ترحيب عربي بقرار تجميد الاستيطان... وإسرائيل غاضبة وتتوعد

السعودية تثمن وعريقات: 23 ديسمبر يوم تاريخي وانتصار للشرعية

ترحيب عربي بقرار تجميد الاستيطان... وإسرائيل غاضبة وتتوعد
TT

ترحيب عربي بقرار تجميد الاستيطان... وإسرائيل غاضبة وتتوعد

ترحيب عربي بقرار تجميد الاستيطان... وإسرائيل غاضبة وتتوعد

رحب الفلسطينيون والدول العربية بقرار مجلس الأمن الدولي الذي دان وطالب بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين في حين رفضته إسرائيل معلنة أنها لن تمتثل له.
أقر النص بغالبية 14 صوتا بعد امتناع واشنطن الداعمة عادة لإسرائيل عن التصويت ما أتاح صدور مثل هذا القرار لأول مرة منذ 1979 عندما امتنعت الولايات المتحدة كذلك عن التصويت وتم تبني القرار 446 الذي يعتبر بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية غير مشروع وعقبة أمام السلام. وكانت مصر سحبت من مجلس الأمن الخميس قرارا بهذا الخصوص بضغوط أميركية، لكن السنغال ونيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا، تبنتا القرار في اليوم التالي وتم تمريره.
واعتبر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن القرار 2334 «صفعة كبيرة للسياسة الإسرائيلية وإدانة بإجماع دولي كامل للاستيطان ودعم قوي لحل الدولتين». وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لوكالة الصحافة الفرنسية إن «يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) هو يوم تاريخي وهو انتصار للشرعية الدولية والقانون الدولي والمواثيق الدولية خاصة أنه يعتبر الاستيطان لاغيا وباطلا وغير شرعي».
ورحب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط بالقرار مؤكدا أنه يجسد «تأييد ومساندة المجتمع الدولي للنضال التاريخي للشعب الفلسطيني... ويؤكد في ذات الوقت مجددا عدم شرعية الاستيطان ومختلف الإجراءات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية لترسيخه كأمر واقع وكونها عائقا رئيسيا أمام التوصل إلى حل الدولتين». كذلك أشادت حركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي بالقرار.
وثمنت السعودية القرار، مبدية تطلعها بأن يسهم القرار في إحياء عملية السلام بالمنطقة. وقال مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية أمس إن «القرار يؤكد بما لا يقبل الشك على عدم مشروعية المستوطنات المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية». وعبر عن الأمل بأن «يسهم هذا القرار في إحياء عملية السلام في المنطقة، بموجب قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة ومبادرة السلام العربية، المفضية إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».
وفي جدة رحبت منظمة التعاون الإسلامي بتبني مجلس الأمن الدولي للقرار، ووصف الدكتور يوسف العثيمين الأمين العام للمنظمة، القرار بأنه تاريخي ويسهم في تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، داعيا في الوقت نفسه، إلى تنفيذه. وأثنى الدكتور العثيمين على مواقف وجهود الدول الإسلامية والدول الأعضاء كافة في مجلس الأمن الدولي التي أيدت القرار، مؤملا أن يسهم القرار في تعزيز الجهود الفرنسية الرامية لعقد مؤتمر دولي للسلام، وإطلاق عملية سياسية متعددة الأطراف لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام استنادًا إلى رؤية حل الدولتين. وأشادت الحكومة الأردنية بالقرار الذي وصفه وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام محمد المومني بأنه «تاريخي».
أما إسرائيل، فقد صبت جام غضبها على القرار، وأعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل ترفض هذا القرار المخزي المعادي لإسرائيل، ولن تمتثل له». وحمل نتنياهو على باراك أوباما، بقوله: إن «إدارة أوباما لم تفشل فقط في حماية إسرائيل من هذه العصابة في الأمم المتحدة، بل تواطأت معها وراء الكواليس».
وقال وزير البناء والإسكان الإسرائيلي يوآف جالانت «إن الولايات المتحدة تترك إسرائيل لألد أعدائها». وأضاف الوزير: «قبل أسبوع قامت الولايات المتحدة بتسليح إسرائيل بأكثر طائرة تقدما في العالم لأنها تفهم التهديدات المفروضة على إسرائيل في المنطقة... لكن اليوم تركت إسرائيل في الدائرة السياسية لألد أعدائها».
واستدعى نتنياهو سفيري إسرائيل في السنغال ونيوزيلندا للتشاور. كما قرر إلغاء زيارة مقررة في يناير (كانون الثاني) لوزير الخارجية السنغالي وأمر بإلغاء جميع برامج المساعدات للسنغال وإلغاء زيارات سفيري السنغال ونيوزيلندا غير المقيمين إلى إسرائيل. ولا تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية مع فنزويلا وماليزيا.
ودافعت نيوزيلندا عن موقفها وقالت: إن «التصويت ينبغي أن لا يفاجئ أحدا». وقال وزير خارجيتها موراي ماكالي «اعتمدنا الشفافية فيما يتعلق بموقفنا بضرورة بذل مزيد من الجهود لدعم عملية السلام في الشرق الأوسط»، مؤكدا أن «الموقف الذي تبنيناه يتطابق تماما مع السياسة التي نتبعها منذ فترة طويلة حول القضية الفلسطينية». ويطالب القرار «إسرائيل بأن توقف فورا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد احتراما كاملا».
كما يشدد على أن «بناء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967 بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل».
وذكر مسؤول إسرائيلي كبير أن الحكومة الإسرائيلية اتصلت بفريق ترامب مباشرة عندما أدركت أن واشنطن لن تستخدم الفيتو بخصوص القرار الذي قدمته مصر الخميس. ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه أن إسرائيل «تمنت على البيت الأبيض عدم المضي قدما وقلنا لهم إنهم إذا فعلوا فإنه لن يكون لدينا خيار آخر سوى اللجوء إلى الرئيس المنتخب ترامب». وأضاف: «لجأنا إلى الرئيس المنتخب ونحن ممتنون له لتدخله ولم يكن الأمر سهلا»، وبعدها وافقت مصر على تأجيل التصويت على مشروعها بعد اتصال ترامب بالرئيس عبد الفتاح السيسي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وطالب ترامب في بيان الخميس واشنطن باستخدام الفيتو. وإثر تبني القرار اكتفى بالقول: إن «الأمور ستكون مختلفة في الأمم المتحدة» بعد تنصيبه في 20 يناير. وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر إن «القرار الذي تم تبنيه والمؤتمر الدولي في باريس هما وجهان لعملية تهدف إلى تأكيد حرصنا المشترك على حل الدولتين». وأعلنت فرنسا عن مؤتمر دولي في 15 يناير سعيا لإحياء محادثات السلام.
واستخدمت واشنطن حق النقض ثلاثين مرة ضد مشاريع قرارات تتعلق بإسرائيل والفلسطينيين، وفق منظمة «سيكيوريتي كاونسل ريبورت». وكانت آخر مرة امتنعت عن استخدام الفيتو في 2009 على نص يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.