اجتماع تركي ـ روسي موسع مع ممثلي المعارضة السورية في أنقرة اليوم

مصادر دبلوماسية ترجح لـ «الشرق الأوسط» التوصل إلى حلول لخروقات النظام

مقاتل من الجيش السوري الحر يزعق غضبًا قرب جثة شقيقه الذي قتل خلال هجوم ضد مقاتلي «داعش» في بلدة قباسين التي يحكمها التنظيم على مشارف بلدة الباب شمال سوريا (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر يزعق غضبًا قرب جثة شقيقه الذي قتل خلال هجوم ضد مقاتلي «داعش» في بلدة قباسين التي يحكمها التنظيم على مشارف بلدة الباب شمال سوريا (رويترز)
TT

اجتماع تركي ـ روسي موسع مع ممثلي المعارضة السورية في أنقرة اليوم

مقاتل من الجيش السوري الحر يزعق غضبًا قرب جثة شقيقه الذي قتل خلال هجوم ضد مقاتلي «داعش» في بلدة قباسين التي يحكمها التنظيم على مشارف بلدة الباب شمال سوريا (رويترز)
مقاتل من الجيش السوري الحر يزعق غضبًا قرب جثة شقيقه الذي قتل خلال هجوم ضد مقاتلي «داعش» في بلدة قباسين التي يحكمها التنظيم على مشارف بلدة الباب شمال سوريا (رويترز)

تبدأ اليوم في العاصمة التركية أنقرة اجتماعات من المتوقع أن تمتد على يومين أو ثلاثة بين ممثلين من المعارضة، السياسية والعسكرية، بحضور ممثلين روس وأتراك، للبحث في اتفاق «وقف إطلاق النار الهش» ومؤتمر آستانة الذي من المتوقع عقده في أواخر شهر الجاري. وتأتي هذه الجهود التركية في محاولة منها لحث المعارضة على المشاركة بعدما كانت جهات عدّة منها أعلنت رفضها لهذا المؤتمر انطلاقا من محاولة استبعاد الهيئة العليا للمفاوضات ومشاركة أطراف محسوبة على روسيا، كمنصتي القاهرة وموسكو، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى التوصل إلى ورقة جديدة بديلة عن ما يعرف بـ«ورقة الرياض» ومقررات جنيف التي لا تزال المعارضة تتمسك بها وتدعو لتكون منطلقا لأي مفاوضات جديدة.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماعات التي انطلقت الاثنين ركزت في يومها الأول من خلال لقاء الخبراء الأتراك والروس على إجراء عملية تقييم شامل لوقف إطلاق النار في سوريا منذ دخوله حيز التنفيذ منتصف ليل الثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) وحتى الآن، والخروقات التي رصدتها تركيا وفصائل المعارضة من جانب النظام والميليشيات الداعمة له وتشكيل آلية مراقبة وفرض عقوبات على من يثبت انتهاكه للاتفاق.
وأضافت المصادر أن اللقاءات تواصلت، أمس، بين الجانبين التركي والروسي وفصائل المعارضة المسلحة التي يشملها اتفاق وقف إطلاق النار، وأن المعارضة طرحت الخروقات التي يقوم بها النظام السوري وميليشياته مطالبة الجانب الروسي بمنعها والضغط على النظام لوقف إطلاق النار في وادي بردى كشرط لحضور مفاوضات آستانة كون روسيا دولة ضامنة للاتفاق مع تركيا.
وأشارت المصادر إلى أن فصائل المعارضة من جانبها تعقد اجتماعات فيما بينها بهدف التحضير للقاء آستانة، وأنه ينتظر في ختام المحادثات الجارية في أنقرة تحديد الفصائل التي ستشارك والتي سيتكون منها وفد المعارضة.
وتابعت المصادر بأن اجتماعا موسعا سيعقد اليوم يضم إلى جانب الوفدين التركي والروسي ممثلي فصائل المعارضة السورية وبعض الشخصيات التي تمثل فصائل لم يسبق لها المشاركة في الاجتماعات التي عقدت في أنقرة بين الجانب الروسي وفصائل المعارضة المسلحة، وكذلك معارضين مستقلين من داخل سوريا وخارجها.
ولفتت المصادر إلى أن الواضح في المحادثات الجارية الآن أن المعارضة السورية تريد الخروج بموقف واضح من موسكو تجاه خروقات النظام لوقف إطلاق النار وإبداء روسيا التزاما صارما بتنفيذ المتفق عليه.
ورجحت المصادر أن المحادثات في أنقرة ستنتهي إلى اتفاق على حلول لخروقات النظام مشيرة إلى أن هناك اتصالات مع طهران في هذا الصدد. وأكدت أن كلا من أنقرة وموسكو تسعيان إلى الوصول إلى النجاح في الاتفاق على تشكيل وفد المعارضة إلى آستانة، وأنه من الواضح أن موسكو تريد أن تعقد الاجتماعات في موعدها المقترح في 23 يناير (كانون الثاني) الجاري بحسب الجدول الزمني لاتفاق وقف إطلاق النار ولذلك تواصل مباحثاتها مع أطراف متعددة في وقت واحد.
في سياق مواز، أعلن الجيش التركي أمس، مقتل 19 إرهابيًا من تنظيم داعش الإرهابي، واستهداف سلاح الجو والمدفعية 367 موقعًا للتنظيم في الباب شمالي سوريا، في إطار عملية «درع الفرات».
وفي حين أعلن أمس الحزب الاتحاد الديمقراطي أن الأكراد غير مدعوين إلى مؤتمر آستانة، يؤكد كل من المعارض سمير النشار ورئيس وفد المعارضة السورية العميد أسعد الزعبي لمفاوضات جنيف، أن قرار المعارضة بالمشاركة أو عدمها في آستانة سيكون مبنيا على ما سيطرح في اجتماع أنقرة اليوم، وهو الذي سبقه اجتماع ثنائي، يوم أمس بين ممثلين روس وأتراك. في المقابل، اعتبر أبو عيسى الشيخ، القائد العام لألوية صقور الشام، أنه «من العبث الحديث عن مؤتمر الآستانة في ظل قصف وادي برى والعمل على اجتياحه، وحديث الضامنين عنه قبل وقف سريع وشامل لإطلاق النار ما هو إلا مضيعة للوقت».
وقال خالد عيسى عضو حزب الوحدة الديمقراطي «لم توجه إلينا الدعوة. هذا أكيد... لا الحزب ولا التشكيل العسكري سيحضر». مضيفا: «ما قيل لنا أنه لن يكون هناك سوى عدد محدود من الجماعات المسلحة وليس الجماعات السياسية»، مضيفا أنه من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل في سوريا سيتعين في لحظة ما دعوة الأكراد إلى طاولة المفاوضات.
وقال نشار لـ«الشرق الأوسط»، «إن الدعوات لحضور اجتماعات أنقرة وجّهت بصفة شخصية، وشملت شخصيات معارضة بشكل أساسي، في الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف الوطني والحكومة السورية المؤقتة، إضافة إلى قياديين في الفصائل». ولفت نشار إلى تغييب ممثلين من الإخوان المسلمين، مرجحا حضور 50 شخصية كحد أدنى. وتوقّع أن تستمر الاجتماعات بين يومين أو ثلاثة، لافتا إلى أن معظم الشخصيات المشاركة ولا سيما منها الموجودة في إسطنبول كانت قد انتقلت أمس إلى أنقرة عبر باصات خاصة بسبب توقف حركة الطيران في تركيا. ورجّح «أن يحضر الاجتماعات إضافة إلى الأتراك، ممثلون روس، في محاولة منهم لطمأنة المعارضة وإقناعهم بجدوى المشاركة في المؤتمر في وقت تواجه فيه تركيا تحديا أمام تحفظات المعارضة ولا سيما السياسية منها التي أعلنت رفضها مؤتمر آستانة». وقال إن التحفظات تطال محاولة تهميش دور الهيئة العليا وإدخال مجموعات أخرى بدلا عنها، لا سيما تلك المحسوبة على موسكو، وبالتالي إنتاج ورقة عمل جديدة بدلا عن تلك التي صدرت عن مؤتمر الرياض أو مقررات جنيف، أو تلك التي أصدرتها الهيئة العليا قبل أشهر عدّة. ويضيف نشار: «رفض المعارضة ينطلق من أن مؤتمر الأستانة لا يخدم إلا الدول الداعم له، أي روسيا وتركيا إضافة إلى إيران، لكنه عليها في الوقت عينه إيجاد محاولة لاحتواء الوضع وإرضاء الأتراك».
مع العلم، أنه تم تأجيل اجتماع الهيئة العليا التفاوضية الذي كان مقررا أمس إلى يوم الجمعة لسببين، هما عدم قدرة أعضاء الهيئة الموجودين في تركيا على المغادرة ووجود رئيس الهيئة رياض حجاب في المستشفى في قطر بعد تعرضه لوعكة صحية، بحسب سمير نشار.
من جهته، أعلن عضو المكتب السياسي للجيش الحر، زكريا ملاحفجي، إن المجتمعين سيناقشون نتائج اتفاق وقف إطلاق النار والخروقات المتكررة من قبل قوات النظام، مشيرا إلى أن الفصائل ستطالب الجانب الروسي بالضغط على نظام الأسد للعمل على وقف إطلاق النار في وادي بردى، وتسهيل حركة المرور منه وإليه، والسماح للجنة تقصي الحقائق لمعاينة الواقع الميداني، ودخول ورشات الصيانة لإصلاح منشأة نبع الفيجة. وهو ما أشار إليه العميد أسعد زعبي، قائلا لـ«الشرق الأوسط» تحاول تركيا الضغط على روسيا لتثبيت الهدنة وتخفيف انحيازها الكامل لصالح النظام لكن للأسف الخطوات العملية لوقف إطلاق النار أثبتت أنها غير قادرة على ذلك بشكل كبير، وهو ما قد ينعكس سلبا على مؤتمر آستانة الذي يبدو أن الخلافات حوله تكبر وقد لا يصل إلى نتائج إيجابية». وأوضح: «من المفترض أن تظهر هذه الاجتماعات عما إذا كان لدى الروس جدية للتوصل إلى حل سياسي في سوريا وفق ما تقتضيه مصلحة الشعب السوري وليس النظام، لكن يبدو أن المعطيات لغاية اليوم تشير إلى عكس ذلك»، مضيفا: «تحاول موسكو فرض جهات محسوبة عليها بديلة عن الهيئة العليا وهو ما لن تقبل به المعارضة في وقت أيضا تشدّد الفصائل العسكرية على أن الورقة الأساسية التي يقبلون البحث بها هي (ورقة الرياض) التي رفضتها بعض الأطراف المحسوبة على موسكو».
ويوم أمس، أعلن المسؤول في الحزب الاتحاد الديمقراطي خالد عيسى أن الأكراد السوريين ليسوا مدعوين إلى المفاوضات في آستانة.
وقال عيسى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية «لسنا مدعوين إلى آستانة. يبدو أن هناك فيتو على وجودنا». وأضاف: «يبدو أن ممثلي الفصائل المسلحة (المعارضة) وحدهم سيتلقون دعوة للتفاوض مع النظام السوري في آستانة، بلا ممثلين (للمعارضة) السياسية». معتبرا أنه إذا كانت هناك إرادة لحل سلمي في سوريا، فلا يمكن ألا يؤخذ الأكراد في الاعتبار وأن يتم تغييبهم عن أي حل دولي.
وأضاف: «لدينا مشروع سياسي: الفيدرالية الديمقراطية لسوريا برمتها. ونحن مستعدون للتفاوض مع نظام (دمشق) مع ضمانات دولية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.