أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تخوفًا شديدًا من قيام الولايات المتحدة وفرنسا، بدفع خطوة دولية أخرى في الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني، قبل انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما، في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، إنه خلال جلسة المجلس الوزاري السياسي - الأمني، جرى عرض تقييم، توقع أن يتخذ وزراء الخارجية الذين سيلتقون في باريس، في الخامس عشر من الشهر المقبل، كجزء من مبادرة السلام الفرنسية، سلسلة قرارات بشأن العملية السلمية يجري التصويت عليها في مجلس الأمن الدولي، وتبنيها قبل مغادرة أوباما للبيت الأبيض.
وقال نتنياهو خلال اجتماع لوزراء حزبه (الليكود)، الليلة قبل الماضية، إن «الموضوع لا يزال ساخنًا، وهذه ليست النهاية». وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، إن ممثلي وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي في ديوان رئيس الحكومة، وجهات أخرى شاركت في اجتماع المجلس الوزاري، عرضت معلومات تشير إلى أن التوجه السائد خلال المحادثات، بين فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى، تمهيدًا لاجتماع وزراء الخارجية في باريس، هو الدفع بخطوة كهذه. ويريد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، استغلال لقاء وزراء الخارجية، الذي سيشارك فيه وزراء من عشرات الدول في أنحاء العالم، من أجل إلقاء خطاب يعرض، من خلاله، رؤيته لحل الدولتين. وقال الوزير الرفيع، إن إسرائيل تتخوف من قيام كيري بتفصيل المبادئ الأميركية لحل المسائل الجوهرية للصراع «الحدود، اللاجئين، الأمن والقدس». وحسب المسؤول نفسه، فقد «تحدثت وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، عن معلومات تشير إلى نية وزراء الخارجية اتخاذ قرار يجري تبنيه من قبل الرباعية الدولية ومجلس الأمن، قبل 20 يناير المقبل. وحسب التقدير، فإن الأميركيين يقودون ذلك مع الفرنسيين».
وفي أعقاب هذه التقييمات، شنّ وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، هجومًا شديدًا على فرنسا شبيهًا بهجوم نتنياهو على الرئيس الأميركي باراك أوباما. فقال إن هدف المؤتمر الدولي للسلام في العاصمة الفرنسية باريس منتصف الشهر المقبل، هو المساس بأمن إسرائيل. وأضاف، في اجتماع لكتلته البرلمانية في الكنيست، أمس، أن مؤتمر باريس هو «الطبعة الحديثة لمحاكمة دريفوس (اليهودي الفرنسي الذي اتهم سنة 1894 بالتجسس لألمانيا وثبتت براءته بعد 12 عاما)، والذي من خلاله، «يعدون للمساس بأمن إسرائيل وتشويهها، ولكن الفرق الوحيد بين محاكمة دريفوس ومؤتمر باريس، هو أن هذه المرة، سيكون الشعب الإسرائيلي - وكل دولة إسرائيل - في قفص الاتهام، وليس يهوديا واحدا. وأضاف أن «عقد هذا المؤتمر قبل 4 أيام من انتهاء ولاية أوباما الرئاسية، وكذلك قبل بضعة أسابيع من الانتخابات الفرنسية، يدلل على أنه ليس مؤتمر سلام، وإنما محكمة ضد إسرائيل».
وكان نتنياهو نفسه قد أبدى تخوفًا من مؤتمر باريس، وقال إن الجهود الإسرائيلية تتركز في كيفية منع ضربة أخرى؛ لذلك «يجب عدم الاستفزاز وعمل أمور من شأنها توفير وقود لخطوة كهذه».
من جهته، شن رئيس البيت اليهودي، نفتالي بينت، هجومًا على نتنياهو، وطالبه بالتراجع عن دعم حل الدولتين. وقال: «يجب على إسرائيل إجراء حساب مع النفس بشأن سلوكها خلال ربع القرن الأخير، منذ تبني اتفاقيات أوسلو وحتى خطاب بار إيلان». وأضاف: «وصلنا إلى نهاية موسم تقليد الآخرين، فإما أن تكون معسكرًا قوميًا وتعارض إقامة دولة فلسطينية، أو نحصل على قرارات دولية ضدنا». وقال بينت، هناك بديلان: إما السيادة أو الاستسلام. لقد جربنا الاستسلام والتنازلات، وآن الأوان للانتقال إلى السيادة. ولذلك سننطلق قريبًا، نحو طريق فرض السيادة على «معاليه أدوميم» (مستوطنة جنوبي شرق القدس المحتلة)، والمناطق «ج». وعلم أن مجموعة من نواب البيت اليهودي والليكود أعدوا سلسلة من مشاريع القوانين لضم معاليه أدوميم ومستوطنات أخرى.
من جهته، قرر نتنياهو تشديد الرد الدبلوماسي العنيف على قرار مجلس الأمن الدولي الذي حدد عدم شرعية المستوطنات. وفي خطوة استثنائية جدًا، أجرى نتنياهو بشكل شخصي، محادثة مع السفير الأميركي في إسرائيل دان شبيرو، في أعقاب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت. وأمر نتنياهو وزارة الخارجية بتجميد علاقات العمل الدبلوماسية مع الدول الأربع التي طرحت مشروع القرار، حتى صدور قرار آخر، وتراجع عن نيته التقاء رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، ورئيس الحكومة الصينية لي كيكيانغ. كما تمت دعوة سفراء بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن لمحادثات توبيخ. وكان نتنياهو قد أمر في نهاية الأسبوع، السفيرين الإسرائيليين في السنغال ونيوزيلندا بالعودة إلى البلاد، بسبب ضغوط هذين البلدين على مصر من أجل طرح مشروع القرار للتصويت عليه، بعد تراجعها عن ذلك. وأعلن نتنياهو عن تجميد تقديم المساعدات للسنغال، كما أمر بإلغاء زيارة رئيس الوزراء الأوكراني، فلاديمير غرويسمان إلى إسرائيل.
وحسب مسؤول إسرائيلي، فقد كان استدعاء السفراء للتوبيخ في يوم عيد الميلاد، بمثابة خطوة استثنائية جدًا. وتساءل الدبلوماسي الغربي: «ماذا كانت ستقول إسرائيل لو قمنا باستدعاء سفيرها في يوم الغفران؟». وأضاف المسؤول الإسرائيلي، أنه في إطار تعليق العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي دعمت القرار، سيجري تقليص زيارة الوزراء الإسرائيليين إلى تلك الدول. وقال نتنياهو خلال اجتماع المجلس الوزاري السياسي - الأمني: «خلال الفترة القريبة سافروا أقل ما يمكن إلى الدول التي صوتت ضدنا. تجملوا بالصبر». كما لن يجري استقبال وزراء من تلك الدول في إسرائيل، ولن يجري استقبال السفراء في وزارة الخارجية. وحسب ذلك، سيجري وقف الاتصالات لتنسيق لقاءات نتنياهو مع «ماي»، و«لي»، خلال المنتدى الاقتصادي في دافوس، الشهر المقبل.
في سياق متصل، صرح دبلوماسي أميركي سابق، أمس، بأن اللهجة «البغيضة» لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي أعقبت قرار مجلس الأمن الدولي «غير مقبولة». وقال دان كورتزر - الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش - للإذاعة الإسرائيلية إن «اللهجة التي استخدمت ضد رئيس الولايات المتحدة، غير مسبوقة في حد ذاتها، وإنها حقًا يجب ألا تكون اللهجة التي يستخدمها حليف مع حليف».
حكومة نتنياهو تخشى تنسيقًا أميركيًا ـ فرنسيًا لـ«حل الدولتين»
ليبرمان يشن هجومًا قاسيًا على باريس ويعدّ مؤتمرها «محكمة ضد إسرائيل»
حكومة نتنياهو تخشى تنسيقًا أميركيًا ـ فرنسيًا لـ«حل الدولتين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة