نائب البشير يتعهد بتقديم تنازلات كبيرة من حصة حزبه بالحكومة

عشرات الصحافيين يتظاهرون احتجاجًا على مصادرة الصحف ومنع الكتابة

جانب من إحدى جلسات البرلماني السوداني أمس (أ.ف.ب)
جانب من إحدى جلسات البرلماني السوداني أمس (أ.ف.ب)
TT

نائب البشير يتعهد بتقديم تنازلات كبيرة من حصة حزبه بالحكومة

جانب من إحدى جلسات البرلماني السوداني أمس (أ.ف.ب)
جانب من إحدى جلسات البرلماني السوداني أمس (أ.ف.ب)

أعلن نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، تقديم تنازلات كبيرة من حصة حزبه في الحكم خلال الأيام المقبلة، وحذر من حرب إعلامية ضد حكومته تسببت في مصادرة الصحف، وهدد بتوقيف الإعلاميين الذين يملكون مؤسسات إعلامية في الخارج حال عودتهم للبلاد، كما حذر مما سماه محاولات التغيير بالقوة من بعض المنتمين للمعارضة، والتي يعتقل بسببها قادة المعارضة.
وقال إبراهيم محمود حامد، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، الذي يترأسه الرئيس عمر البشير، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن الطريق للحريات يتم عن طريق تقديم التنازلات، مؤكدًا على تنازلات كبيرة يقدمها حزبه خلال الأيام المقبلة. وأضاف موضحا أن «الطريق للحوار يتم عن طريق تقديم التنازلات، والمؤتمر الوطني سيتنازل كثيرًا جدًا لمصلحة الوطن واستقراره، وسترون ذلك خلال الأيام المقبلة، ولو كان حزبنا لا يريد تقديم تنازلات لما دعا للحوار، فقد فاز في الانتخابات والانتخابات المقبلة في 2020».
وأرجع المسؤول الحزبي الذي يتولى في الوقت ذاته منصب مساعد رئيس الجمهورية، الاعتقالات التي تطال حاليًا قادة المعارضة إلى محاولات بعضهم فرض التغيير بالقوة، أو الاتفاق مع حركات متمردة تحمل السلاح وتهدد أمن الدولة. وقال: «لن نسمح لأي شخص يريد فرض التغيير بالقوة، وأي حزب يتفق مع متمردين بما يهدد الأمن فإننا لن نسمح له»، مضيفا أن الحرب التي تستهدف استقرار البلاد، ليست تلك التي تدور في ميادين القتال، بل هي حرب إعلامية تستهدف هزيمة الشعب وزرع اليأس داخله، و«المعركة ضدنا لا تدور في مناطق الحرب فقط، فالحرب الإعلامية أخطر، وأي مقال أو شيء يتسبب في هزيمة الشعب السوداني وزرع اليأس داخله، نحن لسنا معه». كما شدد على أن بعض وسائل الإعلام الإلكترونية التي تنشط في الخارج لا تتيح لمؤيدي حزبه والمدافعين عن سياساته النشر فيها، وهدد باعتقال العاملين فيها حال عودتهم للبلاد بقوله إنه «لا توجد حرية أكثر من سماحنا لشخص بتأسيس صحيفة لتشتمنا، وهم لا يتيحون أي حريات في صحفهم الإلكترونية، ولذلك لن يأتوا للسودان، وسنعتقلهم حين يعودون لأنهم أقاموا مؤسسات لإسماع حديثهم وترك ناسنا في موقع القراء فقط. نحن مع الحرية لكن في إطار أوضاعنا»، وأوضح المسؤول الحزبي أنه احتج على مبعوث الرئيس الأميركي دونالد بوث حين سأله عن الاعتقالات بالقول: «أنتم اعتقلتم الناس في غوانتانامو من دون تهم، وقلتم إنهم يهددون أمنكم، ولذلك لن نسمح لأحد بالمزايدة علينا، لا في الغرب ولا في الإقليم الذي نعرفه».
وبشأن الاتهامات التي وجهها جهاز الأمن للحزب الشيوعي، والتي رأى البعض أنها تمهيد لحله، قال حامد إنه حزب مسجل ويمارس نشاطه، وأنه عقد مؤتمره في قاعة.
لكنه وصف مطالبة حزب المؤتمر الشعبي بإدراج الحريات ضمن التعديلات بالمزايدة، وقال إن دستور 2005 يضمنها «ونحن على استعداد لتعديل أي شيء يحتاج لتعديل عاجل، لكن القضية ليست إدراج الحريات في الدستور لكن الالتزام بتنفيذها»، حسب تعبيره.
وتعهد حامد بالوصول لسلام شامل في البلاد بقوله إن «السلام الشامل قادم لأن السلام إرادة شعب، ولأن كل الأفكار الثورية انتهت»، وتعهد بالدخول في مرحلة انتقال حقيقي سلس ومدروس للوصول لدولة مؤسسات راشدة أقوى من الأحزاب. وحمل في السياق ذاته الحركة الشعبية المسؤولية عما أسماه تباطؤ عملية السلام، مجددا استعداد حزبه لاستيعاب كل الذين يعودون للسلام، وأضاف موضحا: «بعد الحوار لا نملك لهم شيئا، بل سنذهب للدول التي تأويهم ونطلب منها تسليمهم باعتبارهم إرهابيين يستخدمون السلاح في ترهيب الشعب... ونحن مستمرون في دعوة من هم خارج الحوار، لكن لن نحبس الشعب بانتظار شخص أو شخصين، وتأجيلها لستة أشهر أو سنة تعطيل وحبس للشعب عن أعظم مشروع منذ ستين عامًا».
ونفى حامد ما أوردته تقارير صحافية من أن حكومته قبلت مطلب الحركة الشعبية لتحرير السودان بإيصال 20 في المائة من الإغاثات الإنسانية عن طريق مدينة أصوصا الإثيوبية مباشرة إلى المناطق التي تسيطر عليها، وفقًا للمبادرة التي تقدم بها مبعوث الرئيس الأميركي بقوله: «قضيتنا ليست أصوصا، فنحن مستعدون للقبول بمجيء المساعدات من أي مكان بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، شرط أن تأتي بشكل يحفظ سيادة الدولة، وتقوم الجهات المعنية بدورها في فحصها، وفحص وسائط النقل التي نقلتها قبل عودتها».
وفي سياق ذي صلة، نظم عشرات الصحافيون وقفة احتجاجية أمام المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، سلموا خلالها مذكرة احتجاج للمجلس باعتباره الجهة المسؤولة قانونًا عن الصحافة وإنفاذ القانون، دانوا فيها مصادرة جهاز الأمن للصحف، وصحيفة «الجريدة» المستقلة على وجه الخصوص، والتي تمت مصادرة 11 عددا منها بعد طباعتها، ومنع اثنين من كتابها من الكتابة.
وحمل الصحافيون المحتجون لافتات تندد بالتضييق على الحريات، وفي الوقت ذاته ارتدى بعضهم «كمامات» للتعبير عن رفضهم للمصادرة والوقف عن الكتابة، باعتبارهما اعتداءً صارخًا على الحريات العامة والحريات الصحافية على وجه الخصوص، وتكميمًا للأفواه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».