جلسة استجواب ساخنة لأول «وزراء» ترامب

الرئيس الأميركي عيّن صهره كوشنر في منصب كبير مستشاريه «عشية عيد ميلاده» الـ36

سيناتور ولاية ألاباما جيف سيشنز يتحدث خلال جلسة استجوابه من طرف مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه وزيرًا للدفاع أمس (رويترز)
سيناتور ولاية ألاباما جيف سيشنز يتحدث خلال جلسة استجوابه من طرف مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه وزيرًا للدفاع أمس (رويترز)
TT

جلسة استجواب ساخنة لأول «وزراء» ترامب

سيناتور ولاية ألاباما جيف سيشنز يتحدث خلال جلسة استجوابه من طرف مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه وزيرًا للدفاع أمس (رويترز)
سيناتور ولاية ألاباما جيف سيشنز يتحدث خلال جلسة استجوابه من طرف مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه وزيرًا للدفاع أمس (رويترز)

واجه السيناتور الجمهوري جيف سيشنز، مرشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، لشغل منصب المدعي العام (وزير العدل) في إدارة ترامب، إحراجا كبيرا أثناء جلسة استجوابه أمس، في مجلس الشيوخ الأميركي؛ حيث تعالت الصرخات الرافضة للمصادقة على تعيينه. وتدخلت الشرطة عدة مرات لإسكات ناشطين وناشطات يبدو أنهم تسللوا مع الصحافيين إلى قاعة الاستجواب، وتعالت اتهاماتهم لمرشح ترامب بالعنصرية. وعندما فشلت الشرطة في إسكات الصارخين، اضطرت إلى إخراج اثنين منهم على الأقل بالقوة؛ أحدهما امرأة أميركية من مناصرات المرشحة الديمقراطية سابقا هيلاري كلينتون، والآخر مواطن أميركي من ذوي الأصول الأفريقية الذين يتهمون سيشنز بأنه أدلى بتصريحات عنصرية.
وجوبه المرشح لمنصب وزير العدل بسؤال مفاجئ عن وجهة نظره في الدعوة لمنع دخول المسلمين إلى الأراضي الأميركية، فقال إنه يختلف جزيئا مع رأي الرئيس المنتخب في هذا الجانب، مشيدا بمساهمات الأميركيين المسلمين في المجتمع الأميركي. كما حاول سيشنز توضيح وجهة نظر ترامب بأنه ليس ضد المسلمين، وإنما يريد تشديد القيود على مجيء مهاجرين من الدول التي يعدها الأميركيون بؤرا للإرهاب؛ سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية. ولفت إلى أنه في مجلس الشيوخ، عارض مشروع قانون يجعل من ديانة الفرد عنصرا مهما في قبوله بالوظيفة العامة، وأنه لا يؤمن بوجود جدوى من محاسبة أي أميركي على خلفيته الدينية مهما كانت. ويبدو أن هذا التصريح شفع له أمام أعضاء مجلس الشيوخ، في حين أن معارضيه يعتقدون أن قناعاته الحقيقية مختلفة عما أعلنه خلال لجنة الاستجواب تحت القسم.
ولم تمنع الأصوات المعارضة لاختيار سيناتور ولاية ألاباما، البالغ من العمر 69 عاما، وزيرا للعدل، زملاءه الجمهوريين في مجلس الشيوخ من الإشادة بقدراته ومؤهلاته لشغل المنصب، غير أن الأسئلة التي طرحها عليه الأعضاء الديمقراطيون في اللجنة القضائية التي تولت الاستجواب، كانت محرجة. ومن بين هذه الأسئلة، سؤال يتعلق بموقفه المفترض من توجيهات غير منطقية قد يتلقاها من رئيسه ترامب، وما إذا كان سينفذ تعليمات مخالفة لمنطق القانون أم سيرفضها. ولم يتردد مرشح ترامب في القول إنه سوف يمثل الوطن الأميركي وليس الرئيس، مؤكدا على أنه سيقدم استقالته من المنصب في حال تعارضت تعليمات الرئيس مع مصالح الشعب، أو مع الدستور والقانون.
يذكر أن أول دعم داخل مجلس الشيوخ الأميركي حصل عليه ترامب قبل انتخابه رئيسا، جاء من السيناتور جيف سيشنز، فكافأه الرئيس المنتخب باختياره لشغل منصب وزير العدل. ويوصف المرشح بأنه «صاحب آراء يمينية متشددة جدا»، خصوصا في ما يتعلق بقوانين الهجرة، كما ينظر إليه على أنه مُعاد للأقليات، وأنه عارض كثيرا من مشاريع القوانين والتشريعات التي تحفظ حقوق فئات مضطهدة داخل المجتمع الأميركي.
وتمحورت أسئلة الاستجواب التي طرحها أعضاء اللجنة على زميلهم المرشح للمنصب، حول أسباب ودوافع معارضته قوانين محددة تهدف لحماية مصالح الأقليات، فتلخص دفاعه في أنه لم يعارض أي مشروع قانون بصورة قطعية، وإنما عارض بعض الجزئيات في مشاريع قوانين مطروحة، وكان من بين غالبية الجمهوريين المعارضين لتلك الجزئيات ولم ينفرد بالمعارضة.
وكان سيشنز قد نادى قبل 11 عاما بوضع سياج يصل طوله إلى ألفي ميل على الحدود بين أميركا والمكسيك، وهو ما تبناه ترامب أثناء حملته الانتخابية. وعلى غير عادته، ظهر السيناتور سيشنز أثناء ردوده على بعض الأسئلة المتشنجة التي طرحت عليه، هادئا. كما ظهر عليه الارتياح عندما بادر عدد من زملائه الجمهوريين في لجنة الاستجواب للدفاع عنه بالقول إن الاستجواب يهدف إلى التدقيق في مؤهلاته وأهليته لشغل المنصب، ولا يجب أن يكون الهدف من الأسئلة محاكمة سياسات إدارة ترامب المرتقبة أو محاكمة آراء الرئيس المنتخب الشخصية.
ويصف المناصرون لتعيين سيشنز زميلهم بأنه «محبوب في مجلس الشيوخ»، وأن الأسئلة المحرجة التي تلقاها من بعض زملائه لن تمنع في النهاية من مصادقتهم على تعيينه بالمنصب.
يذكر أن الأسئلة تطرقت كذلك إلى سجله عندما كان مدعيا عاما في ولاية ألاباما، وهي الفترة التي يركز عليها الديمقراطيون ومنظمات الدفاع عن الحقوق المدنية.
وتنتقد هذه المنظمات رفضه الإجهاض، ومعارضته زواج المثليين، فالزواج بالنسبة له «ارتباط بين رجل وامرأة». وبسبب هذه الآراء يعده البعض عنصريا جدا، ولا يصلح أن يكون وزيرا للعدل في دولة عادلة.
على صعيد متصل، يواجه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب انتقادات شديدة نتيجة لتعيين صهره جاريد كوشنر في منصب كبير مستشاري البيت الأبيض، وذلك وفق ما أعلنه مكتب ترامب في بيان له.
وبحسب البيان الصحافي الصادر عن مكتب الرئيس المنتخب ترامب، فإن كوشنر؛ زوج ابنة ترامب إيفانكا البالغ من العمر 36 عاما، «نجح بشكل هائل بالأعمال والسياسة، وسيعمل في منصبه الجديد دون أن يتقاضى راتبا شهريا، الذي تنازل عنه». ويتوقع أن يكون كوشنر مسؤولاً عن الصفقات التجارية وملف الشرق الأوسط ضمن فريق ترامب.
كوشنر الذي احتفل أمس بعيد ميلاده الـ36 كان رئيسًا لمجموعة عقارية كبيرة ورثها عن والده، فيما يعد البعض تنصيبه في موقع كبير مستشاري الرئيس بالبيت الأبيض هدية لعيد ميلاده من الرئيس ترامب، على الرغم من أنه دخيل على عالم السياسة، كما يصفه بعض المحللين.
وعلى الرغم من اعتراضات الديمقراطيين الشديدة، أكد عدد من القانونيين أن تعيين صهر ترامب لا يشكل انتهاكا للقانون الأميركي الذي صدر بسبب تعيين الرئيس الأميركي جون كيندي أخاه وزيرًا للعدل؛ إذ يقضي القانون بعدم تعيين أقارب الرئيس في مناصب حكومية قيادية. وأشار القانونيون إلى أن اللائحة لا تنطبق على البيت الأبيض، كما أن المنصب لا يتطلب تصديقا من مجلس الشيوخ الأميركي.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» التي تشهد تراشقات حادة مع الرئيس المنتخب ترامب منذ فترة، يرى عدد من المحللين السياسيين المحسوبين على الفريق الديمقراطي، أن ترامب يريد تحويل إدارة البيت الأبيض إلى عائلته لتكون بذلك شركة عائلية.
وقال المحامي القانوني ماثيو ساندرسون: «وجود جاريد كوشنر بالقرب من ترامب وفِي فريقه الرئاسي يجعله على اطلاع على كثير من المعلومات المهمة والسرية، مما يثير تساؤلات كثيرين حول التزامه السرية التامة حول تلك المعلومات وعدم تسربها إلى عائلته وتجارتهم».
بدوره، عدّ ريتشارد باينتر، أستاذ القانون في جامعة مينيسوتا ورئيس القانونيين في البيت الأبيض خلال حكم الرئيس جورج دبليو بوش، أن تعيين ترامب لصهره في فريقه الاستشاري بالبيت الأبيض لا يتعارض مع القوانين الرسمية، مبينًا أن منصبه لن يكون معرضًا لنقاش القضايا الحساسة، كما لن يكون هناك تضارب مصالح.
وأشار باينتر إلى أن الثقة كانت غير قابلة للنقض، «وهذا يعني أنه لا يمكن تعديلها دون إذن من المستفيدين، وهي علامة إيجابية للثقة بكوشنر».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».