حذرت نقابة قوات الأمن الداخلي التونسي من مخاطر عودة آلاف الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر إلى تونس، واعتبرت أن هذا القرار من شأنه أن يؤدي إلى ما أسمته «صوملة» البلاد. واتهمت في الوقت نفسه أطرافا حزبية وجمعيات تونسية دون الكشف عن أسمائها، بمحاولة تبييض هؤلاء الإرهابيين والتشريع لعودتهم في ظل التجاذبات السياسية العميقة، ومحاولة المس بقوات الأمن الداخلي والزج بالمؤسستين الأمنية والسجنية في التناحر فيما بين السياسيين. ويجد هذا التحذير مساندة شعبية؛ إذ نظم السبت المئات من التونسيين وقفة احتجاجية أمام البرلمان التونسي للتنديد بعودة الإرهابيين من بؤر التوتر إلى تونس، ودعوا إلى رفض تلك العودة.
وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 5500 تونسي تتراوح أعمار أغلبهم بين 18 و35 عاما التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في ليبيا وسوريا والعراق، في حين تقدر مراكز تونسية مختصة في مجال الأمن عدد الإرهابيين التونسيين خارج تونس بنحو عشرة آلاف عنصر.
وفي تفسيرها لتلك المخاطر، قالت نقابة الأمن الداخلي التونسي إن «قبول تونس عودة إرهابيين تمرسوا وتدربوا تدريبا عسكريا محترفا واستعملوا كل أنواع الأسلحة الحربية المتطورة وتعودوا على سفك الدماء والقتل، وتبنوا عقيدة جهادية مع التقائهم بالخلايا النائمة بالداخل سيشكلون جيشا كاملا قادرا على أحداث الخطر، إضافة إلى وجود حراك كبير من بعض الحقوقيين والمنظمات الذين يشكلون عنصر إسناد خلفي للتنظيمات الإرهابية» على حد تعبيرها.
وتشير بعض التقارير الأمنية إلى وجود ما بين 300 و400 خلية إرهابية نائمة في تونس، وهي على استعداد للتحرك ودعم التنظيمات الإرهابية. وكانت نقابة الأمن الداخلي التونسي قد تأسست سنة 2001 وهي تضم نحو 40 ألف منتسب من مجموع 75 ألف عنصر أمن في تونس. واتهمت نقابة الأمنيين أطرافا حزبية وجمعياتية بمحاولة تبييض سمعة الإرهابيين والتشريع لعودتهم دون الوعي بالمخاطر والتهديدات المرتقبة وقالت إن القبول بعودتهم عن طواعية أو إجباريا في ظل الترتيبات الدولية الحالية لحل الأزمة الإقليمية سيشكل «دعما لتوسع رقعة الإرهاب وانتشاره في تونس ودول أخرى عدة».
ويسود جدل سياسي واجتماعي قوي في تونس حول ملف عودة آلاف الإرهابيين المنتشرين في بؤر التوتر في ليبيا والعراق وسوريا، وتضغط أحزاب يسارية معارضة ونقابات أمنية تواجه مخاطر الإرهابيين في الصف الأول، من أجل غلق أبواب عودتهم إلى تونس، وتطلب بعض الأطراف السياسية على غرار حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي اتخاذ موقف حاسم من هذه القضية.
ودعت النقابة الحكومة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية صارمة في شأن الإرهابيين برفض عودتهم، وإن اقتضى الأمر سحب الجنسية التونسية منهم للتوقي من استباحة دماء التونسيين، مؤكدين ضرورة أن تتعامل الدبلوماسية التونسية مع هذا الملف بكل استقلالية، وأن تغلب المصلحة الوطنية على العلاقات الخارجية.
وفي هذا الشأن، دعا راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، في اجتماع عقده يوم أمس مع أنصاره في مدينة القيروان (وسط تونس) إلى ضرورة التعامل بجدية مع موضوع الإرهابيين العائدين من بؤر التوتر. واعتبر أنهم أساؤوا إلى سمعة تونس في الخارج. وفي السياق نفسه، قال نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة «لن تتم محاسبة هؤلاء التونسيين إلا في إطار قانون مكافحة الإرهاب»، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته قيادات من حزب النداء الحليف الرئيسي للنهضة في الائتلاف الحاكم.
الأمن التونسي: السماح بعودة الإرهابيين سيؤدي إلى «صوملة» البلاد
الأمن التونسي: السماح بعودة الإرهابيين سيؤدي إلى «صوملة» البلاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة