واجه السيناتور الجمهوري جيف سيشنز، مرشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، لشغل منصب المدعي العام (وزير العدل) في إدارة ترامب، إحراجا كبيرا أثناء جلسة استجوابه أمس، في مجلس الشيوخ الأميركي؛ حيث تعالت الصرخات الرافضة للمصادقة على تعيينه. وتدخلت الشرطة عدة مرات لإسكات ناشطين وناشطات يبدو أنهم تسللوا مع الصحافيين إلى قاعة الاستجواب، وتعالت اتهاماتهم لمرشح ترامب بالعنصرية. وعندما فشلت الشرطة في إسكات الصارخين، اضطرت إلى إخراج اثنين منهم على الأقل بالقوة؛ أحدهما امرأة أميركية من مناصرات المرشحة الديمقراطية سابقا هيلاري كلينتون، والآخر مواطن أميركي من ذوي الأصول الأفريقية الذين يتهمون سيشنز بأنه أدلى بتصريحات عنصرية.
وجوبه المرشح لمنصب وزير العدل بسؤال مفاجئ عن وجهة نظره في الدعوة لمنع دخول المسلمين إلى الأراضي الأميركية، فقال إنه يختلف جزيئا مع رأي الرئيس المنتخب في هذا الجانب، مشيدا بمساهمات الأميركيين المسلمين في المجتمع الأميركي. كما حاول سيشنز توضيح وجهة نظر ترامب بأنه ليس ضد المسلمين، وإنما يريد تشديد القيود على مجيء مهاجرين من الدول التي يعدها الأميركيون بؤرا للإرهاب؛ سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية. ولفت إلى أنه في مجلس الشيوخ، عارض مشروع قانون يجعل من ديانة الفرد عنصرا مهما في قبوله بالوظيفة العامة، وأنه لا يؤمن بوجود جدوى من محاسبة أي أميركي على خلفيته الدينية مهما كانت. ويبدو أن هذا التصريح شفع له أمام أعضاء مجلس الشيوخ، في حين أن معارضيه يعتقدون أن قناعاته الحقيقية مختلفة عما أعلنه خلال لجنة الاستجواب تحت القسم.
ولم تمنع الأصوات المعارضة لاختيار سيناتور ولاية ألاباما، البالغ من العمر 69 عاما، وزيرا للعدل، زملاءه الجمهوريين في مجلس الشيوخ من الإشادة بقدراته ومؤهلاته لشغل المنصب، غير أن الأسئلة التي طرحها عليه الأعضاء الديمقراطيون في اللجنة القضائية التي تولت الاستجواب، كانت محرجة. ومن بين هذه الأسئلة، سؤال يتعلق بموقفه المفترض من توجيهات غير منطقية قد يتلقاها من رئيسه ترامب، وما إذا كان سينفذ تعليمات مخالفة لمنطق القانون أم سيرفضها. ولم يتردد مرشح ترامب في القول إنه سوف يمثل الوطن الأميركي وليس الرئيس، مؤكدا على أنه سيقدم استقالته من المنصب في حال تعارضت تعليمات الرئيس مع مصالح الشعب، أو مع الدستور والقانون.
يذكر أن أول دعم داخل مجلس الشيوخ الأميركي حصل عليه ترامب قبل انتخابه رئيسا، جاء من السيناتور جيف سيشنز، فكافأه الرئيس المنتخب باختياره لشغل منصب وزير العدل. ويوصف المرشح بأنه «صاحب آراء يمينية متشددة جدا»، خصوصا في ما يتعلق بقوانين الهجرة، كما ينظر إليه على أنه مُعاد للأقليات، وأنه عارض كثيرا من مشاريع القوانين والتشريعات التي تحفظ حقوق فئات مضطهدة داخل المجتمع الأميركي.
وتمحورت أسئلة الاستجواب التي طرحها أعضاء اللجنة على زميلهم المرشح للمنصب، حول أسباب ودوافع معارضته قوانين محددة تهدف لحماية مصالح الأقليات، فتلخص دفاعه في أنه لم يعارض أي مشروع قانون بصورة قطعية، وإنما عارض بعض الجزئيات في مشاريع قوانين مطروحة، وكان من بين غالبية الجمهوريين المعارضين لتلك الجزئيات ولم ينفرد بالمعارضة.
وكان سيشنز قد نادى قبل 11 عاما بوضع سياج يصل طوله إلى ألفي ميل على الحدود بين أميركا والمكسيك، وهو ما تبناه ترامب أثناء حملته الانتخابية. وعلى غير عادته، ظهر السيناتور سيشنز أثناء ردوده على بعض الأسئلة المتشنجة التي طرحت عليه، هادئا. كما ظهر عليه الارتياح عندما بادر عدد من زملائه الجمهوريين في لجنة الاستجواب للدفاع عنه بالقول إن الاستجواب يهدف إلى التدقيق في مؤهلاته وأهليته لشغل المنصب، ولا يجب أن يكون الهدف من الأسئلة محاكمة سياسات إدارة ترامب المرتقبة أو محاكمة آراء الرئيس المنتخب الشخصية.
ويصف المناصرون لتعيين سيشنز زميلهم بأنه «محبوب في مجلس الشيوخ»، وأن الأسئلة المحرجة التي تلقاها من بعض زملائه لن تمنع في النهاية من مصادقتهم على تعيينه بالمنصب.
يذكر أن الأسئلة تطرقت كذلك إلى سجله عندما كان مدعيا عاما في ولاية ألاباما، وهي الفترة التي يركز عليها الديمقراطيون ومنظمات الدفاع عن الحقوق المدنية.
وتنتقد هذه المنظمات رفضه الإجهاض، ومعارضته زواج المثليين، فالزواج بالنسبة له «ارتباط بين رجل وامرأة». وبسبب هذه الآراء يعده البعض عنصريا جدا، ولا يصلح أن يكون وزيرا للعدل في دولة عادلة.
على صعيد متصل، يواجه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب انتقادات شديدة نتيجة لتعيين صهره جاريد كوشنر في منصب كبير مستشاري البيت الأبيض، وذلك وفق ما أعلنه مكتب ترامب في بيان له.
وبحسب البيان الصحافي الصادر عن مكتب الرئيس المنتخب ترامب، فإن كوشنر؛ زوج ابنة ترامب إيفانكا البالغ من العمر 36 عاما، «نجح بشكل هائل بالأعمال والسياسة، وسيعمل في منصبه الجديد دون أن يتقاضى راتبا شهريا، الذي تنازل عنه». ويتوقع أن يكون كوشنر مسؤولاً عن الصفقات التجارية وملف الشرق الأوسط ضمن فريق ترامب.
كوشنر الذي احتفل أمس بعيد ميلاده الـ36 كان رئيسًا لمجموعة عقارية كبيرة ورثها عن والده، فيما يعد البعض تنصيبه في موقع كبير مستشاري الرئيس بالبيت الأبيض هدية لعيد ميلاده من الرئيس ترامب، على الرغم من أنه دخيل على عالم السياسة، كما يصفه بعض المحللين.
وعلى الرغم من اعتراضات الديمقراطيين الشديدة، أكد عدد من القانونيين أن تعيين صهر ترامب لا يشكل انتهاكا للقانون الأميركي الذي صدر بسبب تعيين الرئيس الأميركي جون كيندي أخاه وزيرًا للعدل؛ إذ يقضي القانون بعدم تعيين أقارب الرئيس في مناصب حكومية قيادية. وأشار القانونيون إلى أن اللائحة لا تنطبق على البيت الأبيض، كما أن المنصب لا يتطلب تصديقا من مجلس الشيوخ الأميركي.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» التي تشهد تراشقات حادة مع الرئيس المنتخب ترامب منذ فترة، يرى عدد من المحللين السياسيين المحسوبين على الفريق الديمقراطي، أن ترامب يريد تحويل إدارة البيت الأبيض إلى عائلته لتكون بذلك شركة عائلية.
وقال المحامي القانوني ماثيو ساندرسون: «وجود جاريد كوشنر بالقرب من ترامب وفِي فريقه الرئاسي يجعله على اطلاع على كثير من المعلومات المهمة والسرية، مما يثير تساؤلات كثيرين حول التزامه السرية التامة حول تلك المعلومات وعدم تسربها إلى عائلته وتجارتهم».
بدوره، عدّ ريتشارد باينتر، أستاذ القانون في جامعة مينيسوتا ورئيس القانونيين في البيت الأبيض خلال حكم الرئيس جورج دبليو بوش، أن تعيين ترامب لصهره في فريقه الاستشاري بالبيت الأبيض لا يتعارض مع القوانين الرسمية، مبينًا أن منصبه لن يكون معرضًا لنقاش القضايا الحساسة، كما لن يكون هناك تضارب مصالح.
وأشار باينتر إلى أن الثقة كانت غير قابلة للنقض، «وهذا يعني أنه لا يمكن تعديلها دون إذن من المستفيدين، وهي علامة إيجابية للثقة بكوشنر».
جلسة استجواب ساخنة لأول «وزراء» ترامب
الرئيس الأميركي عيّن صهره كوشنر في منصب كبير مستشاريه «عشية عيد ميلاده» الـ36
جلسة استجواب ساخنة لأول «وزراء» ترامب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة