إضراب جامعة صنعاء يتحول من جزئي إلى شامل

إضراب جامعة صنعاء يتحول من جزئي إلى شامل
TT

إضراب جامعة صنعاء يتحول من جزئي إلى شامل

إضراب جامعة صنعاء يتحول من جزئي إلى شامل

تصاعدت حدة الغليان لدى هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء التي أعلنت تصعيدها من مرحلة الإضراب في الجامعات، تنفيذًا لقرارات المجلس الأعلى للتنسيق بين نقابات أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في الجامعات الحكومية، وقرارات الهيئة الإدارية.
وتأتي هذه التحركات عطفًا على مطالبات بحقوق هيئة التدريس، وعلى رأسها المرتبات والأجور التي ترفض ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية صرفها منذ 4 أشهر.
ودشنت هيئة التدريس بجامعة صنعاء مرحلة إضراب شامل، وهي المرحلة الثالثة من فعاليات الإضراب، بعد نجاح فعاليات التصعيد السابقة المتمثلة برفع الشارات الحمراء والإضراب الجزئي الذي كان خلال الأسبوع الماضي.
وقال الدكتور عبد الله أبو الغيث، ممثل الأساتذة في مجلس جامعة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التصعيد الذي قامت به نقابات هيئات التدريس في الجامعات اليمنية، وعلى رأسها نقابة جامعة صنعاء، ووصولهم إلى إعلان الإضراب الشامل، لم ينفذ إلا بعد استنفاد الوسائل كافة، وبعد أن صارت الأوضاع المعيشية لأكثرهم مزرية، فبعضهم طردوا من منازلهم لعدم قدرتهم على تسليم إيجاراتها، وبعضهم طرد أولادهم من المدارس لعدم تسديدهم الرسوم، وبعضهم باعوا جزءًا من أثاث منازلهم، أو قاموا برهنه لدى أصحاب الأفران والبقالات والصيدليات».
وأضاف أن «الغريب في القضية إنكار رئاسة جامعة صنعاء طوال الأشهر الأربعة السابقة أن هناك أزمة، وبدلاً من الذهاب للبحث عن حلول، انطلقوا يكيلون تهم العمالة والخيانة لأعضاء هيئة التدريس لأنهم طالبوا بمرتباتهم، من غير أن يسألوا أنفسهم كيف يمكن لهم أن يعيشوا، خصوصًا أن كثيرًا من أعضاء هيئة التدريس يعتبر الراتب مصدر دخلهم الوحيد».
وقال بيان نقابي بخصوص تدشين مرحلة الإضراب الشامل، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «النقابة تؤكد عزمها وإصرارها على المضي في تحقيق المطالب المشروعة لمنتسبيها، وفي مقدمتها دفع الرواتب الشهرية، إذ إن هناك جهودًا مشتركة تقوم بها الهيئة الإدارية والمجلس الأعلى للتنسيق بين النقابات مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي (في حكومة الانقلاب) لتحقيق حلول مرضية للمطالب المشروعة»، داعيًا منتسبي الجامعات إلى «مواصلة الالتزام بالإضراب الشامل».
وأكد البيان أن «الإضراب للمطالبة بالحقوق المشروعة، وعلى رأسها المرتبات والأجور، عمل نقابي قانوني لن تنال منه الدعاوى المغرضة التي تهدف إلى الحرمان من تلك الحقوق، كما أن التمسك الدائم بالحقوق المشروعة، والتعبير عنها وفق الأطر النقابية، هو المدخل الحقيقي والفاعل لنيلها».
وفشلت محاولات ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في كسر الإضراب الجزئي خلال الأسبوع الماضي، حيث وصف بيان الهيئة الإدارية لنقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء بأنها «محاولات شق للصف وتشويش فاشلة».
وكشف مصدر في جامعة صنعاء عن «فشل مدوٍ منيت به رئاسة الجامعة المعينة من قبل ميليشيات الحوثي في كسر الإضراب داخل الجامعة، وأن رئيس الجامعة المعين من قبل الحوثيين، فوزي الصغير، دعا لاجتماع لأعضاء هيئة التدريس الموالين للجماعة لإفشال الخطوات التصعيدية التي تقوم بها نقابة التدريس بالجامعة، لكنه فوجئ بمقاطعة كاملة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لحضور اللقاء، مما اضطره للمغادرة».
وكان ممثلون عن المجلس التنسيقي لنقابات التدريس بالجامعات الحكومية، وممثلون عن نقابة التدريس بجامعة صنعاء ونقابة الموظفين، قد التقوا في وقت سابق مع وزير التعليم العالي في حكومة الميليشيات، حسين حازب، وناقشوا عددًا من الحلول لأزمة الرواتب المنقطعة للشهر الرابع على التوالي، وعبرت النقابات عن تقديرها لذلك، كما نبهت إلى وجود مَن «يعمل على إفشال أي تقارب بين النقابات والوزير في قيادة جامعة صنعاء التي ترغب في إفشال أي تعاون أو حل للأزمة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.