أرست «رؤية السعودية 2030» التي أعلنها ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، 24 أبريل (نيسان) 2016، انطلاقة جديدة للثقافة السعودية باعتبارها أحد أهم محركات التحول الوطني نحو التنمية البشرية.
تسعى «الرؤية» لتطوير قطاع الثقافة في المملكة، وتأسيس مراكز حاضنة للإبداع، وتوفير منصات للمبدعين للتعبير عن أفكارهم وطموحاتهم، وكذلك خلق صناعة ثقافية تعنى بالفن والمسرح والسينما، والأنشطة الفنية والتشكيلية، وتحويل الثقافة إلى عنصر رئيسي للتواصل بين الناس، ورافد للاقتصاد، وكذلك تعزيز «الرؤية» اتجاه السعودية إلى توسيع قاعدتها الثقافية، وتطوير البنية التحتية لقطاع الثقافة والترفيه لتصبح جزءًا من تحسين مستوى معيشية المواطن السعودي، ورافدًا حضاريًا واقتصاديا للبلاد.
وفي عرضه لهذه «الرؤية»، قال ولي ولي العهد، إن المواطن السعودي يتمتع بمستوى دخل مرتفع مقارنة بالدول الأخرى، ولكن «المشكلة لا توجد الأدوات التي يستطيع أن ينفق فيها هذا الدخل بشكل ينعكس على رفاهيته في الحياة».
وأضاف «نجد دولا أخرى أقل منا بكثير في مستوى الدخل والوضع الاقتصادي، لكن المستوى المعيشي جيد لأن (المواطن) لديه فرص ترفيهية جيدة، ولديه فرص ثقافية جيدة، وبيئة جيدة تجعله (على الرغم) ينفق الدخل الضعيف الذي لديه، ويستمتع فيه».
وأكد الأمير محمد بن سلمان، أن «الترفيه والثقافة سيكونان رافدان مهمان جدًا، في تغيير مستوى معيشة السعودي، خلال فترة قصيرة».
وتحدث كذلك عن خطط لإنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم، وحرص «الرؤية» على مضاعفة تسجيل المواقع الأثرية في السعودية في منظمة «اليونيسكو»، متسائلا بهذا الشأن «هل من المعقول أن تكون قبلة المسلمين التي هي السعودية، وأهم بلد إسلامي، ولا تملك متحفا إسلاميا، يمكن أن يزوره من يريد التعرف إلى الثقافة الإسلامية؟ هذا أمر غير منطقي تماما، وهذا يدل على الشح في الخدمات الثقافية إلى نحتاج إليها في السعودية».
واستنادًا لهذه «الرؤية»، أعلن الدكتور عادل الطريفي، وزير الثقافة والإعلام السعودي، عن إنشاء مجمع ملكي وأكاديمية للفنون، ضمن حزمة مشروعات تستهدف تفعيل دور الثقافة في الحياة العامة، تواكب خطة «التحول الوطني 2020».
وكشف كذلك عن خطة تعدها وزارة الثقافة تستهدف إطلاق المجال للفنون التعبيرية والبصرية، بينها تأسيس مجمع ملكي للفنون، ومعهد ملكي للفنون، وتأسيس الفرقة الوطنية الموسيقية السعودية، ومسرح التلفزيون، ومسرح الطفل، مع فسح مجال أوسع لمشاركة المرأة.
وكان وزير الثقافة والإعلام قد ذكر في عرضه عن دور وزارته في خطة التحول الوطني يونيو (حزيران) الماضي، أن وزارة الثقافة تعمل على إيجاد مدينة إعلامية، معتبرًا أن ما ينقصنا هو «وجود بيئة إعلامية متكاملة»، وأشار إلى أن وزارة الثقافة والإعلام «وضعت لها تسع مبادرات ضمن البرنامج، وشكلت مجموعات إشرافية لقياس الأداء، كي تضمن خلال العام المقبل، والأعوام الخمسة المقبلة أن تكون الوزارة بشقيها الثقافي والإعلامي قد حققت هذه الأهداف الاستراتيجية بنجاح».
وتحدث عن المجمع الملكي للفنون، مشيرًا إلى أنه إحدى المؤسسات التي يراد بها تعزيز الثقافة والفن في السعودية، وأحد أبرز أهدافها تعزيز الثقافة الوطنية، وإعطاء صورة للأجيال الشابة عن تاريخ المملكة، وتكون قادرة على نقل ثقافة السعودية إلى العالم الخارجي.
وفي مايو (أيار) 2016 صدر أمر ملكي بإنشاء الهيئة العامة للثقافة ضمن الأوامر الملكية الكريمة التي جاءت انسجاما مع «رؤية المملكة 2030»، وما تشمله من تطوير المؤسسات الحكومية وإعادة هيكلتها وتطوير منظومتها لتتواكب مع الأهداف المرسومة لتفعيل أدوارها والمضي قدمًا في الارتقاء بخدماتها بما يتواكب مع أهمية الحضور الوطني والدولي للمملكة في مختلف المجالات.
وفي مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2016 أعلن الدكتور عادل الطريفي، أن وزارته أنهت المسودة النهائية لنظام «الهيئة العامة للثقافة» وقال إن «نظام هذه الهيئة سيرفع للمقام السامي خلال الأيام المقبلة».
كما أعلن وزير الثقافة والإعلام عن افتتاح «المعرض الفني السعودي الأول» خلال العام المقبل (2017) في الرياض، معتبرًا أن هذا المعرض سيمثل حاضنة للفنون البصرية والسمعية السعودية، ومنصة للتعريف بالفن والمسرح والموسيقى والأعمال الفنية كافة.
وفي 9 مارس (آذار) أقيم معرض الرياض الدولي للكتاب، بمشاركة نحو 500 جهة ما بين دار نشر ومؤسسة وهيئة ووزارة. وحلّت اليونان ضيف شرف المعرض.
وخلال الفترة من 27 - 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 نظم في الرياض أيضا مؤتمر الأدباء السعوديين الخامس الذي تضمن برنامجه الثقافي على 13 جلسة تتضمن 66 ورقة عمل عبر عنوان المؤتمر «الأدب السعودي ومؤسساته: مراجعات واستشراف ومحاوره المختلفة»، وتم تكريم ثلاث من المؤسسات التي خدمت الأدب العربي وهي: مجلة المنهل، كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود وإثنينية عبد المقصود خوجة.
كما تم تكريم 14 شاعرًا أصدروا أول دواوينهم قبل 1400هـ، وما زالوا على قيد الحياة، وهم: أحمد الصالح، أحمد بيهان، زاهر عواض الألمعي، سعد البواردي، سعد الحميدين، سلطانة السديري، عبد الله باشراحيل، عبد العزيز خوجة، عبد الله سالم الحميد، عبد الرحمن العشماوي، فوزية أبو خالد، محمد السليمان الشبل ومعيض البخيتان.
وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) 2016 افتتح معرض جدة الدولي للكتاب في نسخته الثانية بمشاركة 450 دار نشر تمثل 27 دولة، وحفل المعرض بالكثير من البرامج الثقافية والأدبية وتوقيع الكتب.
ومع التطورات التي شهدتها القنوات الإخبارية السعودية، قال وزير الثقافة والإعلام إن «الوزارة تسعى إلى تفعيل عدد من المبادرات، بينها: إنشاء المدينة الإعلامية، ومدينة الإنتاج الإعلامي، لتمثل بيئة مناسبة لتحويل الإنتاج الثقافي والفني والمسرحي والسينمائي السعودي إلى إنتاج مرئي ومسموع، مع إنشاء ورش عمل لاحتضان المواهب الفنية وتطويرها»، كما تحدث عن مبادرات الوزارة في مجال الإعلام، وبينها تطوير وكالة الأنباء السعودية (واس) وقال إن هذه الوكالة أصبحت اليوم تتحدث بنحو خمس لغات، ويوجد فيها مركز ترجمة من ثماني لغات، وأنها في طريقها لتقديم خدماتها الخبرية على طراز عالمي بنحو ثماني لغات متعددة.
وكشف عن خطط الوزارة في تطوير خدماتها من ناحية استحداث البوابة الإلكترونية التي يمكن من خلالها للمثقفين السعوديين والمتعاملين مع الوزارة في شقي الثقافة والإعلام إنهاء إجراءاتهم بأسرع وقت وبأقل الجهد، كذلك تحدث عن سعي الوزارة لإنشاء «المحتوى السعودي» الذي يعتبر سجلاً للإنتاج الأدبي والثقافي والفني السعودي بما يحفظ تنوعه الجغرافي والنوعي وإثرائه في الأدب والفن والثقافة والفلكلور والتراث.
وأكد أيضًا، أن مهرجان المسرح السعودي الذي توقف منذ ثماني سنوات عند دورته الرابعة، سيعود قريبًا ليمثل انطلاقة للتجارب المسرحية السعودية.
الثقافة السعودية في ظل «رؤية 2030»
الإعلان عن إنشاء مجمع ملكي للفنون ضمن حزمة مشروعات لمواكبة خطة «التحول الوطني 2020»
الثقافة السعودية في ظل «رؤية 2030»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة