مخاوف إسرائيلية من «جدية» عباس في توجهه لحل السلطة

إسرائيل لا تريد تولي مسؤولية الأمن والموظفين وحياة الناس في الضفة

مخاوف إسرائيلية من «جدية» عباس في توجهه لحل السلطة
TT

مخاوف إسرائيلية من «جدية» عباس في توجهه لحل السلطة

مخاوف إسرائيلية من «جدية» عباس في توجهه لحل السلطة

أكدت مصادر إسرائيلية أن مسؤولين أمنيين في السلطة الفلسطينية نقلوا لنظرائهم الإسرائيليين «تهديدات جدية» بإمكانية حل السلطة الفلسطينية، وبالتالي تفكيك الأجهزة الأمنية الفلسطينية إذا ما وصلت مفاوضات السلام الحالية إلى طريق مسدود.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأوسع انتشارا في إسرائيل، إن هذه التهديدات مرتبطة أصلا بإعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) نيته تسليم مفاتيح السلطة لإسرائيل في ظل استمرار الجمود الحالي. ويناقش المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، السبت المقبل، هذا الاحتمال من بين احتمالات أخرى مهمة بحسب نتائج المفاوضات.
ويعتبر المجلس المركزي، في حال انعقاده، أعلى سلطة تشريعية الآن في ظل غياب المجلس التشريعي المعطل. ويوجد أمام المجلس المركزي خياران، الأول: حل السلطة ودعوة إسرائيل لتحمل مسؤولياتها تجاه احتلال دولة فلسطين، والثاني: الانضمام فورا إلى 48 منظمة دولية بينها ميثاق روما الذي يتيح محاكمة مسؤولين مدنيين وعسكريين إسرائيليين. ويخطط الفلسطينيون بحسب «يديعوت» للإعلان عن أنهم «حكم تحت الاحتلال»، ومعنى هذه الخطوة أن على إسرائيل أن تتحمل المسؤولية الأمنية والإدارية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وسيكون هذا شبيها بالوضع الذي ساد منذ عام 1967 وحتى إقامة السلطة الفلسطينية عام 1994. وينطلق عباس، في فكرته الحالية، من أن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة سترفضان فكرة حل السلطة، لأن إسرائيل بحاجة إليها لأسباب متعددة، بينها أن وجود السلطة ينفي عن إسرائيل صفة الاحتلال في الضفة وبالتالي يعفيها من تحمل المسؤوليات الأمنية والمالية الضخمة لاحتلال الشعب الفلسطيني، وفوق ذلك لأنها تمارس أفعال الاحتلال دون كلفة أو تعب وإرهاق بوجود السلطة كهيئة حاكمة في الضفة. وطالما ارتفعت أصوات فلسطينية من أجل حل السلطة كي تتحمل إسرائيل مسؤولية احتلال الشعب الفلسطيني أمنيا وماليا وأخلاقيا. ويقول معارضو السلطة الفلسطينية إنها حولت إسرائيل إلى «أرخص احتلال في التاريخ».
وكتب المعلق الإسرائيلي الشهير ناحوم بارنيع، في «يديعوت»: «سيترتب على ذلك حل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وإلغاء جميع التعهدات والالتزامات التي قطعها الفلسطينيون على أنفسهم في إطار اتفاقيات أوسلو. وسيصبح عشرات آلاف العسكريين الفلسطينيين وعشرات آلاف المدنيين دون رواتب، وستعمل القيادة الفلسطينية كحكومة من المنفى تحت راية منظمة التحرير، وعندها فإن على الإسرائيليين أن يجدوا لهم الوسيلة لملء الفراغ}.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».