مرشح للانتخابات العراقية أصيب في سوريا ويريد العودة ثانية لقتال المعارضة

مئات المكاتب التابعة لتيارات شيعية في العراق تستقبل المتطوعين

فالح الخزعلي (أ.ف.ب)
فالح الخزعلي (أ.ف.ب)
TT

مرشح للانتخابات العراقية أصيب في سوريا ويريد العودة ثانية لقتال المعارضة

فالح الخزعلي (أ.ف.ب)
فالح الخزعلي (أ.ف.ب)

فقد العراقي فالح الخزعلي عينه اليمنى وأصيب في ساقه أثناء مشاركته في معارك بسوريا، لكن المرشح للانتخابات البرلمانية المقبلة لا يمانع رغم ذلك العودة مرة جديدة للقتال في هذا البلد المجاور.
وقال الخزعلي، (39 سنة)، وهو أب لأربعة أطفال، متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية في مدينة البصرة الجنوبية معرفا عن نفسه، إنه «أبو مصطفى، قائد أول قوة تخرج من العراق لتحرير محيط السيدة زينب من التكفيريين»، في إشارة إلى المرقد الواقع جنوب شرقي دمشق.
وأضاف المرشح للانتخابات النيابية، المقررة نهاية أبريل (نيسان) الحالي، عن لائحة «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي: «دخلنا قبل سنة وثلاثة أشهر إلى سوريا (...) في حرب استباقية للقضاء على التكفير».
وذكر أبو مصطفى، الذي يحمل شهادة جامعية في إدارة الأعمال، أنه توجه إلى سوريا في أربع مناسبات، حيث أصيب في ساقه في إحدى المعارك، «كما أصبت بعيني وفقدتها أمام السيدة زينب وأنا مسرور وأفتخر بذلك، وسأعود إلى سوريا كلما تطلب الأمر».
ويستقطب النزاع المسلح في سوريا، التي تشترك مع العراق في حدود بطول نحو 600 كلم، عراقيين شيعة يتوجهون إليها لقتال المجموعات المعارضة للنظام، وخصوصا تلك التي تتبنى الفكر الجهادي.
وبينما تزخر المواقع الجهادية على الإنترنت بأسماء وصور عراقيين سنة أيضا يقاتلون إلى جانب المجموعات الجهادية وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، تنتشر في أنحاء متفرقة من العراق، وخصوصا في بغداد، صور مقاتلين شيعة قضوا أثناء تأديتهم «الواجب المقدس».
وفي ساحتي الفردوس والتحرير وسط العاصمة، تعلق على الأرصفة ملصقات تحمل صور مقاتلين قضوا في سوريا إلى جانب صور شخصيات دينية شيعية وقد كتب على معظمها «لبيك يا زينب»، من دون أن تحدد في غالبيتها الجهات التي ينتمي إليها هؤلاء المقاتلون.
والعراقيون الذين يقاتلون في سوريا هم جزء من آلاف المقاتلين الأجانب الآتين من دول قريبة بينها لبنان والأردن والأراضي الفلسطينية، ودول أبعد بينها أفغانستان وباكستان والشيشان، للقتال في هذا النزاع الذي قضى فيه أكثر من 150 ألف شخص منذ بدايته في مارس (آذار) 2011، بين نظام يسيطر عليه العلويون ومعارضة يشكل السنة غالبيتها العظمى.
ويلعب المقاتلون الأجانب دورا رئيسا في النزاع السوري وباتوا يشكلون عنصرا رئيسا في ترجيح كفة طرف على الآخر، وبينهم هؤلاء الذين يقاتلون إلى جانب النظام وعلى رأسهم عناصر حزب الله اللبناني الذين ساهموا في استعادة الجيش النظامي للكثير من المناطق.
وعلى صفحته الخاصة في موقع «فيسبوك»، نشر «الحاج المجاهد» صورا له وهو يرتدي ملابس عسكرية، وصورا أخرى وهو مصاب بعينه اليمنى وممد على سرير طبي، إضافة إلى صور لملصقات انتخابية خاصة بحملته، وضع في إحداها صورته إلى جانب صورة المالكي.
ويرى الخزعلي أن «أمننا الوطني كعراقيين يقتضي أن نذهب إلى هناك (سوريا) للدفاع عن المقدسات أولا وللدفاع عن العراق ثانيا». ويضيف: «الشعب السوري احتضن أكثر من 800 ألف عراقي في الفترة التي رفضَنا فيها الجميع (...)، والآن نحن نستطيع أن نقول إننا نرد الجميل لهذا الشعب».
ويصعب تحديد أعداد المقاتلين العراقيين في سوريا، سواء أولئك الذين يقاتلون إلى جانب النظام، أو الذين يقاتلونه، حيث ترفض التنظيمات التي ترسل هؤلاء إلى جبهات القتال الحديث عن تفاصيل مهماتهم وكيفية عبورهم الحدود وعودتهم إلى العراق.
وقال مقاتل في بغداد عرف عن نفسه باسم أبو عمار: «ذهبت مرتين (إلى سوريا)؛ الأولى بقيت فيها لمدة 47 يوما، وفي الثانية 36 يوما»، مؤكدا: «أنا مستعد للذهاب من جديد في أول فرصة». واستذكر قائلا: «في الأولى، كان معي كثير من العراقيين والسوريين. قاتلنا تنظيم داعش وطردناهم من المناطق القريبة من مرقد السيدة زينب. وفي الثانية، شاركت في الهجوم على مناطق وجود (داعش) فيها»، دون أن يحدد هذه المناطق.
وتابع: «هناك مئات المكاتب التابعة لتيارات شيعية في عموم العراق تستقبل المتطوعين للقتال في سوريا».
وفي مدينة النجف، تشهد مقبرة «وادي السلام» الشهيرة مراسم دفن متواصلة لمقاتلين قضوا في سوريا. ويقول مهدي الأسدي، وهو صاحب مكتب للدفن بالمقبرة التي تعد أكبر مقبرة في العالم، إنه جرى تخصيص مساحة من «وادي السلام» لدفن «الشهداء الذين يقاتلون دفاعا عن مرقد السيدة زينب».
وذكر الأسدي أنه رغم ذلك، فإن عائلاتهم تفضل دفنهم في مقابرها بحسب التقاليد العراقية، متحدثا عن «وصول عشرة إلى 15 شهيدا أسبوعيا إلى مقبرة النجف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».