فكرة الواقع الافتراضي كانت محيرة ومشوقة في الوقت ذاته، وعلى الأقل في الثمانينات من القرن الماضي، مع ظهور الروايات والمسلسلات التلفزيونية مثل «نيورومانسر»، و«ستار تريك»، و«الجيل المقبل» التي روجت للخيال العلمي، كنقل الأشخاص إلى بيئات كومبيوترية ثلاثية الأبعاد.
لكن مع تجربة مجموعة من النماذج الأولية منها في مؤتمر مطوري الألعاب الذي عقد هنا أخيرا، يمكن التأكيد أن نظم الواقع الافتراضي تعمل جيدا. ولكن السؤال الذي لا يزال قائما هو كيفية قيام مصممي الألعاب، والفنانين، ومخرجي الأفلام، بالتعامل معه.
* لعبة واقع افتراضي
إن النسخ الاستهلاكية من نظم الواقع ليست متوفرة بعد، وقد لا تظهر خلال العام الحالي. لكن مقابل 350 دولارا، يمكن لمصممي الألعاب طلب «النسخة الأخيرة من أوكيلاس ريفت» newest version of the Oculus Rift، ألا وهي جهاز جرى تطويره للكومبيوترات الشخصية، ومدعوم من قبل بعض الأسماء الشهيرة في عالم ألعاب الفيديو. وسيجري شحن هذه اللعبة في يوليو (تموز) المقبل.
«واللعبة هذه ليست مجرد جهاز طرفي لمطوري الألعاب»، كما يقول دانفونغ دينيس المصور الصحافي الذي أخرج فيلم «إلى جهنم والعودة منه ثانية»، الذي رشح لجائزة الأوسكار، والذي يتحدث عن الحرب في أفغانستان، الذي حضر المؤتمر لعرض فيلم وثائقي جديد، لكي يعرض بأسلوب «ريفت»، هذا الوسط الجديد لتلاوة القصص والروايات.
إن معرفة اللغة الافتراضية الصحيحة للألعاب والأفلام والأعمال الخيالية الأخرى بالواقع الافتراضي «ستكون أصعب من التقنية ذاتها»، وفقا إلى دينيس. فقطع المشاهد والتبديل فجأة بينها، ستحدث على سبيل المثال ارتباكا وضياعا كبيرين جدا. و«ريفت» هي في الأساس شاشة تلفزيونية تقبع أمام عينيك، وأنت ترتدي نظارة خاصة تشبه تلك التي يرتديها المتزلجون على الثلج. وبدلا من استخدام الكاميرا بواسطة الضوابط اليدوية، كما تفعل عادة في ألعاب الفيديو العادية، تقوم باستيعاب وإدراك ما يحيط بك عن طريق إدارة ومد رأسك وعنقك، كما تفعل عادة في الحياة الواقعية. لكن وضعك لنظارة «ريفت» تجعلك تبدو غريبا وسخيفا أمام الآخرين، لكنها تثير أيضا فيك إحساسا ينقلك إلى عالم بديل. ويقول كريس سويلنتروب في «نيويورك تايمز» إن شركة «أوكيلاس في آر» للواقع الافتراضي باعت 60 ألف نسخة من هذه اللعبة المطورة التي شرع في شحنها، خلال المؤتمر السابق لمطوري الألعاب، عندما انتظرت الجموع ساعات طويلة في الصفوف لتجربتها. وخلال العام الحالي، وبعد تقديم طراز أولي جديد محسن جدا، شرعت «أوكيلاس» تواجه منافسة عامة لأول مرة، وبالأخص على شكل لعبة «بروجيكت مورفياس» من «سوني» المصممة لـ«بلاي ستيشن 4». لكن سماعات الرأس من «سوني» لا تتوفر في المتاجر، على الرغم من توفيرها من قبل الشركة للمطورين في الخارج.وخلال المؤتمر استخدمت «مورفياس» للغطس في أعماق المحيط داخل قفص مضاد لسمك القرش. وللمشاركة في معركة بين سفن الفضاء، وفي معركة بالسيوف في العصور الوسطى، وللوقوف على سطح المريخ، كما عرضته وصورته بيانات ومعلومات مسبار «كيوريوستي»، الذي أرسلته «ناسا».
* آفاق واسعة
وغالبية مصممي الألعاب هذه منتشون جدا حول الإمكانيات الكبيرة لها. ويقول باتريك بلوردي المدير الإبداعي في استوديو مورنيال الكبير التابع إلى «يوبيسوفت»، حيث يعمل نحو 2000 من المطورين: «إنني راغب في صنع أول لعبة مثيرة بالواقع الافتراضي». بيد أن ليونيل ريموند نائب المدير في «يوبيسوفت مونريال» كان أكثر حرصا بالقول إن الاستوديو لا يخطط بعد لإنتاج مثل هذه اللعبة. فالتقنية بحاجة إلى بيع ملايين الوحدات قبل أن تتحول إلى تجارة مجدية بالنسبة إلى الشركات الكبيرة المطورة للألعاب، «فإخفاق واحد، أو إخفاقان كافيان للقضاء على العمل برمته، إذ يتوجب أن يكون هناك سوق لها»، كما يقول. لكن المتحمسين ليسوا قلقين حيال المبيعات، «فأنا أعتقد أن هنالك قاعدة محتملة للمستخدمين قد تصل إلى المليارات»، يقول تيم سويني مؤسس «إيبيك غايمس» التي قامت بإنتاج لعبتين كعرض لحساب شركة «أوكيلاس ريفت»، مورستا أثناء انعقاد المؤتمر.
ويضيف: «نحن لا نزال في النسخة الأولى من التقنية التي من شأنها أن تغير العالم لدى الوصول إلى النسخة 5».
أما «مايكروسوفت» التي لا تزال تنتظر كشف النقاب عن نسختها من هذه التقنيات لخدمة لعبتها «إكس بوكس»، أو أجهزة كومبيوترات «ويندوز»، فيبدو أنها مقتنعة بأن الواقع الافتراضي سيكون هنا قريبا. «فبالنسبة إليّ هنالك سؤال يراودني، وهو ما إذا كانت هذه التقنية ستستولي على الساحة كلها، أو ما إذا ستكون حلا لبعض السيناريوهات»، وفقا إلى فيل سبينسر نائب رئيس استوديوهات «مايكروسوفت غايم ستوديوس».
وثمة السؤال الغامض الحقيقي الكبير، وهو ما الألعاب والتجارب الأخرى التي ستكون أكثر ملاءمة وانجذابا إلى الواقع الافتراضي؟
إن أولى النتائج السيئة هي أن الألعاب السريعة الإيقاع قد تجعلك مريضا جسديا. فقد نشرت «أوكيلاس» دليلا من 42 صفحة خاصا بالمطورين، مع توصيات لتفادي إرهاق العينين والغثيان، فضلا عن الارتباك والضياع. فخلال السنة الماضية، قام فريق «ريفت» بالتحول من عروض الرامي الأول في ألعاب الرماية التي تنطوي على الركض والقفز في العالم الافتراضي، إلى ألعاب تنطوي على الجلوس على الأرائك، أو في مقصورة الطائرة، لتنظر إلى العالم حولك.