تدخلات إيران تهدد مؤتمر آستانة... والفصائل المعارضة تتراجع عن المشاركة

تركيا: لم نطلب من حجاب والهيئة العليا الحضور خلافًا لقناعاتهم

طفلان من بلدة زملكا بريف دمشق الشرقي أمس يجمعان الخشب وما يمكن حرقه من ركام النفايات (أ.ف.ب)
طفلان من بلدة زملكا بريف دمشق الشرقي أمس يجمعان الخشب وما يمكن حرقه من ركام النفايات (أ.ف.ب)
TT

تدخلات إيران تهدد مؤتمر آستانة... والفصائل المعارضة تتراجع عن المشاركة

طفلان من بلدة زملكا بريف دمشق الشرقي أمس يجمعان الخشب وما يمكن حرقه من ركام النفايات (أ.ف.ب)
طفلان من بلدة زملكا بريف دمشق الشرقي أمس يجمعان الخشب وما يمكن حرقه من ركام النفايات (أ.ف.ب)

تراجعت حظوظ مؤتمر الآستانة، الذي تعمل روسيا وإيران من أجل عقده منتصف الشهر المقبل، في إجراء حوار بين النظام السوري ومعارضيه، بعد ما بدأ يظهر تباعا من «فيتوات» ترفعها إيران بوجه المرشحين للمشاركة في المؤتمر.
فبعد إعلانها، أمس، رفضها مشاركة المملكة العربية السعودية، قالت مصادر تركية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، إن طهران رفعت «فيتو» آخر بوجه مشاركة رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، مبلغة أكثر من طرف أنه «غير مؤهل» للمشاركة فيه، ما حدا بالأتراك إلى الرد بطريقة غير مباشرة بتقديمهم صورة الاجتماع الثلاثي بين وزيري الخارجية التركي والقطري مع حجاب في الدوحة، بما يوحي بتمسك الطرفين بالهيئة العليا للمفاوضات شريكا أساسيا في أي عملية تفاوض، كما قالت مصادر سورية معارضة قريبة من حجاب، مشيرة إلى أن الطرفين أوحيا من خلال تعمد تصوير اللقاء الثلاثي، بأنهما «لن يقبلا بتجاوز الهيئة العليا بصفتها مفاوضا أساسيا في تمثيل المعارضة السورية على اختلاف تلاوينها».
وأشارت إلى أن الجانب التركي وضع حجاب في أجواء المباحثات التي تجريها أنقرة من أجل المساعدة في إيجاد حل للأزمة السورية. وأكدت مصادر رسمية تركية في المقابل لـ«الشرق الأوسط» أن الوزير التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيره القطري «لم يطلبا من الهيئة العليا المشاركة خلافا لقناعاتها». وقال المصدر إن تركيا ليست في وارد الضغط على أي أحد للقيام بما يخالف قناعاته، مشددة في المقابل على «التزام أنقرة تعهداتها التي أعلنت عنها في الاجتماعات الثلاثية (مع روسيا وإيران) وغيرها، لجهة السعي إلى وقف النار الشامل في سوريا والتمهيد للحل السياسي».
وبالفعل، فقد تراجعت فصائل المعارضة السورية المعتدلة التي كانت مدرجة على لائحة المشاركين في مؤتمر آستانة، عن المشاركة في المؤتمر المزمع عقده في عاصمة كازاخستان في منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، وذلك بسبب تصنيف طهران لبعض فصائل الجيش السوري الحر، على أنها فصائل «إرهابية»، بينما لم تحسم الفصائل التركمانية المدعومة من تركيا موقفها بعد.
ومثل هذا التراجع ضربة للمفاوضات، التي قالت روسيا على لسان الناطقة الصحافية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن جهود التحضير للمفاوضات في آستانة تركز على اتجاهات معينة، بما في ذلك ضمان الحضور القوي لفصائل المعارضة المسلحة، واستطردت قائلة: «أعتقد أن هذه هي الصفة الرئيسية التي ستميز مفاوضات آستانة عن عملية جنيف، لكن المعارضة السياسية ستشارك أيضا. أما تشكيلة الوفود وصيغة المشاركة، فتجري دراسة هذه المسألة حاليًا». وقالت زاخاروفا: «الحديث لا يدور حاليا عن توجيه الدعوات لحضور المفاوضات في آستانة، بل عن صياغة الرؤى والأطر الأساسية للمفاوضات في آستانة، وشددت على أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة الهيئة العليا للمفاوضات في حوار آستانة».
غير أن «الهيئة العليا للمفاوضات» نفت علمها بوجود المؤتمر من أساسه. وقال العضو بالهيئة جورج صبرة، أمس، إن الهيئة «لا علم لها بوجود محادثات تقول موسكو إنها تجري بين الحكومة السورية والمعارضة». وقال صبرة لوكالة «رويترز»: «لا علم لنا بوجود اتصالات بين المعارضة والنظام السوري... بالتأكيد ليس لنا علاقة بهذا الموضوع».
وفي حين تستبعد روسيا «الهيئة العليا للمفاوضات»، التي مثلت المعارضة السياسية والمسلحة في مباحثات جنيف في الربيع الماضي، والتي اشترطت أن يكون اتفاق «جنيف 1» شرطًا لأي عملية سياسية في سوريا، يبدو أن الفصائل العسكرية التي تمثل القسم الأكبر من المقاتلين المعارضين في سوريا، انضمت إلى موقف «الهيئة العليا للمفاوضات». وأكدت مصادر بارزة في المعارضة السورية المسلحة لـ«الشرق الأوسط»، أن القسم الأكبر من الفصائل التي كانت روسيا وتركيا وإيران تريد ضمها إلى محادثات آستانة «تراجعت عن المشاركة». وأرجعت المصادر أسباب عزوف الفصائل عن المشاركة في المؤتمر إلى «موقف طهران الذي لا يزال يصر على اعتبار بعض الفصائل المعتدلة إرهابية»، مشيرة إلى أن إيران «تتهم (فيلق الشام) و(أحرار الشام) و(جيش الإسلام) بأنها حركات إرهابية، وهو ما دفع الفصائل الأخرى لاتخاذ القرار بعدم المشاركة». وأشارت المصادر إلى أن الفصائل التركمانية المدعومة من تركيا، أهمها «لواء السلطان محمد الفاتح» و«لواء السلطان مراد»، لم تحسم قرارها بعد، مشددة على أن موقفها مرتبط بموقف القرار التركي من المباحثات.
وأكد القيادي في «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية لدمشق، أبو أحمد الدمشقي، أن «جيش الإسلام» لن يشارك بتاتًا في محادثات آستانة. وقال الدمشقي لـ«الشرق الأوسط»: «لن نشارك بتلك المحادثات التي لا ترتقي إلا إلى أن تكون مسخرة سياسية بمسرحية هزلية على جثث شعبنا الحر»، مضيفًا: «من يتهمنا بالإرهاب، فإننا لا نقبل بأن نتحاور معه»، في إشارة إلى إيران وروسيا.
وكانت موسكو قد دعت إلى عقد مباحثات في آستانة بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، بمشاركة فصائل عسكرية في الداخل، والقوات الكردية، مستبعدة فصيلي «داعش» و«فتح الشام» (النصرة سابقًا) على اعتبار أنهما جماعتان إرهابيتان، بمشاركة روسية وتركية وإيرانية، وسط استبعاد للولايات المتحدة الأميركية. ولم توزع موسكو بعد الدعوات على الفصائل التي قالت إنها مدعوة للمشاركة في المباحثات.
وأكدت طهران، أمس، على لسان وزير دفاعها العميد حسين دهقان، أن «داعش» و«النصرة» «لا يمكن أن يكونا جزءا من وقف إطلاق النار، بل بقية المجموعات المسلحة»، من غير أن يستثني أي فصيل بشكل علني. وقال إن وقف إطلاق النار «بحاجة إلى ضمانات حقيقية، بمعنى أنه على الجميع أن يقبلوا بوقف شامل لإطلاق النار، وعليهم الالتزام بمسألة معاقبة أي طرف ينتهك وقف إطلاق النار»، مضيفًا في حديث لـ«روسيا اليوم»، أنه «يجب البدء بعملية سياسية بعد وقف إطلاق النار، وإطلاق المفاوضات بين هذه المجموعات والحكومة السورية».
وفي معرض رده على سؤال «بناء على المباحثات الإيرانية الروسية التركية الأسبوع الماضي في موسكو، هل حل الأزمة السورية بات بيد هذه الدول الثلاث أو يمكن ضم دول أخرى كالسعودية؟» قال الوزير الإيراني إن «البقية كانوا في جنيف واجتمعوا هناك لمرات عدة، نحن نعتقد أن الحل الوحيد للأزمة السورية أن نساعد في التوصل إلى حل سوري - سوري، السعودية لا تلعب ذلك الدور الذي يؤهلها للمشاركة في المفاوضات». وأضاف: «هم يسعون إلى قلب نظام الحكم (في سوريا)، والذين يسعون إلى ذلك لا يمكن التفاوض معهم، بل ينبغي الرد عليهم بشكل حازم والآخرون كذلك».
وكانت وكالة «إنترفاكس الروسية» للأنباء نقلت عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوله إن الحكومة السورية تجري محادثات مع المعارضة قبل اجتماع أوسع يحتمل عقده في آستانة في كازاخستان.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.