المعارضة السورية تتهم الأسد بمحاولة نسف مؤتمر آستانة... و«الهيئة العليا» تشكك بعقده

الجيش الحرّ: لا محادثات قبل وقف نهائي للنار وتماثل ورقتي الفصائل والنظام

المعارضة السورية تتهم الأسد بمحاولة نسف مؤتمر آستانة... و«الهيئة العليا» تشكك بعقده
TT

المعارضة السورية تتهم الأسد بمحاولة نسف مؤتمر آستانة... و«الهيئة العليا» تشكك بعقده

المعارضة السورية تتهم الأسد بمحاولة نسف مؤتمر آستانة... و«الهيئة العليا» تشكك بعقده

اتهمت المعارضة السورية نظام بشار الأسد وإيران، بمحاولة نسف مؤتمر الآستانة المزمع عقده في عاصمة كازاخستان في منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي برعاية روسية - تركية، عبر استمرار العمليات العسكرية والقصف الجوي والهجوم البري على منطقة وادي بردى وبلدات الغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق. وفي وقت شككت «الهيئة السورية العليا للمفاوضات» بانعقاد المحادثات السياسية بين المعارضة والنظام في العاصمة الكازاخستانية بسبب تمسّك إيران وميليشياتها بالخيار العسكري، اعتبر الجيش السوري الحرّ أن المؤتمر «لن يعقد إلا بعد التزام الجميع بالهدنة، وتماثل الأوراق التي وقعتها الفصائل والنظام». وشدد على أن هذا المؤتمر «سيكشف عمق الخلاف الروسي الإيراني حيال الأزمة السورية».
في هذه الأثناء أدى تصاعد وتيرة القصف والهجمات على مناطق سيطرة المعارضة إلى تعليق كل تحضيرات العملية السياسية، وفق المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد. ولقد أكد أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الاجتماعات واللقاءات المتعلقة بالآستانة جمّدت بشكل كامل». وأردف: «لم نبحث بموضوع تشكيل الوفد؛ لأننا أوقفنا كل الاجتماعات التي كانت مقررة إلى أن تفي روسيا بالتزاماتها بوقف النار ووقف الهجمات على وادي بردى والغوطة الشرقية». واستطرد أبو زيد قائلاً: «قبل أن نبحث تحضيرات مؤتمر الآستانة هناك قضية رئيسية هي عدم تماثل الأوراق، وسنطلب إعادة تماثلها؛ لأن الورقة التي وقعنا عليها، مختلفة في فقرتها الخامسة عن الورقة التي وقع عليها النظام، فإذا التزمت روسيا بهذا الأمر عندها ننتقل إلى الورقة المتعلقة بالمفاوضات».
ومع تمسّك إيران وميليشياتها بخيارات الحل العسكري، دعا المتحدث باسم «الهيئة العليا» الدكتور رياض نعسان آغا، روسيا وتركيا، الضامنين لاتفاق وقف النار، إلى «التحرك بشكل سريع لوقف العدوان». وأشار إلى «وجود اتصالات بين البلدين لمعالجة الموقف». وتابع نعسان آغا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» موضحًا أن «تركيا تعرف أن من يخرق الاتفاق هو النظام و(حزب الله) والميليشيات الأخرى، وهؤلاء لا يهتمون بوقف النار أو الذهاب إلى مفاوضات». وأضاف: «الخروق التي يمعن النظام وحلفاؤه بها، تشكل تحديًا للمجتمع الدولي ولمجلس الأمن الذي صادق على الاتفاق، وإذا فشلت المساعي التركية الروسية، فإن الأمور قد تنحدر ولن يكون مفيدًا أي محادثات سلام، لأن مؤتمر الآستانة مرتبط مباشرة بنجاح وقف إطلاق النار».
من جهة ثانية، يشكّل تغييب الأمم المتحدة ودول إقليمية مؤثرة في الأزمة السورية، وحتى «الهيئة العليا للمفاوضات»، خطرًا على نجاح مؤتمر الآستانة، وهنا أوضح رياض نعسان آغا أن الأمم المتحدة «لن تشارك فيها، ولقد علمنا أن المبعوث الأممي إلى سوريا - ستافان دي ميستورا - لن يحضر هذه المفاوضات. ونحن كهيئة عليا للمفاوضات لم نتلق دعوة للمشاركة، بل سمعنا تصريحات روسية تتحدث عن عدم دعوة الهيئة. وعلى كل حال لن يحزننا أن نكون خارج هذا المؤتمر»، متوقعًا أن «لا يكون مؤتمر الآستانة حاسمًا أيًا كان من يحضره، لكنه خطوة على الطريق قد تكون صائبة وقد لا تكون، ونحن لسنا ضدّ أي حل ينصف الشعب السوري».
أما ممثل «الهيئة العليا» الدكتور رياض حجاب، فقال إن «المشكلة ليست في عدم عقد مفاوضات، بل في عدم وجود شريك للمفاوضات». وأضاف: «لو كانت هناك نيّة جدية لكانت نجحت محادثات جنيف، نحن نرفض أي مفاوضات لا تنطلق من بند الانتقال السياسي وترتكز إلى مرجعية جنيف وقرارات مجلس الأمن لا سيما القرارين 2118 و2254»، مشيرًا إلى أن «روسيا التي تسوق الآن لعملية سياسية تتجاهل كل هذه القرارات التي صوتت عليها في مجلس الأمن».
هذا، وتتمسّك الفصائل الموقعة على اتفاق الهدنة بتمثل المعارضة السياسية في أي مفاوضات، وقال أسامة أبو زيد إن «الفصائل التي وقعت على الاتفاق لا يعني أنها ستذهب كلّها إلى المفاوضات، والهيئة العليا وخصوصًا الدكتور رياض حجاب، سيكون لهم دور رئيسي في أي عملية تفاوضية، لكن كل هذا يبدأ بعد وقف إطلاق النار وتماثل الأوراق». وشدد على أنه «في حال لم تنفذ روسيا هذين الأمرين، لا حاجة حينذاك للحديث عن الآستانة ولا عن مفاوضات ولا أي شيء آخر».
ومن جهته، قلل عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحرّ أبو أحمد العاصمي، من خطر نسف محادثات الآستانة، بسبب الخروق التي يقوم بها النظام وحلفاؤه، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتصالات مستمرة بين المعارضة والضامنين لاتفاق الهدنة (روسيا وتركيا)، اللذين وعدا بتحرك يلجم هذه الخروق وإن بطريقة قسرية». وأضاف: «أهمية وقف النار أنه خفف أعداء الثورة السورية، وجعل روسيا خارج منظومة العدوان، وأظهر أن التحالف الروسي الإيراني في سوريا غير استراتيجي». كذلك شدد العاصمي على أن «تعاطي الفصائل مع الروس بحكمة، يجعل الهدنة في صالح الثورة، وهذا ما قد يقنع الروس بأننا الطرف الوحيد الذي يمكن التعامل معه بصدق». ثم قال: «نحن متفائلون بتغيير وجهة نظر الروس تجاه المعارضة، والتقدم الكبير الذي حققناه تجلى باعتراف موسكو بوجود معارضة حقيقية تفاوضت معها ووقعت على اتفاق وقف النار والتزمت به»، مؤكدًا أن «مؤتمر الآستانة لن يعقد إلا إذا التزم الجميع بوقف النار بشكل كامل»، ومشددًا على أن «أهمية هذا المؤتمر أنه سيكشف الخلاف الروسي الإيراني ويفاقمه».
أما بالنسبة للوضع الميداني، فلقد أفادت معلومات بأن «الجانب الروسي استجاب (أمس) لدعوة وجهتها فعاليات وادي بردى، وأرسل وفدًا إلى المنطقة للاطلاع على الأوضاع والعمل على وقف إطلاق النار، والبدء بإدخال ورشات صيانة لإصلاح الأعطال في نبع عين الفيجة». وأكدت المعلومات أن «الوفد مؤلف من أربعة ضباط روس وصل إلى المنطقة لكن عناصر حاجز ميليشيا (حزب الله) الموجود عند مدخل وادي بردى، منعوا الضباط الروس من الدخول فعاد هؤلاء أدراجهم إلى دمشق».
وأكد الناشط الإعلامي عمّار الحسن، رئيس «مركز رصد» في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط» واقعة منع «حزب الله» للضباط الروس من الدخول إلى وادي بردى المحاصرة. وقال: «هذا الأسلوب يفضح نيات هذه الميليشيات، ويعبّر عن حقيقة الخلاف بين الروس والإيرانيين حول الهدنة»، مشيرًا إلى أن الوفد الروسي «كان شاهدًا اليوم (أمس) على أكثر من 10 غارات نفذتها طائرات الميغ على وادي بردى وعين الفيجة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.