في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقًا للتجارة الحرة مع كندا، ولكن العام انتهى دون التوقيع على اتفاق مماثل مع الولايات المتحدة الأميركية، حسبما كانت التصريحات التي صدرت عن بروكسل وواشنطن تشير إلى الأمل في تحقيق ذلك.
وجاء التوقيع على الاتفاق مع كندا رغم احتجاجات من جانب بعض النقابات والمنظمات في عدة عواصم أوروبية. وهو الأمر الذي كان يتكرر في العواصم الأوروبية من وقت لآخر بالنسبة للاتفاق مع واشنطن. وكان آخر هذه الاحتجاجات في أكتوبر، بالتزامن مع إعلان مشترك في واشنطن وبروكسل عن استئناف المفاوضات، بعد مرحلة من التوقف بسبب اعتراضات في البرلمان والشارع الأوروبي تطالب بمزيد من الشفافية بشأن المفاوضات وبنود الاتفاق، التي أثارت بعضها تحفظات من جانب فعاليات أوروبية.
واحتشد مئات الآلاف من المتظاهرين في عدة مدن بألمانيا والنمسا، وبعدها في العاصمة البلجيكية والأوروبية بروكسل ومدن أوروبية أخرى، للمطالبة بعدم توقيع الاتحاد الأوروبي على اتفاقيات تجارية مع كندا وواشنطن. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في تقرير إلى أن الاتفاقيات المقترحة تلقى معارضة كبرى. ووفقًا للصحيفة نفسها، فإنه بعيدًا عن إزالة العوائق التجارية والتعريفات المتبقية بين واشنطن وبروكسل، يكمن أحد الأهداف المعلنة في التأكيد على أن تكون لوائح الاستهلاك الأميركية والأوروبية هي المعايير العالمية، بدلاً من المعايير المنخفضة للأسواق الصاعدة كالصين والهند.
ورغم اعتماد الاقتصاد الألماني بشدة على الصادرات، تواجه الاتفاقيات المقترحة معارضة متزايدة منذ البداية. ويتشارك في تلك المعارضة كثير من الكنائس والنقابات المهنية والمفكرين والأحزاب اليسارية. ويرى المعارضون للاتفاقية المقترحة في أوروبا أنها مجحفة، مشددين على أنها ستجبر الأوروبيين على قبول ما يرون أنها معايير استهلاكية أميركية أقل من نظيراتها الأوروبية، كما تسبّب رغبة واشنطن في فرض حماية قانونية صارمة على استثماراتها في أوروبا في خلاف كبير، إذ يرى المعارضون الأوروبيون أنها قد تخالف قوانين الدول الأوروبية ذات الصلة.
وانعقدت في نيويورك الجولة الـ15 من المحادثات، نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي دون الإعلان عن نتائج تشير إلى قرب التوقيع. وقبلها استضافت بروكسل الجولة الرابعة عشرة. وفي أبريل (نيسان) انعقدت الجولة الثالثة عشرة في نيويورك. وقال ديفيد مارتن مسؤول التجارة في كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين شارحًا: «نحن مستمرون في اتجاه اتفاق يحترم أعلى مستويات حقوق العمال والمعايير الاجتماعية والبيئية التي تحمي الخدمات العامة من خلال التركيز على كامل الخدمات ذات النفع العام والخدمات التي تهم الاقتصادية العامة، والتي ترفض آلية المنازعات التي عفا عليها الزمن، وإيجاد آلية تسوية للنزاعات بين الدولة والمستثمر». واختتم بالقول إن «أي اتفاق لن يكون مقبولاً إلا إذا كان طموحًا ويحقق فوائد اقتصادية».
من جانبه قال بيرند لانغ، مقرر لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي إن «الاهتمام الجماهيري الكبير والجدل الدائر حول هذا الاتفاق أمر مشجع للغاية، ولهذا نحن بحاجة إلى التدقيق للتأكد من أن الصفقات التجارية تعكس قيمنا وتعود بالنفع على الناس». ذكر أن اتفاق التجارة الحرة سيؤدي إلى قيام سوق تضم نحو 800 مليون نسمة. لكن المفاوضات تتعثر بسبب المخاوف من أن يؤدي الاتفاق إلى تخفيف معايير حماية المستهلك، ومنح الشركات حق الاعتراض على القوانين الوطنية للدول الأعضاء إذا تعارضت مع مصالحها. وتقول المفوضية الأوروبية ببروكسل، إن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين هي الأقوى في العالم وتشكل ما يقرب من نصف الناتج الإجمالي العالمي وقرابة ثلث التجارة العالمية، ونحو 2.7 مليار دولار من التدفقات التجارية يوميًا، وإن هناك استثمارًا لـ3.7 تريليون دولار عبر الأطلسي، وفرص عمل وروابط قوية بين الشركات ورجال الأعمال.
مصير اتفاق التجارة الحرة بين بروكسل وواشنطن لا يزال غامضًا

مواطن بلجيكي يرتدي زي مهرج في أكتوبر الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل وسط احتجاجات جرت هناك على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكندا (أ.ف.ب)
مصير اتفاق التجارة الحرة بين بروكسل وواشنطن لا يزال غامضًا

مواطن بلجيكي يرتدي زي مهرج في أكتوبر الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل وسط احتجاجات جرت هناك على اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكندا (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة