مثلما يتعلم الأطفال الحروف الأبجدية بالرسم والأغاني يتعلمون أيضا الحفاظ على أجسادهم وكيفية حمايتها من التحرش دون ذكر لتلك الكلمة، هكذا أخذت الدكتورة إيمان عزت، مؤسسة فريق «حماية» ضد التحرش، على عاتقها عبء تعليم الأطفال في عمر الزهور حماية أنفسهم من براثن المتحرشين دون أن تخدش براءتهم.
وعلى أنغام أغنية شهيرة ومحببة للأطفال» If you›re happy and you know it» يتغنى الأطفال من عمر 4 إلى 14 سنة بكلمات «مش من حق أي حد يلمس هنا... مش من حق أي حد... علشان دا جسمك أنت... روح لبابا وماما واجري على طول عشان هما هيساعدوك... هما اللي هيقدروا يحموك»، وتم تصوير هذه الأغنية بطريقة الفيديو كليب لتكون أول أغنية ضد التحرش لتوعية الطفل العربي.
تنطلق حملة حماية بقيادة د. إيمان عزت وتجوب المدارس المصرية بكافة فئاتها والنوادي الرياضية والمراكز الرياضية الكبرى لتوعية الأطفال بظاهرة التحرش الجنسي وكيفية مكافحتها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الحملة عام 2011 لكنها لم تحظَ بالانتشار سوى منذ 3 أعوام حينما شعر الأهالي بأهمية توعية أبنائهم وبناتهم بمخاطر التحرش، ولم نكتف بالمدارس فقط بل خرجنا للأماكن العامة التي يحدث فيها نسب تحرش عالية، ونظمنا ندوات في أندية وكنائس وحدائق عامة، استطعنا الوصول لأكثر من 250 ألف طفل في 16 محافظة».
يضم فريق حماية أكثر من 50 متطوعا ويعمل في عدة محافظات مصرية ويسعى لتعميم نشاط الحملة في كافة المحافظات لنشر التوعية بها. وتعمل د. إيمان عزت على تصميم أنشطة وبرامج حملة حماية بنفسها ووفقا لمعايير علمية ونفسية دقيقة انطلاقا من تخصصها الأكاديمي كأستاذة بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة وهي حاصلة على دبلومة متخصصة في الإساءات الجنسية، وتدرس لطلاب الجامعة مادة طرق التدريس الأمر الذي أكسبها خبرة في كيفية توصيل المعلومة للطفل مهما تكن صعبة.
وتضيف: «نعتمد في عملنا على الغناء والموسيقى والرسم والمسرحيات القصيرة لتوصيل المعلومة للأطفال بشكل مبسط، ونقوم بذلك عبر برنامج متخصص يحتوي على ألعاب ووسائل إيضاح وأغانٍ توعوية تم تأليفها خصيصا للأطفال».
«هناك لمسات جيدة وهناك لمسات شريرة» هذه أحد المفاهيم التي تنشرها الحملة وتغرسها في وعي الأطفال، تقول عزت: «يقوم برنامج التوعية على إدراك الطفل لحدود جسمه، وأن هناك لمسات جيدة ولمسات شريرة، الفارق بينهما وأهمية التأكيد على عدم التحدث إلى الغرباء».
وحول نجاحها في تحقيق المعادلة الصعبة في توسيع مدارك الأطفال وتوعيتهم بحدود علاقة الآخرين بأجسادهم، قالت: «لا شك أن التعامل مع الأطفال خاصة في سن الروضة يحتاج لمعاملة خاصة وقد حرصت على أن تكون التوعية عبر برنامج فريق (حماية) لا تتضمن أي ألفاظ خادشة أو لا يفهمها الأطفال وتقوم على أغانٍ من كلمات بسيطة ليفهمها الأطفال الصغار».
وتلفت إلى أن أحد أهم أهداف الحملة كان الوصول لكل الأطفال حتى ذوي الاحتياجات الخاصة، لأنهم الأكثر احتياجا للتوعية.
ويلقى عمل الحملة رواجا كبيرا في أوساط الأسر المصرية بعد أن كثفت الحملة نشاطها في قطاع المدارس الحكومية بعد أن كان ميدان عملها يقتصر على المدارس الخاصة والدولية، ومؤخرا وقعت الحملة بروتوكول تعاون مع إدارة الدقي التعليمية بمحافظة الجيزة لنشر التوعية في المدارس الابتدائية الحكومية بمنطقة الدقي.
وتلقى صفحة الحملة الإلكترونية على موقع «فيسبوك» وقناتها على موقع «يوتيوب» إقبالا كثيفا حيث توجد عليها مقاطع فيديو توضح كيفية توعية الأطفال بالأغاني وكيف تتعامل الأسرة مع الطفل إذا تعرض للإيذاء من قبل متحرش. توضح مؤسسة حملة حماية: «كل الأنشطة التي تقدمها الحملة تتم من خلال برنامج تربوي متكامل، قمت بتصميمه ومسجل علميا في جامعة القاهرة، والبرنامج له مدخل تشويقي ووسائل إيضاح وأغنيات وألعاب موسيقية تربوية، وهي اللغة المفضلة للطفل». وتوضح أن دور فريق «حماية» يمتد للأهالي إذ يقدمون التوعية والإرشادات لهم عبر كتيبات إرشادية.
وتشدد على أهمية دور الأسرة في حياة الطفل خاصة في اكتشاف تعرضه لأي حالة تحرش، قائلة: «من الضروري أن يكون الوالدان صديقين لابنهما وأن يقضيا وقتا خاصا معه، يتحدثون فيه حتى إذا ما تعرض الطفل للإيذاء أو التهديد يصرح لك، لأنه يشعر أن الأب والأم مصدر حماية له». وتحرص الحملة على تسليم الأطفال شهادة تقدير ملونة كتب عليها أنه تعلم حماية نفسه والحفاظ على جسده من أي شخص يحاول استغلاله وأن جسده ملكه فقط وغير مسموح لأي أحد بلمسه، وأن من حقه أن يعيش في أمان. تقول السيدة هالة شوقي، أم لطفلة في المرحلة الابتدائية بإحدى مدارس الراهبات: «لقد سعدت بعودة طفلتي ومعها شهادة وهي تقول لي تعلمت أن أحمي نفسي، وأخذت تردد نشيد الحملة (مش من حق أي حد) ووجدتها توجهني بأنه لا يجب أن يقبلنا أحد من الفم أو يساعدنا في تغيير ملابسنا وغيرها من الأمور». وتضيف: «في الحقيقة كانت لدي مخاوف من الحديث مع ابنتي عن مخاطر التحرش ولم أكن أعلم كيف سأتحدث معها وأعتقد أن ما تقوم به الحملة كافٍ وقد ساعد في تغيير شخصية ابنتي وأعطاني إحساسا بالطمأنينة، من جانبي أتابع صفحة الحملة لكي أقوم بتوعية أطفال عائلتي أيضا».
حملة «حماية» تدرب الأطفال على مقاومة التحرش بالغناء والرسم
إيمان عزت: دربنا أكثر من 250 ألف طفل في 16 محافظة
حملة «حماية» تدرب الأطفال على مقاومة التحرش بالغناء والرسم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة