في الشمال الغربي من محافظة القطيف (شرق السعودية)، يبرز أحد أقدم الأحياء في بلدة العوامية التابعة للمحافظة، التي يزخر موقعها بالتاريخ وجذور تربط سكان القطيف والمنطقة الشرقية على العموم، في زمن يتجاوز الثلاثة قرون، وهو اليوم موقع تتطلع معه الأوساط لاستكمال تطويره وتلافي كثير من السلبيات التي تعيش فيه.
ورغم ذلك، أسابيع تمر على دعوة أصحاب المنازل في حي «المسوّرة» ببلدة العوامية، ضمن مشروع تنموي تطويري، دعت من أجله الأجهزة السعودية المعنية أصحاب مئات المنازل والعقارات في المشروع إلى تسلم «شيكات» مبالغ تعويضاتهم المالية بعد تثمينها بمبالغ مالية.
محاولات وتهديدات لأصحاب تلك العقارات الواقعة في الحي، ويقدر عددها أكثر من 450 منزلا، ويقطنها أكثر من 1450 شخصًا، تقودها أطراف فردية لعرقلة تسلم تلك المبالغ في تحدّ أمام خطة تطوير الموقع، بحسابات تلعب على وتر التصدي كون الموقع يعدّ ملاذا للتخفي وممارسة كثير من المهددات في محيطه.
ومرّت خطة المشروع خلال فترة لم تتجاوز الستة أشهر، بمراحل مثل مرحلة رفع بطاقة نزع الملكية، ثم محاضر التسلم ومحاضر التقدير، ويبقى التوقيع عليها من قِبل مالك العقار في المنطقة، فيما أكدت أمانة المنطقة الشرقية قبل أيام، أنه تم البدء في إزالة حي المسورة ببلدية العوامية، ضمن المشاريع التنموية المهمة التي تنفذها الأمانة في محافظة القطيف.
مشروع تطويري تسعى من خلاله أمانة المنطقة الشرقية، إلى تحقيق تنميته وتطويره الحي الذي يعد من أقدم أحياء محافظة القطيف عامة وبلدة العوامية خاصة، الذي يزيد عمر المباني فيه على المائة عام، ويتضمن عددا من المنازل العشوائية القديمة المتداخلة ضمن أزقة ضيقة لا يتجاوز عرضها المتر ونصف المتر، ما تسبب في تشكيل خطورة على ساكني الحي، إضافة إلى وجود نسبة كبيرة من المنازل المهجورة والمهدمة غير قابلة للسكن، وكذلك قِدم شبكات الخدمات الموجودة في الحي.
خطة التطوير كانت معدّة منذ سنوات، لتلافي خطر سقوط المنازل في الحي التاريخي، والاستعداد لمرحلة استراتيجية تتلافى فيها تلك الأخطار المحدقة بالمنطقة وسكانها الذين هجرها غالبيتهم وأصبحت أحد المهددات في البيئة الجغرافية للمحافظة.
حي «المسورة» الذي تشير دلالات تسميته إلى السور الذي كان يحيط بالحي الراقي في الأزمنة الماضية، ومقر التجمع السكاني الكبير الذي مرّ منه وخلاله كثير من عائلات القطيف على مختلف أطيافها؛ سيكون بواجهة جديدة خلال أعوام، بعد أن شرعت الأجهزة المختصة بإزالة الحي نظرا للخطر المحدق بالسكان جراء تساقط كثير من البيوت الطينية التي تقع في قلبه وأطرافه.
«المسورة» ذات الأسوار الأربعة، تهدّم كثير من ملامحها التاريخية، ولم يبق من ضمن أركانها التي كانت تستخدم كأبراج للمراقبة التي كانت شاهقة؛ سوى ركن واحد، أصبح هو الآخر على طريق ما سبقه في الحي الشعبي الزاخر، بعد عقود ماضية كان الحي فيها بمثابة القيمة الاستراتيجية الدفاعية للمحافظة ما قبل رحلة التوحيد السعودية.
الحي قبل رحلة التطوير التي بدأت فعليا، كان يعاني كثيرا من السلبيات التي تواجه مثل هذه القطاعات المكانية في عدد من المدن السعودية، نتيجة التغيرات الديموغرافية والطفرة الاقتصادية التي جعلت كثيرًا من أهالي الحي وقاطنيه يتحولون إلى أحياء أكثر استيعابا للحجم السكاني والخدمات الشاملة التي ينشدها غالبية المجتمع، وأصبحت اليوم شاهدا على مرحلة زمنية لا أكثر، وسنحت الفراغات لكثير من العمالة المكوث بها، رغم النقص في النواحي التنموية.
وسيحقق المشروع الاستراتيجي المعد لتنمية المكان في «المسورة» نظرة نوعية في التنمية في المكان الأكثر عمقا في تاريخ بلدة العوامية والقطيف على وجه العموم، وهو مشروع تنموي يجعل المدينة بشكلها العام، في طور تعزيز الربط بركب التنمية كباقي مدن البلاد، كما أنه سيحسن الوضع المعيشي، ويحل كثيرا من المشكلات العالقة في الوقت الحالي. ويعد أحد أهم المشاريع الخاصة بنزع الملكيات في المنطقة، حيث أشارت أمانة الشرقية، إلى أنه تم الانتهاء من جميع أعمال تثمين المنازل في حالي بقيم مالية كبرى، واستكمال الإجراءات النظامية كافة، حيث قامت بلدية القطيف في السابق بدعوة جميع أصحاب العقارات لاستكمال جميع إجراءاتهم النظامية، بعد استكمال مراحل المشروع كافة وأنهت استيفاء المتطلبات الضرورية لمرحلتين من مراحل المشروع الضخم.
وسيشكل المشروع في عمومه، صدا لأخطار اندثار القيمة التاريخية المكانية، بعد سقوط عدد كبير من معالمه ويتعرض ما تبقى منها لتهديد الاندثار، وفقا للتقارير الفنية التي أشرفت عليها اللجنة المختصة للتطوير، مما يحافظ على الهوية التاريخية، ويجعلها ذا قيمة حضارية تنموية.
ولم تعد إجراءات التطوير في المناطق التاريخية بعيدة عن الحفاظ على التاريخ وشواهده، إذ أصدر، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي وزير الداخلية في مارس (آذار) الماضي، توجيها لأمراء المناطق السعودية، يقضي بعدم إزالة أي من المواقع الأثرية والتراثية إلا بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، مؤكدا على أهمية التنسيق مع فروع الهيئة في المناطق ومكاتب الآثار بالمحافظات قبل البدء بأي إزالة لأي من المواقع الأثرية والتراثية، أو عند ملاحظة أي موقع أثري بحاجة إلى المحافظة عليه بترميم أو نحوه، والتأكيد على الجهات الحكومية بحفظ الآثار الإسلامية والتاريخية بما يجنبها الإزالة أو الاندثار بأي فعل من الأفعال البشرية كانت أم طبيعية.
وسيتوفر في المشروع التنموي المقرر، إقامة مئات من الوحدات السكنية، في الحي الذي تتجاوز مساحته أكثر من 120 ألف وحدة سكنية، بمساحات متنوعة، وإقامة عدد من المرافق وربط شامل بالبنية التحتية التي يحتاجها الموقع.
قطار التنمية يتصدى لمحاولات عرقلة تطوير أحد أقدم أحياء عوامية القطيف في السعودية
أكثر من 450 منزلًا في «المسوّرة» رُصدت مبالغ تعويض أصحابها
قطار التنمية يتصدى لمحاولات عرقلة تطوير أحد أقدم أحياء عوامية القطيف في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة