خطر الإرهاب يدفع بدول الساحل الأفريقي نحو توحيد جهودها لمحاربته

شنت 16 عملية أمنية مشتركة خلال العام الحالي وتخطط لقوة عسكرية مشتركة

خطر الإرهاب يدفع بدول الساحل الأفريقي نحو توحيد جهودها لمحاربته
TT

خطر الإرهاب يدفع بدول الساحل الأفريقي نحو توحيد جهودها لمحاربته

خطر الإرهاب يدفع بدول الساحل الأفريقي نحو توحيد جهودها لمحاربته

أصبحت منطقة الساحل الأفريقي بؤرة لأنشطة الإرهاب والتهريب، ذلك ما أكده خبراء الدول الأفريقية الواقعة في هذه المنطقة، ولكن واحدًا من هؤلاء الخبراء أعلن أن البلدان الخمسة الواقعة على الساحل الأفريقي (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينافاسو)، قامت في الآونة الأخيرة بعمليات عسكرية مشتركة ضد أنشطة الإرهاب والتهريب، وهو أمر يتم للمرة الأولى منذ سنوات تحولت فيها منطقة الساحل إلى مرتع خصب للجماعات الإرهابية وشبكات الإجرام العابرة للحدود.
الخبير العسكري والأمني الموريتاني محمد أزناكي ولد سيد أحمد، قال خلال لقاء نظمته الأمانة الدائمة لمجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس، أول من أمس (الاثنين)، بنواكشوط، إن المجموعة نفذت خلال العام الحالي 16 عملية أمنية مشتركة في المناطق الحدودية.
وتأسست مجموعة دول الساحل الخمس عام 2014 في العاصمة الموريتانية نواكشوط، حيث يقع مقرها الدائم، وتسعى هذه المجموعة إلى تنسيق جهود البلدان المنخرطة فيها ضمن خطة عمل إقليمية لمحاربة الإرهاب، تعتمد على البعدين الأمني والتنموي، فيما يعد هدفها الأول تأسيس قوة عسكرية مشتركة.
وخلال اللقاء الذي نظمته الأمانة الدائمة لمجموعة دول الساحل الخمس، تم استعراض الإنجازات التي حققتها منذ إنشائها، في المجالين الأمني والتنموي؛ إذ قال محمد أزناكي ولد سيد أحمد، وهو خبير عسكري وأمني معتمد لدى الأمانة الدائمة للمجموعة، إن المجموعة قطعت شوطًا مهمًا في طريق تأسيس قوة عسكرية مشتركة، وذلك من خلال القيام بـ16 عملية أمنية موحدة، بالإضافة إلى ما قال إنه «تبادل المعلومات وتنمية وتعزيز وسائل القوات العسكرية والأمنية، وإنشاء (كلية محمد بن زايد للدفاع) التي توجد في نواكشوط».
وأضاف الخبير الموريتاني أن «المجموعة تمكنت من بناء ثكنات ومطارات عسكرية ووفرت المياه في عدة مناطق نائية من أجل المساهمة في توسيع دائرة انتشار جيوش وقوات أمن الدول الأعضاء في المجموعة»، قبل أن يشير إلى أن «الوضع الأمني في فضاء المجموعة ليس على ما يرام، لكن يجب أن نعلم أنه منذ إنشاء هذه المجموعة بدأت العمليات الإرهابية في التراجع مع أنه ما زالت هناك عمليات محدودة نسبيا».
وتحدث ولد سيد أحمد عن تراجع وتيرة الهجمات الإرهابية «فلم تعد هناك عمليات اختطاف الرهائن، واحتلال المناطق الذي كان يمهد أصحابها لإنشاء دولة إرهابية بكل المقاييس داخل فضاء المجموعة»، في إشارة إلى ما عاشه شمال مالي عام 2012 عندما سيطرت جماعات مسلحة على كبريات المدن وحاولت تأسيس إمارة للمتطرفين فيه.
من جهة أخرى، أكد الأمين الدائم للمجموعة ناجم الحاج محمد أن «مجموعة دول الساحل الخمس أنشأت في ظروف أمنية وتنموية صعبة بالنسبة للدول الأعضاء بسبب الجفاف والإرهاب»، قبل أن يضيف أنها «أصبحت اليوم تتوفر على كل مقومات النجاح من خلال مقراتها وعلاقاتها الوطيدة بكل الشركاء والهيئات الدولية».
وأوضح ناجم الحاج محمد أن المجموعة في إطار خطتها الأمنية والتنموية قررت إطلاق «أزيد من مائة مشروع أمني وتنموي يتعلق معظمها بالحكامة الرشيدة والأمن»، مشيرًا إلى أن المجموعة تدرس بجدية «إنشاء قوة مشتركة، ومركز للتحاليل والاستنفار، وقوات للتدخل السريع من قطاع الدرك في الدول الأعضاء».
أما فيما يتعلق بالجانب التنموي، فقد أعلن الأمين الدائم للمجموعة أنه أصبح لديهم «برنامج استثمار أولي»، ويتضمن هذا البرنامج «مشاريع طاقة ومياه، وشركة للطيران، وسكة حديد، تربط دول المجموعة، وتساعد في دفع عجلة التنمية، انطلاقا من الترابط العضوي بين التنمية والأمن».
وكانت مجموعة دول الساحل الخمس قد دعت منذ بداية تأسيسها إلى عملية عسكرية ذات بعد إقليمي ودولي لاستعادة الاستقرار والأمن في ليبيا، مشيرة إلى أن جنوب ليبيا تحول إلى بؤرة وقاعدة خلفية لشبكات الإرهاب والجريمة المنظمة، وطالبت أيضًا بالعمل على التدخل بشكل حاسم للحد من خطر «داعش» في ليبيا.
وجاء تأسيس مجموعة دول الساحل الخمس، بالتزامن مع إطلاق فرنسا عملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة الساحل تحت اسم «بركان»، وهي العملية العسكرية التي ينخرط فيها 3500 جندي فرنسي، ويعملون على محاربة الجماعات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل الأفريقي، وتنسق في هذا الإطار مع جيوش دول الساحل الخمس (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينافاسو)، حيث توجد قواعد عسكرية فرنسية.
وكانت الجماعات الإرهابية المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي تأسس عام 2007، أو تنظيم داعش المتمركز في ليبيا وبدأ يتوسع باتجاه غرب القارة الأفريقية، قد بدأت مؤخرًا في شن هجمات من الحجم الكبير ضد عواصم دول غرب أفريقيا التي تتهمها بالتعاون مع فرنسا في الحرب على الإرهاب، وكان من أشهر هذه العمليات الهجوم على فندق «راديسون بلو» في العاصمة المالية باماكو، وأودى بحياة أكثر من 20 شخصًا أغلبهم رعايا غربيون، والهجوم على فندق «سبلانديد» في عاصمة بوركينافاسو وأودى بحياة قرابة 30 شخصًا، وهجوم آخر على منتجع سياحي قرب العاصمة الاقتصادية لساحل العاج.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».