أسبوع الموضة الرجالي في لندن خسر «بيربري» وكسب فيفيان ويستوود

مستقبله يتأرجح ما بين مخاوف «البريكست» والتفاؤل بإقبال الرجل على الموضة

من عرض دار «يو ماست كريايت»  -  من اقتراحات كريغ غرين
من عرض دار «يو ماست كريايت» - من اقتراحات كريغ غرين
TT

أسبوع الموضة الرجالي في لندن خسر «بيربري» وكسب فيفيان ويستوود

من عرض دار «يو ماست كريايت»  -  من اقتراحات كريغ غرين
من عرض دار «يو ماست كريايت» - من اقتراحات كريغ غرين

في يوم الجمعة الماضي، بدا عنوان «180 ذي ستراند» بلندن، مقر أسبوع الموضة البريطاني الجديد، كئيبا وباردا من الخارج. فالجو كان رماديا قاتما والطقس ليس في صالح من وصلوا المكان قبل العاشرة صباحًا، موعد افتتاح الأسبوع الرجالي لخريف وشتاء 2017. لحسن الحظ أن الإحساس تغير بعد دخول المبنى رغم معماره الوظيفي والصناعي، لأن وجود عمدة لندن، صادق خان فيه لافتتاحه أعطاه قوة كان في أمسّ الحاجة إليها بعد انسحاب أسماء كبيرة كانت تضخه بالبريق والأهمية، مثل «بيربري» وتوم فورد و«كوتش» الأميركية. فالأزمة الاقتصادية ثم تغير ثقافة الموضة، بدمج العروض النسائية والرجالية مع بعض، أصابت الأسبوع بوعكة ملموسة. ففي السنوات الأخيرة لاحظنا تفاؤلا متزايدا بمستقبل القطاع الرجالي تجسد في إطلاق عدد من مجلات الموضة الرجالية ومستحضرات تجميل خاصة بالجنس الخشن فضلا عن ولادة أسابيع موضة جديدة في عواصم عالمية على رأسها لندن ونيويورك. لكن اكتشف الجميع أخيرًا بأنهم اندفعوا في هذا التفاؤل، وبدأت الظروف الحالية تُحتم عليهم فرملة حماسهم.
الطريف أن عمدة لندن صادق خان لم يُعبر عن هذا الأمر لا من بعيد ولا من قريب، وكان خطابه حماسيا لم يبخل فيه بالمديح لا على قطاع الموضة ولا على منظمة الموضة البريطانية، إلى حد أنه بالغ بالقول إن الأسبوع اللندني سحب السجاد من كل من «ميلانو» و«باريس»، الأقدمين تاريخًا. ما كان محقًا فيه أن لندن لا تزال مهد الإبداع وتفريخ المواهب الصاعدة والواعدة بلا منازع، وهو ما أكدته العروض طوال الأسبوع. فهذا واقع لم تؤثر عليه لا الأزمة ولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لحد الآن. والنتيجة أن قوة الموضة من الناحية الاقتصادية لم تضعف بعد، حسب قول صادق خان: «فهي لا تزال صناعة توظف 800 ألف شخص في بريطانيا، وهو أكبر رقم من بين كل المجالات الإبداعية، كما تصب ما لا يقل عن 28 مليار جنيه إسترليني في خزينة الاقتصاد البريطاني»، مُعربًا عن سعادته بدعمه المادي للمصممين الشباب.
بدوره أكد ديلان جونز، الرئيس التنفيذي للأسبوع الرجالي ورئيس تحرير مجلة «جي كيو» على أهمية لندن في مجال الموضة، لافتًا الانتباه إلى أن تناقضاتها، بين المتمرد والكلاسيكي، هي التي تعطيها نكهتها الخاصة وتميزها عن غيرها مشيرًا: «لهذا ليس غريبا أن تكتسب قوة أكبر كمركز للإبداع في الستة أشهر الأخيرة».
المتابع لأسابيع الموضة بلندن يعرف أنه على حق، فتفردها يتلخص فعلاً في تناقضاتها، أو بالأحرى احتضانها لكل الأساليب والمواهب على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم وأعمارهم. فإلى جانب عراقتها في التفصيل الرجالي، وهو ما يشهد عليه شارعها العريق «سافيل رو» الذي يتمركز فيه أهم خياطي العالم، هناك جنوح نحو الفني يخض التابوهات والتقاليد وتشجع عليه معاهدها الشهيرة.
صحيح أن هذا الجنوح بدأ يخضع لمتطلبات السوق والتسويق في السنوات الأخيرة، إلا أنه لم يصل إلى حد تكبيل خيالهم ولا الحد من غرفهم من ثقافة الشارع. ثقافة طبعها هذا الموسم الأسلوب «السبور» الذي كان عنوانا لكثير من العروض، وكان واضحًا أنه يتوجه لشرائح الشباب بكل لغات العالم. أما احترام التقاليد فلم يظهر في البدلات والمعاطف المفصلة فحسب، بل أيضًا في إعادة إحياء بيوت أزياء قديمة مثل «برايفت وايت في سي» من قبل رجل الأعمال نيك آشلي، ودار «إي توتز» من قبل باتريك غرانت، إضافة إلى استثمار كثير من المصممين الآخرين في معامل بريطانية على أمل الإبقاء على صناعة الموضة البريطانية منتعشة، ربما استباقا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد تفعيل البند 50.
في خطابه الافتتاحي، لم يغفل صادق خان الإشارة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما كانت له دلالاته، لأن معظم صناع الموضة، 90 في المائة من بين 290 منهم، كانوا مع البقاء، وأعربوا دون تحفظ عن رفضهم وخوفهم من تأثيرات «بريكست» السلبية على صناعة الموضة. صادق خان كان معهم طوال الحملة، لكنه، مثل الجميع، أذعن لنتيجة الاستفتاء قائلا لـ«رويترز»: «علينا أن نلتزم بالنتائج ونعمل على ضمان أن يصب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مصلحة قطاع الموضة ومصلحة بلدنا أيضًا». لكن هذا لا يمنع أن التخوفات من المستقبل القريب لا تزال قائمة، فشهر العسل كان قصيرا بالنسبة للأسبوع الرجالي تحديدًا. فقد كان من المتوقع أن ينمو هذا القطاع بنحو 22.5 في المائة ما بين عامي 2015 و2020 ليصل إلى 17.3 مليار جنيه إسترليني حسب دراسة قامت بها شركة «مينتل» لأبحاث السوق في عام 2016. وحسب شركة «يورو مونيتور» كان من المتوقع أن تصل مبيعات المنتجات الرجالية إلى 480 مليار دولار، أي ما يعادل 325 مليار جنيه إسترليني، بحلول عام 2019 مقارنة بـ40 مليار دولار (ما يعادل 27 مليار جنيه إسترليني) في عام 2014. فهل يا ترى ستتغير هذه الأرقام بعد «بريكست»؟!
سؤال ستجيب عنه الأيام وإن كان المُطمئن في المشهد أن الرجل الشاب أدمن على الموضة بشكل لا رجعة فيه، وبالتالي فإن المبيعات لن تتأثر كثيرًا، وهو ما تشير إليه العروض بجرأة ألوانها وتصاميمها منذ يوم الجمعة إلى يوم الاثنين الماضيين. اليوم الأخير كان يوما حافلا بالمعاناة والمتعة. المعاناة بسبب إضراب سائقي القطارات بلندن الذي عرقل حركة السير وجعل التنقل من مكان إلى آخر وسط البلد أصعب وأطول من السفر إلى بلد أوروبي جوا. أما المتعة فندين بها للمشاركة الأولى للمخضرمة فيفيان ويستوود منذ عام 1982 التي أكدت فيها أن السنوات لم تنل من روحها الشابة والمتمردة شيئا.
افتتحت الأسبوع ماركة «توبمان ديزاين» بروح رياضية. فقد عادت بنا إلى حقبة التسعينات من خلال مجموعة من السترات الرياضية الواسعة التي تحمل شعارات حماسية طريفة، إضافة إلى تفاصيل تشمل أهدابا وشراشيب زينت حواشي سترات بألوان النيون، تم تنسيقها مع بنطلونات جينز واسعة. حقبة التسعينات ظهرت أيضًا في عرض بوبلي أبلي، وهو مصمم له قدرة عجيبة على مزج تصاميم حداثية عصرية بنقشات مرحة رسمها هذه المرة بألوان أكثر توهجا وجرأة. أما الأسلوب الـ«سبور» المستقى من ثقافة الشارع اللندني، الذي ظهر في عدة عروض، فأخذ بُعدًا مختلفًا في عرض كريستوفر شانون. سترات الجينز مثلاً اتسعت، كذلك البنطلونات، فيما وصفه المصمم بالموضة الديمقراطية التي تحاول احتضان الكل، مشيرًا إلى أنها «للكل لكن مع لمسة مشاكسة». ما يشفع لها مشاكستها أنها تتمتع أيضًا بجانب تجاري يناسب أرض الواقع ليس في بريطانيا وحدها بل في كل أنحاء أوروبا، حتى بعد «بريكست».
الحنين إلى أسلوب التسعينات وحياتها الليلية وموسيقاها، ظهر أيضًا في عروض أستريد أندرسون، كوتوايلر وغريغ غرين وغيرهم.
في المقابل، اختار المصمم الصيني الأصل زاندر زو التوجه إلى المستقبل عوض الماضي، وأرسل مجموعة مستوحاة من ملابس العسكر وكأنه يُحضرنا لدخول حرب في الخريف والشتاء المقبلين. أما الإيحاءات المستقبلية فكانت مستمدة من الخيال العلمي، وظهرت بوضوح في تصاميمه المفصلة كما في القطع التي تشبعت بالإيحاءات الآسيوية. فقد ظهرت حينا في الخطوط الواسعة والقصيرة وحينا آخر في الأكتاف الصارمة إضافة إلى أسلوب الطبقات المتعددة.
* أهم التوجهات
رغم الجنون الواضح في بعض التصاميم، وهو جنون قد يثير الرهبة في نفوس بعض المتحفظين، فإن تشريح الإطلالة وتفكيكها، أي التعامل مع كل قطعة على حدة يحل المشكلة، ويُبين أنها ليست بذلك الجنون الذي ظهرت به على منصات العرض، وأن جنونها ينحصر على التنسيق الذي تتطلبه العروض عموما. في أرض الواقع وعندما تصل هذه القطع إلى المحلات فإنها تكون مناسبة للاستعمال اليومي إلى حد كبير ما دمنا سنستعملها بأسلوب يناسب شخصياتنا وحياتنا. من التوجهات التي تابعناها خلال الأسبوع:
- ألوان النيون التي يستهدف منها كسر قتامة الألوان الداكنة المرتبطة بالخريف والشتاء عموما. صحيح أنها مرعبة عندما تكون من الرأس إلى أخمص القدمين، لكن عندما تكون في قطعة صوفية واحدة فإنها مقبولة.
- الجلد نافس الصوف بقوة، حيث ظهر في عروض كثيرة نذكر منها عروض ماثيو ميللر، آغي أند سام وسيمون لي وكريستوفر شانون وغيرهم.
- البنطلونات الواسعة أيضًا ستكون حاضرة بأشكال متنوعة. فإذا كانت باريس أعطت الرجل البنطلونات الضيقة التي ترقص على إيقاعات الروك أند رول، وميلانو البنطلونات الواسعة ذات الطيات والبليسيهات عند الخصر التي تستحضر نجوم هوليوود في الخمسينات من القرن الماضي، فإن لندن أعطته بنطلونات واسعة ومريحة بأطوال متباينة. وهو أسلوب يتباين بين الشبابي والكلاسيكي، إذ إنه عندما يأتي قصيرا فهو شبابي يضج بالراحة لكن لا يناسب الكل، وعندما يأتي طويلا فهو كلاسيكي يمكن التعامل معه حسب طريقة تنسيقه مع باقي القطع.
- أسلوب الطبقات المتعددة لا يزال منتعشا وجاريا به العمل، حيث ظهر في عدة عروض.
- أسلوب الـ«سبور» كان قويا ومستقويا بثقافة الهيب هوب وغيرها، لكنه خضع على يد المصممين إلى عملية تجميل جعلته يناسب عصره. المصممة أستريد أندرسون مثلا طعمته بأقمشة ناعمة مثل الدانتيل كما غزلت الصوف بألوان متوهجة منحته ديناميكية. فمصممو لندن أجمعوا على أنه بإمكان الرجل الناجح أن يتبنى الأسلوب الـ«سبور» من دون أن يتعارض مع نجاحه ومصداقيته.
* أسبوع لندن رجالي بأنامل نسائية
قد يكون الأسبوع موجهًا للرجل، لكن نسبة المصممات المشاركات فيه كانت لافتة، من من لو دالتون إلى فيفيان ويستوود مرورا بأستريد أندرسون وكايتي إيري ومارغريت هاول وغيرهن.
لو دالتون التي كانت وجهًا مألوفًا في الأسبوع منذ تخرجها قدمت عرضًا أكدت فيه نضجها وتطورها من خلال تشكيلة مستوحاة من الملابس العسكرية خففت الأقمشة التي تتفنن فيها المصممة من صرامتها، مثل الجينز المعالج والصوف المغلف بطبقة واقية من المطر وما شابه من التقنيات. المصممة أستريد أندرسون، في المقابل، قدمت تشكيلة تستوحي خطوطها وألوانها من عالم الرياضة ونوادي التسعينات الليلية، فيما أخذت المصممة كايتي إيري أيضًا عناصر من ثقافة الشارع صبت عليها جرعات قوية من الترف. من أهم الأحداث والعروض التي شهدها الأسبوع طبعا عودة فيفيان ويستوود إلى العاصمة البريطانية. وبدا واضحا يوم الاثنين الماضي أن السنين لم تنل من ملكة البانك شيئا ولا خففت من جموحها وجنوحها نحو التمرد والتحدي.
تزامن عرضها مع إضراب سائقي القطارات، ومع ذلك لم تمنع المعاناة ولا الصعوبات عشاقها عن الوجود في عين المكان قبل الوقت، خوفا أن تفوتهم هذه المناسبة التاريخية. فالسيدة ويستوود تعود إلى لندن بعد عدة عقود من العرض في كل من ميلانو وباريس. طبعا لا يمكن أن نتجاهل أنها شخصية عالمية مثيرة للجدل وتحب إحداث الجدل، وبالتالي فإن عروضها عادة بمثابة مسرحيات.
أول ما يلفت في مسرحيتها الأخيرة أنها لم تكن للرجل وحده بل لعبت فيها المرأة دورا مهما، حيث قدمت فيها المصممة مجموعة من الأزياء الرجالية والنسائية التفصيل القاسم المشترك بينهما. فإلى جانب فساتين السهرة المصنوعة من اللاميه حينا وأزياء النهار المصنوعة إما من الصوف أو التويد، كانت هناك الكثير من المعاطف والتايورات والبنطلونات المفصلة بأحجام مريحة تنسدل على الجسم بانسيابية. كانت هناك أيضًا لمسات من أسلوب البانك في قطع مصنوعة من صوف الموهير وأخرى مقطعة وممزقة في بعض أجزائها. لكن الأهم من كل هذا أنها كعادتها استعملت العرض لتسليط الضوء على قضية إنسانية أو بيئية لزيادة الوعي بها. كان واضحا من عنوان التشكيلة «إيكوتريسيتي» أنها تهتم بالبيئة، وهو ما أكدته الكلمات التي كُتبت على ورق وضعته على كراسي الضيوف وجاء فيها أن «ما يفيد كوكب الأرض يفيد الاقتصاد، وما يضر بالأرض يضر بالاقتصاد».
والطريف أن رسائلها، مثل تصاميمها، ليست مجنونة كما تبدو للوهلة الأولى أو مجرد عبارات حماسية لإحداث الصدمة، بل نابعة من شخصية بالفعل مسكونة بهذه القضايا، وسخرت نجاحها في بناء إمبراطورية تُقدر بمئات الملايين لخدمة هذه القضايا وإشباع ميولها الإنسانية والفنية على حد سواء. ربما هذا ما يحلم به أي مصمم شاب: تلك المرحلة التي يستطيع أن يقول فيها أي شيء وُيعبر عن نظرته الفنية من دون خوف من أي خسائر مادية، لأنه في هذه المرحلة يكون قد حقق المعادلة الصعبة مثلها، بين الفني والتجاري.
* تاريخ قصير... خبرات طويلة
* تجدر الإشارة إلى أن أسبوع لندن الرجالي ليس بقدم معرض «بيتي أومو» الفلورنسي ولا أسبوعي ميلانو والباريسي، إذ انطلق أول مرة في عام 2012 فقط، وكان يحمل حينها اسم «مجموعات لندن للرجال» (مينز كوليكشنز)، ويمتد ثلاثة أيام. في دورته العاشرة هذا العام تغير مكانه وكذلك اسمه إلى «أسبوع لندن لموضة الأزياء الرجالي » واستمر أربعة أيام شاركت فيه أسماء شابة وأخرى مخضرمة من «سافيل رو»، من دون أن ننسى عودة المتمردة فيفيان ويستوود التي كانت تعرض في ميلانو وباريس منذ عام 1982.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.