قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أمس، بعدم إمكانية إعفاء عائلة تركية - سويسرية مسلمة، من مشاركة ابنتيها في دروس السباحة المختلطة بالمدارس بسبب معتقداتها الدينية، معيدة إلى الواجهة الجدل حول موقع الإسلام في الحياة العامة في أوروبا.
وعدّت المحكمة من مقرها في ستراسبورغ، أن قيام السلطات بإرغام الفتيات على المشاركة في دروس السباحة هو بالتأكيد «تدخل في حرية المعتقد» للعائلات المعنية، إلا أنه مبرر «باسم مصلحة التلاميذ في نظام تعليمي كامل يتيح اندماجا اجتماعيا ناجحا بحسب العادات والتقاليد المحلية، وهو ما يعلو فوق» رغبة الأهالي.
وكان عزيز عثمان أوغلو وزوجته سحابة كوجاباش، اللذان يقيمان في بازل (شمال غربي سويسرا) ويحملان الجنسيتين التركية والسويسرية، ضمن عدد من الأهالي تم تغريمهم عام 2010 لرفضهم السماح لبناتهم اللاتي لم يتجاوزن العشرة أعوام بالمشاركة في دروس السباحة.
واضطر الوالدان إلى دفع غرامة بقيمة 1300 يورو، لأنهما رفضا، انطلاقا من معتقداتهما الدينية، السماح لابنتيهما البالغتين 7 و9 سنوات، حضور دروس السباحة في إطار النظام الدراسي. وأي إعفاءات لأسباب دينية ضمن النظام الدراسي تطبق فقط بدءا من سن البلوغ. ولجأ الوالدان إلى المحاكم السويسرية احتجاجا على العقوبة، لكن دون نتيجة، ثم قدما الشكوى أمام القضاة الأوروبيين باعتبار أن هذه المسألة تعد انتهاكا لحرية المعتقد والدين. لكن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت التماسهما، قائلة إن السلطات العامة السويسرية كان هدفها «حماية الطلاب الأجانب من الإقصاء الاجتماعي».
وأوضحت المحكمة أن «المصلحة في تعليم السباحة لا تنحصر في تعلم السباحة فقط، وإنما ممارسة هذا النشاط المشترك مع كل الطلاب الآخرين دون استثناء يفرض على أساس أصول الطفل أو معتقدات دينية أو فلسفية لدى الأهالي».
ووجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن السلطات السويسرية كانت قد حاولت أخذ معتقدات عثمان أوغلو وزوجته بعين الاعتبار عبر السماح لبنتيهما بارتداء زي السباحة الذي لا يظهر شيئا من جسم المرأة، والمعروف بالـ«بوركيني». وعدّت أن الغرامة التي فرضت على الزوجين بعد إنذارهما «تناسب هدف» إجبارهما على الالتزام بنظم البلاد وقيمها. ويحق للوالدين الطعن على الحكم خلال 3 أشهر.
وتأتي هذه القضية وسط جدل حاد في أوروبا حول موقع الإسلام في الحياة العامة، أثارته موجة الهجرة غير المسبوقة، خصوصا من دول الشرق الأوسط، إضافة إلى اتجاه الشباب المسلمين المهمشين نحو التطرف، وانضمام الآلاف منهم إلى منظمات متشددة.
وباتت المدارس تشكل نقطة محورية في عدة سجالات بين السلطات السويسرية وعائلات مسلمة ترى أن معتقداتها الدينية تمنع أطفالها من المشاركة في بعض النشاطات المختلطة.
وأثارت قضية طالبين مسلمين رفضا مصافحة معلماتهما ضجة في ريف بازل العام الماضي.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وافق النواب السويسريون بغالبية بسيطة على منع النقاب في البلاد، في خطوة قد تفضي إلى استفتاء في حال حصولها على التوقيعات اللازمة. وبعد أسبوعين من الجدل العام الماضي، إثر منع عدة بلديات فرنسية على ساحل البحر المتوسط ارتداء الـ«بوركيني» باسم العلمانية، عدّ مجلس الدولة أن منع هذا النوع من الملابس لا يجوز إذا لم يشكل تعكيرا للنظام العام.
محكمة أوروبية ترفض إعفاء مسلمات من دروس السباحة المختلطة

محكمة أوروبية ترفض إعفاء مسلمات من دروس السباحة المختلطة

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة