اليمين الإسرائيلي يطمح في تنازل بالجولان مقابل بقاء الأسد في السلطة

نجاح التنسيق الأمني بين روسيا وإسرائيل في سوريا

اليمين الإسرائيلي يطمح في تنازل بالجولان مقابل بقاء الأسد في السلطة
TT

اليمين الإسرائيلي يطمح في تنازل بالجولان مقابل بقاء الأسد في السلطة

اليمين الإسرائيلي يطمح في تنازل بالجولان مقابل بقاء الأسد في السلطة

أعلن ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية، أمس، أن بنيامين نتنياهو، أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وناقش معه التطورات في المنطقة، وبخاصة في سوريا، وأهمية استمرار التنسيق الأمني الناجح هناك. وجاء من ديوان نتنياهو، أن التنسيق بين الدولتين في سوريا «أثبت نفسه في منع سوء الفهم»، في ظل دعوات من اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، للاستفادة من جهود روسية لفرض تسوية تضمن بقاء حليفها بشار الأسد في الحكم، لتحقيق مكسب إسرائيلي في الجولان، يوافق عليه الروس والأميركيون أيضا في عهد دونالد ترامب.
وأثار بيان ديوان نتنياهو نقاشا ساخنا في إسرائيل حول مدى صحة استخدام كلمة «ناجح» في الحديث عن هذا التنسيق؛ إذ إن خبراء عسكريين مقربين من الجيش وجنرالات سابقين، يشكون من أن هذا التنسيق غير كاف، وهو في الواقع يكبل أيدي الطيران الإسرائيلي، ويضطر الجيش إلى استخدام وسائل أخرى لتحقيق المصالح الإسرائيلية الأمنية في سوريا؛ حتى لا يقع صدام بين روسيا وإسرائيل. ولكن الخبراء الاستراتيجيين يناصرون هذا التنسيق ويطالبون نتنياهو بأن يجني مكاسب سياسية واستراتيجية منه، بواسطة المطالبة بحصة في التسوية السياسية العتيدة، مثل ضمان سيطرة دائمة أو طويلة الأمد لإسرائيل على هضبة الجولان، المحتلة منذ حرب 1967.
المعروف أن مصادر أجنبية نسبت إلى إسرائيل الكثير من الغارات التي نفذت في سوريا منذ اندلاع الحرب هناك، ومنها اغتيال جهاد عماد مغنية، نجل قائد الجناح العسكري لما يسمى «حزب الله»، واغتيال سمير قنطار ومعه ضابط إيراني كبير، واغتيال مصطفى بدر الدين، وقصف قواعد عسكرية للجيش السوري ولما يسمى «حزب الله» في سوريا من دمشق وحتى اللاذقية، وتصفية قوافل نقل السلاح من سوريا إلى لبنان، خلال السنوات الأربع الأولى من الحرب السورية. ولكن بعد دخول الجيش الروسي هذه الحرب، انخفضت وتيرة النشاط الإسرائيلي، وتم التوصل إلى اتفاق بين البلدين على تشكيل لجنة تنسيق بقيادة نائب رئيس أركان الجيش في كل من روسيا وإسرائيل. وقد صمد هذا التنسيق، حيث إن طائرات روسية دخلت المجال الجوي الإسرائيلي مرات عدة خلال عملياتها الحربية وإسرائيل قصفت مواقع عدة للجيش السوري ولما يسمى «حزب الله». وحسب مصادر عسكرية في تل أبيب، فإن القصف الإسرائيلي اتخذ شكلا جديدا، وبدلا من استخدام سلاح الجو، يعتمد على المدفعية المتطورة.
وعندما يجري الحديث عن تنسيق روسي إسرائيلي، فإن القصد هو أن روسيا تصمت إزاء ضرب إسرائيل لحلفائها في سوريا، وإسرائيل لا تتخذ مواقف الغرب التقليدية لنصرة المعارضة السورية، بل وكما نشر في الأسبوع الماضي، فإن إسرائيل استجابت للطلب الروسي وغابت عن جلسة في الأمم المتحدة بحثت في إدانة جرائم الحرب في سوريا.
ويتابع اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الجهود الروسية لفرض تسوية تضمن بقاء حليفها بشار الأسد في الحكم، فيطلب بأن تتضمن التسوية مكسبا إسرائيليا في الجولان، يوافق عليه الروس والأميركيون أيضا في عهد دونالد ترامب.
وقد نشرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، التي تعتبر ناطقة بلسان نتنياهو، أمس، مقالا يعتبر فيه الرئيس فلاديمير بوتين «صاحب البيت الجديد في سوريا»، و«الذي أجاد استغلال أخطاء وإخفاقات، وبخاصة مظاهر ضعف إدارة أوباما، من أجل السيطرة على مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى ورائدة، بل الأهم في منطقتنا. هناك حدثان مهمان أثبتا، في الأسبوع الأخير، أكثر من أي شيء آخر، أن روسيا لم تتحول فقط إلى صاحبة البيت الجديدة في المنطقة، وإنما، وكما يلزم هذا المنصب، يظهر الروس مسؤولية ويتصرفون كالبالغ المسؤول، بينما يتم دفع الولايات المتحدة إلى الهامش وتتصرف بشكل صبياني، عاطفي، ويشكل خاص مثير للشفقة».
ويتابع الكاتب، أنه عشية رأس السنة الميلادية الجديدة، نجحت روسيا في صياغة اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، بمشاركة غالبية اللاعبين، ومن بينهم سوريا وإيران وتركيا، والنظام السوري، بل وغالبية مجموعات المعارضة. يمكن لهذا الاتفاق أن يكون غير عادل، وبالتأكيد لن يحقق لملايين السوريين الحرية والديمقراطية التي خرجوا من أجلها لخوض الانقلاب على نظام الأسد. من الواضح، أيضا، أنه من دون التدخل العسكري الروسي، ومن دون السحق المنهجي لمناطق واسعة في الدولة، ما كانت موسكو ستتمكن من الوصول إلى النتيجة المرغوبة بالنسبة لها، وهي تحطيم قوة إرادة المعارضين والحفاظ على وجود دولة سوريا بقيادة الأسد على جزء كبير من سوريا. ويشدد المقال إن «روسيا كانت مستعدة للعمل بعزم وبحزم، وإظهار القوة وتفعيل القوة العسكرية، الأمر الذي امتنعت عنه الولايات المتحدة». وبذلك «أثبت الروس أنه خلافا للأميركيين فإنهم يلتزمون أمام حلفائهم، وأنهم على استعداد لمنحهم من دون أي تردد ومن دون أي حساب، الحماية في المؤسسات الدولية، وكذلك على الأرض».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.