برنامج «سكني» يقلب موازين قطاع العقارات السعودي ويجعل 2017 استثنائيًا

مختصون: محاصرة السوق بالقرارات والمنتجات ستغلق منافذ التضخم

توقعات واسعة بأن يلقي الإطلاق الأولي لدفعات برنامج «سكني» في السعودية بظلاله الإيجابية على حركة السوق وفروعها («الشرق الأوسط»)
توقعات واسعة بأن يلقي الإطلاق الأولي لدفعات برنامج «سكني» في السعودية بظلاله الإيجابية على حركة السوق وفروعها («الشرق الأوسط»)
TT

برنامج «سكني» يقلب موازين قطاع العقارات السعودي ويجعل 2017 استثنائيًا

توقعات واسعة بأن يلقي الإطلاق الأولي لدفعات برنامج «سكني» في السعودية بظلاله الإيجابية على حركة السوق وفروعها («الشرق الأوسط»)
توقعات واسعة بأن يلقي الإطلاق الأولي لدفعات برنامج «سكني» في السعودية بظلاله الإيجابية على حركة السوق وفروعها («الشرق الأوسط»)

تدخل السوق العقارية السعودية منعطفًا جديدًا، مع كشف وزارة الإسكان مؤخرًا نيتها توفير أكثر من 280 ألف منتج سكني كخيارات متعددة غير ربحية، فيما أكد مهتمون بالشأن العقاري، أن طرح الوزارة خيارات تملك، خيار ممتاز، من شأنه أن يضغط بشكل مباشر على الأسعار التي تشهد تضخمًا كبيرًا تجاوز الـ100 في المائة في أقل من عقد، ما سيخضعها للانخفاض بما يزيد عن 25 في المائة.
وتوقعوا أن يلقي الإطلاق الأولي لدفعات برنامج «سكني» الذي يشمل توفير وحدات سكنية وأراض مطورة وقروض سكنية مدعومة، بظلاله على حركة السوق وفروعها، وأن يشكل خيارات أوسع في تملك المواطنين للمساكن.
وأكد المستثمر العقاري حمد الدوسري، أن إعلان الوزارة مؤخرًا عن حزمة المنتجات أتى في وقته تمامًا، إذ ستشكل ضغطًا كبيرًا على القطاع يضاف إلى رسوم الأراضي البيضاء ما يؤدي لانخفاض الأسعار بشكل أكبر، وإغلاق جميع منافذ التضخم، معتبرًا أن عام 2017 سيشهد الكثير من المفاجآت، مرجحًا خروج عدد من المطورين العقاريين من السوق خصوصًا الذين لا يزالون يعملون بالخطط والأسعار القديمة.
وأضاف أن هذه المشاريع الحكومية الضخمة لها أثر مهم على القطاع العقاري، وستزيد الضغط على الأسعار كي تتراجع وتتماشى مع أسعار المنتجات الحكومية التي ستكون لها كلمة كبيرة في القطاع العقاري عبر الإسكان التنموي غير الربحي، مشيرًا إلى أن العدد الكبير للمنتجات المعلن سيقتطع جزءًا كبيرًا من الطلب خصوصًا أن المشروع على مراحل، وسيحدث نجاحه تغييرًا جذريًا في قيمة وحال السوق بشكل لا يمكن تخيله نظرًا لتكامل عناصر الانخفاض.
وكانت وزارة الإسكان أعلنت أول برامجها ضمن «برنامج التحول الوطني 2020»، وأعلنت الوزارة إطلاق أولى دفعات برنامج «سكني» الذي يتضمّن 280 ألف منتج سكني وتمويلي للتخصيص والتسليم في جميع المناطق السعودية، موضحة أن المنتجات تشمل 120 ألف وحدة سكنية بالشراكة مع القطاع الخاص متنوعة المساحات بحسب معايير الدخل وعدد أفراد الأسرة، على أن يتم تخصيصها خلال العام الجاري ابتداء من الشهر المقبل، وتسليمها خلال مدة أقصاها 3 أعوام، وكذلك 75 ألف أرض سكنية جاهزة للبناء، إضافة إلى 85 ألف دعم تمويلي مدعوم التكاليف من الدولة، وذلك بالشراكة بين صندوق التنمية العقارية والبنوك والمؤسسات التمويلية.
إلى ذلك، أكد عبد الرحمن النجار الذي يدير شركة متخصصة للاستشارات العقارية، تميز البرنامج الذي طرحته الوزارة ويشمل توفير 3 خيارات هي وحدات سكنية وأراض مطورة وقروض مدعومة، وتنويع الخيارات للمستفيد بما يتوافق مع قدراته واحتياجه، لافتًا إلى أن السوق ستشهد انخفاضا كبيرًا في الأسعار تزيد عن 25 في المائة على أقل تقدير خلال العام الحالي، بشرط أن تترجم المشاريع التي أعلنت على أرض الواقع وأن تكون متاحة عندها ستجبر الأسعار على العودة إلى طبيعتها مرة أخرى.
وقال النجار: «نفتقد كثيرًا مثل هذه المشاريع غير الربحية، في الوقت الذي تعاني فيه السوق من ارتفاع أسعار العقار إلى درجة لا يستطيع معظمهم مجاراتها، وبالتأكيد فإن دخول مثل هذه المنتجات إلى السوق بأعداد كبيرة، من شأنه إعادة بلورة السوق من جديد وفتح صفحة جديدة في ملف الإسكان»، مبديًا تفاؤله بشأن العقار السعودي الذي يمر بمرحلة تصحيح شامل.
ولفت إلى أن المطورين العقاريين سيستفيدون بشكل كبير من هذه القرارات مستقبلاً عبر توفر الأراضي الرخيصة والتكلفة البسيطة، وستكون المعادلة ربح قليل وكمية كبيرة من العمليات، وليس ربح كثير من عدد بسيط من العمليات كما كان يحدث مؤخرًا.
وكان وزير الإسكان كشف في المؤتمر الصحافي الخاص بإطلاق برنامج «سكني» عن حجم الاستثمار في المنتجات السكنية والتمويلية البالغة 280 ألف منتج، يصل إلى 119.5 مليار ريال (31.86 مليار دولار)، بما ينتج نحو 562 مليار ريال (149.86 مليار دولار) كعائدات على اقتصاد المملكة، فيما ستسهم هذه المنتجات في توليد نحو 47.820 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، كما أن القيمة المضافة على الاقتصاد ستكون نحو 335 مليار ريال (89.33 مليار دولار)، الأمر الذي يأتي تماشيا مع أهداف الرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحوّل الوطني 2020. وقال الحقيل: تأتي هذه المنتجات السكنية والتمويلية رافدة لمجموعة من البرامج والمبادرات التي تم إطلاقها مسبقًا سعيًا إلى رفع نسبة التملّك السكني، وتحقيق مزيد من الرفاه والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لجميع المواطنين، إضافة إلى تحقيق التوازن الأمثل بين العرض والطلب في سوق الإسكان.
من جهته، أكد المستثمر العقاري عبد الله العليان، أن المستثمرين العقاريين سيعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات، كما أن هناك انخفاضا كبيرًا على الطلب في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة بكل قوتها في مجال دعم تملك المنازل، مبينا أن المواطنين يتريثون في الشراء في الوقت الحالي إلى حين توضيح ما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ بعض المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم.
وأضاف أن الإجراءات الحكومية الأخيرة ستثري ميزان العرض الذي يمر بمرحلة انخفاض كبيرة مقارنة بالطلب الذي يفوق قدرة غالبية المواطنين، لافتًا إلى أن السوق بحاجة ماسة لمثل هذه المشاريع لترغم الأسعار على الانخفاض، متمنيًا أن يتم اعتماد مشاريع مشابهة بشكل مكثف، رابطًا انخفاض الأسعار بمدى الضغط الحكومي على القطاع العقاري عبر طرح مثل هذه المنتجات التي تكبح الأسعار وتعيدها إلى معدلها الطبيعي. وأشار إلى أن الدخول مع الحكومة كمطور عقاري هو السيناريو المفضل بالنسبة إلى المطورين العقاريين الذين سيجدون صعوبة كبيرة في منافسة المشاريع الحكومية التنموية.
وكان ماجد الحقيل وزير الإسكان السعودي أكد أنه سيتم تخصيص 120 ألف وحدة سكنية متنوعة المواصفات والمساحات بشكل شهري خلال عام وتسليمها خلال 3 أعوام بالشراكة مع القطاع الخاص من تاريخ التخصيص، وتسليم 75 ألف أرض سكنية في مدن عدة، وإصدار 85 ألف دعم تمويلي من صندوق التنمية العقارية خلال عام بالتعاون مع البنوك والمؤسسات التمويلية، سيسهم في الإيفاء بنسبة عالية من الطلب السكني على مستوى السعودية، لافتًا إلى أن تخصيص المنتجات سينطلق ابتداء من 15 فبراير (شباط) المقبل، وسيكون ضمن آلية منظمّة وعادلة ومتوازنة تخضع لمجموعة من المعايير على مستوى جميع المناطق، على أن يتم إعلان أسماء المستحقين شهريًا عبر بوابة «سكني».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».