رحيل رفسنجاني... كاتم أسرار النظام الإيراني

توفي بعد نوبة قلبية وجنازته تبدأ من معقل الخميني

شهدت الأعوام الأخيرة من حياة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسجاني علاقات متوترة مع المرشد الإيراني علي خامنئي
شهدت الأعوام الأخيرة من حياة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسجاني علاقات متوترة مع المرشد الإيراني علي خامنئي
TT

رحيل رفسنجاني... كاتم أسرار النظام الإيراني

شهدت الأعوام الأخيرة من حياة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسجاني علاقات متوترة مع المرشد الإيراني علي خامنئي
شهدت الأعوام الأخيرة من حياة رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسجاني علاقات متوترة مع المرشد الإيراني علي خامنئي

أعلنت إيران رسميا أمس وفاة أبرز مؤسسي النظام الإيراني ورجل الأسرار الكبيرة علي أكبر هاشمي رفسنجاني إثر نوبة قلبية عن عمر يناهز 82.
ويعد رفسنجاني أبرز الشخصيات السياسية بعد الخميني وخامنئي في النظام الإيراني واشتهر الرجل بمواقفه البراغماتية في التقريب بين تيارات السلطة الإيرانية كذلك كان لرفسنجاني الدور الأبرز في كتابة الدستور الإيراني بعد الثورة وتعديل الدستور بعد رحيل الخميني وفي سنوات حرب الخليج الأولى شغل رفسنجاني منصب ممثل الخميني في المجلس الأعلى للدفاع ونائب قائد القوات المسلحة وكانت قيادة الحرس الثوري والجيش تحت إمرته في حرب الخليج الأولى.
في هذا الصدد، أكدت وسائل إعلام إيرانية وفاة هاشمي رفسنجاني في مشفى تجريش شمال طهران بعد ساعات من تقارير متباينة حول تدهور حالته الصحية وبعد لحظات من إعلان خبر وفاته ذكرت مواقع رسمية أن الرئيس الإيراني حسن روحاني كان أول المسؤولين الذين توجهوا إلى المشفى.
وكانت وكالة الأنباء الرسمية أول جهة أمس نقلت خبر نقل رفسنجاني إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية وكان شقيقه محمد هاشمي قبل ساعات من إعلان وفاته قال لوكالة «إيسنا» إن «حالته الصحية في تحسن».
واعتبرت وسائل الإعلام الحكومية رحيل رفسنجاني بداية صفحة جديدة في السياسة الإيرانية نظرا لدوره ومساره في النظام الإيراني على مدى العقود الأربعة الماضية.
وبعد إعلان وفاته أصدر المسؤولون الإيرانيون بيانات منفصلة لتأبين رفسنجاني كما نعى مكتب خامنئي رحيل أبرز خصومه وشركائه خلال الرحلة التي بدأت من صفوف الحوزة العلمية في قم قبل سنوات من وصول النظام الإيراني الجديد إلى سدة الحكم.
وأعلن مكتبه أمس أنه يقيم جنازته انطلاقا من حسينية جماران معقل الخميني وسط طهران من دون تحديد الموعد كما لم يحدد بعد مكان دفنه.
وتقلد رفسنجاني مناصب مختلفة على مدى 37 عاما في النظام الإيراني منها عضو المجلس الأعلى للثورة ووزير الداخلية ورئاسة البرلمان لثمانية أعوام بين 1980 إلى 1988 عندما كان خامنئي رئيسا للجمهورية وفاز بأول انتخابات رئاسية بعد تقلد خامنئي منصب المرشد الأعلى في إيران عام 1988 وظل في المنصب لغاية 1997 تاركا مكانه للرئيس الإصلاحي محمد خاتمي. ومنذ ذلك الحين شغل رفسنجاني منصب رئيس مجلس خبراء القيادة لثمانية أعوام.
في عام 1996 قبل عام من نهاية فترته الرئاسية الثانية أسس رفسنجاني حزب «عمال البناء» لتبدأ مرحلة جديدة من الإصلاح في إيران وكان الحزب قرر الوقوف إلى جانب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية 1997 ضد علي أكبر ناطق نوري مرشح المحافظين آنذاك.
يشاع عن رفسنجاني أنه أقنع المرشد الإيراني الأول الخميني بعزل أول رئيس جمهورية في إيران أبو الحسن بني صدر كما أن خامنئي يدين لرفسنجاني بتعيينه في منصب المرشد الأعلى بعدما كان تصويت مجلس خبراء القيادة ومراجع قم يتجه نحو تنصيب محمد رضا غلبايغاني خلفا للخميني وفق ما تسرب من لحظات كما يعد رفسنجاني المتهم الأول في حذف أحمد الخميني من الحياة السياسية في إيران وهي نفس التهمة التي تلاحقه فيما يتعلق بقضية نائب الخميني حسين علي منتظري.
في هذا السياق يمكن تقسيم الحياة السياسية لرفسنجاني إلى أربع محطات رئيسية تبدأ الأولى من 1979 وتنتهي بوفاة الخميني حيث كان رفسنجاني اللاعب السياسي الأقوى والأقرب للخميني وخامنئي وحافظ أسرار إيران في سنوات تثبيت أركان النظام حيث شهدت حرب الخليج الأولى واغتيالات كثيرة طالت شخصيات سياسية في إيران، وكانت بداية المحطة الثانية بفوز رفسنجاني في الانتخابات الرئاسية حيث شهدت سنوات الاقتصاد الإيراني سنوات التعافي من حرب الخليج الأولى وقدم رفسنجاني في هذه المرحلة تحسين علاقات إيران بجوارها العربي والمشاريع الاقتصادية على البرامج السياسية وهي نفس السنوات التي شهدت تنامي نشاط الحرس الثوري في الاقتصاد الإيراني. تبدأ المرحلة الثالثة بعد نهاية دورته الرئاسية وتعيينه في منصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام المكلف بتعيين السياسات العامة للنظام الإيراني بعد بداية عمله بتاريخ 6 فبراير (شباط) 1990 وبقي في المنصب حتى لحظة وفاته ولكن المحطة الرابعة تبدأ بعد انتخابات 2009 حيث يتهم هاشمي رفسنجاني بأنه كان أول سياسي يوجه رسالة لخامنئي يطالبه فيها بالتدخل لوقف التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية لصالح محمود أحمدي نجاد وبدأ رفسنجاني رسالته المثيرة للجدل من دون سلام ختمها بجملة «الحكم دون رضى الشعب لن يدوم» ومنذ ذلك الحين مارست دوائر خامنئي حربا باردة ضد رفسنجاني ومقربيه وكان أبرز تلك الملفات ملاحقة أبنائه ودخولهم إلى السجن بتهمة الفساد الاقتصادي.
ورغم الضغوط الكبيرة التي تعرض لها رفسنجاني في سنواته الأخيرة فإنه لعب دور الفيصل في حال الخلاف الحاد بين دوائر صنع القرار وكان خامنئي على الرغم من خلافاته مع رفسنجاني أعاد تعيينه في المنصب عام 2012 نظرا لمكانته في هرم السياسة في إيران. وكان من المقرر أن يعيد خامنئي تعيين أعضاء هذا المجلس في مارس المقبل وسط شكوك في قيامه بإعادة تعيين رفسنجاني لرئاسة المجلس.
وبرزت خلافاته مع خامنئي بعد انحياز المرشد الإيراني للمرشح منافس هاشمي رفسنجاني في الانتخابات الرئاسية 2005 محمود أحمدي نجاد.
وتحول رفسنجاني إلى شخصية رمزية لدى الإصلاحيين بعد رفض أهليته للترشح في الانتخابات الرئاسية في 2009 كما كان لرفض رفسنجاني الفضل في موافقة مجلس صيانة الدستور على ترشح روحاني.
في السنوات الثلاث والنصف الأولى من رئاسته كان حسن روحاني يعول على ثقل رفسنجاني في لعب دور لرأب الصدع بينه وبين الإصلاحيين ومن شأن وفاته أن تترك أثرها على علاقات روحاني بالإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وكان رفسنجاني عقب رفض أهليته للترشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة دعم ترشح روحاني وأنه يدين لرفسنجاني بفوزه في الانتخابات الرئاسية وبحسب تسريبات فإن رفسنجاني في أيامه الأخيرة قام بلعب دور الوسيط بين روحاني ومحمد خاتمي زعيم التيار الإصلاحي.
وكان من شأن «شيخ» السياسة في إيران أن يكون وسيطا بين روحاني والجبهة الإصلاحية وذلك نظرا لموقعه الذي يتمتع به عند قسم كبير من الإصلاحيين على رأسهم حزب عمال البناء وكذلك نظرا لما تجمعه من علاقات جيدة مع كل من حسن خميني ومحمد خاتمي رمزي الإصلاحيين في مرحلة ما بعد 2009 والتي أطلق عليها خامنئي تسمية «الفتنة».
ومع وفاة الرجل فإن الباب سيترك مفتوحا أمام الاحتمالات لشغل هذا المنصب الشاغر ويتوقع أن يتجه المرشد الإيراني نحو تعيين جنتي الذي كاد أن يخسر الانتخابات الأخيرة في مجلس خبراء القيادة.
* أبرز محطات رفسنجاني
- دخل السجن سبع مرات قبل ثورة 1979 بسبب قربه من الخميني
- 1979 - 1980 عضو مجلس قيادة الثورة
- 1980 انتخاب رفسنجاني رئيسًا للبرلمان الإيراني في أولى دوراته
- 1980 - 1988 ممثل الخميني في اللجنة العليا الدفاعية
- يونيو (حزيران) 1988 - نائب قائد القوات المسلحة بقرار من الخميني
- 1989 - يونيو لعب دورًا أساسيًا في انتخاب خامنئي لمنصب المرشد الأعلى
-1989 انتخب رئيسًا لجمهورية إيران، وفي العام نفسه اختاره خامنئي رئيسًا لمجلس تشخيص مصلحة النظام
- يونيو 1993 انتخب رئيسًا لفترة رئاسية ثانية
- 1996 محكمة ألمانية تدرج رفسنجاني وخامنئي ووزير مخابرات علي فلاحيان ووزير الخارجية علي أكبر ولايتي على لائحة أبرز المطلوبين بسبب دورهم في الاغتيالات السياسية والقيام بعمليات إرهابية في داخل وخارج إيران
- 1997 نهاية فترته الرئاسية الثانية ودعم المرشح محمد خاتمي
- 2005 ترشح للمرة الثالثة للانتخابات الرئاسية وانهزم أمام أحمدي نجاد في المرحلة الثانية
- 2009 دعم ميرحسين موسوي ضد أحمدي نجاد في الانتخابات ووقف إلى جانب الاحتجاجات
- 2015 شارك في انتخابات مجلس خبراء القيادة 2015، وحاز المرتبة الأولى في طهران رغم ذلك رفض الترشح لرئاسة المجلس



إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

ونشرت ابنته ميراف خاندان عبر حسابها على موقع «إنستغرام»: «تم اعتقال والدي في منزله هذا الصباح». وأكد محاميه محمد مقيمي المعلومة في منشور على منصة «إكس»، موضحاً أن الناشط قد يكون أوقف لقضاء حكم سابق.

ولم ترد تفاصيل أخرى بشأن طبيعة القضية أو مكان احتجازه، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوقفت زوجته ستوده البالغة 61 عاماً والحائزة عام 2012 جائزة «ساخاروف» لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي، آخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أثناء حضورها جنازة أرميتا غاراواند التي توفيت عن 17 عاماً في ظروف مثيرة للجدل. وكانت دول أوروبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد أعربت عن دعمها للمحامية التي أُطلق سراحها بعد أسبوعين.

وقد دافعت عن العديد من المعارضين والناشطين، من بينهم نساء رفضن ارتداء الحجاب الإلزامي في إيران، وكذلك مساجين حُكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين. وكان زوجها يساندها باستمرار، ويطالب بالإفراج عنها في كل فترة اعتقال. ويأتي توقيفه فيما من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات المرتبطة بانتهاك قواعد اللباس في إيران.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير إن النساء قد يواجهن عقوبة تصل إلى الإعدام إذا انتهكن القانون الرامي إلى «تعزيز ثقافة العفة والحجاب».