بوتين يعترف بقوة أميركا النووية ويؤكد قدرة بلاده على التصدي لها

متحدث باسم ترامب: واشنطن ستتصرف بالمثل إذا عززت دول أخرى قدراتها النووية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي في موسكو أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي في موسكو أمس (إ.ب.أ)
TT

بوتين يعترف بقوة أميركا النووية ويؤكد قدرة بلاده على التصدي لها

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي في موسكو أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي في موسكو أمس (إ.ب.أ)

نشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أمس، رسالة من فلاديمير بوتين يأمل فيها بقيام تعاون جيد بين روسيا والولايات المتحدة والارتقاء بالعلاقات إلى «مستوى نوعي جديد».
ووصف ترامب الرسالة بأنها «ودية جدا»، وفيها دعا الرئيس الروسي وفق ترجمة غير رسمية إلى «اتخاذ تدابير فعلية لإرساء إطار للتعاون الثنائي في مجالات مختلفة ورفع تعاوننا على الساحة الدولية إلى مستوى نوعي جديد»، رغم الخلافات حول المسألة النووية.
وردا على سؤال بشأن تغريدة عن الأسلحة النووية كتبها، أول من أمس الخميس، نقلت قناة «إم إس إن بي سي» أمس عن دونالد ترامب قوله «فليكن هناك سباق تسلح».
وأضافت أن ترامب قال في مقابلة معها: «سنتفوق عليهم في كل شيء وسنغلبهم جميعا»، قاصدا بذلك الدول التي تسعى إلى تقوية ترسانتها النووية.
وتأتي التصريحات بعد يوم من تغريدة كتبها ترامب على موقع «تويتر»، دعا فيها إلى توسيع القدرات النووية للولايات المتحدة، وهو ما أثار قلق خبراء حظر الانتشار.
وفي هذا السياق، قال متحدث باسم الرئيس الأميركي المنتخب، أمس، إن الولايات المتحدة لن تسمح لبلدان أخرى بتعزيز قدراتها النووية من دون أن ترد بالمثل، إذ قال شون سبايسر، السكرتير الإعلامي المقبل للبيت الأبيض، لقناة «سي إن إن» إن «هناك في الوقت الراهن دولا حول العالم تتحدث عن تعزيز قدراتها النووية، والولايات المتحدة لن تجلس متفرجة وتسمح بحدوث ذلك، من دون أن تتصرف بالمثل»، وذلك بعد سؤاله عن تغريدة دعا فيها ترامب إلى «تعزيز وتوسيع القدرة النووية» الأميركية بشكل كبير.
ولم يتأخر الرد الروسي طويلا على هذه التصريحات، فبعد مرور ساعات قليلة على ذلك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بشأن تعزيز القدرة النووية للولايات المتحدة لم تسبب له الدهشة، لكن شعر بالاستغراب إزاء تصريحات بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية الحالية.
وكان بوتين قد توقف خلال مؤتمره الصحافي السنوي أمس عند تلك التصريحات، وقال إنه «بالنسبة لتصريحات الرئيس المنتخب السيد ترامب فلا جديد هنا. فهو تحدث خلال الحملة الانتخابية حول ضرورة تعزيز القدرة النووية للولايات المتحدة، وتعزيز قدرات القوات المسلحة... لا شيء غير عادي هنا»، بخصوص توسيع الولايات المتحدة لإمكانياتها في المجال النووي بصورة ملموسة.
لكن ما أثار دهشة بوتين هي تصريحات المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية، التي قال فيها إنه «لم يكن في تاريخ البشرية كلها قوات مسلحة تتمتع بقدرات دفاعية وذكية وقوية، مثلما هي القوات المسلحة الأميركية الآن».
وجاء كلام جون كيربي، ردا على ما قاله بوتين خلال اجتماع أول من أمس، مع كبار الضباط في الجيش الروسي، أن «القوات الروسية هي أقوى من أي معتد محتمل». وقد أعرب أمس بوتين عن دهشته إزاء «تعليقات ممثلي الإدارة الأميركية الحالية، الذين أوضحوا أن القوات المسلحة الأميركية هي الأقوى في العالم»، وأن «هذه هي الحقيقة ولا أحد ينكر ذلك».
وعلى الرغم من كل المؤشرات الإيجابية حول مستقبل العلاقات بين موسكو وواشنطن بعد تولي ترامب مهامه رئيسا للولايات المتحدة، فإن مراقبين يحذرون من بقاء قضايا استراتيجية، مثل الدرع الصاروخية الأميركية، كحجر عثرة «ينغص ويعكر» تلك العلاقات، بحجة أن تلك المنظومة قد تحول دون تحقيق تقدم إيجابي في العلاقات بين البلدين.
وفي هذا الشأن قال بوتين، أمس، إن روسيا لا تنوي نصب «مظلة دفاعية نووية»، وشكك في قدرات مثل تلك المظلة، موضحا أنه عند انسحاب طرف بصورة أحادية من معاهدة عام 1972 للحد من الأنظمة الصاروخية الدفاعية المضادة للصواريخ، فإن الطرف الثاني يكون أمام خيارين: «إما أن ينصب مثل تلك المظلة، وهو أمر لا نثق أننا بحاجة للقيام به، وأقصد حتى الآن لسنا بحاجة لها»، أما الخيار الثاني حسب بوتين فهو تصنيع وسائل فعالة قادرة على تجاوز المنظومة الصاروخية المضادة للصواريخ، وتحسين وضع القوة الضاربة، مؤكدا أن روسيا تعمل على هذا الأمر «بنجاح»، وقد حققت حسب قوله «تقدما كبيرا في هذا الاتجاه»، مشددا على أن هذا كله يجري دون أي انتهاك للمعاهدات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك معاهدة «ستارت - 3». وفي سياق الحديث عن تلك الأنواع الجديدة من الأسلحة التي تجعل بوتين واثقا في قدرة بلاده على التصدي لأي معتد، وفضلا عما هو متوفر في الترسانة النووية الروسية حاليًا من صواريخ استراتيجية، يشير الخبير ألكسندر خرولينكو من وكالة «روسيا سيغودنيا» إلى أن مجمع الصناعات الحربية الروسي بدأ منذ شهر مارس (آذار) الماضي اختباراته على صاروخ من طراز «تسيركون - 3 إم 22» الذي يتمتع بسرعة فوق صوتية، ومخصص للعمل على متن الغواصات والسفن. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أجريت اختبارات على رأس حربية خارقة للصوت مخصصة للصواريخ العابرة للقارات. ويشير الخبير الروسي إلى أن تلك الصواريخ ذات الرأس الحربية تتحرك بسرعة «15 ماخ» أو (7 كم - ثا)، على ارتفاع مائة كيلومتر، وقبل دخولها المجالات الكثيفة من الغلاف الجوي تقوم بمناورات معقدة لتجاوز منظومة الدفاع الصاروخي المعادية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».