أعادت مؤسسة «مورغان ستانلي» تقييم توقعاتها بالنسبة للنمو الاقتصادي في تركيا، وخفضت توقعاتها للنمو خلال الفترة بين عامي 2016 و2018، بعد مراجعات هيئة الإحصاء التركية لشهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وخفّضت المؤسسة توقعات النمو في تركيا لعام 2016 من 2.7 في المائة إلى 2.2 في المائة، كما خفّضت توقعات النمو للعام الحالي من 2.6 في المائة إلى 2.3 في المائة، في حين رفعت توقعات النمو للعام المقبل 2018 من 2.4 في المائة إلى 3.2 في المائة.
كانت الحكومة التركية قد خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي في 2016 إلى حدود 2.9 في المائة، مقابل 4.5 في المائة من قبل.
في الوقت نفسه، ارتفع عجز الحساب الحالي في تركيا إلى 2.27 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة مع 2.24 مليار دولار في الشهر نفسه من العام السابق.
وسجل الحساب الحالي العجز الرابع عشر على التوالي، والأكبر منذ يوليو (تموز)، لكن دون توقعات السوق التي أشارت إلى عجز قدره 2.7 مليار دولار.
وانخفض العجز في حساب البضائع إلى 2.89 مليار دولار، كما انخفض عجز ميزان الدخل الأولي إلى 0.48 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، انخفض فائض حساب الخدمات إلى مليار دولار، وتراجع فائض الدخل الثانوي إلى 0.09 مليار دولار.
وخلال الـ11 شهرًا الأولى من عام 2016، ارتفع عجز الحساب الحالي إلى 28.58 مليار دولار، من 27.21 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2015.
يأتي ذلك فيما تواصل الليرة التركية تراجعها الحاد أمام الدولار واليورو، وسط أجواء قلق بين المستثمرين بشأن الآفاق السياسية والاقتصادية للبلاد.
وأصدر البنك المركزي التركي بيانًا قال فيه إنّ مسؤولي البنك يراقبون تحركات الأسواق المحلية عن كثب، وسيتدخلون عندما يقتضي الأمر ذلك. وأوضح البيان أنّه بإمكان البنك المركزي الإقدام على خطوات إضافية من أجل تثبيت الأسعار، وتحقيق الحماية اللازمة للاستقرار التمويلي في البلاد.
وهبطت الليرة التركية 2.5 في المائة مقابل الدولار، أمس (الأربعاء)، إذ أدت أجواء القلق بين المستثمرين بشأن الآفاق السياسية والاقتصادية للبلاد إلى تفاقم خسائر العملة إلى أكثر من 9 في المائة منذ بداية العام الحالي.
وسجلت الليرة مستوى منخفضًا قياسيًا عند 3.9850 ليرة للدولار، قبل أن تنتعش قليلاً إلى 3.8691 ليرة بحلول الساعة 05:33 بتوقيت غرينتش. كما هبطت إلى مستوى قياسي عند 4.1089 ليرة مقابل اليورو بعد أن أغلقت، أول من أمس (الثلاثاء)، عند 3.9971 ليرة.
وعاودت الليرة تراجعها في ختام تعاملات اليوم لتهبط إلى 3.997، وكانت قد فقدت ربع قيمتها تقريبًا أمام الدولار منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو الماضي.
ولم تجد محاولة البنك المركزي التركي لوقف تراجع قيمة الليرة أمام الدولار الذي حطم رقمًا قياسيًا جديدًا.
وطرح البنك 1.5 مليار دولار إضافية في الأسواق، الثلاثاء، في محاولة للحد من التراجع الحاد لليرة.
ومع هبوط الليرة إلى مستوى قياسي جديد، أصبح أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة الكبرى أمام الدولار الأميركي، يرى المحللون أن رفع أسعار الفائدة هو الخيار الوحيد أمام البنك المركزي، لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يعارض بشدة رفع أسعار الفائدة، وترفض الحكومة اتخاذ أي خطوة من شأنها الإضرار بالنمو الاقتصادي.
وظاهريًا، تبدو الاحتياطيات التركية من العملة الصعبة في مستوى صحي، إذ تظهر بيانات البنك المركزي أن إجمالي الاحتياطيات بلغ نحو 106 مليارات دولار في نهاية 2016.
غير أن الذهب يمثل 14 مليارًا من هذا المبلغ، كما أن البيانات التفصيلية للرقم الإجمالي تكشف عن صورة أقل وردية من ذلك، لا سيما عند مقارنة الأرقام بحجم المبلغ الذي يتعين على تركيا سداده من ديونها الخارجية في الأشهر المقبلة.
وتقدر حسابات أجراها بنك «يو بي إس»، وبنوك أخرى في لندن وإسطنبول، بناء على بيانات البنك المركزي، أن المستوى الحقيقي للاحتياطيات القابلة للاستخدام أقرب إلى 35 مليار دولار. وقال مانيك نارين، خبير الاستراتيجية ببنك «يو بي إس»، لـ«رويترز»، إن جانبًا كبيرًا من هذا المال لا يمكن للبنك المركزي استخدامه، فجانب كبير منه احتياطيات للبنوك التجارية مودعة لدى البنك المركزي.
وقدر بناء على حساباته أن 42 مليار دولار تتمثل في ودائع احتياطية إلزامية بالعملة الصعبة أودعتها البنوك التركية لدى البنك المركزي، مقابل ما تقدمه من قروض بالدولار داخل البلاد.
وقدر أيضًا أن 16 مليار دولار أخرى تتمثل في «آلية خيارات الاحتياطيات» التي تسمح للبنوك بالاحتفاظ بجزء من احتياطياتها من الليرة بالنقد الأجنبي.
وقال نارين: «عندما تزداد سخونة الأوضاع، عليهم أن يلجأوا للدفاع التقليدي من خلال أسعار الفائدة لأن لديهم بأي مقياس واحدًا من أدنى مستويات ملاءة الاحتياطيات في الأسواق الناشئة، وسيتسببون في قدر كبير من القلق في الأسواق إذا أفرطوا في السحب من الاحتياطيات».
ومن الممكن قياس مدى كفاية الاحتياطيات بعدة وسائل؛ إحدى هذه الوسائل تتمثل في عدد الشهور التي تكفي فيها الاحتياطيات لتغطية الواردات، حيث يقدر أن الحد الأدنى الآمن هو 3 شهور.
وتبين حسابات بنك «أوف أميركا ميريل لينش» أن تركيا يمكنها أن تمول واردات تكفي 5.6 شهر، بافتراض أن مستوى الاحتياطيات يقارب 100 مليار دولار.
وتستلزم الوسيلة الثانية المبنية على قاعدة تسمى جيدوتي – جرينسبان، ألا تقل الاحتياطيات عن مدفوعات الدين الخارجي في السنة المقبلة. والمنطق وراء هذه القاعدة أن تمتلك الدول حماية كافية تتيح لها مقاومة أي توقف مفاجئ في التمويل الخارجي.
وقدر بنك «أوف أميركا ميريل لينش» أن إجمالي الدين الخارجي التركي يبلغ 421 مليار دولار، منها 107.3 مليار دولار يحل أجلها في العام المقبل. ويتساوى هذا المبلغ الأخير تقريبًا مع الرقم العام للاحتياطيات، لكنه يزيد 3 مرات عن مستوى الاحتياطيات القابلة للاستخدام.
وبهذا المعيار، تصبح ملاءة الاحتياطيات لدى تركيا أقل منها في دول مثل مصر وأوكرانيا.
ويشير محللون آخرون إلى أن تركيا دأبت على طرح دولارات في السوق، رغم أنها قد لا تتدخل في أسواق النقد.
وقال مراد توبراك، خبير الاستراتيجية التركي ببنك «إتش إس بي سي»، إن الهبوط المطرد في الاحتياطيات، الذي قدر بمبلغ 6 مليارات دولار في شهري نوفمبر وديسمبر، يجب النظر إليه في ضوء تخفيضات في متطلبات الاحتياطيات بالعملة الصعبة لدى البنوك.
وقد خفض البنك المركزي مستوى هذه المتطلبات مرة أخرى هذا الأسبوع، وقدر أن ذلك سيؤدي لضخ 1.5 مليار دولار في الأسواق.
وقال توبراك: «لذا، فإن البنك المركزي يستخدم احتياطياته لضخ سيولة دولارية في النظام».
وأضاف: «ليس بوسعنا أن نؤكد أنهم لن يتدخلوا في أسواق الصرف الأجنبي بسبب المستويات الحالية للاحتياطيات، لكن من الواضح أن الذخيرة لديهم محدودة».
وعلى أية حال، فإن آثار التدخل في أسواق العملة عادة ما تكون قصيرة العمر. فعلى الرغم من ضخامة ما طرحته المكسيك أخيرًا للبيع من الدولارات، فقد انخفض البيزو إلى مستويات قياسية يوم الجمعة، فيما يشير إلى أنه من الأفضل لتركيا أن تلجأ إلى زيادة كبيرة في أسعار الفائدة.
ومع ذلك، فقد دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ومستشاروه مرارًا إلى خفض أسعار الفائدة لتنشيط النمو الاقتصادي، بل إن البعض ردد أن زيادة كلفة الاقتراض بمثابة التآمر على الدولة.
وواصلت السلطات التركية، أمس، حملات اعتقال رجال الأعمال الموالين لحركة «الخدمة» التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، مما زاد من حالة التوتر في الأوساط الاقتصادية.
وأعلنت شركة «بانفيت»، إحدى أبرز الشركات التركية، بيع أسهمها إلى شركة «بي آر إف» البرازيلية، مقابل 915 مليون ليرة.
وأوضحت شركة «بانفيت»، الرائدة في إنتاج لحوم الدجاج والديك الرومي واللحوم الحمراء، أنه تم الاثنين توقيع اتفاقية لبيع 79.48 في المائة من إجمالي رأسمال الشركة إلى الشركة البرازيلية المنتجة للدواجن، ومركزها البرازيل، نظير مبلغ 915.06 مليون ليرة.
وحذر الرئيس الأسبق للبنك المركزي التركي دورموش يلماز من أن تراجع قيمة الليرة أمام الدولار سيؤدي إلى بيع الماركات المحلية واحدة تلو الأخرى.
{مورغان ستانلي} تخفض من توقعاتها للنمو في تركيا حتى 2018
تراجع الاحتياطي النقدي... والبنك المركزي يضطر لضخ الدولار مع هبوط الليرة
{مورغان ستانلي} تخفض من توقعاتها للنمو في تركيا حتى 2018
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة