه وجهة حصرية ومختارة لنخبة العالم، فإن المنتدى الاقتصادي العالمي هو أحد أكثر التجمعات أمنًا في العالم. بهذا الصدد، أكد توماس أبيغلين، وهو متحدث باسم الحكومة السويسرية لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة الفيدرالية، وسلطات مقاطعة غراوبندن، والشرطة والقوات المسلحة تنسق لضمان أمن المشاركين في المنتدى.
وسيكلف تأمين المنتدى السلطات السويسرية ودافعي الضرائب نحو 36.7 مليون دولار أميركي، تنقسم إلى جزئين؛ وفق المتحدث. الجزء الأول تتحمله السلطات السويسرية والمنتدى الاقتصادي العالمي، ويصل إلى أكثر من 9 ملايين فرانك سويسري، أي نحو 8.7 مليون دولار. أما الجزء الثاني فتتحمله وزارة الدفاع، ويتعلق بكلفة نشر الجنود على الأرض في دافوس، والتي تصل إلى 28 مليون فرانك سويسري (27.9 مليون دولار).
أما عن حجم الإجراءات الأمنية المتخذة، فأوضح المتحدث أنها لا تختلف بشكل كبير عن السنتين الماضيتين، إذ إن السلطات السويسرية رفعت مستوى التأهب الأمني عام 2014، بعد اعتداء العاصمة الفرنسية باريس.
وتصبح بلدة «دافوس» في ظل هذه الإجراءات الأمنية المشددة أشبه بالقلعة المحصنة، حيث تبدو الأسلاك الشائكة محيطة بمداخلها، ومجالها الجوي مغلق، ورجال الأمن يكونون مسلحين ومنتشرين في شوارعها.
وبالإضافة إلى منع المرور في الشوارع الرئيسية ووضع نقاط تفتيش خارج كل قاعة اجتماع، فإنه يتعين على الحاضرين المرور من خلال بوابات إلكترونية، والخضوع للتفتيش من قبل حراس مسلحين، وتحت أعين قناصة محترفين قبل الدخول لقاعة المؤتمرات الرئيسية، وعند كل فندق يستضيف حفلات ودورات نقاش.
إلى ذلك، يلعب التنظيم دورًا أمنيًا بامتياز، إذ إن لون شارات المشاركين تتيح لهم - أو تمنعهم - من دخول مقار محددة.
في المقابل، فإن المنتدى الاقتصادي العالمي يدر أرباحًا قدرت في السنة المالية 2015 - 2016 بنحو 228 مليون فرنك سويسري. وفي عام 2015، فإن المنتدى خلق دخلاً يقدر بنحو 50 مليون فرانك لبلدة دافوس، و79 مليونًا لباقي البلاد.
ويعتمد الاجتماع السنوي على تقسيم نوعيات الحضور وفق لون الشارة التي يحملها كل شخص، والتي تشير إلى أهميته في المنتدى ومنصبه. فالشارات «البيضاء» مثلاً تعني أن حاملها مسموح له بحضور أي اجتماع رسمي واستخدام جميع مرافق المنتدى. في حين خصصت 500 شارة «برتقالية» اللون للصحافيين والمصورين المكلفين بتغطية الحدث، إلا أنه من غير المسموح لهم حضور بعض الحفلات، وهناك شارات بألوان أخرى مثل «الأرغواني»، وتعني أن حاملها من العاملين بالدعم الفني، لكن وجودهم مقتصر على أماكن محددة.
كما أن هناك تقسيمات أخرى أكثر تعقيدًا تضيفها الفنادق المحلية مثل فندق «بلفيدير»، و«إنتركونتيننتال» التي تبيع شاراتها الخاصة للمصرفيين والمستشارين الذين يتوافدون على دافوس لعقد الصفقات والحصول على زبائن من خلال المؤتمر؛ وإن كان من غير المسموح لهم حضور المؤتمر نفسه. وبالنسبة لتلك الفئة، فمكان إقامتهم هو تلك الفنادق، ويعملون على تأجير غرف فندقية لعقد الاجتماعات التجارية نهارا، والسهر ليلا.
أما عن المظاهرات التي تعتبر المنتدى فرصة ذهبية للدفع بقضيتها، فإن السلطات تسمح بها شريطة الحصول على ترخيص قبل 48 ساعة من انطلاق المنتدى. وفي السنوات الماضية، فقد كان المؤتمر هدفًا لمحتجين على صلة بحركة «أوكوباي»، وتعني احتلال؛ والتي ظهرت في وول ستريت. فيما ألقي القبض عام 2013، على أعضاء حركة «فيمين» النسائية الأوكرانية بعد قيامهن بعمل مسيرة عارية الصدر.
ولا يقتصر هذا الحدث السنوي الذي تعتبره المنابر الإعلامية أغلى اجتماعات العالم من حيث الكلفة، على الاجتماعات والمؤتمرات الرسمية، إذ تعقد سلسلة من اللقاءات على الهامش تشمل مفاوضات غير رسمية واحتفالات وحفلات عشاء ونزهات.
37 مليون دولار تحول «دافوس» إلى قلعة محصنة
الإجراءات الأمنية تشمل نشر القوات والقناصة و«إغلاق الجو»
37 مليون دولار تحول «دافوس» إلى قلعة محصنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة