كيف سيتأثر مستقبل شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية في عهد ترامب؟

تحذيرات من «حمائية ترامب العمياء»

كيف سيتأثر مستقبل شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية في عهد ترامب؟
TT

كيف سيتأثر مستقبل شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية في عهد ترامب؟

كيف سيتأثر مستقبل شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية في عهد ترامب؟

في وقت سابق من هذا الأسبوع، ارتقى بعض من قادة أكبر الشركات التكنولوجية في العالم، السلم الذهبي في برج ترامب الشهير في نيويورك للتباحث مع الرئيس المنتخب حول ما يرغبون في أن يقوم به الرئيس الجديد بعد انتقاله إلى البيت الأبيض الشهر المقبل.
وكان الاهتمام الهندي في هذا الاجتماع يتعلق بتأشيرة «إتش - بي 1»، وهي تصريح العمل المؤقت للعمالة الأجنبية من ذوي المهارات الذين توظفهم الكثير من شركات تكنولوجيا المعلومات في الولايات المتحدة. وتجلب الأيدي العاملة المدربة من الهند للحصول على عقود الاستعانة بمصادر العمل الخارجية.
على الرغم من اعتراف ترامب بمميزات تأشيرة «إتش - بي 1» وأنه قد استخدمه بصفة شخصية في أعماله، فإنه لمح إلى بعض القيود التي قد تُفرض بهدف حماية المواطنين الأميركيين من استبدالهم بالعمالة الأجنبية الوافدة.
وفي السنوات الأخيرة، كانت شركات وادي السيلكون الأميركية العملاقة مثل «إنتل»، و«كوالكوم»، و«غوغل»، و«أمازون» تتنافس على نحو متزايد على تأشيرات «إتش - بي 1» ضد شركات تكنولوجيا المعلومات الاستشارية الهندية، مثل «كوغنيزانت»، و«تاتا الاستشارية»، و«ويبرو»، و«اكسنتشر»، التي تعتمد نماذج أعمالها وبشكل كبير على الوصول إلى تأشيرات «إتش - بي 1».
ولقد استخدمت الشركات الهندية المذكورة تأشيرة «إتش - بي 1» الخاصة بالعمالة الأجنبية الماهرة في إرسال مهندسي الحواسيب إلى الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعتبر أكبر أسواقهم الخارجية، على نحو مؤقت لتوفير الخدمات المختلفة للعملاء هناك.
* مخاوف شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية
منذ الأيام الأولى من حملته الانتخابية، تضمن موقف ترامب المناوئ للهجرة خطة لخفض تأشيرات العمل الممنوحة للأجانب، والمعروفة باسم تأشيرة «إتش - بي 1»، التي تسمح للعمالة الأجنبية المدربة على العمل بنظام الدوام الكامل في الولايات المتحدة لمدة تبلغ ست سنوات كاملة.
ولقد قال ترامب، إنه في حالة انتخابه رئيسا للبلاد، سيقضي تماما على استخدام تأشيرة «إتش - بي 1» بصفتها وسيلة رخيصة لبرامج العمالة الأجنبية الماهرة، ويؤسس متطلبات مختلفة تماما لتعيين العمالة الأميركية المحلية أولا مقابل كل تأشيرة ممنوحة للأجانب، ولقد أيد المحامي العام المختار في حكومته الجديدة، السيناتور جيف سيشنز، الحد من برنامج التأشيرات الخارجية الحالي.
وإذا ما تقلصت الأعداد المخصصة لمنح تأشيرة «إتش - بي 1» في عهد الرئيس ترامب، فستكون من الأنباء السيئة بالنسبة للمواطنين الهنود الذين كانوا يتلقون العدد الأكبر من هذه التأشيرات خلال السنوات السابقة.
والشركات التكنولوجية الهندية العملاقة على غرار شركة «تاتا للخدمات الاستشارية»، وشركة «انفوسيس»، وشركة «ويبرو» تمثل في مجموعها ما مقداره 86 ألف تأشيرة من فئة «إتش - بي 1» في الفترة بين عامي 2005 و2014.
وتصدر وكالة المواطنة والهجرة الأميركية عدد 85 ألف تأشيرة منها فقط في كل عام، وهي مخصصة للعمالة الأجنبية من ذوي المهارات، مثل العلماء، والمهندسين، ومبرمجي الحواسيب، ومن بين هؤلاء، هناك 20 ألف تأشيرة مخصصة للعمالة الحاصلة على درجة الماجستير من إحدى الجامعات الأميركية.
ويبلغ عدد المتقدمين للحصول على التأشيرة من ثلاث إلى أربع مرات الحد الأقصى المحدد من الحكومة الأميركية، ويجري اختيار الفائزين بالتأشيرة من خلال اليانصيب الإلكتروني.
وتعود الأفضلية في هذه التأشيرات، من جانب شركات التكنولوجيا، إلى العمال المولودين في الهند، حيث إنهم يتمتعون بالمهارات العالية، والمعرفة الجيدة باللغة الإنجليزية، ولديهم الاستعداد للعمل بأجور أقل بالمقارنة بالموظفين الأميركيين في المجالات نفسها، وهم يستأثرون بنصيب الأسد من تأشيرات «إتش - بي 1» الممنوحة في كل عام.
أي إجراءات جديدة تتخذ بشأن هذه التأشيرات ستلحق الضرر بأكثر من 60 في المائة من الأعمال الواردة من الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر وأكثر الأسواق حيوية بالنسبة لشركات تكنولوجيا المعلومات الهندية، كذلك، فإن قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي يعتمد وبشكل كبير للغاية على عائدات التصدير التي تقدر بنحو 108 مليارات دولار من إجمالي عائدات القطاع البالغة 143 مليار دولار سنويا، وأكثر من 80 في المائة من الشركات المدرجة على مؤشر (فورتشن 500) تتلقى خدماتها من شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية.
* التوظيف المحلي والاستحواذ
من المتوقع من الخطاب الانتخابي للرئيس ترامب، واختياره السيناتور جيف سيشنز في منصب المحامي العام للولايات المتحدة، وهو كان من أشد المنتقدين، ولفترة طويلة، لبرنامج التأشيرات الحالي في الولايات المتحدة، أن يؤدي إلى فرض إجراءات أكثر صرامة ضد شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية.
ومن المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة برامج أكثر حمائية فيما يتعلق بتأشيرات تكنولوجيا المعلومات في إدارة الرئيس المنتخب ترامب؛ لذا فقطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات الهندي الذي تبلغ عائداته 150 مليار دولار، والذي يحقق نحو 60 في المائة من العائدات من الولايات المتحدة، قد بدأ في تصعيد إجراءات التوظيف المحلية والتعيين بشكل أكبر من الجامعات والكليات الهندية كإجراء لحماية الأعمال في الولايات المتحدة.
إضافة إلى ذلك، تشتري شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية الشركات الأميركية للمساعدة في توسيع الحجم المحلي للأعمال، وزيادة التواجد على أرض الواقع في الأسواق الرئيسية الكبرى، والمساعدة أيضا في مواجهة أي إجراءات حمائية.
ولقد استثمرت شركات خدمات البرمجيات الهندية أكثر من 2 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس الماضية، وتمثل أميركا الشمالية أكثر من نصف عائدات قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي.
يقول برافين راو، المدير التنفيذي للعمليات في شركة «انفوسيس»، وهي ثاني أكبر شركة تعمل في تكنولوجيا المعلومات في الهند، والتي ابتاعت خلال العامين الماضيين الكثير من الشركات، بما في ذلك شركتا «نوح الاستشارية»، و«كاليدوس تكنولوجيز» الأميركيتان: «علينا الإسراع في عمليات الاستحواذ على الشركات الأميركية، كما علينا الإسراع كذلك في تعيين الموظفين المحليين كلما كانوا متوفرين، والبدء في عملية تعيين الخريجين الجدد من الجامعات هنا»، في إشارة إلى التحول الواضح من النموذج الاعتيادي في توظيف العمالة ذات الخبرات الطويلة بالأساس لصالح العمل في الولايات المتحدة، على نحو ما ذكرت وكالة «رويترز» الإخبارية مؤخرا.
وأضاف راو يقول «علينا الانتقال إلى نموذج للأعمال يمكننا من تعيين الخريجين الجدد، وتدريبهم، ونشرهم بصورة تدريجية في مختلف الشركات، وسيؤدي ذلك إلى زيادة التكاليف لدينا»، مشيرا إلى أن شركة «انفوسيس» توظف على نحو معتاد نحو 500 إلى 700 موظف جديد في كل ثلاثة شهور في الولايات المتحدة وأوروبا، ونسبة 80 في المائة منهم من العمالة المحلية الهندية.
يقول جاتين دالال، المدير المالي في شركة «ويبرو»: إن استراتيجية نمو الشركة تتمثل في شراء الشركات التي توفر شيئا يفوق ما تقوم الشركة بتقديمه بالفعل، أو ربما شيء جديد تماما، على غرار شركة «ابيريو» الأميركية العاملة في مجال خدمات الحوسبة السحابية.
أما سي. بي. غورناني، الرئيس التنفيذي لشركة «تك ماهيندرا» الهندية، فيقول: إن شركته، التي استحوذت قبل عامين ماضيين على شركة إدارة خدمات الإنترنت المعروفة باسم «لايتبريدج للاتصالات»، تعرب عن اهتمامها بالاستحواذ على المزيد من الشركات الأميركية، ولا سيما الشركات العاملة في مجال الرعاية الصحية والتكنولوجيات المالية التي تسبب الأضرار للخدمات المصرفية التقليدية.
* المساهمات الهندية في الاقتصاد الأميركي
يتوقع القليل الإيقاف الكامل لإصدار تأشيرات العمالة الأجنبية الماهرة إلى الولايات المتحدة، حيث يعتبر المهندسون الهنود من الركائز الأساسية من نسيج وادي السيلكون الأميركي، وتعتمد الشركات الأميركية كثيرا على حلول تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات الرخيصة التي يوفرونها، إلا أن أي تغييرات تطرأ على ذلك من شأنها أن ترفع التكاليف إلى مستويات غير مسبوقة.
ووصف الموقف الجديد للحكومة الأميركية حيال الموظفين والعمالة الهندية بمسمى «الحمائية العمياء» التي لن تساعد في رؤية ترامب الجديدة الرامية إلى خلق المزيد من فرص العمل المحلية، فإن الرابطة الوطنية لشركات البرمجيات والخدمات، اختصارا غرفة صناعة التكنولوجيا الهندية (ناسكوم)، قد قالت إنها ستسلط المزيد من الأضواء على الدور الذي تلعبه الهند في المحافظة على القدرة التنافسية لاقتصاد الولايات المتحدة.
وقال رئيس غرفة «ناسكوم» الهندية أر. شاندراشيخار «إن نوع الخدمات التي توفر صناعة تكنولوجيا المعلومات الهندية في الولايات المتحدة هي مزيج من التكنولوجيات الجديدة التي تتطلب مجموعة متنوعة من المهارات، وهي تنطبق على تحويل الأعمال الأميركية وجعلها أكثر تنافسية، وبالتالي تمكينها من خلق المزيد من فرص العمل. وترامب هو ذو عقلية تجارية واقتصادية في منهجه الأساسي، وبصفته رجل أعمال سيسعى للمزيد من التنافسية الاقتصادية. وإننا نأمل أن يدرك ترامب أن الحمائية العمياء ليست بالشيء الذي يؤدي إلى خلق فرص العمل الجديدة، بل على العكس، ستؤدي إلى خسارة المزيد من الوظائف».
لفترة طويلة، طالبت شركات التكنولوجيا في وادي السيلكون بالسماح للشركات بتعيين المزيد من العمالة بموجب برنامج «إتش - بي 1». وكتب الآن إتش. فليشمان، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركات استشارات الأعمال «لوريل الاستراتيجية» مقالة افتتاحية لمجلة «فورتشن» يقول فيها إن الحد الأقصى من تأشيرة «إتش - بي 1» «قد يكون كافيا قبل 30 عاما من الآن، لكنه يعد مجرد قطرة في دلو الآن بالمقارنة بالطلب الحالي على العمال ذوي المهارات العالية». ولقد دعا، موجها كلامه إلى ترامب، إلى مشروع قانون يشرف عليه الحزبان الكبيران لمضاعفة الحد الأقصى الحالي من التأشيرات، وحثه على المضي قدما في التصديق على هذا القانون.
وقال تقرير صادر عن الغرفة التجارية الأميركية في عام 2012: إن كل موظف يدخل البلاد وفق تأشيرة «إتش - بي 1» يخلق في المقابل 2.62 فرصة عمل للمواطنين الأميركيين بسبب الدفعة الكبيرة التي توفرها مثل هذه التأشيرات إلى اقتصاد البلاد.
وهناك الكثير من الأسباب التي تفضل لأجلها الشركات الأميركية تعيين العمالة الهندية، كما قال فليشمان: «يدخل غالبية المواطنين الأميركيين سوق العمل بعد الحصول على درجة البكالوريوس. ولكن الهنود الذين يعملون هنا بالفعل غالبا ما يحملون درجة التخصص (الماجستير) في مجالات عملهم؛ ما يجعلهم أكثر تأهيلا لسوق العمل».
ويلاحظ المحللون من جانبهم، أن ترامب يمكنه تقليص الحد الأقصى لتأشيرة «إتش - بي 1»، أو رفع تكاليف إصدارها، أو زيادة التنافس للحصول عليها، كما يمكنه إصدار الأوامر بأن يتلقى الحاصلون على تلك التأشيرة أجورا أعلى؛ ما يجعل المواطنين الأميركيين أكثر تنافسية.
تقول نيرمال بانغ، رئيسة شركة إنترنت معنية بالتداول في الأسهم وسوق الأوراق المالية في الهند: «إذا ما رفعت حكومة ترامب من رسوم إصدار التأشيرة، فستكون بمثابة ضربة قاسية لشركات تكنولوجيا المعلومات الهندية، ففي عام 2015 ضاعفت الحكومة الأميركية من رسوم إصدار تأشيرة (اتش - بي 1) وتأشيرة (إل - 1) إلى 4000 دولار و4500 دولار على التوالي على الشركات التي توظف أكثر من 50 موظفا، من بينهم 50 في المائة يحملون إحدى التأشيرتين».
وفي حين يرفض ترامب تماما الاستماع إلى أناس مثل فليشمان، ليرفع الحد الأقصى للتأشيرة، يعتقد عدد قليل من العمال الهنود أن الرئيس الأميركي الجديد سيتخلص تماما من برنامج تأشيرة «إتش - بي 1».
ويقول سانديب خانا، أحد خبراء تكنولوجيا المعلومات في الهند «لا يلزمنا قراءة المزيد من خطاب ترامب الانتخابي حول هذه المسألة. وقبل انتخابه رئيسا للبلاد، كان الرئيس الحالي باراك أوباما مؤيدا وبشكل صريح للغاية خلال حملته الانتخابية ضد الاستعانة بمصادر العمالة الأجنبية، وقال إن إدارته ستعمل على إصلاح المزايا الضريبية فقط للشركات التي تخلق فرص العمل الجديدة في الداخل الأميركي».
وعندما تولى الرئاسة بالفعل، كان المعدل الطبيعي للاستعانة بالمصادر الخارجية كما هو من دون تغيير، وكانت شركات تكنولوجيا المعلومات، على الرغم من المضايقات العرضية من آن لآخر حول أعداد تأشيرات «إتش - بي 1» المتاحة، تمارس أعمالها بالمنوال المعتاد؛ لذا لا داعي للقلق حول تكنولوجيا المعلومات الهندية مع دونالد ترامب.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».