صعود وهبوط ممثلي أفلام الأكشن اليوم

ظواهر سينما 2016 : الأفلام تنجح بهم ومن دونهم

صعود وهبوط ممثلي أفلام الأكشن اليوم
TT

صعود وهبوط ممثلي أفلام الأكشن اليوم

صعود وهبوط ممثلي أفلام الأكشن اليوم

من المفترض، عندما يحقق فيلم ما، مليارًا و135 مليونا و300 ألف دولار من عوائده حول العالم، أن يدفع ذلك الممثلين (وباقي المتعاملين مع الفيلم) إلى قمّة ولو مشتركة. لكن حال «كابتن أميركا: حرب أهلية»، الذي أنجز هذا الرقم المرتفع من جراء عروضه الدولية، ليس بمثل هذه البساطة. ونظرة على الأفلام التسعة الأنجح من بعده تشي بأن المسألة ليست من يمثل ماذا حتى وإن حقق الفيلم مليارات الدولارات.
في الواقع، على المرء أن يتابع سلم الإيرادات المسجلة سنة 2016 إلى المركز السادس عشر، قبل أن يطالعه فيلم مختلف عن الأعمال التي تعلوه في قائمة أفضل أفلام العام نجاحًا. بكلمات موازية: كل الأفلام من «كابتن أميركا» وحتى «ووركرافت» في المركز الخامس عشر، من بطولات جماعية متشابهة: عدّة أبطال في عدّة مواقف ينتج عنها عدّة انتصارات. الفيلم المختلف في المركز السادس عشر هو «جاسون بورن» الذي اضطلع ببطولته مات دايمون، وهي بطولة منفردة وليس جماعية على الرغم من قوّة المشاركات الجانبية.

مزايا متساوية

في سينما اليوم الرائجة لا يؤدي الممثل الدور الذي كان يؤديه أمثاله حتى نهايات القرن الماضي. عامًا بعد عام يزداد الاتكال على تحويل الممثلين (وجلهم من النجوم) إلى كتلة متحدة تتألف من فريق محارب يواجه فريقًا محاربًا آخر.
«كابتن أميركا: حرب أهلية»، و«باتمان ضد سوبرمان»، و«فريق الانتحار»، و«دكتور سترانج»، و«رجال إكس»، و«وور كرافت» من بين هذه الأفلام التي تمحو شخصية الممثل المنفرد وتلج بها في أتون جماعي. حتى «دَيدبول»، الذي قاده رايان رينولدز يتحوّل في نهايته من مبارزة فردية إلى جماعية.
والوضع نفسه في أفلام الأنيميشن التي تشارك في ملء القائمة مثل «كتاب الغابة» و«كونغ فو باندا 3» و«آيس آيج»، كلها تعتمد المنهج ذاته: الشخصية الوحيدة التي تقود لا تكفي. الجمهور بات يريد أن يشاهد ألوانًا من المزايا البطولية المتساوية. كريس إيفانز هو الذي يلعب شخصية «كابتن أميركا» في العنوان، لكن البطولات ستنسحب على الباقين جميعًا: بول رَد، توم هولاند، بول بيتاني، جيريمي رَنر، سكارلت جوهانسن، روبرت داوني جونيور، دون شيدل، أنطوني ماكي، وشادويك بوزمان. كل منهم سيؤدي «الحتّة بتاعتو» على حد قول المصريين وفي انسجام من المواقف. بذلك، يحسب صانعو هذه الأفلام، سيستقبل المشاهد عشرة أبطال بعشر مزايا مختلفة في فيلم واحد.
الناتج مريع وغير محسوب، وهو محو الممثل كشخصية مستقلة. دليل ذلك برز منذ عدّة سنوات وتكرر هذه السنة، بعد فشل فيلم روبرت داوني جونيور «القاضي» الذي انبرى لبطولته عاد إلى سينما الجماعات المذكورة. «ذا أفنجرز: عصر الترون» في العام الماضي. «كابتن أميركا» هذا العام وفيلم مشابه في كيانه هو «سبايدر مان: العودة» في العام المقبل. وفي المستقبل القريب، حال انتهائه من متطلبات هذه الأفلام سيعاود الظهور في جزء ثالث من سلسلة «شرلوك هولمز» الذي بدوره ما عاد من بطولة التحري الخاص وحده، بل من بطولته لجانب دكتور واطسون (جود لو) في بطولة مزدوجة تحتفظ بأسماء الشخصيات وتبدل محتوياتها رأسًا على عقب.
بطولات منفردة

بالنسبة لسكارلت جوهانسن فإن آخر مرّة تصدت فيها لبطولة فيلم منفردة كان قبل عامين عندما قامت بقتل كل من واجهها في «لوسي». ثم دور صغير في فيلم عابر هو «مرحى، قيصر»، وبعدها واصلت أدوارها الجماعية في مسلسلي «أفنجرز» و«كابتن أميركا».
ما هو أبعد تأثيرًا من هذه النتيجة حقيقة أن المشاهدين لا يهمهم اليوم من يلعب أي دور في هذه البطولات الجماعية. وسواء اعتزل كريس إيفانز شخصية «كابتن أميركا» أو بقي عليها، فإن الجمهور سيتقبل، في معظمه، هذا التبدّل من دون اكتراث حقيقي. وإذا ما خف الإقبال على مثل هذه المسلسلات فلن يكون ذلك، لأن هذا الممثل أو ذاك انسحب أو بقي، بل بسبب كل تلك المتعة السطحية التي تؤمنها هذه المسلسلات.
لكن مات دايمون ليس الوحيد الذي ما زال بإمكانه الخروج من حالة الحصار هذه والتمتع ببطولة منفردة والنجاح في الوقت ذاته.
توم كروز نفذ من هذه الحالة بدوره. مسلسله المفضل «مهمّة: مستحيلة» هو مثل مسلسل «جاسون بورن»، شخصية ذئب منفرد يواجه المؤسسات الراغبة في تدميره. يساعده فريق عمل، لكنه هو من يقود، والمشاهد الأقوى في أفلامه هي من بطولته.
نسائيًا، يتوقف الأمر على نوع مختلف من الأداءات لمواجهة ذلك الذي تؤديه سكارلت جوهانسن وغال غالوت ومارغوت روبي حاليًا. في عام 2016 وجدت إيما ستون راحتها في اللجوء إلى فيلم موسيقي «لا لا لاند»، ومثلت نتالي بورتمان دور جاكلين كندي في «جاكي». إميلي بْلنت عايشت دورًا دراميًا صعبًا في «فتاة في القطار»، وجسيكا شاستين نجحت وحدها في «مس سلون»، وكذلك آمي أدامز في «وصول».
هذه الأفلام جميعًا تطلبت حضورًا أنثويًا في الوقت الذي لجأت فيه الممثلات الأخريات إلى أدوار قوة خشنة تلبية لشروط «ومغريات» النجاح الأكبر. وفي عالم اليوم، بات من المعتاد أن نرى أفلامًا كوميدية يؤدي فيها الرجال أدوارًا في الصف الثاني، بينما تتولى المرأة أعمال الصف الأول. ليس أن هذا سيئ بحد ذاته، بل هو أمر مفهوم ومقبول لولا أن خصائص البطل - الرجل تقلّصت، ما عاد الرجل المنفرد الحر بقراراته. حُرم من السيجارة التي كانت ترمز لفرديّته، ثم قاموا بقضم أظافره فتحوّل، في الأفلام الرئيسية على الأقل، إلى شخص مدجّن وطيّع.
من هنا فإن مات دايمون وتوم كروز يقومان بأداء «الموديل القديم» من البطولة الرجالية، كذلك إيما ستون وجسيكا شستين وسواهما من البطولات النسائية.
إلى هؤلاء يمكن ضم توم هانكس الذي وجد لنفسه دورًا ذا نبرة عالية عندما قام كلينت إيستوود بإسناد دور البطولة إليه في فيلم «صولي». كايسي أفلك، شقيق بن، لجأ إلى دور عاطفي مركب هذا العام في «مانشستر على البحر»، ودنزل واشنطن وجد ملاذا في دراما بعنوان «حواجز»، وعكس ريان غوزلينغ مواهب جديدة في «لا لا لاند»، وتقدم أندرو غارفيلد من نصر في العام الماضي، تمثل بفيلم «99 منزلاً» إلى بطولة فيلمين جيدين هما «صمت» لمارتن سكورسيزي، و«هاكسو ريدج» لمل غيبسون.
‫‬
الوداع الطويل لسينمائيي 2016

عدد كبير من رجال ونساء السينما غادرنا هذا العام، معظمهم من الذين عاصرناهم طويلاً واعتدنا على وجودهم بيننا. هناك أجيال تتناوب على الظهور، وأخرى تتناوب على الغياب، والفئة الثانية تشمل ممثلين ومخرجين وسينمائيين آخرين قدّر لهم إثراء السينما بما قدّموه خلال حقب مهنهم.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.