تضارب الأجندتين الروسية والإيرانية يعقّد خروج «حزب الله» من سوريا

تضارب الأجندتين الروسية والإيرانية يعقّد خروج «حزب الله» من سوريا
TT

تضارب الأجندتين الروسية والإيرانية يعقّد خروج «حزب الله» من سوريا

تضارب الأجندتين الروسية والإيرانية يعقّد خروج «حزب الله» من سوريا

أكد سفير النظام السوري في بيروت، علي عبد الكريم علي، أن «وجود القوى الأجنبية التي طلبت منها الحكومة السورية القدوم إلى سوريا، هو حضور شرعي ومرحب به»، معتبرا أن «هذا الوجود من الضمانات للانتصار». ورأى علي أن «الطرح التركي بسحب عناصر (حزب الله) من سوريا لا قيمة له، ولا يجب أن يُعطى الكثير من الأهمية، خصوصًا أنه غير قابل للترجمة العملية».
وفُتح باب النقاش حول خروج «حزب الله» من سوريا بالتزامن مع دعوة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، جميع المقاتلين الأجانب «بمن فيهم عناصر (حزب الله) لمغادرة سوريا، وبدء سريان قرار وقف إطلاق النار في البلاد منذ منتصف ليل الخميس - الجمعة». وسارع الحزب للرد على هذه الدعوات، فقال رئيس مجلسه السياسي إبراهيم أمين السيد: «عندما نرى أن المصلحة تقتضي خروجنا من سوريا سنخرج بقرار ذاتي».
ويتراوح عدد مقاتلي «حزب الله» الذين يدعمون النظام السوري بحربه منذ عام 2012 بين خمسة آلاف وثمانية آلاف. واعتبر رئيس الدائرة القانونية في الائتلاف السوري المعارض هيثم المالح أنّه «ولتثبيت وقف إطلاق النار على كل الأراضي السورية المفروض خروج كل الميليشيات الأجنبية خارج البلاد وعلى رأسها (حزب الله)»، مشددًا على أن «تحججهم بطلب النظام السوري دعمهم لا يعفيهم من الانسحاب فورًا، خاصة وأن هذا النظام فاقد للشرعية على كل المستويات، وبخاصة على المستوى الشعبي كما الدولي». وقال المالح لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر متوقف حاليًا على إيران التي لا تبدو متحمسة على الإطلاق للهدنة القائمة في سوريا، باعتبارها لا تخدم مخططها التوسعي العصبوي»، لافتًا إلى أن «خروج عناصر (حزب الله) من سوريا مرتبط أولاً وأخيرًا بقرار طهران».
وهذا ما أكد عليه أيضا رئيس مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (أنيجما) رياض قهوجي معتبرا أن «الحزب لم يدخل أصلاً إلى سوريا بقرار ذاتي إنما بقرار إيراني، وبالتالي الانسحاب من سوريا سيكون بقرار يصدر من طهران».
ورأى قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الظروف مهيأة تمامًا في الداخل اللبناني لعودة عناصر (حزب الله)، كما أن الأرضية مناسبة لقيادته للقول بأنهم عائدون منتصرون خاصة بعد معركة حلب، إلا أن القرار الإيراني يلم يجهز بعد».
وأشار قهوجي إلى أن «ما يعقّد الأمور حاليًا هو عدم التزام إيران و(حزب الله) تمامًا بقرار وقف إطلاق النار، كما تؤكد أنقرة باعتبار أن طهران لم تكن جزءا من المبادرة الروسية التركية». وأضاف: «كما أن انقسام النظام السوري بين جناحين؛ الأول قريب من طهران، والآخر من أنقرة يجعل الأمور أصعب... فكما نؤكد دومًا فإن أطراف النزاع السوري وإن كانوا في خندق واحد إلا أن أجنداتهم مختلفة، وخصوصًا الأجندتين الإيرانية والروسية».
وبحسب عضو المجلس السياسي في تيار «المستقبل» راشد فايد فإن انسحاب «حزب الله» من سوريا «ليس بهذه السهولة بعدما تحوّل إلى ذراع عسكرية واضحة للاستراتيجية الإيرانية»، معتبرًا أن «أي كلام يقال حاليًا عن عودته يظل أمرًا مشكوكًا به بانتظار الوقائع». وقال فايد في حديث لموقع «جنوبية»: «ليس سهلاً على (حزب الله) التخلي عن هذه المهام التي هيّأ نفسه لها، هناك تفاؤل في هذا السياق في غير موقعه ومبكرًا».
وتطرق فايد لانعكاس عودة الحزب إلى الداخل اللبناني، فأشار إلى أن «الدولة اللبنانية تحاول تحصين نفسها بالمؤسسات وبتخطي الفراغ وبالحوار الوطني، إلا أن التحول في سوريا سوف ينعكس على لبنان».
وأضاف: «بالنسبة للأغلبية من السوريين، فإن (حزب الله) شريك بالجريمة السورية. هذه الأغلبية حتى لو سيطرت على نصف النظام في سوريا وبقي النصف الآخر معارضا للنظام، فلا شك أنّه سيكون هناك انعكاسات سلبية على (حزب الله)، وعلى العلاقة اللبنانية السورية لسنوات طويلة».
ووافق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى فحص، المعارض لـ«حزب الله»، راشد فايد باعتباره أنّه من المبكر الحديث عن خروج «حزب الله» من سوريا، وقال: «روسيا تستطيع أن تنجز اتفاقًا، ولكن في المقابل تستطيع إيران عرقتله، إلا أن شروط التفريق خطيرة والثمن عليها باهظ جدًا مع وصول ترامب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».