الجيش اليمني يحرر مواقع استراتيجية قرب باب المندب

انطلاق عمليات «الرمح الذهبي» لتحرير تعز

قوات الجيش اليمني لدى تجمعها في منطقة ذباب غرب تعز (أ.ف.ب)
قوات الجيش اليمني لدى تجمعها في منطقة ذباب غرب تعز (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني يحرر مواقع استراتيجية قرب باب المندب

قوات الجيش اليمني لدى تجمعها في منطقة ذباب غرب تعز (أ.ف.ب)
قوات الجيش اليمني لدى تجمعها في منطقة ذباب غرب تعز (أ.ف.ب)

تمكنت قوات الجيش اليمني، في عملية عسكرية واسعة النطاق ومباغتة، أمس، من تحرير عدد من المناطق الاستراتيجية في جنوب غربي مدينة تعز، بالقرب من مضيق باب المندب الاستراتيجي. وأكدت مصادر ميدانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الجيش سيطرت على مناطق ذوباب والعمري وجبال المنصورة، قرب المضيق الدولي المهم، بعد معارك عنيفة، سقط فيها عشرات من القتلى والجرحى في صفوف الانقلابيين وقوات الجيش، وهي العملية التي جرت بدعم وإسناد واسعين من قبل قوات التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية.
وذكرت المصادر أن الجيش اليمني أطلق عملية «الرمح الذهبي» لتحرير محافظة تعز من ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية. وقال العقيد منصور الحساني، المتحدث باسم قوات الجيش في تعز، إن «العملية العسكرية الجارية في تعز، التي تتم بإشراف مباشر من الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر، وبإسناد من قوات التحالف العربي، وقيادة قائد المنطقة الرابعة، ومحافظ المحافظة، وقائد محور تعز، بدأت اليوم معركة تحرير المناطق الغربية لمحافظة تعز وتحرير الساحل الغربي. ورجال الجيش يحققون انتصارات كبيرة ويواصلون الزحف في جميع الاتجاهات، والساعات المقبلة ستكون حاسمة».
وقالت مصادر في عدن، إن إطلاق عملية تحرير تعز، جاءت بعد تخطيط استمر لأشهر، وتجهيزات عسكرية ولوجيستية، بغية تحقيق نصر كامل وغير منقوص، مؤكدة أن العمليات سوف تمتد لمناطق أوسع من مدينة وريف تعز، وأن قوات الجيش اليمني حصلت على تعزيزات عسكرية ضخمة من قوات التحالف.
وتطرقت المصادر إلى الأهمية الاستراتيجية للمناطق التي حُررت، والمناطق التي يجري تحريرها، وبالأخص فيما يتعلق بإنهاء تواجد الانقلابيين قرب الممر المائي الدولي المهم، وأعمال القرصنة التي كانوا يقومون بها ضد السفن التي تمر من المضيق. وأردفت المصادر أن تحرير هذه المناطق «يقطع يد إيران وأعوانها وينهي أطماعها في المنطقة الاستراتيجية على البحر الأحمر».
وبعد مواجهات عنيفة، اقتحمت القوات معسكر العمري، وجرت مواجهات عنيفة داخل المعسكر، وساعد في ذلك التقدم الغطاء الجوي من قبل طيران التحالف العربي الذي يحقق نجاحا كبيرا وإصابات دقيقة، كما تمكنت القوات من تحرير ذوباب بشكل كامل، ومنطقة كهبوب بمديرية الوازعية، وجبال العمري غرب تعز، والمعارك على أشدها، والتقدم مستمر والميليشيات تتهاوى وتفر من أمام الجيش، بحسب الحساني.
وقتل في معارك باب المندب، العميد عمر سعيد الصبيحي، قائد «اللواء الثالث حزم»، قائد معركة جبهات الصبيحة وباب المندب. ويعد العميد الصبيحي من القيادات الجنوبية التي سرحها نظام المخلوع صالح بعد حرب صيف عام 1994، وشارك في تحرير عدن من الميليشيات، وبعد التحرير تولى تأسيس «اللواء الثالث حزم» بدعم وإشراف قوات التحالف في عدن، وظل في الخطوط الأمامية لقيادة المعارك ضد الانقلابيين شمال شرقي باب المندب، وفي جبهات التماس بين محافظتي تعز ولحج.
في سياق متصل، تجددت المواجهات بشكل عنيف في الجبهة الشرقية بمدينة تعز وجبهة الأحكوم الريفية، جنوب المدينة، وذلك بعد تعرض مواقع الجيش اليمني لقصف عنيف بمختلف الأسلحة، الأمر الذي جعل قوات الجيش ترد على مصادر إطلاق النيران.
وأفشلت وحدات من «اللواء 35 مدرع» في الصلو، تقدم الميليشيات الانقلابية إلى مواقعها، حيث دارت مواجهات عنيفة بين الطرفين، وأجبرت قوات الجيش الميليشيات على الفرار مخلفة وراءها قتلاها وجرحاها وعتادها العسكري.
وتأتي هذه التطورات الميدانية في تعز، بعد أقل من 24 ساعة، حققت فيها قوات الجيش تقدما في جبهة مقبنة وجبل حبشي، غرب المدينة، وتمكنت من تحرير كثير من المواقع والوصول إلى المواقع المطلة على الطريق الذي يربط بين محافظتي تعز والحديدة، وهو الطريق الذي تستخدمه الميليشيات الانقلابية لنقل إمداداتها من الحديدة الساحلية (غرب اليمن) إلى تعز.
وفي محافظة صعدة، تواصل قوات الجيش الوطني اليمني تقدمها وسيطرتها على مناطق مهمة بالقرب من الحدود اليمنية مع السعودية. ووفقا لمصادر عسكرية ميدانية، تمكنت قوات الجيش، فجر أمس، من قطع طريق الإمدادات الذي يربط بين محافظتي صعدة والجوف، بعد السيطرة على المعسكر الذي يقع في «مفرق الجوف صعدة». وقالت مصادر في الجيش اليمني بمحافظة صعدة، إن قوات الشرعية حققت، أمس السبت، تقدما كبيرا في جبهات منفذ البقع الحدودي مع السعودية، وتمكنت من الوصول إلى مناطق استراتيجية في كتاف شمال شرقي المحافظة، وقطع خط إمدادات الميليشيات الرئيسي الذي يربط محافظتي صعدة والجوف.
وتشتد الموجهات بشراسة في منطقتي البقع وكتاف، ونجحت قوات الشرعية بإسناد التحالف في السيطرة على مثلث كتاف، وقطع خط الإمدادات الرئيسي الذي يربط محافظة الجوف بصعدة المعقل الرئيسي لجماعة الحوثيين.
وأوضحت المصادر العسكرية أن قوات الجيش اليمني حققت انتصارات متسارعة في كتاف، وأن عشرات الحوثيين سقطوا بين قتلى وجرحى بغارات للتحالف، وتم تدمير أطقم وعربات عسكرية، وسط عمليات فرار كبيرة لعناصر الميليشيات من جبهات المثلث الرئيسي بكتاف (165 كيلومترا شمال شرقي صعدة).
وكانت سلسلة غارات جوية لمقاتلات التحالف، قد استهدفت مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح في جبهات البقع وكتاف بمحافظة صعدة، وأخرى استهدفت الميليشيات في حجة ومأرب وبيحان وتعز والحديدة، وأسفرت عن تكبيد الميليشيات خسائر فادحة في العتاد والأرواح.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.