عباس يفتتح السفارة الفلسطينية في الفاتيكان ويعتبر مؤتمر باريس الفرصة الأخيرة للسلام

حذر ترامب من أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس قد يدفع الفلسطينيين لسحب الاعتراف بإسرائيل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء افتتاحه السفارة الفلسطينية في الفاتيكان أمس (إ ب أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء افتتاحه السفارة الفلسطينية في الفاتيكان أمس (إ ب أ)
TT

عباس يفتتح السفارة الفلسطينية في الفاتيكان ويعتبر مؤتمر باريس الفرصة الأخيرة للسلام

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء افتتاحه السفارة الفلسطينية في الفاتيكان أمس (إ ب أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء افتتاحه السفارة الفلسطينية في الفاتيكان أمس (إ ب أ)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن «اعتراف المزيد من دول العالم بدولة فلسطين سيقرب تحقيق السلام»، لكنه حذر في كلمة مقتضبة أثناء افتتاحه سفارة دولة فلسطين في الفاتيكان من نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، لأن ذلك سينهي ويدمر العملية السلمية، حسب تعبيره.
واجتمع الرئيس عباس لنحو 20 دقيقة مع البابا فرنسيس الذي استقبله بحرارة، وتبادلا الهدايا، حيث قدم عباس للحبر الأعظم حجرة من كنيسة القيامة في القدس بحسب غريغ بورك، مدير المكتب الإعلامي للكرسي الرسولي.
وإثر ذلك عبر الفاتيكان في بيان عن «الأمل في استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين من أجل وضع حد لأعمال العنف التي تسبب آلاما للسكان المدنيين لا يمكن القبول بها، وبغية التوصل إلى حل عادل ودائم».
وأضاف البيان أن الجانبين عبرا عن تمنياتهما بأن يتم اتخاذ إجراءات بدعم من المجموعة الدولية تسهم في «تعزيز الثقة المتبادلة، وفي خلق أجواء تسمح باتخاذ قرارات شجاعة من أجل السلام».
ويعد هذا اللقاء الخاص هو الثالث بين البابا وعباس بعد الزيارة التي قام بها الحبر الأعظم لإسرائيل والأراضي المحتلة في 2014 وزيارة الرئيس الفلسطيني للفاتيكان في 2015.
وكانت العلاقات بين الفاتيكان والسلطة الفلسطينية قد تجاوزت مرحلة جديدة في 2015 مع توقيع اتفاق أدى إلى فتح سفارة فلسطينية في الفاتيكان. وتم التوصل إلى الاتفاق بعد عامين على اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين، ما أثار غضب إسرائيل التي استاءت لتوصيف البابا لعباس بأنه «ملاك السلام» خلال لقائهما في مايو (أيار) 2015.
وقبل أن يرفع العلم الفلسطيني فوق مبنى السفارة الجديد، قال عباس في رد على سؤال حول إمكانية نقل السفارة الأميركية إلى القدس: «نتمنى أن يكون ذلك غير صحيح، لأن ذلك سيعرقل عملية السلام. ونحن ندعو الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى فتح حوار بيننا وبين الإسرائيليين من أجل السلام».
وكان ترامب الذي سيتسلم مهامه رسميا في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي قد وعد أثناء حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وقد أكد مستشاروه ذلك بعد فوزه في الانتخابات من دون أي مؤشرات للتراجع.
ويمثل وعد ترامب بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس تغييرا في السياسة الأميركية المتبعة منذ عقود، والتي تستند إلى قرارات الشرعية الدولية فيما يخص القدس باعتبارها محتلة. وفيما تقول إسرائيل إن القدس عاصمتها الموحدة والأبدية، يريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية.
وقال عباس في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية إن «نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس من شأنه القضاء على عملية السلام، وقد يدفع الفلسطينيين للتراجع عن الاعتراف بدولة إسرائيل»، وأضاف عباس محذرا «لقد كتبت إلى الرئيس ترامب لكي أطلب منه عدم القيام بذلك. فهذا لن يحرم فقط الولايات المتحدة من أي شرعية للعب دور في حل النزاع، لكنه سيقضي على حل الدولتين... وستكون أمامنا خيارات عدة سنبحثها مع الدول العربية».
وحول طبيعة هذه الخيارات أردف عباس موضحا «التراجع عن اعترافنا بدولة إسرائيل سيكون إحداها. ولكن نأمل ألا نصل إلى ذلك، وأن نستطيع بالمقابل العمل مع الإدارة الأميركية المقبلة».
وجاءت تصريحات عباس بعد يوم من تسليم صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رسالة إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مرسلة من عباس إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يطلب منه التدخل شخصيا لمنع ترامب من تنفيذ وعده.
وتحرك عباس نحو روسيا بعد أن تلقى تأكيدات الأسبوع الماضي من رجال أعمال أميركيين بنية ترامب تنفيذ وعده.
وكان عباس قد اجتمع في الثاني من يناير الحالي في رام الله بالملياردير الفلسطيني عدنان مجلي، الذي يملك شركات في الولايات المتحدة، والملياردير اليهودي الأميركي دانييل أربس الذي يعد مقربا من صهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي يتوقع أن يستلم منصبا رفيعا في البيت الأبيض في الإدارة الجديدة. وخلال هذا اللقاء قال أربس لعباس إن ترامب جدي بشأن قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
ويعتقد عباس، الذي أبلغ وفدا إسرائيليا قبل أيام أنه لا يعتقد أن ترامب سينفذ وعده في نهاية الأمر، أن مثل هذه الخطوة ستكون مدمرة حتى للعلاقات الفلسطينية - الأميركية.
ووسط هذه الأجواء المليئة بالترقب يتطلع الفلسطينيون منذ الآن لدور روسي فاعل وأقوى، وربما يكون بديلا للدور الأميركي في عملية السلام، خصوصا بعد مؤتمر باريس الذي يأمل الفلسطينيون أن يفرز لجنة دولية لمتابعة المفاوضات، ويقولون إن عهد المباحثات الثنائية برعاية أميركية ولى إلى الأبد بعد تجربة دامت أكثر من 20 عاما.
وتجتمع اليوم أكثر من 70 دولة في باريس لتأكيد أن حل الدولتين يشكل الحل الوحيد لتسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
وفي هذا السياق وعد عباس أن مؤتمر باريس «ربما يكون الفرصة الأخيرة لتنفيذ» حل الدولتين، إذ قال لصحيفة «لو فيغارو» الفرنسية: «نحن كفلسطينيين نقول كفى، فبعد 70 عاما من المنفى و50 عاما من الاحتلال يجب أن يكون 2017 عام العدالة والسلام والحرية لشعبنا».
وينتظر بحسب تسريبات إسرائيلية وفلسطينية أن يؤكد مؤتمر باريس على حل الدولتين وعدم الاعتراف بأي تغييرات على حدود 1967 بما في ذلك القدس وإدراجها ضمن الملفات التي يجب الاتفاق عليها ضمن الحل النهائي في مفاوضات بين الطرفين.
وأشاد عباس بدور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والحكومة الفرنسية «في تنظيم المؤتمر الدولي» المرتقب اليوم في باريس بمشاركة 70 دولة لبحث سبل التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط، وقال إنه يدعو كل المشاركين إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لتطبيق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
علما بأن وضع القدس يشكل واحدة من أكبر القضايا الشائكة لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.