الهند تولي أهمية خاصة لعلاقتها بدول الخليج العربي

حضور ولي عهد أبوظبي ضيف شرف في «اليوم الجمهوري» يعكس هذا التوجه لحكومة مودي

رئيس الوزراء الهندي مودي في حديث خاص مع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نيودلهي في فبراير الماضي (ا.ف.ب)
رئيس الوزراء الهندي مودي في حديث خاص مع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نيودلهي في فبراير الماضي (ا.ف.ب)
TT

الهند تولي أهمية خاصة لعلاقتها بدول الخليج العربي

رئيس الوزراء الهندي مودي في حديث خاص مع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نيودلهي في فبراير الماضي (ا.ف.ب)
رئيس الوزراء الهندي مودي في حديث خاص مع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نيودلهي في فبراير الماضي (ا.ف.ب)

لطالما كان توسيع نطاق العلاقات مع منطقة الخليج العربي عنصرًا أساسيا من عناصر السياسة الخارجية الهندية تحت قيادة حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي. استقبال الهند ولي عهد أبوظبي خلال الاحتفال الرسمي باليوم الجمهوري في نيودلهي، يمثل رسالة دبلوماسية وسياسية قوية بوصفها جزءا من هذا التوجه؛ إذ يحل الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية ضيف شرف على حكومة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي. وكانت آخر مرة تحضر فيها شخصية قيادية من منطقة الخليج اليوم الجمهوري ضيفا رئيسيا كانت عندما زار خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز الهند عام 2006، وكان محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان قد زار الهند للمرة الأولى في فبراير (شباط) عام 2016 بناء على دعوة من رئيس الوزراء الهندي مودي. وأحدثت زيارته تحولا في العلاقات الثنائية حيث تغيرت من علاقة ودية إلى شراكة استراتيجية. وتعتقد نيودلهي أن زيارة ولي عهد أبوظبي للهند سوف تساعد في تعزيز الشراكة متعددة الجوانب بين البلدين.
وتحتفل الهند باليوم الجمهوري في 26 يناير (كانون الثاني) من كل عام، وهو ذكرى بدء العمل بالدستور الهندي عام 1950. وقال فيكاس سواراب، المتحدث باسم وزارة الخارجية: «نأمل في أن نرحب بصديق الهند العزيز سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ضيف شرف في اليوم الجمهوري عام 2017».
وكان ضيف الشرف في اليوم الجمهوري خلال العام الماضي هو الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أما في عام 2015 فقد حضر الرئيس الأميركي باراك أوباما المناسبة.
كانت الزيارة الأولى لمودي إلى منطقة الخليج عام 2015؛ حيث زار الإمارات العربية المتحدة، بعد ذلك التقى مودي بالعاهل السعودي الملك سلمان في العاصمة السعودية الرياض في أبريل (نيسان) 2016. وزار قطر خلال شهر يونيو (حزيران) من العام نفسه، كذلك عقد مودي لقاءات مع عدد من قادة المنطقة على هامش مؤتمرات عالمية، واستضاف كثيرا منهم في الهند على مدى العامين الماضيين. واستقبلت الهند مؤخرًا، وتحديدًا في ديسمبر (كانون الأول) 2015، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رئيس الوزراء القطري. وبحسب مصادر في وزارة الخارجية الهندية، فإن جدول الزيارات في بداية عام 2017 يحفل بقيادات عربية، وهو ما يشير إلى انخراط الهند بشكل كبير في الشرق الأوسط. وعززت الهند التفاهم مع قطر وطلبت نيودلهي مساعدتها في العثور على 39 عامل بناء مفقودين قام تنظيم داعش باختطافهم رهائن.
على الجانب الآخر، أثنى تقرير صدر حديثًا على الدوحة لاضطلاعها بدور الوسيط في إطلاق سراح المواطن الهندي فاذر أليكسيس بريم كومار، الذي اختطفته جماعة طالبان منذ ثمانية أشهر في ولاية هرات بأفغانستان حيث كان يساعد في تعليم الأطفال اللاجئين.
يقول ساهيلي روي تشوداري، الخبير في السياسة الهندية تجاه «الشرق الأوسط»: «هناك أسباب كثيرة تجعل مودي يستقبل الشيخ محمد ضيف شرف، ومنها حجم التجارة بين الهند والإمارات العربية المتحدة، التي تقدر بـ60 مليار دولار، ووجود 2.3 مليون هندي يقيمون ويعملون في الإمارات. وكانت الإمارات العربية هي أول دولة خليجية يقرر مودي زيارتها؛ وخلال رحلته إلى الإمارات شنّ هجومًا على إسلام آباد، التي ارتبطت تاريخيا بعلاقات وطيدة مع الإمارات العربية، لكن هذا لم يعكر من صفو العلاقات مع نيودلهي».
لطالما مثّلت منطقة الشرق الأوسط أهمية كبيرة للهند طوال عقود؛ فقد كانت مصدر موارد الطاقة، والوظائف، والحوالات المالية، والمعدات العسكرية، فضلا عما تتمتع به من مكانة دينية عظيمة في نفوس ملايين الهنود. وتظل المنطقة هي المصدر الرئيسي للنفط، والغاز الطبيعي، حيث تستورد الهند نحو 58 في المائة من وارداتها من النفط، و88 في المائة من وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من الشرق الأوسط، إلى جانب ذلك، هناك 7.3 مليون هندي في المنطقة، وزادت قيمة الحوالات المالية، التي أرسلوها إلى الهند عام 2015، على 38 مليار دولار، بحسب التقرير الصادر عن مؤسسة «موديز إنفستورز سيرفيس»، وتحصل الهند على 52.1 في المائة من الحوالات المالية من دول الخليج.
ويلاحظ المحللون أن تقارب الهند المتنامي مع دول الخليج يأتي في إطار استراتيجية رئيس الوزراء الهندي الرامية إلى تضييق الخناق على باكستان. قبل عام 2014، لم يكن هناك سياسة متسقة تستهدف التقارب مع غرب آسيا بحسب ما أكدته المصادر. وقال أكيليش بلالماري، الذي يكتب كثيرًا عن العلاقات الهندية - الخليجية: «تتبع حكومة مودي سياسة فاعلة تجاه الغرب، وهذا التوقيت مناسب، حيث تزداد أهمية غرب آسيا حاليًا بالنسبة إلى الهند، خصوصا فيما يتعلق بالأمن، مع ذلك يظل أهم شيء بلورة سياسة هندية تجاه غرب آسيا في وقت تتسم فيه الدبلوماسية الهندية النشطة في المنطقة بالجمع بين الاستثمار والتجارة، وبين الدفاع والأمن، وبين التعاون الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب».
وقد باتت ثمار جهود رئيس الوزراء الهندي، التي تضمنت زيارات سياسية ودبلوماسية رفيعة المستوى لتلك الدول خلال العامين الماضيين، واضحة للغاية، وما زالت تتوالى. وقد أبدت منطقة غرب آسيا، التي تعد حليفًا تقليديًا لباكستان، اهتمامًا عميقًا بإعادة توجيه نظرها بحيث يصبح صوب الهند. ولعل من المناسب في هذا السياق الإشارة إلى إدانة بعض دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية، وقطر، والبحرين، للهجمات الإرهابية في الهند، بل وأيضًا عرضت تقديم الدعم الكامل للهجمات المحدودة ومحددة الهدف التي شنتها الهند على مواقع الإرهابيين على طول الشريط الحدودي. وقال في بي هاران، السفير الهندي السابق في إحدى دول الخليج العربي: «يجب أن تواصل الهند انخراطها مع دول غرب آسيا، ويجب ألا يكون التركيز محدودًا في إطار العلاقة مع باكستان... وتستطيع الحكومة الهندية النجاح في توسيع نطاق العلاقات مع دول غرب آسيا في مجالات مثل الطاقة النظيفة، والملاحة، وغيرها من القطاعات الاقتصادية أيضًا، وتحتاج نيودلهي في مجال الأمن إلى عقد شراكات في دول منطقة غرب آسيـــا من أجل تطوير منظومة تبــادل المعلومات، وبخاصة المعلومــات الاستخباراتية... من المهم بالنسبة إلى الهند الحفاظ على هذه الشراكات». ترى الهند الشرق الأوسط، الذي يعد شريكًا تجاريًا رئيسيًا، مصدرا مهما للاستثمار في تطوير البنية التحتية، وقطاعي التصنيع والخدمات. وقالت ساشا رايزر كوستيسكي، المحللة في «يورو إيشيا غروب»: «تركز هذه الحكومة بشدة على جذب تمويل طويل المدى للبنية التحتية، حيث لا تستطيع الهند تطوير البنية التحتية وحدها بسبب المشكلات الخاصة بالأصول غير العاملة التي تؤثر على المصارف المحلية».
وقد حثّ رئيس الوزراء مودي، بعد زيارته إلى الرياض في أبريل، شركة «أرامكو»، الشركة السعودية العملاقة، وكذلك شركة «سابك»، وغيرها من الشركات السعودية، على الاستثمار في تنمية قطاع البنية التحتية بالهند، والمشاركة في مشروعات تستهدف إنشاء قنوات تصنيع ضخمة، ومدن ذكية. مع ذلك، يظل هذا الأمر طريقًا ذا اتجاهين، حيث تبحث دول الشرق الأوسط عن فرص للتعاون في مجالي الاقتصاد والأمن، وكذا عن شركاء على حد قول إم كيه بهادراكومار، دبلوماسي سابق.
تسعى الهند حاليًا نحو التوصل إلى ترتيبات ثنائية مع أصدقائها في المنطقة فيما يتعلق بالأمن... بعد قطر، والمملكة العربية السعودية، تعد البحرين أحدث دولة تدخل في المفاوضات مع نيودلهي بشأن مذكرة تفاهم تتناول مسألة التعاون بين الدولتين في مجال الدفاع. وعلى أساس هذا الدافع الجديد نحو بناء علاقات أمنية مع الخليج انطلقت مفاوضات بشأن اتفاقية التعاون في الأمن الداخلي بين الهند والبحرين في فبراير 2015.
وزار مانوهار باريكار، وزير الدفاع الهندي، عمان، والإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة بين 20 و23 مايو (أيار) 2016، وكان بذلك أول وزير دفاع هندي يزور الإمارات العربية، وقبيل زيارته، تم إرسال أسطول صغير من السفن الحربية الهندية إلى منطقة الخليج يوم 3 مايو، في إطار جولة بين الإمارات، والكويت، والبحرين، وعمان. واتفقت كل من المملكة العربية السعودية والهند على تحسين التعاون بين البلدين في عمليات مكافحة الإرهاب، ومشاركة المعلومات الاستخباراتية، والتصدي لتمويل الإرهاب. وفي تقرير صادر عن وكالة «رويترز» في بداية شهر أبريل، تم النقل عن رام مادهاف، الأمين العام لحزب بهاراتيا جاناتا، الحزب الهندي الحاكم، قوله إن الهند سوف تبذل كل ما بوسعها من أجل الفوز بحلفاء إسلام آباد. حتى هذه اللحظة على الأقل نجحت الهند في تحقيق التوازن بين علاقتها مع دول الخليج، وعلاقتها مع إيران، رغم العلاقة الخاصة التي تربطها بإسرائيل.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.