أقر المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابنيت) في الحكومة الإسرائيلية، في ساعة متأخرة من مساء أمس، سلسلة إجراءات عقابية ضد أهالي القدس الشرقية المحتلة عموما، وحي جبل المكبر بشكل خاص، وذلك في أعقاب قيام شاب فلسطيني بتنفيذ عملية دهس يائسة، لتجمع للجنود في حي المندوب السامي في المدينة، والتسبب في مقتل 4 منهم وجرح العشرات.
وقال مصدر سياسي أمني مقرب من الحكومة، أمس، إن «هذه العقوبات، التي سيبقى قسم منها سريا، جاءت بهدف ردع الشباب الفلسطيني عموما وفي القدس خصوصا، حتى لا تصبح هذه العمليات نموذجا يحتذيه الشبان اليائسون». وقد باشرت بتنفيذ بعض العقوبات الجماعية، إذ حاصرت حي جبل أبو غنيم جنوب القدس الشرقية المحتلة.
وكان شهود عيان رووا، أمس، أن شابا فلسطينيا، تبين فيما بعد أنه يدعى فادي قنبر (28 عاما)، يعمل سائق شاحنة في شركة فلسطينية مقدسية، كمن في زاوية قريبة من تجمع يستخدمه الجنود عادة عند عودتهم من العطلة الأسبوعية. وعندما شاهد الجنود يتجمعون (نحو 300 جندي مع ضباطهم)، دهمهم بالشاحنة، فدهس كثيرا منهم، بطريقة تدل على أنه استعد جيدا للعملية، وربما تدرب عليها مسبقا. فقد دهس أول مجموعة، ثم عاد إلى الوراء وانقض على مجموعة ثانية وثالثة. وقد شوهد الجنود يهربون في شتى الاتجاهات وهو يطاردهم بالشاحنة، إلى أن قام اثنان منهم بإطلاق وابل من الرصاص باتجاهه (13 رصاصة)، وقتلوه وشلوا حركته.
وقد أسفرت العملية عن مقتل 4 (جندي ومجندتان وامرأة ثالثة برتبة ضابط)، وإصابة 17 شخصا بجراح جسدية، بين صعبة ومتوسطة وخفيفة، وأصيب نحو 20 آخرين بالصدمة النفسية.
وأصدر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، بيانا أعلن فيه عن بدء تحقيق في ظروف العملية وكيفية استخلاص العبر منها. ودافع فيه عن الجنود الذين هربوا، وقال إنهم لم يستوعبوا أنها عملية إرهابية، وظنوا أنها حادثة طريق، إذ إن الشاحنة حملت لوحة أرقام إسرائيلية صفراء. وعندما استوعب اثنان منهم أنها كذلك، سارعوا في إطلاق الرصاص وقتل منفذ العملية.
وحضر إلى ساحة العملية كل من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، أفيغدور ليبرمان، ورئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت. فواجههم نحو 20 شخصا من نشطاء اليمين المتطرف الذين طالبوا بإسقاط نتنياهو ومحاكمة آيزنكوت. وصرخ أحدهم: «هذه هي نتيجة محاكمة أليئور أزاريا» (الجندي الإسرائيلي الذي أدين بقتل الجريح الفلسطيني عبد الفتاح شريف). فالجنود خافوا من محاكمتهم إذا أطلقوا الرصاص على الفلسطيني، مثلما حصل لأزاريا، ولو أطلقوا الرصاص منذ البداية، لما وصل عدد القتلى إلى هذا الحد.
يذكر أن العملية كلها، منذ أن بدأ الشاب الفلسطيني عملية الدهس وحتى مقتله، لم تستغرق أكثر من 30 ثانية.
وقد اتهم كل من نتنياهو وليبرمان منفذ عملية الدهس، بالإعراب عن تأييده، في الماضي، تنظيم داعش. وقال نتنياهو: «نحن نعرف هوية المنفذ وهو من مؤيدي (داعش)». وتباهى بالإجراءات التي اتخذها قائلا: «لقد فرضنا إغلاقا وطوقا داخليا على حي جبل المكبر الذي خرج منه منفذ العملية، كما نقوم بعمليات أخرى لا يمكنني الإفصاح عنها الآن، ونحن نعلم بوجود سلسلة من العمليات، ولا نستبعد وجود رابط بينها، والآن وصلت إلى القدس، ونحن سنحارب هذا الوباء وسننتصر عليه».
من جهتها، أعلنت شرطة القدس والمخابرات عن استنفار أمني وحالة طوارئ. وقالت الشرطة إنها ليست لديها معلومات عن وجود أي خلفية للمنفذ، وإنه لا ينتمي لأي من التنظيمات، وكذلك لا تتوفر لديها أي معلومات عن دوافعه حتى الآن. وقال القائد العام للشرطة، روني الشيخ، إن الشرطة لم تملك أي معلومات عن العملية قبل حدوثها، مؤكدًا نشر 300 عنصر إضافي من قواته في القدس الشرقية. وأعلن فرض أمر حظر نشر على التحقيقات المتعلقة بالعملية. وتابع: «إن منفذ العملية يحمل الهوية الإسرائيلية، التي تمكنه من قيادة مركبة تحمل لوحة ترخيص صفراء». ولم يستبعد أن تتحول العملية إلى تقليد لعمليات الدهس التي تنفذ في أوروبا هذه الأيام.
أما في الجانب الفلسطيني، فقد أفيد بأن الشرطة الإسرائيلية تنفذ هجوما شرسا على سكان القدس الشرقية العرب، وخصوصا حي جبل المكبر، انتقاما للعملية. وأنه جرى اعتقال والد ووالدة الشاب فادي قنبر للتحقيق، ومعهما عدد آخر من الأقارب. وقد باركت كل من حركة «الجهاد الإسلامي» و«حماس» عملية الدهس واعتبراها بطولية. واعتبر الناطق باسم حركة «الجهاد الإسلامي»، داود شهاب، أنها «رد طبيعي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا الفلسطيني»، فيما قال المتحدث باسم حركة «حماس»، فوزي برهوم، في تصريح صحافي، إن هذه العملية «تأكيد على أن المقاومة مستمرة وانتفاضة القدس ماضية، وأن كل محاولات القتل والإجرام والإرهاب الإسرائيلي بحق شعبنا ومقاومتنا وأهلنا في القدس، لن تكسر إرادة المقاومة، ولن تزيدها إلا إصرارًا على المضي في طريق الجهاد والمقاومة؛ دفاعًا عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، وبكل ما أوتينا من أدوات وأشكال المقاومة». وحمل برهوم الاحتلال المسؤولية الكاملة عن كل هذه النتائج. وقال: «الاحتلال هو المسؤول عن تفجير الأوضاع في القدس، وحكومته العنصرية، بسياساتها المتغطرسة والفاشية بحق شعبنا ومقدساتنا، تعتبر صانعة سفك دماء من هذا القبيل».
مقتل 4 جنود إسرائيليين وجرح 17 آخرين في عملية دهس نفذها فلسطيني
«حماس» و«الجهاد» تباركانها وقوات الاحتلال تحاصر «المكبر» وتعاقب المقدسيين
مقتل 4 جنود إسرائيليين وجرح 17 آخرين في عملية دهس نفذها فلسطيني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة