الأرجنتين تستعيد قواها بعد 10 سنوات من حكم اليسار

دبلوماسي رفيع لـ«الشرق الأوسط» : بلادنا لها روابط تاريخية مع العالم العربي

الأرجنتين تستعيد قواها بعد 10 سنوات من حكم اليسار
TT

الأرجنتين تستعيد قواها بعد 10 سنوات من حكم اليسار

الأرجنتين تستعيد قواها بعد 10 سنوات من حكم اليسار

بعد 12 عامًا من الحكم الاشتراكي في الأرجنتين بقيادة الرئيس الأسبق نيستور كريشنر وزوجته كريستينا كريشنر، تحاول الآن البلاد استعادة أهميتها على الخريطة العالمية، وسط تقليل للأزمة المالية التي شهدتها البلاد إثر إخفاق سياسات حكومية سابقة.
في مقابلة خاصة لـ«الشرق الأوسط» تحدث السفير الأرجنتيني لدى المملكة المتحدة، كارلوس سيرسالي دي سيريسانو، حول أداء حكومة بلاده في العام الأول تحت حكم الرئيس اليميني ماوريثو ماكري، مؤكدًا على ضرورة استعادة العدالة والتحقيق مجددًا في أحداث تفجيرات بيونس آيرس، والتي استهدفت الجاليات اليهودية عام 1994، والتي خلفت نحو 85 قتيلاً و300 جريح، والتي اتهمت فيها أطراف إيرانية بارتكاب الحادثة.
الجدير بالذكر أن الأرجنتين منذ بداية هذا العام تتولى رئاسة أكبر التكتلات الاقتصادية في القارة اللاتينية «الميركوسور»، وقال دي سيريسانو إن «بعد وصول الرئيس ماوريثيو ماكري إلى السلطة عام 2015 تسلم البلاد وسط عدم وجود احتياطيات في البنك المركزي و40 في المائة من الشعب الأرجنتيني يعمل في السوق الموازية ونسبة تضخم تصل إلى 30 في المائة إضافة إلى 30 في المائة من السكان، يعيشون تحت خط الفقر، وفي ظروف صعبة كان لا يسمح فيها للبلاد بالحصول على القروض الأجنبية وانهيار مصداقية الدولة. وعكفت الحكومة على التصدي لكل ذلك عبر تعزيز النظام الديمقراطي، والأبعاد الاقتصادية، وتقليل العجز المالي. وتطمح الأرجنتين خلال السنوات العشر المقبلة لاستقطاب استثمارات أجنبية تصل إلى نحو 175 مليار دولار، مقسمة على خمسة قطاعات تشمل قطاعات الطاقة والتعدين والبنية التحتية، وذلك عبر القطاعات العامة والخاصة.
وأشار الدبلوماسي إلى أن بلاده تريد أن تعكس صورة دولة القانون واستعادة الثقة دون أن تتغير السياسات كل يوم، وأن تكون شريكًا لأي دولة تريد ذلك، والتركيز على القطاعات الزراعية وإنتاج السلع، وخصوصًا وأن الأرجنتين دولة لديها قدرات كبرى.
وعن العلاقات العربية الأرجنتينية صرح دي سيريسانو بأن لدى الأرجنتين والعالم العربي روابط تاريخية وسفارات في جميع دول شمال أفريقيا وغالبية دول الخليج، وهو ما يقرب بيونس آيرس إلى العالم العربي، كما أن عددا من الدول العربية لديها تمثيل دبلوماسي في الأرجنتين، وأضاف دي سيريسانو أن دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة لديهما خطوط جوية مباشرة إلى العاصمة بيونس آيرس، كما أن هناك دولا عربية تستثمر في قطاع الزراعة في الأرجنتين، وكذلك قطاعا العقارات والسياحة وكل ما هو متصل بصناعة السياحة.
وأشار إلى أن الأرجنتين لديها المساحة نفسها مثل دولة كالهند، إلا أن تعداد سكانها 43 مليون نسمة فقط، وغالبهم يتركزون في العواصم الكبرى؛ مما يعنى أن البلاد شاسعة ومترامية الأطراف، مما يجعلها تمثل مخزونًا طبيعيًا للاستثمار، وخصوصًا في قطاع التعدين، وهو قطاع منفتح للاستثمار والتنمية، بالإضافة إلى قطاع الماشية.
سياسيًا، أشار دي سيريسانو إلى أن بلاده تحتاج إلى إصلاحات برلمانية، وذلك حتى يدرك الشعب الأرجنتيني أن لديه حكومة تعمل جيدًا. وعلى الصعيد الاقتصادي أشار إلى ضرورة توسيع نطاق الاستثمار وخصوصا قطاع التعدين وإقامة السدود والربط عبر الأنفاق والسكك الحديدية مع الجارة تشيلي وبعدها لتفعيل مشاريع عدة في كل أرجاء البلاد، وتقليل العجز، والوصول إلى نسب مقبولة للتضخم.
وعن علاقة بلاده بفنزويلا، أشار دي سيريسانو إلى أن كاراكاس لم تفِ بالتزاماتها تجاه التكتل، فمنذ 7 سنوات انضمت كعضو في التكتل، وهناك ضوابط تحكم عمل المنظمة، وهو ما لم تف بها فنزويلا.
وعن الملف الإيراني قال دي سيريسانو إن الرئيسة السابقة كريشنر كانت وقعت مذكرة تفاهم مع النظام، وهذا بعيد تمامًا عن أحداث تفجيرات الأرجنتين والمذكرة التي وقعتها الرئيسة السابقة كانت بخصوص فتح مجال للتعاون في قضية ما يسمى «اميا»، وكان وقتها هناك طلبات وجهت من القضاء الأرجنتيني بحق 5 إيرانيين مشتبه بهم لتنفيذ الاعتداء حسب القضاء الأرجنتيني، إلا أن العلاقات موجودة وقد تتأثر بهذه القضية. في عام 2015 قرر القضاء أنه لا توجد قضية إلا أن الآن القضية قد وكلت إلى قاضٍ آخر، وتم فتح ملف القضية من جديد، وسيكون هناك تحقيقات جديدة، وقد قال الرئيس ماكري إن القضية في يد القضاء، إلا أنه يدعم القضاء لإيجاد الدلائل اللازمة لتطبيق العدالة، فنظام العدالة مستقل، وما تقوم به الحكومة هو تقديم الدعم اللازم لتحقيق العدالة، وأيضًا محاسبة أي مسؤول عن ملفات الفساد.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».