عودة سفير إيطاليا إلى العاصمة الليبية طرابلس

السراج إلى القاهرة لبحث مصالحة وطنية بوساطة مصرية

عودة سفير إيطاليا إلى العاصمة الليبية طرابلس
TT

عودة سفير إيطاليا إلى العاصمة الليبية طرابلس

عودة سفير إيطاليا إلى العاصمة الليبية طرابلس

وسط أنباء عن زيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة، يقوم بها اليوم (الأربعاء) فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، أعادت إيطاليا سفيرها إلى العاصمة طرابلس، حيث قدم أمس أوراق اعتماده إلى السراج، لتصبح بعثة روما بذلك أولى البعثات الدبلوماسية الأجنبية التي تعيد فتح أبوابها المغلقة منذ 2015 بسبب أعمال العنف.
وقالت مصادر مصرية وليبية إن السراج سيلتقي خلال الزيارة الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري الذي يترأس اللجنة المصرية الخاصة بمتابعة الأزمة الليبية. واستضافت القاهرة على مدى الأسبوعين الماضيين سلسلة من الاجتماعات مع الفرقاء الليبيين في محاولة للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الراهنة في ليبيا.
من جهة أخرى، قدم السفير الإيطالي أوراق اعتماده إلى السراج تمهيدا للقيام بفتح السفارة الإيطالية التي تعد الآن أول سفارة أوروبية تفتتح داخل العاصمة طرابلس.
وبحسب بيان مقتضب للإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية التابعة لحكومة السراج، فإن السفير الإيطالي الجديد شكر الأمن الدبلوماسي والفرقة الأمنية الأولى التي ستقوم بتأمين البعثة الدبلوماسية الإيطالية في طرابلس.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي، باولو جينتيلوني في تغريدة على موقع «تويتر» إن إعادة فتح سفارة بلاده في طرابلس بمثابة تأكيد على «التزام الحكومة بتحقيق الاستقرار في ليبيا والتعاون ضد المتاجرين بالبشر»، وفقا لما نقلته وكالة أنباء «اكى» الإيطالية.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي إنه «بعد سنتين، تعود إيطاليا للعمل في ليبيا مع وجود سفير، سيقدم أوراق اعتماده غدًا للحكومة المحلية». وعدّ البيان أن إعادة فتح السفارة في طرابلس مؤشر بالغ الأهمية يدل على الثقة في عملية بسط الاستقرار في البلاد، لافتا إلى أن السفير المعتمد يعد بين أفضل الخبراء الذين يعرفون المنطقة والموضوعات السياسية الخاصة بالمتوسط.
وأضاف: «لذا حرصنا على أن يقع الاختيار عليه، لنعمل إذن، من أجل تحقيق نتائج ملموسة على صعيد مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وفي مجال مراقبة نقاط عبور الهجرات على الحدود بين ليبيا والنيجر».
وقالت روما إنه «وتوافقا مع الشروط الأمنية، نرمي إلى تحسين التبادل التجاري بين بلدينا، وإلى تعزيز التواصل بين رجال الأعمال الإيطاليين والليبيين وتشجيع فرص الاستثمار، وذلك أيضا في التجديد المحوري للبنى التحتية الخاصة باستخراج النفط وفي التعاون الثنائي في مجال موارد الطاقة المتجددة والمحروقات غير التقليدية».
وأكد بيان ليبي - إيطالي مشترك صدر عقب اجتماع فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني مع وزير الداخلية الإيطالي ماركو منيتي والوفد المرافق له في طرابلس أول من أمس، أنه تم التأكيد على دعم إيطاليا الكامل لحكومة السراج، ودور ليبيا المهم في مكافحة الإرهاب على المستويين الإقليمي والدولي، بخاصة منطقة البحر المتوسط.
وأوضح أنه تم الاتفاق على البناء على معاهدة الصداقة والشراكة والتعاون، و«إعلان طرابلس» الموقّع عام 2012 بوصفه التزاما مشتركا في مكافحة الهجرة غير المشروعة، والاتجار بالبشر، وتهريب الوقود.
وقال البيان إنه تمت مناقشة التقدم في مجال التعاون الثنائي بين البلدين في مجال الأمن، والتأكيد على المضي قدمًا في تعزيز وترسيخ التعاون في هذا المجال، «كما تبادل الطرفان وجهات النظر حول مشكلة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، التي تؤرق الجانبين، كما تم تقديم مشروع مذكرة تفاهم بشأن مكافحة الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر، ومكافحة تهريب الوقود، لتعزيز التعاون بين البلدين في هذه المجالات، لغرض الدراسة، وتمهيدًا لاعتمادها».
وناقش الاجتماع عمليات التهريب بكل أشكالها، وحماية الحدود، بخاصة الحدود الجنوبية للبلاد، حيث لفت البيان إلى أن السفارة الليبية في روما ستكون المنسق الرئيسي في كل هذه المشروعات.
ولم يقدم وزير الداخلية الإيطالي الذي زار طرابلس أول من أمس والتقى بمسؤولين في حكومة السراج، تفاصيل عن الإجراءات الأمنية المتخذة لضمان أمن السفارة في طرابلس التي كانت شهدت عدة هجمات على سفارات ودبلوماسيين.
وكانت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوني قالت في مقابلة نهاية الأسبوع الماضي إنه «بالاتفاق مع ليبيا، علينا أن ندعم حرس السواحل والبحرية الليبيين للقيام بعمليات مراقبة في المياه الليبية». وأضافت أن «المعركة ضد مهربي البشر لا يمكن كسبها في المياه الدولية. يجب خوضها في المياه الليبية».
وأغلقت إيطاليا سفارتها لدى ليبيا بعد انخراط الفصائل المتنافسة في صراع سمح لمهربي البشر النشطين بالإفلات من العقاب ولتنظيم داعش المتطرف بتأسيس موطئ قدم له.
وكانت السفارة الإيطالية إحدى آخر السفارات التي أغلقت أبوابها في فبراير (شباط) عام 2015 بعد استيلاء ما يعرف بـ«فجر ليبيا» على العاصمة إثر معارك عنيفة.
كما أقامت إيطاليا مستشفى عسكريا قرب مدينة مصراتة بغرب البلاد، وتقود مهمة تابعة للاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط، وبدأت تدريب خفر السواحل الليبي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأجلت دول غربية أخرى بعثاتها الدبلوماسية من ليبيا عام 2014 مع تدهور الأوضاع بعد الإطاحة بمعمر القذافي، حيث قالت دول كثيرة إنها تخطط لإعادة فتح سفاراتها، لكن لم يجر فتح أي منها حتى الآن.
ويعمل سفيرا بريطانيا وفرنسا اللذان قدما أوراق اعتمادهما أواخر العام الماضي، من تونس.
وكانت إيطاليا شهدت في السنوات الأخيرة تدفقا استثنائيا لمئات آلاف المهاجرين الذين يستفيدون من الفوضى السائدة في ليبيا لمحاولة عبور البحر الأبيض المتوسط.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.