واصلت الحكومة الإسرائيلية إطلاق ردود فعل عصبية غاضبة على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 ضد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية. وتولى رئيسها، بنيامين نتنياهو، دورا طليعيا، فهاجم الرئيس الأميركي باراك أوباما، بصورة مباشرة، واستدعى السفير الأميركي في تل أبيب، دان شبيرو، للتوبيخ. وقرر إلغاء زيارتي وزيري خارجية كل من أوكرانيا والسنغال، المقررتين إلى إسرائيل في الأسبوع المقبل، وقطع المساعدات للبلدين. كما استدعت الخارجية الإسرائيلية، أمس، سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بعد التصويت، في المجلس. وقال المتحدث باسمها، إيمانويل نحشون، إنه جرى استدعاء السفراء، باستثناء سفير الولايات المتحدة، إلى وزارة الخارجية لعقد «لقاءات شخصية». وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على موقعها الإلكتروني، أن الاستدعاء جاء على الرغم من أنهم لا يعملون أيام الأحد، وعلى الرغم من احتفالات أعياد الميلاد. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية، أن نتنياهو أمر باستدعاء السفراء «لتوبيخهم على مواقف دولهم». فيما هدد وزير إسرائيلي بضم 60 في المائة من أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل. وأعلنت بلدية القدس الغربية عن نيتها المصادقة على بناء 5600 وحدة سكنية استيطانية في القدس الشرقية المحتلة.
وفي مستهل جلسة الحكومة، التي عقدت صباح أمس، قال نتنياهو، إنه يشاطر أعضاء الحكومة مشاعرهم «بالغصب والإحباط حيال قرار غير متوازن ومعاد جدا لدولة إسرائيل، جرى تبنيه بشكل غير لائق في مجلس الأمن». ووجه نتنياهو اتهاما مباشرا إلى الرئيس أوباما، قائلا: «بناء على المعلومات المتوفرة لدينا، لا شك بأن إدارة أوباما قد بادرت إلى تمرير هذا القرار، ووقفت وراءه، ونسقت صيغته، وطالبت بتمريره. ويأتي هذا في خلاف صارخ للسياسة الأميركية التقليدية، التي التزمت بأنها لن تحاول فرض شروط للتسوية النهائية وأي موضوع يتعلق بها في مجلس الأمن. وكان هناك أيضا، التزام واضح من قبل الرئيس أوباما نفسه في عام 2011، بالامتناع عن اتخاذ مثل هذه الخطوات».
وكان نتنياهو، اعتبر، الرئيس أوباما، بشكل غير مباشر، في تصريح سابق له، بأنه معاد لإسرائيل، من خلال مقارنته بالرئيس الأسبق جيمي كارتر، إذ قال: «جميع الرؤساء الأميركيين بعد كارتر، التزموا بالتعهد الأميركي، بعدم إملاء شروط على إسرائيل في مجلس الأمن بما يخص التسوية النهائية. فكروا بهذه السخافة: نصف مليون مواطن يذبحون في سوريا، وعشرات الألوف يذبحون في السودان، والشرق الأوسط بأسره يحترق، وإدارة أوباما ومجلس الأمن يختاران، عمدا، ملاحقة الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وهي دولة إسرائيل. يا للعار. هذه محاولة لن تنجح لفرض شروط على إسرائيل في التسوية النهائية. ربما تتذكرون أن الشخص الأخير الذي حاول القيام بذلك، كان الرئيس الأميركي كارتر، الذي كان رئيسا معاديا جدا لإسرائيل. وقال قبل فترة قصيرة فقط، إن حماس ليست تنظيما إرهابيا. ومرر كارتر قرارات مشابهة ضدنا في الأمم المتحدة، وهذا لم ينجح. عارضنا هذه القرارات وهي لم تؤدِ إلى شيء».
وأكد نتنياهو رفضه للقرار وعدم التزامه به. وقال: «نحن نرفض هذا القرار رفضا قاطعا، مثلما رفضنا القرار الأممي الذي قال: إن الصهيونية عنصرية. هذا أخذ وقتا، ولكن هذا القرار قد ألغي، وهذا القرار سوف يلغى أيضا. وأقول لكم كيف سيتم إلغاؤه. إنه سيلغى ليس من خلال انسحابنا بل من خلال صمودنا وصمود حلفائنا. أذكر لكم أننا انسحبنا من غزة، واقتلعنا بلداتنا، وأخرجنا الجثث من قبورها. هل هذا ساعدنا بشيء في الأمم المتحدة؟ هل هذا حسن التعامل معنا في الأمم المتحدة؟ تلقينا آلاف الصواريخ التي أطلقت على أراضينا وتلقينا تقرير غولدستون. إذن سأقول لكم ما هو واضح لأغلبية المواطنين الإسرائيليين – لقد استخلصنا هذه العبرة ولن نمشي في هذا الطريق. ولكن أريد أن أقول لكم أيضا إننا لسنا لوحدنا. تحدثت أمس مع زعماء أميركيين كثيرين. وسعدت بأن نواب الكونغرس الأميركي، ديمقراطيين وجمهوريين على حد سواء، قالوا: إنهم سيحاربون هذا القرار بصرامة. وأسمع ذلك من جميع شرائح الرأي العام الأميركي والسياسة الأميركية – من الجمهوريين ومن الديمقراطيين، ومن اليهود ومن غير اليهود. عندما تحدثت أمس مع زعماء في الكونغرس وفي الإدارة الأميركية المقبلة، هم قالوا لي بأوضح التعبيرات: (سئمنا، وهذا الأمر لن يستمر. سنغير هذا القرار ولن نسمح لأحد بالمس بدولة إسرائيل). إنهم يصرحون أنهم يعتزمون تمرير قانون سيعاقب الدول والمنظمات التي تحاول الإساءة لإسرائيل. وهم يقولون: إن هذا يشمل الأمم المتحدة نفسها. أذكر لكم أن الأمم المتحدة تتلقى ربع ميزانيتها من الولايات المتحدة».
وفي الائتلاف الحكومي الإسرائيلي راحوا يسابقون نتنياهو حدة في تصريحاتهم. فقال رئيس البيت اليهودي، وزير التعليم، نفتالي بينت، إن القرار يحتم على إسرائيل «الانتقال من سياسة الانسحاب إلى السيادة. هذا القرار هو نتيجة مباشرة لسياسة أوسلو، والتنازلات والانسحابات والتقسيم، ومصيره أن يتم إلقاؤه في حاوية نفايات التاريخ كسابقاته». وقال بينت إن الاستنتاج من ذلك، أنه يجب وقف المضي نحو مسار الدولة الفلسطينية الانتحاري، وفرض القانون الإسرائيلي عل معاليه أدوميم، غور الأردن ومستوطنة عوفرا، ومن بعدها نضم كل المناطق (ج) في الضفة الغربية (التي تشكل نسبة 60 في المائة منها).
وانتقد رئيس «يوجد مستقبل» يئير لبيد، الاستعدادات الإسرائيلية للقرار، وقال: «كما لا يمكن للجيش أن يفاجأ في ساحة الحرب، لا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تفاجأ على الحلبة الدولية». ودعا نتنياهو إلى تعيين وزير خارجية بوظيفة كاملة، وادعى أنه لن يكون مستعدا لتسلم هذا المنصب.
وقالت كتلة «كلنا»، إن القرار يتجاهل تحريض القيادة الفلسطينية ودعم الإرهاب. وهاجمت عجز مجلس الأمن إزاء الحرب الأهلية في سوريا. وخرج الرئيس رؤوبين ريفلين ضد القرار، وقال: إنه «لا يقرب المفاوضات مع الفلسطينيين، بل يبعدها».
وجاءت ردود الفعل في صفوف المعارضة الإسرائيلية منقسمة، لكنها كلها وجهت إصبع الاتهام إلى رئيس الحكومة.
وقال رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ، إن «السجود والتصفيق لخطابات نتنياهو تفجر في هذا القرار، الذي يحول إسرائيل والإسرائيليين إلى منبوذين». وقالت رئيسة ميرتس، زهافا غلؤون، «إنه يسرها عدم قيام الإدارة الأميركية بفرض الفيتو على القرار الذي يأتي ضد سياسة الضم والاستيطان التي تديرها الحكومة، وليس ضد دولة إسرائيل». وقال رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، إن «عجرفة نتنياهو ووزرائه وقانون التنظيم وسرقة الأراضي الفلسطينية، قاد جميعه المجتمع الدولي إلى الفهم بأن إسرائيل هي الرافضة الحقيقية للسلام».
وقد خرجت غالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية ضد هذا الرد ووصفته بالهستيري، واعتبرته محاولة من نتنياهو للتستر على فشله ووقوعه في الفخ الفلسطيني العربي، واتهمته بالتسبب بهذه الأزمة مع أوباما «الذي أضاء لك ألف ضوء أحمر محذرا من سياسة الاستيطان فلم تكترث، بل رحت تسن قانونا يشرعن الاستيطان». ورفضت الاتهامات لأوباما، مبرزة قراره قبل شهر فقط، بتخصيص مساعدات بقيمة 38 مليار دولار في العقد المقبل.
إسرائيل توسع الاستيطان وتهدد بضم 60 % من الضفة الغربية
استدعت سفراء 10 دول ونتنياهو وبخ السفير الأميركي
إسرائيل توسع الاستيطان وتهدد بضم 60 % من الضفة الغربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة